المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



التطور السياسي في مصر بالعصر النحاسي (المعدني)  
  
1603   02:52 مساءاً   التاريخ: 3-10-2016
المؤلف : عبد العزيز صالح
الكتاب أو المصدر : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق
الجزء والصفحة : ص58-62
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

التطور السياسي:

أسلفنا أن مواطن الاستقرار الزراعية الأولى لم تكن أكثر من قرى متواضعة متفرقة على مناطق الحواف لا ندري عن تصريف الأمور فيها إلا ما دلت عليه ظاهرة تنظيم بعض المساكن في مرمدة من انفعال أهلها بالوعي الجماعي واحتمال خضوعهم لسلطة في القرية استحبت التنظيم وأوصت بتنفيذه. وما دلت عليه مساكن حلوان القديمة من اشتراك أهلها في تمهيد منطقة مساكنهم فوق ربوة يأمنون فيها على أنفسهم من أخطار السيول ويأمنون فيها من غارات جيرانهم. وما دلت عليه مطامير الفيوم من اطمئنان أهلها إلى تجميع محاصيلهم في منطقة واحدة يتعاونون في حراستها أو يعهدون بحراستها إلى رئيسهم وأعوانه. ثم ما دلت عليه مخازن الغلال الجماعية في قرية المادي من احتمال وجود سلطة في القرية أشرفت على تموينها وحمت محاصيلها.

ولم يكن من شأن القرى المصرية الأولى أن تستمر متفرقة عهودًا طويلة، وإنما المرجح أنه شجعها على التقارب من بعضها البعض وانضمام بعضها إلى بعض عوامل المصالح المشتركة التي تفرضها البيئات الزراعية على أهلها، وعوامل الرغبة في تبادل المواد الأولية التي قد تتوفر في منطقة دون أخرى، فضلًا عن تبادل المصنوعات النامية التي قد تجود في قرية أكثر مما تجود في أخرى، ومناسبات الزواج والمصاهرة في بيئة قلت فيها موانع الاتصالات ولم يظهر فيها ما يدل على الطبقية المانعة أو العصبيات الغالية، وعوامل التحالف والتكاتف لدرء خطر عدو قريب أو بعيد، وعوامل الرغبة في بسط النفوذ التي تراود الجماعات القوية وتدفعها إلى ضم الجماعات القريبة منها تحت زعامتها ثم عامل الاشتراك في تقديس مظهر إلهي معين يتضح أثره في منطقة واسعة تشترك في سكناها أكثر من جماعة واحدة.

وليس من نصوص ولا مناظر قديمة تصور نتائج العوامل السابقة في حياة أهلها واحدة فواحدة، وكل ما يمكن تقديمه بشأنها هي مجموعة احتمالات منطقية توائم البيئة المصرية ولا تنبو عن ذكريات العصور التاريخية عنها. فمن الاحتمالات المقبولة لتفسير تحول الجماعات المصرية القديمة من الحياة القروية إلى الحياة المدنية، أنه ترتب على انضمام بعض القرى إلى بعض أن نشأ عدد من الأقاليم ذات الحدود الاعتبارية والحدود الطبيعية، ثم تهيأ للفريق الأقوى في كل إقليم أن يجعل قريته الكبيرة حاضرة لإقليمه مادامت تتوفر لها الحصانة الطبيعية والمقومات المادية والكثرة العددية، كما تهيأ له أن يسود كلًّا من حاكمه ومعبوده على بقية الجماعات المشتركة معه في نطاق إقليمه، وبهذا أصبح لكل إقليم حاكمه وعاصمته، ومعبوده الأكبر، وأصبح له رمزه الذي يقوم عند أهله مقام اللواء والعلم، وقد يكون هذا الرمز ذا صلة بهيئة المعبود الأكبر في عاصمته، أو ذا صلة بخصائص بيئة إقليمية، أو ذا صلة بالمهنة الغالبة في مجتمعه، أو ذا صلة بالصفات التي يعتقدها أهله في أنفسهم واستمرت ذكريات هذه الرموز باقية فيما احتفظت به العصور التاريخية من شعارات الأقاليم ومسمياتها القديمة.

ويغلب على الظن أنه تكرر بين الأقاليم ما حدث بين القرى، فنما بعضها نموًا حضاريًّا سلميًّا، أي باستصلاح أراضٍ زراعية جديدة، وبالتوسع في الإنتاج والتبادل، والتوسع في الاتصالات والمحالفات. بينما اتسع بعضها عن طريق القوة وبسط النفوذ على حساب جيرانه المستضعفين. ثم أدى هذا الطريق وذاك إلى نشأة بضعة أقاليم كبيرة قامت في زمنها مقام الممالك الصغيرة.

