أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2021
3361
التاريخ: 25-2-2019
2006
التاريخ: 25-10-2020
2988
التاريخ: 31-3-2021
3037
|
الرجاء ارتياح القلب لانتظار المحبوب ، و هو يلازم الخوف ، إذ الخوف عبارة عن التألم من توقع مكروه ممكن الحصول ، و ما يمكن حصوله يمكن عدم حصوله أيضا ، و ما كان حصوله مكروها كان عدم حصوله محبوبا ، فكما أنه يتألم بتوقع حصوله يرتاح ليتوقع عدم حصوله أيضا ، فالخوف عن شيء وجودا يلزمه الرجاء عدما ، و عنه عدما يلزمه الرجاء وجودا.
وقس عليه استلزام الرجاء للخوف ، فهما متلازمان ، و إن أمكن غلبة أحدهما نظرا إلى كثرة حصول أسبابه.
و إن تيقن الحصول أو عدمه لم يكن انتظارهما خوفا و رجاء ، بل سمي انتظار مكروه أو انتظار محبوب.
ثم كما أن الخوف من متعلقات قوة الغضب ، و أن الممدوح منه من فضائلها ، لكونه مقتضى العقل و الشرع ، و باعثا للعمل من حيث الرهبة ، فكذا الرجاء متعلق بها و من فضائلها ، لكونه مقتضاهما و باعثا للعمل من حيث الرغبة.
إلا أن الخوف لترتبه على ضعف القلب يكون أقرب إلى طرف التفريط ، و الرجاء لترتبه على قوته يكون أقرب إلى طرف الإفراط ، و إن كان كلاهما ممدوحين.
ثم لا بد أن يحصل أكثر أسباب حصول المحبوب حتى يصدق اسم الرجاء على انتظاره ، كتوقع الحصاد ممن ألقى بذرا جيدا في أرض طيبة يصلها الماء.
وأما انتظار ما لم يحصل شيء من أسبابه فيسمى غرورا و حماقة ، كتوقع من ألقى بذرا في أرض سبخة لا يصلها الماء.
وانتظار ما كان أسبابه مشكوكة يسمى تمنيا ، كما إذا صلحت الأرض و لا ماء.
وتفصيل ذلك : أن الدنيا مزرعة الآخرة ، و القلب كالأرض ، و الإيمان كالبذر، و الطاعات هي الماء الذي تسقى به الأرض ، و تطهير القلب من المعاصي و الأخلاق الذميمة بمنزلة تنقية الأرض من الشوك و الأحجار و النباتات الخبيثة ، و يوم القيامة هو وقت الحصاد.
فينبغي أن يقاس رجاء العبد (المغفرة) برجاء صاحب الزرع (التنمية) ، و كما أن من ألقى البذر في أرض طيبة ، و ساق إليها الماء في وقته ، و نقاها الشوك و الأحجار، و بذل جهده في قلع النباتات الخبيثة المفسدة للزرع ، ثم جلس ينتظر كرم اللّه و لطفه مؤملا أن يحصل له وقت الحصاد مائة قفيز مثلا ، سمى انتظاره رجاء ممدوحا ، فكذلك العبد إذا طهر أرض قلبه عن شوك الأخلاق الردية و بث فيه بذر الإيمان بماء الطاعات ، ثم انتظر من فضل اللّه تثبيته إلى الموت و حسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة ، كان انتظاره رجاء حقيقيا محمودا في نفسه.
وكما أن من تغافل عن الزراعة و اختار الراحة طول السنة ، أو ألقى البذر في أرض سبخة مرتفعة لا ينصب إليها ماء ، و لم يشتغل بتعهد البذر و إصلاح الأرض من النباتات المفسدة للزرع ، ثم جلس منتظرا إلى أن ينبت له زرع يحصده ، سمي انتظاره حمقا و غرورا.
كذلك من لم يلق بذر الإيمان في أرض قلبه ، أو ألقاه فيه مع كونه مشحونا برذائل الأخلاق منهمكا في خسائس الشهوات و اللذات ، و لم يسق إليها ماء الطاعات ، ثم انتظر المغفرة ، كان انتظاره حمقا و غرورا.
وكما أن من بث البذر في أرض طيبة لا ماء لها ، و جلس ينتظر مياه الأمطار حيث لا تغلب الأمطار، و إن لم يمتنع أيضا ، سمي انتظاره تمنيا.
كذلك من ألقى بذر الإيمان في أرض قلبه ، و لكنه لم يسق إليه ماء الطاعات و انتظر المغفرة بلطفه و فضله ، كان انتظاره تمنيا.
فإذن ، اسم (الرجاء) إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد ، و لم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره ، و هو فضل اللّه تعالى بصرف القواطع و المفسدات.
فالأحاديث الواردة في الترغيب على الرجاء و في سعة عفو اللّه و جزيل رحمته و وفور مغفرته ، إنما هي مخصوصة بمن يرجو الرحمة و الغفران بالعمل الخاص المعد لحصولهما وترك الانهماك في المعاصي المفوت لهذا الاستعداد.
فاحذر أن يغرك الشيطان و يثبطك عن العمل و يقنعك بمحض الرجاء و الأمل , و انظر إلى حال الأنبياء و الأولياء و اجتهادهم في الطاعات و صرفهم العمر في العبادات ليلا و نهارا ، أما كان يرجون عفو اللّه و رحمته؟ بلى و اللّه! إنهم كانوا أعلم بسعة رحمة اللّه و أرجى لها منك و من كل أحد ، و لكن علموا أن رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض و سفه بحت فصرفوا في العبادات أعمارهم و قصروا على الطاعات ليلهم و نهارهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|