أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
598
التاريخ: 15-11-2016
523
التاريخ: 15-11-2016
934
التاريخ: 15-11-2016
443
|
[نص الشبهة]
انّه لو علم الواجب الحوادث قبل وقوعها لزم أن تكون تلك الحوادث ممكنة وواجبة معا ، والتالي باطل ـ للتنافي بين الوجوب والامكان ـ.
بيان الملازمة : انّها ممكنة لكونها حادثة وواجبة لوجوب وجودها بالنظر إلى تعلّق العلم بها وعدم جواز تخلّفها عنه ـ سبحانهـ، فانّها لو لم تكن واجبة وأمكن أن لا توجد لانقلب علمه ـ تعالى ـ جهلا.
والظاهر ـ كما قيل ـ : انّ هذا الدليل لا اختصاص له بالحوادث ، بل لو تمّ لدلّ على أنّه ـ تعالى ـ لا يعلم الممكنات مطلقا ـ سواء كانت قديمة أو حادثة ـ. ومناط الدليل استنباط وجوب الأشياء من علمه ـ تعالى ـ لو علم ، وانّه لا يجتمع مع الامكان ، ولا دخل للحدوث في ذلك.
والجواب : بأنّ الوجوب الغيري لا ينافي الامكان الذاتي ؛ مشترك.
ثمّ قد أجيب عنه بوجهين :
أوّلهما : انّ العلم تابع للمعلوم ، فلا يكون علّة له ومفيدا لوجوبه.
وأورد عليه : بأنّه لا يلزم من كون العلّة تابعا وغير علّة وغير مفيد للوجوب أن لا يكون الحادث واجبا ـ لجواز استناد وجوبه إلى أمر آخر ـ ، كيف لا وقد دلّ البيان على وجوبه؟! ، ولا بدّ له من علّة. ونفي العلّة المخصوصة لا يدلّ على نفي العلّة مطلقا.
وحاصله : انّ المستدلّ جعل علمه ـ تعالى ـ واسطة بالنسبة إلى الوجوب لا واسطة للثبوت ، فنفي كون علمه علّة لا يضرّ المستدلّ ، إذ هو لا يدّعي انّ علة وجوبه علمه تعالى ـ ، بل جعل علمه دليلا على وجوبه بمعنى أنّ تعلّق علمه بحدوث الحادث يدلّ على وجوبه وتحقّق علمه لهذا الوجوب من دون تعيين لهذه العلّة ، ولا يلزم من كون الشيء دليلا كونه علّة ، فنفي العلّية المخصوصة لا يضرّ المستدلّ. وبهذا اشار بقوله : « ودلّ البيان على وجوبه » ؛ فلا يتوهّم انّ كلام المورد منع على المنع ، بل مطلوبه انّ منع المجيب غير مضرّ.
ثمّ البيان الدالّ على وجوبه هو : انّه لو لم يجب وجود المعلوم على الوجه الواقع في الوجود لزم جهله ـ تعالى ـ وانقلاب علمه إلى الجهل ، فيتحقّق بهذا البيان وجوب الحادث ـ سواء كان علّته العلم أم لا ـ ، فانتفاء الخاصّ لا يوجب انتفاء العامّ.
ويمكن أن يكون البيان الدالّ هو ما تقرّر وبيّن من أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فالحوادث الموجودة قد صارت واجبة البتّة.
