المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05



المستحقون للزكاة  
  
1082   01:27 مساءاً   التاريخ: 27-11-2016
المؤلف : الشيخ محمد جواد مغنية
الكتاب أو المصدر : فقه الامام جعفر الصادق (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج2
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الزكاة / اصناف المستحقين /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-04 46
التاريخ: 27-11-2016 840
التاريخ: 2024-11-04 46
التاريخ: 16-8-2017 833

قدمنا في أول باب الزكاة ان الكلام عنها يكون فيمن تجب عليه، و فيما تجب فيه من الأموال، و الى من تجب من المستحقين، وسبق الكلام عن الأولين، و نتكلم الآن عن الثالث.

المستحقون:

{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 60]

وقال الإمام (عليه السّلام): الفقراء هم الذين لا يسألون، و عليهم مؤمنات من عيالهم، و الدليل على انهم هم الذين لا يسألون قول اللّه تعالى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]

والمساكين هم أهل الزمانات، و قد دخل فيهم الرجال و النساء و الصبيان، و العاملون عليها هم السعاة و الجباة في أخذها‌ و جمعها و حفظها، حتى يؤدوها الى من يقسمها، و الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هم الذين وحدوا اللّه، و خلعوا عبادة من دون اللّه، و لم تدخل في قلوبهم معرفة ان محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتألفهم و يعلمهم و يعرفهم، كيما يعرفوا، فجعل لهم نصيبا في الصدقات، لكي يعرفوا و يرغبوا، وَ فِي الرِّقٰابِ قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطأ، و في الظهار، و في الايمان، و في قتل الصيد في الحرم، و ليس عندهم ما يكفرون، و هم مؤمنون، فجعل اللّه لهم نصيبا في الصدقات، ليكفر بها عنهم، و الغارمون قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف، فيجب على الامام ان يقضي عنهم، و يكفهم من مال الصدقات، وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير، فعلى الامام ان يعطيهم من مال الصدقات، حتى يقووا على الحج و الجهاد، و ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه، فيقطع عليهم، و يذهب مالهم، فعلى الامام ان يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.

الفقهاء:

قالوا: ان المستحقين للزكاة ثمانية أصناف (1) الفقراء (2) المساكين (3) العاملون عليها (4) المؤلفة قلوبهم (5) فِي الرِّقٰابِ (6) الغارمون (7) فِي سَبِيلِ اللّٰهِ (8) ابن السبيل.

الفقراء و المساكين :

1 و 2- قال جماعة: ان لفظ فقير، و لفظ مسكين إذا اجتمعا عبر كل منهما‌ عن معنى، و إذا افترقا عبرا عن معنى واحد، و قالوا: ان الفرق عند الاجتماع هو ان الفقير لا يسأل، و المسكين يسأل، و مهما يكن، فلا جدوى من وراء الكلام في ذلك بعد العلم بأن كلا منهما يستحق الزكاة لحاجته إليها.

والفقير، أو المسكين الذي يجوز ان يعطى من الزكاة شرعا هو الذي لا يملك مؤنة السنة له و لعياله، و الغني الشرعي من يملكها بالفعل، أو بالقوة، أي يكون له عمل يكفيه و يسد حاجته يوما فيوما. قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : تحرم الزكاة على من عنده قوت سنة، و تجب الفطرة على من عنده قوت سنة. و سئل عمن عنده قوت يوم إله أن يقبل الزكاة ؟ قال: يأخذ، وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة من الزكاة، لأنها انما هي من سنة الى سنة.

إغناء الفقير:

ونقل صاحب الحدائق و الجواهر عن المشهور انه يجوز ان يعطى الفقير من الزكاة مبلغا يغنيه و يكفيه سنوات، لا سنة واحدة، على شريطة ان يعطى المبلغ دفعة واحدة، لا على دفعات، لانه بالدفعة يملك مؤنة السنة، و يصير غنيا في نظر الشرع، و يمتنع إعطاؤه ثانية، و استند القائلون بذلك الى روايات عن أهل البيت (عليهم السّلام) .

