أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1604
التاريخ: 9-10-2016
1518
التاريخ: 7-10-2016
2155
التاريخ: 21-6-2019
2134
|
ويقصد بالإقليم السوري هنا تلك المساحة التي عرفها اليونان بهذا الاسم، أي المساحة الواقعة بين جبال طوروس شمالًا وسيناء جنوبًا وبين البحر المتوسط غربًا والبادية وبلاد النهرين شرقًا.
ولو تأملنا هذا الإقليم لوجدناه ينقسم من ناحية التضاريس إلى أقسام طولية يغلب فيها بوجه عام تناوب الأراضي المنخفضة والمرتفعات؛ حيث نجد أن السهل الساحلي تتلوه سلسلة الجبال الغربية, ويلي هذه سهل البقاع ثم السلسلة التي تنتهي إلى بادية الشام, مع ملاحظة أن كلًّا من هذه الأقسام يختلف في اتساعه بين بقعة وأخرى.
وقد تأثر هذا الإقليم في تاريخه وحضاراته ببضعة عوامل يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- الموقع الجغرافي: تقع سورية بين القارات الثلاثة الرئيسية للعالم القديم؛ فهي لهذا تعد حلقة الاتصال فيما بينها، ومع أن هذا الموقع أتاح لها أن تلعب دورًا مهمًّا في التبادل التجاري وفي انتشار كثير من المظاهر الحضارية بين أقطار الشرق الأدنى؛ إلا أنه من جهة أخرى جعلها عرضة للهجرات والغزوات المختلفة, وكانت مجاورتها لأقدم مراكز الحضارة الفعالة في العراق ومصر وآسيا الصغرى من العوامل المهمة التي جعلتها تتأثر بتلك الدول وحضاراتها.
2- التضاريس: أشرنا إلى أنها تنقسم إلى أقسام طولية مختلفة الاتساع والمظهر, وقد أدى ذلك إلى قيام وحدات منفصلة فيها، ولم تكن إحدى هذه الوحدات من الاتساع؛ بحيث تنشأ فيها دولة قوية يمكنها أن توحد سورية بأكملها تحت سلطانها؛ ولذا كان توحيدها غالبًا ما يتم بإرادة سلطة خارجية.
3- وجود المناطق الصحراوية في شرق سورية وجنوبها جعلها المطمع الدائم للبدو من سكان هذه الأقاليم؛ فكان في صراع مع تلك العناصر.
ونظرًا لأن هذه العوامل مرتبطة بالظروف الطبيعية للإقليم السوري, فإن أثرها الحضاري والتاريخي ظل مستمرًّا في معظم أدواره التاريخية، وفيما يلي موجز للأدوار التي مر بها:
العصور ما قبل التاريخية
أ- العصر الحجري القديم:
العصر الحجري القديم الأسفل:
وجدت آثار حضاراته "التي تشبه مثيلاتها في جهات العالم الأخرى" في كهوف عدلون "بين صيدا وصور" وفي الكرمل وأم قطفة "شمال غرب البحر الميت" والزطية "شمال غرب بحيرة طبرية" ورأس شمرا "أوجاريت" ولم يعثر على بقايا بشرية تمثل سكان هذا العصر(1).
العصر الحجري القديم الأوسط:
عثر على آثاره في كهوف في جبل الكرمل وفي جنوب الناصرة وفي شمال غرب طبرية، وقد عثر في بعض هذه الكهوف على بقايا بشرية تبين أن إنسان هذا العصر كان خليطًا من السلالات التي تمثل إنسان نياندرتال وأنواعًا أخرى أرقى منه تكاد تشبه الإنسان الحديث، ومن المحتمل أنه كان يأكل اللحوم البشرية، كما يستدل على ذلك من بقايا العظام البشرية التي وجدت وقد استخرجت مادتها النخاعية(2).
العصر الحجري القديم الأعلى:
وجدت آثاره في كهوف أنطلياس وفي حوض نهر الكلب وفي كهف بالقرب من طبرية؛ حيث عثر فيها -فضلًا عن الأدوات الميكروليثية- على بقايا هياكل عظمية لأنواع مختلفة من الحيوانات مثل: الكركدن والضبع والثعلب والماعز والغزلان "وهذه الأخيرة كانت أكثرها" كما عثر على بعض بقايا إنسانية، ومن المحتمل أن الإنسان توصل -في هذه المرحلة- إلى معرفة النار واستخدامها في الطهي.
ب- العصر الحجري المتوسط:
تمثل هذا العصر حضارة تعرف باسم الحضارة النطوفية(3) "نسبة إلى وادي النطوف شمال غربي القدس"، وفيها ظلت الأدوات الميكروليثية مستعملة؛ بينما أخذت بعض الحيوانات التي كانت تعيش في تلك الجهات في الاختفاء؛ نظرًا لتغير الظروف المناخية. ويستدل من بقايا إنسان هذا العصر على أنه كان قصير القامة مستدير الرأس، ويرجح أنه عرف استئناس الحيوان والمرحلة البدائية في الزراعة وإن كان هذا لا يستند إلى دليل قوي حتى الآن، واتخذ منازل عبارة عن أكواخ من الطين أو اللبن عثر على أقدم آثارها في أريحا وتل الجديدة "شمال سورية" ورأس شمرا، ويتغالى بعض المؤرخين فيعتبر سورية أول من عرف بعض أسس الحضارة التي انتقلت منها إلى جهات أخرى من الشرق الأدنى(4), وهو ما لا يتفق مع نشأة الحضارات العظيمة في مصر والعراق.
