x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
مملكة ماري
المؤلف: هديب حياوي عبد الكريم
المصدر: دور حضارة العراق القديمة في بلاد الشام
الجزء والصفحة: ص135- 141
10-10-2016
2978
مملكة ماري(1):
اسس الاموريين بقيادة اشطب ايل (Ishtup -Eal) عاصمة لهم في مدينة ماري في الالف الثاني ق.م(2) على انقاض المدينة ذات الطابع السومري اذ كان لهذه المدينة حضورها المتميز في العصور السابقة(3) ولهذا فقد تمتعت ماري بأهمية خاصة لكونها قاعدة مهمة من قواعد الحضارة السومرية لتصبح في اوائل الالف الثاني ق.م عاصمة مملكة تمتد اكثر من 200 ميل على نهر الفرات(4).
لقد اخبرتنا نصوص ماري بان هذه المدينة قد تميزت بعلاقاتها التجارية الدولية اذ كانت تربط جزيرة دلمون في الخليج العربي عبر نهر الفرات وحلب حتى البحر المتوسط، كذلك فانها كانت محطة مهمة من محطات طريق تجارة القصدير بين سبار والبحر المتوسط(5) فكانت تستورده ثم تعيد تصديره الى حلب وقطنا وخاصور (تل القداح في فلسطين)، كما عملت بتجارة الذهب والاحجار الكريمة والخشب ونقرأ ايضاً عن تجارة الحيوانات والخمر والاعشاب الطبية والنبيذ الذي كان يصلها من حلب وكركميش(6). ويمكن القول ان هذه المدينة كانت مركزاً لعبور البضائع التي كانت تأتي اليها من المناطق المجاورة ومنها حصلت على اموال طائلة(7)، في حين تمتعت القوافل التجارية بالحماية الملكية حيث كان التجار يتنقلون من بلاط ملكي الى آخر متمتعين بالحصانة والأمان(8).
ويتضح من بعض المراسلات التي تم العثور عليها في قصر ماري ان هذه المدينة كانت مركزاً من المراكز المهمة لبناء القوارب والسفن، حيث نقرأ في احد الرسائل عن اوامر تسلمها يسمح-ادد حاكم ماري من والده شمشي-ادد الأول ملك اشور لبناء سفن مختلفة الاحجام(9)، بينما يتضح من رسالة اخرى من ملك كركميش الى حاكم ماري بان الملاحين كانوا يؤخذون زوجاتهم معهم، وفي رسالة اخرى نقرأ عن تأخر وصول سفن الى مدينة توتول (هيت) نتيجة مطر شديد(10).
لقد اوضح لنا ارشيف ماري أهمية هذه المملكة بالنسبة الى الكثير من ممالك الشرق القديم التي ورد ذكرها في نصوص ذلك الأرشيف، ولكن الغريب هو غياب اية اشارة الى مصر، ومن هنا يمكن الاستنتاج ان النفوذ المصري في عصر ارشيف ماري (1810-1760 ق.م) لم يحتك بنفوذ وادي الرافدين(11).
ان هذه الأهمية الحضارية لماري اقترنت بأهميتها السياسية التي تبلورت في السلالة التي قامت فيها في العصر البابلي القديم والتي بسطت سيطرتها على الجزيرة الفراتية بما في ذلك خانة (عنه) واطلق ملوك ماري على انفسهم لقب (ملك ماري، توتول وبلاد خانه)(12)، اذ بدأ يجد يم (Iggid-lim) وهو ثاني ملوك ماري بتوسيع نفوذ المملكة على طول نهر الفرات من عنه جنوباً الى الخابور شمالاً وكان يعاصره ايلا-كبكبو ملكاً على بلاد اشور الذي تحالف معه في باديء الأمر، بيد أن العداء انفجر بينهما وامتد ليشمل ولديهما يخدن-لم ملك ماري وشمشي ادد الاول ملك آشور(13).