ولست أدري: هل تلك الروايات صحيحة، أو وضعها على لسان الثقات من وضعها ليجر النار الى قرصه، و يكنز أموال الزكاة على حساب غيره. و لكني أعلم علم اليقين ان التفرقة بين الدفعة و الدفعات محل النظر، لأنه إذا كانت العلة لعدم جواز الدفعات هي الزيادة عن مؤنة السنة، فهذه العلة بعينها موجودة في الدفعة الواحدة الزائدة عن المؤنة المذكورة، فالفرق اذن تحكم، و أيضا أعلم علم‌ اليقين ان الهدف الأول و الأخير من الزكاة هو سد حاجات الفقير من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن، و ان أهل البيت عليهم السّلام قالوا: لو وزعت الصدقات على وجهها لما وجد فقير، مع العلم أيضا بأن جعل الفقير غنيا يستدعي ان يزيد المثرون عددا، و الفقراء فقرا. و لأجل هذا و غير هذا نرى ان لا يعطى الفقير أكثر من مؤنة سنة، حتى ولو كان ابن المرجع الأكبر، أو المرجع بالذات.

مدعي الفقر:

كل من ادعى الفقر يصدق إذا لم يعلم كذبه، و يعطى من الزكاة حاجته، قال صاحب الجواهر: بلا خلاف معتد به، و في المدارك هو المعروف من مذهب الأصحاب.

و ايضا المعروف من سيرة العلماء قديما و حديثا انهم يعطون الزكاة لمن يطلبها ما لم يعلم كذبه، اما الحديث المشهور: «على المدعي البينة، و على من أنكر اليمين» فلا يشمل ما نحن فيه، لاختصاصه في مورد الخصومات و المنازعات.

و لا يجب اعلام الفقير بالزكاة حين الدفع اليه و لا بعده، قال أبو بصير: قلت للإمام الباقر أبي الإمام الصادق (عليهما السّلام) : الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ الزكاة، فأعطه منها، و لا اسمي انها من الزكاة ؟ قال : أعطه و لا تسم، و لا تذل المؤمن.

وذهب المشهور الى أن من يقدر على الاكتساب لا يعطى من الزكاة، لأنه بحكم الغني، و قد روى زرارة عن الإمام الباقر (عليه السّلام) انه قال: ان الصدقة لا تحل لمحترف، و لا لذي مرة سوي- أي سليم البدن، يتحمل الكد و التعب.

وإذا قال قائل بأن هذا يصدق عليه اسم الفقير قلنا في جوابه: انه غني في‌ الواقع، ما دام قادرا أن يكفي نفسه، و أي فرق بينه وبين من يملك المال، و لم ينفق على نفسه شحا، حتى مات جوعا.

قال صاحب مصباح الفقيه، يرد على صاحب الجواهر، و نعم ما قال: ان المراد بالغني الذي لا تعطى له الزكاة هو الغني بالفعل و القادر على الاكتساب، و مع ذلك ترك تبعا لكثير من البطالين، و أهل السؤال و أشباههم ممن لهم قدرة و قوة على كثير من الصنائع و الحرف اللائقة بحالهم، و لكنهم تعودوا التعيش بأخذ الصدقات، و الصبر على الفقر و الفاقة، و تحمل ذل السؤال، و ترك الاكتساب، فإنه يصدق على أحدهم عرفا اسم الفقير، و لكنه هو في الواقع غني، أي قادر على ان يكفي نفسه فالقول بعدم إعطاء الزكاة لمثله كما نسب الى المشهور هو الأقوى، و ما في الجواهر من دعوى السيرة على دفعها لمثل هؤلاء الأشخاص محل نظر، بل منع.

العاملون:

3- العاملون على الزكاة، هم الجباة الذين يعينهم الإمام، أو نائبه للقيام بتحصيلها من أهلها، و حفظها، ثم تأديتها الى من يقسمها على المستحقين، و ما يأخذ الجباة من الزكاة يعتبر أجرا لهم على عملهم لا صدقة و لذا تعطى لهم، و ان كانوا من الأغنياء.

ويشترط في الجابي ان يكون بالغا عاقلا مؤمنا عادلا أو أمينا موثوقا على الأقل، لقول علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) للجابي: « إذا قبضت مال للصدقة فلا توكل به إلّا ناصحا شفيقا أمينا حافظا». و ان لا يكون هاشميا، لان زكاة غير الهاشمي محرمة على بني هاشم، قال الإمام الصادق (عليه السّلام): ان أناسا من بني هاشم أتوا رسول‌ اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)  فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي، و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله اللّه للعاملين عليها، فنحن اولى به، فقال: يا بني عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي و لا لكم، و لكن قد وعدت الشفاعة أي لا تحل لهم حتى و لو كانت بدل أتعابهم.

المؤلفة قلوبهم:

4- من أصناف المستحقين للزكاة الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، و هم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم و جمعها على الإسلام، لدفع شرهم، أو ليستعين بهم المسلمون في الدفاع عنهم و عن الإسلام، و يعطي هؤلاء من الزكاة، و ان كانوا أغنياء.