وقد أورد على الجواب المذكور أيضا : بأنّ العلم الّذي يكون تابعا للمعلوم هو العلم الانفعالي ، لأنّ العلم الفعلي لمّا كان سببا للمعلوم فيكون المعلوم تابعا له دون العكس ؛ وأمّا العلم الانفعالي لم يكن سببا للمعلوم بل مسبّبا عنه ، فيكون تابعا له. مع أنّه قد تقرّر انّ مناط علم الواجب ـ سبحانه ـ بذاته وبجميع الأشياء ليس إلاّ ذاته بذاته ، فعلمه فعلي وليس له علم انفعالي ، فالقول بأنّ علمه ـ تعالى ـ تابع للمعلوم لا وجه له أصلا ؛ فعلمه بالأشياء ليس إلاّ علما فعليا. وعلى هذا فما قيل من أنّ العلم تابع للمعلوم يمكن أن يقال : ليس المراد بالتابعية الانفعال ، بل المراد بها ما ذكره العلاّمة الطوسي في بحث الأعراض من التجريد (1) من : أنّ المراد بالتابعية هو أصالة المعلوم في التوازن والتطابق بمعنى انّه إذا أوجد العلم من حيث انّه حكاية عن المعلوم والمعلوم محكي عنه فيكون المعلوم بهذا الاعتبار أصلا والعلم تابعا له ، لأنّ الحكاية تابعة للمحكيّ عنه. وهذا المعنى لا ينافي كون العلم سببا في نفس الامر للمعلوم ، لانّ اعتبار الحكاية غير اعتبار العلية.
ثمّ توهّم كون علمه ـ تعالى ـ فعليا منافيا للقدرة قد تعلم جوابه من المباحث السابقة.
وقد ظهر بما ذكر انّ الوجه الأوّل للجواب عن الشبهة المذكورة ليس بصحيح.
وثانيهما : انّ الوجوب الغيري لا ينافي الامكان الذاتي ، فالحوادث ممكنة لذواتها وواجبة لغيرها. وإلى هذا الجواب اشار المحقّق الطوسي في التجريد بقوله : « ويمكن اجتماع الوجوب والامكان باعتبارين » (2). وهذا الجواب هو الصحيح ، وحاصله : انّ التالي المذكور في الشبهة غير باطل ، لجواز اجتماع الوجوب بالغير والامكان في ذاته ، إذ لا تنافي بينهما ، إنّما التنافي بين الوجوب بالذات والامكان.
ثمّ الغير ـ الّذي هو العلّة لوجوب الحوادث ـ هو العناية والعلم بالأصلح مطلقا عند من يستند (3) جميع الموجودات إليه ـ سبحانه ـ ؛ وأمّا عند من قال : انّ افعال العباد ليست معلولة لعلم واجب الوجود ـ تعالى ـ وواجبة باقتضائه ففي تعيين علّة وجوب الحوادث تفصيل ذكره بعض المشاهير ، وهو أن يقال : الحادث إمّا فعل العبد ، أو لا ؛ ووجوب القسم الثاني إنّما نشأ من علم الواجب بالمصلحة ، ووجوب القسم الأوّل انّما نشأ من الأسباب الّتي من جملتها اختيار الفاعل ؛ فلهذا قال المحقّق الطوسي في شرح رسالة العلم : « فالذي ينظر إلى الأسباب الأول ويعلم انّها ليست بقدرة الفاعل ولا بإرادته يحكم بالجبر ـ وهو غير صحيح مطلقا ، لأنّ السبب القريب للفعل هو قدرته وارادته ـ ،
والّذي ينظر إلى السبب القريب ينظر وهو أيضا ليس بصحيح مطلقا ، لأنّ الفعل لم يحصل بأسباب كلّها مقدورة ومرادة له ـ ، والحقّ ما قال بعضهم : لا جبر ولا تفويض لكنّه أمر بين أمرين » ؛ انتهى.