ويمكن القول ان ماري استطاعت في عهد ملكها يخدن-لم الذي خلف والده يجد-لم على العرش ان يقوم بعدة حملات عسكرية ادت الى توسيع نفوذه حتى وصل الى شواطئ البحر المتوسط حيث اقام هناك نصباً تذكارياً في لبنان ويقول بصدد ذلك:
((قهرت البلاد على ساحل البحر الكبير وجعلتها تطيع اوامري واجبرتها على الخضوع لسلطتي، وفرضت عليها الجزية التي كنت استلمها بانتظام))(14)
كما انه سيطر على بعض مدن الفرات بضمنها ابرز مركزين لعبادة الآله داجان وهما ترقة وتوتول وقام فيهما بعدة اعمال عمرانية(15). ولكن يخدن-لم اغتيل اخيراً في قصره في ماري بتحريض على الارجح من شمشي-ادد الذي استولى على مدينة ماري(16)، ونصب ابنه يسمح-ادد ملكاً عليها حيث بقي على عرش المملكة لسنوات عديدة (1799-1780 ق.م) (17) تزوج خلالها من ابنة ايشخي-ادد ملك قطنا(18). والى جانب ماري فقد كانت هناك مدينة كرانا التي قامت في المنطقة وارتبطت مع بلاد اشور بصلات تجارية منذ عهد شمشي ادد، حيث اثر موقع هذه المدينة على خطوط التجارة التي تصل ما بين وادي الرافدين وسوريا، لهذا فانها من المدن التي استفادت ايضاً من تجارة عبور البضائع (الترانزيت) شأنها في ذلك شأن ماري بحيث ادى تحول خطوط التجارة عنها في نهاية الالف الثاني ق.م الى فقدان اهميتها التجارية والتاريخية(19)، ولكن بقيت هذه المدينة واحدة من محطات تجارة الاشوريين المتوجهة نحو اسيا الصغرى حيث توجد مراكزهم التجارية المهمة المعروفة باسم كاروم (karrum) (ميناء) في عهد شمشي-ادد(20)، كذلك كانت القوافل التجارية الاشورية نشطة باتجاه بابل وسوريا في هذا العهد(21).
لقد اشارت لنا الوثائق التاريخية الى ان زمري-لم ابن الملك يخدن-لم الذي اغتيل في قصره قد التجأ مع عائلته الى مملكة يمخد، وتزوج اثناء اقامته فيها من الأميرة (شبتو) (sibtu) ابنه ملك يمخد ياريم-لم الأول الذي قدم له المساعدة لأستعادة عرش ماري(22)، وربما كان لعدم اتباع الشدة والحزم من قبل يسمح _ادد في الحكم عاملاً ساعده على هذه الخطوة، اذ نستشف ذلك من احد النصوص الموجهة الى يسمح-ادد من قبل والده حيث يقول:
((ما زلت طفلاً، لم تنبت اللحية على ذقنك، ولم تفلح حتى الآن، وانت في اوج شبابك، في بناء منزل بك))(23)
في حين كان زمري-لم يتمتع بحنكة دبلوماسية، اذ ارتبط بعلاقات سياسية مع معاصريه من الملوك والحكام الآخرين، فقد ارتبط كما اسلفنا بعلاقة مصاهرة مع ياريم-لم الاول ملك-يمخد، ومن ثم اصبح صديقاً لحمورابي ابنه وخليفته على عرش يمخد، وتمتع بعلاقات صداقة مع حمورابي ملك بابل ودخل معه في حلف ضد عيلام واشنونا(24) بعد ان استعاد عرش ماري عقب وفاة الملك شمشي ادد(25)، وكذلك فانه استطاع ان يوطد اركان حكمه بأقامة علاقات طيبة مع كل الممالك السورية المعاصرة له الواقعة الى الغرب من مملكته ومنها اوغاريت وجبيل وحران اضافة الى خاصور في منطقة الجليل في فلسطين والتي كانت كلها ممالك أمورية(26).
اما عن علاقة زمري-لم مع بلاد الرافدين فتشير الوثائق التأريخية الى انه كان يتمتع بعلاقة طيبة مع حاكم مدينة كرانا المدعو (اشكور-ادو) (Ashkur-Addu) حيث اصدر اوامره الى احد الحكام التابعين له والذي قام بغزو كرانا ونهب بعض ممتلكاتها باعادة تلك المسروقات اليها(27). ويكمن القول انه يبغي بعمله هذا ضمان الطرق التجارية بين مملكته واقاليم اعالي النهرين حيث كانت التجارة تشكل عصب الاقتصاد في هذه المملكة، ومن هنا فان زمري-لم يدخل في حلف مع بابل ويمخد من اجل حماية طرقه التجارية التي هددت بحلف اشنونا وبلاد عيلام ومملكة اندارق (Andariq)(28) في شمال بلاد الرافدين لأعتماده على علاقته الوثيقة مع كرانا(29).