واختلف فقهاؤنا فيما بينهم: هل يختص لفظ المؤلفة في باب الزكاة بمن لم يظهر الإسلام، أو يعم من أظهره على شك منه؟ و الثابت ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد تألف المشركين، و منهم صفوان بن أمية، و تألف المنافقين و منهم أبو سفيان، و في ذلك روايات عن أهل البيت عليهم السّلام، و اذن، يكون اللفظ عاما للاثنين.

وفي بعض المذاهب الإسلامية ان هذا السهم قد سقط، و لم يبق له من موضوع بعد ان انتشر الإسلام، و أعز اللّه دينه بقوة المسلمين و كثرتهم، و قال فقهاء الشيعة: انه باق ما دام على وجه الأرض غير مسلم، و مناوئ للإسلام، إذ محال ان يسقط المسبب، مع بقاء سببه، و يرتفع المعلول، مع وجود علته (1) .

فِي الرِّقٰابِ:

5- المراد بالرقاب العبيد، و جاءت «في» هنا للدلالة على ان الزكاة لا تعطى لهم، و انما تبذل في سبيل تحريرهم، و فكاك رقابهم، و هذا من الأبواب التي فتحها الإسلام لإلغاء الرق شيئا فشيئا. و لم يبق اليوم من موضوع لهذا الصنف الذي تصرف فيه الزكاة.

الغارمون:

6- و هم الذين تحملوا ديونا عجزوا عن وفائها، فتؤدى عنهم من الزكاة، على شريطة ان لا يكونوا قد صرفوها في الإثم و المعصية.

قال الإمام (عليه السّلام): الغارمون من وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف، فيجب على الإمام ان يقضي عنهم، و يفكهم من مال الصدقات.

و الذي نراه ان الوفاء عن الغارمين يدخل في الفقرة التالية، و هي سبيل اللّه، و انما أفرد الغارم بالذكر للتنبيه على انه منه، أو لزيادة اختصاص، كقوله تعالى:

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]

وإذا كان لإنسان دين على من عجز عن وفائه فلصاحب الدين ان يحتسبه من الزكاة، و بهذا يتحقق وفاء الدين و الزكاة معا، وتفرغ ذمة المديون من الدين، و ذمة صاحبه من الزكاة، فقد سأل رجل الامام (عليه السّلام) قائلا: لي دين على قوم قد طال حبسه عندهم، لا يقدرون على قضائه، و هم مستوجبون للزكاة، هل لي أن أدعه، فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم.

ولا فرق في جواز احتساب الدين من الزكاة بين ان يكون المديون حيا أو‌ ميتا، قال الإمام الصادق (عليه السّلام): قرض المؤمن غنيمة، إن أيسر قضاك، و ان مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة.

سبيل اللّه :

7- سبيل اللّه كل ما يرضي اللّه، و يتقرب به إليه كائنا ما كان، كشق طريق، أو بناء معهد، أو مصح، أو جر مياه، أو تشييد مسجد، و ما إلى ذلك مما ينفع الناس، مسلمين كانوا أو غير مسلمين.

قال الشيخ الهمداني في الجزء الثالث من مصباح الفقيه ص 101: «و سبيل اللّه لا ينحصر فيما يصرف إلى الشيعة».

وقال صاحب الجواهر في باب الزكاة، و هو يتكلم عن سبيل اللّه ما نصه بالحرف: «سبيل اللّه يشمل تعمير روضة، و مدرسة ومسجد، ووقف الكتب العلمية و الأدعية، و تزويج الأعزب، و تسبيل نحل أو شجرة أو ماء، و الإحجاج، و الإعانة على الزيارة، و التعزية و تكريم العلماء و الصلحاء، و تخليص المظلوم من الظالم، و شراء السلاح للدفاع عن المسلمين، و غير ذلك، و من هنا قال الأستاذ- هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير-: «لا يعتبر في المدفوع إليه إسلام، و لا ايمان، و لا عدالة، ولا فقر، ولا غير ذلك»، أي لا يشترط الإسلام فيما إذا كان في إعطاء غير المسلم مصلحة عامة، كما أشرنا.

ابن السبيل:

8- ابن السبيل، قال الإمام (عليه السّلام): ابن السبيل- المراد به- أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه- أي في غير معصية- فينقطع بهم، و يذهب‌ مالهم، فعلى الإمام ان يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.

أوصاف المستحقين:

قال الفقهاء: يجب ان تتوافر فيمن يعطى من الزكاة صفات:

منها: ان يكون من الشيعة الاثني عشرية ، لقول الإمام (عليه السّلام): «لا تعط الصدقة و الزكاة إلّا لأصحابك».