ومن المرجح أن الإنسان -ابتداء من هذا العصر- اهتدى إلى نوع من العقيدة بدليل ما عثر عليه من أواني الطعام والتقدمات في أماكن الدفن، كما أنه أخذ ينمي ملكته الفنية؛ حيث أصبح يحاول محاكاة ما حوله من الكائنات يحفرها على العظم أو الحجر؛ إذ عثر على قطعة من العظم في هيئة غزال وعلى تماثيل طينية لبعض الحيوانات الداجنة كانت في مزار مقبرة في أريحا.
جـ- العصر الحجري الحديث:
يمثل العصر الحجري الحديث والعصر التالي له "بداية استخدام المعادن" في عدة مواقع في سورية وفلسطين، وقد اصطلح كثير من الأثريين على اتخاذ منطقة العمق في سورية نموذجًا للحضارات التي شاعت في هذا العصر وما تلاه؛ نظرًا لأن تلالها الكثيرة بطبقاتها المختلفة تحوي آثارًا لكل من هذه الحضارات, ويقابل هذه المنطقة في فلسطين منطقتا جريكو وتل الغسول.
وقد وجدت آثار حضارة العصر الحجري الحديث في تل الجديدة وساكجي جوزي "في أقصى الشمال" ومرسين في قيليقيا وهذه يمكن وضعها ضمن آسيا الصغرى؛ ولكنها أقرب إلى الإقليم السوري؛ ولذلك تلحق به، وقد وجدت نظائر لهذه الآثار في طبقتي العمق أ، ب بسورية وطبقتي 10، 9 في جريكو بفلسطين، ويمكن أن نعدها نظائر لحضارات حسونة بالعراق وسيالك الأولى في إيران, وهي تمثل مرحلة استقرار بالمعنى الصحيح؛ إذ عثر فيها على بعض الفؤوس والمناجل الحجرية لا شك في أنها استخدمت في الزراعة، كما عثر فيها على أجران ومخازن. أما الأواني الفخارية التي عثر عليها فربما كانت متأثرة في صناعتها بما كان سائدًا في العراق؛ حيث يرى البعض أنها متأثرة بحضارة سامراء التي تنتمي إلى أواخر الدور الحجري الحديث؛ بينما يرى البعض الآخر أنها متأثرة بحضارة حلف(5) التي تنتمي إلى أوائل دور بداية استخدام المعادن.
د- دور بداية استخدام المعادن "عصر النحاس والحجر":
تتمثل حضارات أوائل هذا الدور في أوجاريت "قرقميش" وفي جزر وتل الغسول وفي الطبقة جـ بمنطقة العمق والطبقة 8 بمنطقة جريكو "وهي تقابل تقريبًا حضارة حلف بالعراق، وقد عثر فيها على منازل من اللبن أساساتها من الحجر الغشيم "غير المهذب"، وكان الأطفال يدفنون عادة في جرار تحت أرضيتها, أما البالغون فكان بعضهم يحرق والبعض يدفن في جرار على هيئة الجنين(6)، ومن المحتمل أن تحصينات المدن بدأت من هذا العصر، وكانت الزراعة مقترنة بالرعي واستئناس الحيوان كالثور "الذي يرجح أنه قدس" والماعز والغنم، وكان الحمام يرمز عادة للإلهة الأم، وفي هذا العهد كانت تغلب على السكان صفات جنس البحر الأبيض المتوسط في الجنوب, أما في الشمال فيغلب على الظن أنهم كانوا من الأرمنيين.
وتتمثل حضارات أواخر هذا الدور في أريحا ومجدل "تل المتسلم" والعفولة وبيت شان "بيسان" وأوجاريت وبيبلوس وهي تقابل طبقات العمق د، هـ، وفي سورية والحضارة الغسولية وعصر البرونز الأول في فلسطين، ويبدو أن سورية خلال هذه المرحلة كانت في حضارتها تساير حضارات العراق ومصر المناظرة لها؛ وخاصة في الجزء الأخير من عصر التمهيد للكتابة في العراق وعصر ما قبل السلالات الحاكمة في مصر أي: حضارتي جمدة نصر وسمانة، ويبدو التطور واضحا في هذه الحضارة؛ إذ نجد أن الفخار أصبح يصنع بالعجلة وأن اللبن أصبح يستخدم في البناء وطليت الجدران بلون أبيض وزينت برسوم تمثل بعض الأشخاص والآلهة، وقد توصل أهل هذه المرحلة إلى صب المعادن؛ حيث عثر على تماثيل نحاسية صغيرة مصبوبة, كما تطورت الفنون عامة ويتجلى ذلك بوضوح في زخرفة الأواني بطلاء زجاجي.
__________
(1) انظر مع ذلك فيليب حتي "تاريخ سورية ولبنان وفلسطين" ترجمة جورج حداد وعبد الكريم رافق ص9؛ حيث يميل إلى أن سكان سورية في هذا العصر كانوا "نوعًا بدائيًّا غير متميز عن الإنسان الأبيض".
(2) انظر نفس المرجع السابق ص11.
(3) dorothy A. E Garrod & D. M. A. Rates, "The Stone Age of Mount Carmel" Vol. 1 "Oxford 1937", pp. 145, 153, 175-7; D. A. E. Garrod "A New Mesolithic Industry: The Natufian of Palestine", In the Journal of Royal Institute of Great Britain, Vol L X 11 "1932", pp. 267 ff.
(4) فيليب حتي "المرجع السابق" ص17 وما بعدها.
(5) انظر مع ذلك فيليب حتي: تاريخ سورية.. "الترجمة" ص22، 23 استخدام المعادن.
(6) C. Leonard Woolley, "Hittite Burial Customs" in, the Annals of Archaeology and Anthropology, "University of Liverpool", VI "1914" p. 88.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|