لقد ادت السياسة التي اتبعتها ماري الى جعلها تمثل تهديداً لمصالح بلاد آشور في المنطقة، لذلك كانت هناك مصلحة مشتركة بين اشنونا وآشور لضرب ماري، وازداد الوضع السياسي تعقيداً بتنامي قوة حمورابي تدريجياً وتهديده لكل ممالك بلاد الرافدين(30) خصوصاً بعد الانتصار الذي حققه على اقوى خصومه انذاك هو ريم -سن ملك لارسا وكان ذلك بمساعدة حليفه زمري-لم ايضاً(31) ويتضح دور تلك المساعدة في تحقيق الانتصار على ريم-سين من رسائل ماري التي تفصح عن قيام تلك المملكة بتجهيز الجنود واستدعائهم من مملكة يمخد لمساعدة بابل(32). من خلال ذلك يمكن استنتاج وجود حلف ثلاثي بين يمخد وماري وبابل وكان المستفيد الاول من هذا الحلف بالدرجة الأولى هو حمورابي الذي استطاع ان يهيمن عسكريا على المنطقة ويقف بوجه لارسا القوية(33).
لقد تطورت الصلات الدبلوماسية بين بابل وماري، اذ تذكر النصوص بان هناك ممثلين بينهما بما يشبه السفراء في يومنا هذا وكانت مهمتهم اخبار ملوكهم عن الاوضاع السياسية والعسكرية في كل من المملكتين(34)، وبهذا الصدد يتفاخر ممثل ماري المدعو (اباليبيل) بعلاقته الوثيقة بحمورابي بقوله:
((اذا شَغِلَ حمورابي امر ما فانه يكتب لي فاذهب اليه اين ما كان هو، ومهما يكن الأمر الذي يدور في باله فانه يخبرني به))(35).
وبالمثل كان لحمورابي عدد من الممثلين في بلاد ماري، ومن ابرزهم بوفاقوم (Buvaqum) و ياخدي- ليم اللذان كان يخبرانه عن ما يجري من احداث سياسية في منطقة اعالي الرافدين، وقد تمتع هذان الممثلان بمنزلة رفيعة في البلاط الملكي لخطورة المهمة التي اضطلعا بها، الا وهي الاخبار عن حالة الجيش والتحركات العسكرية لجيوش عيلام واشنونا اللتين كانتا تحاصران مدينة رازاما في اعالي بلاد الرافدين(36). وهناك رسالة مهمة موجهة من اشنونا تكشف عن نواياها مع بلاد عيلام تجاه ماري اثناء انشغالها برفع الحصار عن مدينة رازاما حيث جاء فيها:
((عندما يقترب زمري لم لينقذ رازاما شن انت (ملك عيلام) حملة ضد بلاده))(37).
وقد احاط حمورابي وزير زمري-لم المدعو يخدن-لم بالنوايا العيلامية ليتخذ الاجراءات اللازمة لحماية مملكته وافساد تلك النوايا حيث كان زمري-لم منشغلاً بتدابير رفع الحصار عن رازاما(38). وتدل النصوص التأريخية الى ان العلاقة بين ماري وبابل كان لها تأثير كبير في المنطقة، ويبرز هذا التأثير على وجه الخصوص في الخلافات التي كانت تحصل بين الممالك الامورية في بلاد الشام، ومن قبيل تلك الخلافات التي كانت تحصل بين مملكتي يمخد وقطة اذ تدخل حمورابي وزمري-لم لفضه وفرضا على ملك قطنا المثول امام ملك يمخد ليوقعا معاهدة صداقة وسلام بينهما(39).
لقد اتسمت العلاقة ما بين ماري وبابل بالمودة وتبادل الهدايا الشخصية فقد اهدى زمري- لم حمورابي قطعة قماش كان قد استلمها هدية من ملك كريت، فضلاً على التحالف والتعاون العسكري ضد اعدائهما والمشاركة في التدخل لفض النزاعات التي تحدث بين الممالك الامورية(40)، وبالإمكان تقصي تفاصيل العلاقة الطيبة بين بابل وماري من خلال العدد الكبير من الرسائل التي تم تبادلها بين المدينتين الفراتيتين والتي جاءتنا من التنقيبات التي جرت في ماري، وبالتأكيد كانت هناك رسائل مرسلة من زمري-لم الى حمورابي لكنها لا تزال تحت انقاض بابل(41).
وعلى الرغم من هذه العلاقة الوثيقة بين ماري وبابل ظهرت بعض الخلافات بين الطرفين، لعل من ابرزها الخلاف حول نصوص معاهدة كان من المزمع توقيعها بينهما وكان سبب خلافهما هو أحد البنود التي تتعلق بمدينة توتول (هيت)، حيث طلب حمورابي من الطرف الثاني استشارة كهنة الآله (سين) حول ابرام تلك المعاهدة(42).