ولا أحسب ان أحد يخفى عليه السر لذلك، بعد ما جرى في العادة منذ القديم ان تخصص كل طائفة خيراتها بأبناء طائفتها، هذا، الى ان التشريعات الحديثة اليوم في الغرب و الشرق تنص على ان الأجنبي لا يرث من المواطن، و ان كان أقرب المقربين له نسبا و سببا إلّا إذا نصف قوانين كل من دولة القريبين على ان الأجنبي يرث، فلو افترض ان رجلا مجنس بالجنسية الانكليزية، و له أملاك في انكلترا، و ولد مجنسا بالجنسية الفرنسية، فلا يحق للولد الفرنسي ان يرث أباه الانكليزي، أو من أملاكه الموجودة في انكلترا على الأصح إلّا إذا نص القانون الفرنسي على ان للأجنبي ان يرث من الفرنسي.

وتنبغي الإشارة إلى أنه يستثني من هذا الشرط الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، لان المفروض بهم الكفر، أو النفاق، و أيضا يستثني من تعطى له الزكاة بدافع المصلحة العامة، لا لسد خلته، و حاجته الخاصة.

وتنبغي الإشارة ايضا الى ان هذا الشرط خاص في الزكاة فقط، اما الصدقات المستحبة فلا، بل يجوز اعطاءها لكل محتاج جاحدا كان، أو مؤمنا، لأن لكل كبد حرى أجر، كما جاء في الحديث.

ومنها: ان من الأوصاف التي لا بد منها فيمن يعطى الزكاة ان لا يكون إعطاؤه إعانة على الإثم ، كمن يصرفها في المعاصي والموبقات، و هذا الشرط لا يحتاج الى دليل، لانه من القضايا التي تحمل أدلتها معها، هذا، بالإضافة الى ما قدمنا في ابن السبيل، و الغارمين من الدليل على ان السفر و الدين يجب ان لا يكونا في معصية، و تشدد بعض الفقهاء حيث اشترط العدالة فيمن يعطى الزكاة، و لكن في هذا سد لباب الزكاة بالحجر و الطين.

ومنها: ان لا يكون ممن تجب نفقته على المالك ، كالآباء، و ان علوا، و الأبناء و ان نزلوا، و الزوجة، قال الإمام الصادق (عليه السّلام): خمسة لا يعطوا من الزكاة شيئا: الأب، و الام، و الولد، و الزوجة، و المملوك، لأنهم عياله و لازمون له.

اما سائر الأقارب كالأخ و العم و الخال فيجوز، بل يستحب، و هم أولى من الأباعد، قال الإمام الصادق (عليه السّلام): لا صدقة، وذو رحم محتاج.

ويجوز ان تدفع الزوجة زكاة أموالها إلى الزوج إذا كان محتاجا، لأنه غير واجب النفقة عليها، و قال بعض الفقهاء: لا يجوز للزوج ان ينفق على زوجته من هذه الزكاة التي أخذها منها بالذات، و لكن لا دليل على هذا القول سوى الاستحسان الذي لا يركن إليه في استنباط الأحكام.

ويجوز لكل من الوالد و الولد ان يفي دين الآخر، و يزوجه من الزكاة، لأن التزويج، و وفاء الدين لا يجبان على القريب، و الواجب انما الإسكان و الإطعام و الكسوة فقط، و يجوز لكل منهما ان يدفع الزكاة للآخر من سهم العاملين عليها، لأن هؤلاء يأخذون من الزكاة أجرة عملهم، و ان كانوا أغنياء.

ومنها: ان لا يكون هاشميا

أي لا يجوز ان يعطى الهاشمي من زكاة غيره، و يجوز ان يعطى من زكاة مثله، فقد سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم، ما هي؟.

 قال: هي الزكاة. فقال السائل: هل تحل صدقة‌ بعضهم على بعض؟ قال : نعم.

أجل، إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غيره، بحيث لا يجد الخمس، و لا زكاة مثله جاز ان يعطى، و ان يأخذ الزكاة من غيره بالاتفاق، و تجوز عليه أيضا الزكاة المستحبة إطلاقا، من مثله و من غيره، و مع الضرورة القاهرة، و بدونها، سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) أ تحل الصدقة على بني هاشم؟ فقال: الصدقة الواجبة لا تحل لنا، فأما غير ذلك فليس به بأس.

__________________

(1) الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ أشبه بالدعايات التي تستعملها الدول لتبرير موقفها، و بث مبادئها، و قد تخصص لها وزارة بالذات.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.