اعلم! : انّ المراد « بالأسباب الأول » هي الأسباب الّتي ما سوى اختيار العبد وما باختياره ، مثلا إذا أراد زيد أن يكتب فالقلم والمداد والقرطاس وما اشبهها ليست من فعل زيد وبقدرته ـ لأنّه ليس موجدا لشيء من الأجسام ـ ، بل انّما هو بفعل زيد وقدرته هو الحركات الّتي تكون لها مدخلية في وجود الكتابة ؛ فالسبب القريب هو حركات زيد والأسباب البعيدة هي ما عداها. فحاصل كلام المحقّق : إنّ من نظر إلى السبب البعيد الّذي ليس بقدرة العبد أصلا توهّم انّ العبد مضطرّ في فعله وليس له دخل أصلا ، ومن نظر إلى السبب القريب توهّم انّ العبد مستقل في فعله. ثمّ حكم ببطلان هذين التوجيهين وصرّح بأنّ الحقّ ما روى عن أهل البيت ـ : ـ من انّه لا جبر ولا تفويض ولكنّه أمر بين أمرين. فعلى ما ذكره هذا المحقّق يكون « الجبر» عبارة عن كون فعل العبد مخلوقا لله ـ تعالى ـ بدون مدخلية العبد فيه أصلا ، و « التفويض » عبارة عن كون العبد مستقلاّ في فعله بلا مدخلية من الله فيه أصلا ، و « الأمر بين الأمرين » هو كون الفعل واقعا بقدرة العبد واختياره وكون قدرته واختياره مستندين إلى الله ـ تعالى ـ ، فيكون الأسباب البعيدة على الاضطرار والقريبة على الاختيار. فالإنسان ليس بمختار مطلقا ولا بمضطرّ مطلقا. وعلى هذا فيكون مراد المحقّق في التجريد من قوله : « يمكن اجتماع الوجوب والامكان باعتبارين » : انّ في غير فعل العبد من الحوادث يكون الوجوب فيه بالنظر إلى العلم بالأصلح والامكان فيه بالنظر إلى ذاته ، وفي فعل العبد فالوجوب فيه بالنظر إلى الأسباب الأول ـ ومن جملتها إرادة الله وعلمه ـ والامكان بالنظر إلى الأسباب القريبة ـ ومن جملتها إرادة العبد ـ. ويوافق ذلك ما قال بهمنيار : « فان قيل : هل لنا قدرة على الفعل أم لا؟ ، قلنا : انّ لنا قدرة على الفعل بالقياس إلى الايجاد ، وامّا بالقياس إلى الكلّ فليس لنا قدرة إلاّ على المقدور ـ أي : على ما علم واجب الوجود صدوره منا ـ ، وهو جرّ الأسباب إلى اختيارنا ايّاه ؛ انتهى.
وتوضيح كلام بهمنيار : انّ لنا قدرة بالقياس إلى كلّ واحد واحد من الآحاد الّذي هو في سلسلة الأسباب وله دخل في صدور الفعل إذا اعتبر منفردا وقطع النظر عمّا تقدّمه منها ، لأنّ من جملتها قدرتنا واختيارنا وارادتنا وهي مقدورة لنا. وأمّا بالقياس إلى الكلّ ـ أعني : مجموع سلسلة الأسباب من وجود القدرة واسبابها القريبة والبعيدة والأسباب الّتي بها ينبعث اشواقنا ـ فليس لنا قدرة إلاّ على المقدور الّذي علم الله ـ تعالى ـ انّه يصدر عنّا بالقدرة والاختيار وصدور ما علمه ـ تعالى ـ صدوره عنّا ، وهو يحصل اسباب الفعل منضمّا إلى اختيارنا له ، فيحصل عنّا الفعل فيجتمع حينئذ فيه الوجوب بالقياس إلى جميع الأسباب الّتي من جملتها قدرتنا واختيارنا ، والامكان بالنسبة إلى ذات الفعل مع قطع النظر عن اجتماع تلك الأسباب وبالنسبة إلى نفس قدرة القادر من حيث انّها قدرة من غير انضمام أمر آخر من الأمور المرجّحة لأحد طرفيها على الآخر. والحاصل : انّ قدرة العبد من جملة الأسباب ، فإذا لوحظ الفعل من حيث قدرة العبد بدون ملاحظة جميع الأسباب المتسلسلة المنتهية إلى ذلك الفعل فهو مقدور له ، وإذا لوحظ من حيث حضور جميع الأسباب المتسلسلة المنتهية إلى ذلك الفعل وجب ذلك الفعل حينئذ وليس مقدورا للعبد.
_________________
(1) راجع : الفصل الخامس من المقصد الثاني ؛ كشف المراد ، ص 151.
(2) المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص 222.
(3) الاصل : جميع.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|