ان هذا الموقف من قبل حمورابي جعل مندوبي زمري-لم في بابل يشكان في نيته بتوقيع تلك المعاهدة فاعتبروا طلبه طريقه دبلوماسية للتخلص من توقيع تلك الاتفاقية(43)، وربما كان الدافع وراء احجام حمورابي عن توقيع الاتفاقية يعود الى مخططاته بشأن مستقبل المنطقة باسرها، فقد كان هدفه البعيد ضم توتول الى سلطته، وكانت تلك المدينة تحت نفوذ حليفه زمري-لم بدليل ان الاخير اتخذ لقب (ملك ماري وتوتول) وهو أمر انطوى على تهديد واضح لسلامة الطريق التجاري الرئيسي الذي يربط بابل بسواحل البحر المتوسط(44).
وتؤكد لنا النصوص التاريخية حدوث تصدع آخر في العلاقة بين ماري وبابل من خلال المعاملة الجافة التي عُومل بها وفد قَدِم من ماري الى بابل للمشاركة في احدى الاحتفالات الرسمية ولم يتم اعطاء اعضاء الوفد الملابس الخاصة بالحفل لارتدائها شأنهم في ذلك شأن بقية المدعوين، مما اغضبهم وجعلهم يتركون البلاط متذمرين، ولكن حمورابي تلافى الموقف بدبلوماسيته المعهودة وارجعهم الى الحفل واشار الى ان قرار اعطاء ملابس الاحتفال هو من صلاحياته حصراً، ولن يسمح مستقبلاً اعطاء الضيوف الاجانب والمبعوثين عند استقبالهم في القصر الملابس الخاصة بالاحتفالات(45).
ومن هنا نستشف ان تلك العلاقة الوثيقة بدأ ينفرط عقدها شيئاً فشيئاً، الا ان ذلك لم يكن سبباً مباشراَ ودافعاً لحمورابي للهجوم على ماري، حيث لا تتوفر لدينا الادلة التي توضح تلك الاسباب، الا انها من المحتمل انها كانت كامنه في قيام زمري-لم بالتحالف مع اعداء حمورابي وخاصة مملكة مالكيئوم في الشرق وبلاد اشور في الشمال، وذلك كأجراء احترازي فيما لو حاول حمورابي ضم ماري الى نفوذه اسوة بالممالك التي ضمها من قبل(46). مقابل ذلك فان حمورابي كان يتخوف من علاقة زمري-لم بمملكة يمخد ومن امكان حصول الاخير على مساعدات عسكرية منها عند طلبه، الى جانب ذلك فان ثراء ماري واهميتها الستراتيجية كان عاملاً مشجعاً لضمها(47). فيما يعتقد بعض الباحثين بان أسباب الهجوم على ماري هو لتدمير نظام الري المتطور فيها والذي أخذ يؤثر على كمية المياه الآتية الى بلاد بابل اثناء شحة المياه في فصل الصيف(48)، ومع كل ذلك يمكن القول ان اهداف حمورابي الستراتيجية لتحقيق وحدة البلاد حتمت عليه التحرك نحو ماري لضمها بعد ضم كل الممالك والسلالات الحاكمة في بلاد الرافدين الواحدة تلو الاخرى، وكان لابد من تلك الخطوة لأن ماري تمثل أهم مناطق الفرات الاوسط لما تتمتع به من موقع سوقي يكمل تحقيق الهدف الذي كان يصبو اليه حمورابي(49).
ومع دخول ماري تحت سلطة حمورابي عام 1759 ق.م، الا ان زمري-لم بقي حاكماً فيها تابعاً للسلطة البابلية لمدة سنتين استطاع خلالها من الحصول على المساعدة من المناطق الغربية ليقوي من نفوذه ويعلن تمرده على حمورابي في السنة الخامسة والثلاثين من حكم حمورابي (1757 ق.م) مما اضطر الأخير الى توجيه حملة عسكرية دحر فيها جيش زمري-لم وسقطت ماري بأيدي البابليين فدمرت اسوارها واحرق قصرها الفخم، وربما قتل زمري-لم في تلك المعركة ولم نسمع عن اية مقاومة لماري ضد حمورابي فيما بعد(50).
_________
(1) اسم المدينة مشتق من لفظة (A-mur-ru) و(Mar-tu) السومرية معناه البلاد الواقعة الى الغرب بالنسبة للسومريين. انظر:
حتي، فيليب، لبنان في التاريخ، ص 81.
(2) ساكز، هاري، عظمة بابل، ص 84.
(3) باقر، طه، مقدمة...، ج2، ص 234.
(4) ساكز، هاري، الحياة اليومية في العراق القديم (بلاد بابل واشور)، ترجمة كاظم سعد الدين، (بغداد، 2000)، ص 18.
(5) اوبنهايم، ليو، بلاد بين النهرين، ص 113.
(6) الأحمد، سامي سعيد، "التجارة"، موسوعة الموصل الحضارية، ج2، (الموصل، 1991)، ص 193.
(7) ساكز، هاري، عظمة بابل، ص 83.
(8) اوبنهايم، ليو، بلاد بين النهرين، ص 114.
(9) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص 350.
(10) المصدر نفسه.
(11) ادزارد، اوتو، الشرق الادنى الحضارات المبكرة، ص 198-199.
(12) Kupper, J. R. Northern Mesopotamia and Assyria, P31.
(13) Muun-Rankin, J. M., “Diplomacy in Westeren Asia in the Early Second Millennium B. C.”, IRAQ, vol. 18, parts I (London, 1956) P.68.
(14) Dossin, G. “Inscription de foundation de lahdun-Lim”, Syria, vol. 32, (Paris, 1955), P. 3f.
(15) Yuhong. W., Apolitical History of Eshnunna, Mari and Assyria during the Early old Babylonian Period, (China, 1994) P. 93.
(16) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص 185.
(17) Muun-Rankin, J. M., IRAQ, 18, 1956 P.69.
(18) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص 185.
(19) Dalley, S., Mari and Karana, P.23.
(20) حول تلك المراكز التجارية انظر:
ساكز، هاري، قوة آشور، ص 51 وما بعدها.
(21) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص64.
(22) Artzi, P. And Malamat, .A. “The correspondance of Shibtu Queen of Mari”, Orientalia, vol 40, face, I, 1971, P. 75f.
(23) ARM, I, No. 61.
(24) مرعي، عيد، تاريخ بلاد الرافدين، ص 78.
(25)Dalley, S., Mari and Karana, P. 35.
(26) عبد الله، محمد صبحي، العراق وبلاد الشام الصلات الحضارية والسياسية، ص 356-357.
(27)Dalley, S., Mari and Karona, P. 38.
(28) من المحتمل ان مملكة اندارق تقع في منطقة الى الشمال من اشنونا وربما بين مدينة ايكالاتوم (شرق دجلة) وارابخا (كركوك). انظر:
Kupper, J. R. “Nouvelles Letters de Mari Relatives a Hammurbi de Babylone”, RA, 42, 1948, pp. 35-39.
(29)Muun-Rankin, J. M.,, IRAQ,18, 1956 PP.64-76.
(30)King, L. W., The Letters and Inscriptions of Hammurabi, vol. 3 (London, 1900) P.14.
(31) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 45.
(32) ARM, 2, No. 68-71.
(33) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 44.
(34) الاعظمي، محمد طه، حمورابي، ص 75.
(35) Muun-Rankin, J. M., , IRAQ, 18, 1956 P.104.
(36) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 43.
(37) Kupper, J. R., RA, 42, 1948, P. 35f.
لم يحدد بالضبط لحد الان موقع رازاما وقد طرحت عدة أراء حول ذلك انظر:
Beitzel, B. J., “Isme-dagan`s military actions in the Jezirah”, IRAQ, vol, 36, part I, 1984, P.34.
(38) Kupper, J. R., RA, 42, 1948, P. 37f.
(39) الصواف، صبحي، "ملوك حلب من السلالة العمورية في ابتداء الالف الثاني ق.م"، الحوليات السورية، م7، 1957، ص 146.
(40)Dossin, G., “Les Archives economiques dupalais de Mari”, Syria, vol. 20, 1939, P. 111.
(41) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 43.
(42) ARM, 2, No. 77.
(43) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص 241.
(44) عبد الله، محمد صبحي، العراق وبلاد الشام الصلات الحضارية والسياسية، ص 361.
(45) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 46.
(46) الاعظمي، محمد طه، حمورابي، ص 79.
(47) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص 200.
(48) الاعظمي، محمد طه، حمورابي، ص 79.
(49) كلينغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره، ص 47.
(50) الاعظمي، محمد طه، حمورابي، ص 79.