وحاول كل من العلماء كورت زيته وألكسندر موريه وإدوارد ماير وجيمس هنري برستد وغيرهم إكمال المراحل المحتملة لتطور الحياة الاجتماعية والسياسية في فجر التاريخ، بافتراض تسع مراحل أفضت في نهاية أمرها إلى توحيد مصر في مملكة مستقرة كبيرة (1). واستعانوا في تصوير هذه المراحل بما دلت عليه نقوش الصلايات ومقاطع القتال، وما دلت عليه رموز الأقاليم المصرية وشعاراتها، وما تضمنته القصص والأساطير الدينية والأدبية في مصادر العصور التاريخية، وما تضمنته متون الأهرام من تلميحات عن أحداث بعيدة وعقائد عتيقة وأسماء قومية ودينية، ثم ما جاءت به قوائم الملوك التي سجل كتبة العصور التاريخية فيها تاريخ أوائل حكامهم القدماء بأسلوبهم الخاص، وما دلت عليه الألقاب التقليدية التي توارثها الملوك المصريون في بداية العصور التاريخية. ويمكن أن نرتب من ناحيتنا هذه المراحل المقترحة على النحو التالي:

باشرت أقاليم الوجه البحري نضجها السياسي منذ أن تجمع أغلبها في مملكتين محليتين خلال مرحلة قديمة من مراحل ما قبل الأسرات: مملكة لشرق الدلتا قامت في إقليم عنجة واتخذت عاصمتها في مدينة سميت بنفس اسم إقليمها، قرب سمنود الحالية على فرع دمياط. وجعلت لواءها على هيئة الحربة. وقدست معبودها الأكبر عنجتي الذي صورته متون الأهرام بصورة بشرية وميزته بريشتين فوق رأسه وبمذبة أصبحت تعبر عن الصولجان، وعصا معقوفة الطرف تشبه عصا الرعاة أصبحت بدورها رمزًا للحكم والسلطان(2)، ويحتمل أن هذه المملكة امتدت جنوبًا حتى عين شمس الحالية. ثم مملكة أخرى في غرب الدلتا، اتخذت عاصمتها فيما يعتقد الأستاذ زيته في مدينة قامت على أطلالها مدينة دمنهور الحالية، وقدست ربها الأكبر حور ورمزت إليه بهيئة الصقر ورفعت صورته فوق ألويتها، ويحتمل أنها امتدت جنوبًا حتى أوسيم الحالية(3).

وتمت الخطوة السياسية الثانية فيما يرجح حتى الآن باتحاد مملكتي الدلتا في مملكة واحدة اتخذ حكامها عاصمتهم في مدينة ساو، أو سايس، التي قامت على أطلالها صا الحجر على فرع رشيد في غرب الدلتا. واعتبروا المعبودة نيت حامية لهم، وهي معبودة رمزوا إليها بسهمين متقاطعين حينًا، وقوسين متشابكين حينًا وجعبة سهام حينًا آخر، باعتبارها من رعاة الحرب، كما اتخذوا هيئة النحلة "بيت" شعارًا لدولتهم سواء للتشبه بما تتميز به من نشاط متصل وإنتاج مستحب بصورتها أو بلفظها، وتتوجوا بتاج أحمر.

وقامت خطوة ثالثة في الصعيد لعلها كانت معاصرة للخطوة الثانية في الدلتا، فاجتمع شمل أكبر أقاليم الصعيد تحت زعامة مدينة نوبت في منطقة قنا، واعترف الصعيد بزعامة ربها "ست" الذي رمز أصحابه إليه بصورة حيوان أسطوري (4)، واعتبروها من أرباب السماء والأمطار ووصفوه بأنه يهز الأرض هزًّا ويرسل العواصف وله صريخ في السماء كأنه الرعد (5). وازدهرت حضارة نقادة الأولى في ظل مملكة نوبت الناهضة ودل على عمرانها النسبي ورخائها النسبي كثرة مقابرها التي تدل بالتالي على كثرة أهلها، ورقي أذواق الأدوات التي وجدت فيها. واتصلت أسباب التبادل التجاري بين المملكتين، مملكة الصعيد ومملكة الدلتا، ودل عليها وجود أدوات تجمع بين خصائص حضارتيهما في نقادة. وفي المرحلة الرابعة انتقلت عاصمة الوجه البحري من غرب الدلتا إلى شرقها أي من مدينة ساو إلى مدينة عنجة القديمة التي سميت بعد ذلك باسم جدو، واعترف حكامها بزعامة أوزير "أوزيريس" الذي خلعوا عليه ألقاب عنجتي وبعض صفاته، وقدسوه أكثر منه في مدينته. وترتب على ذاك أن نسبت المدينة إليه في العصور التاريخية وسميت برأوزير، وقامت على أطلالها واحتفظت باسمها بلدة أبو صير بنا الحالية. وحاول من أسلفناهم من الباحثين أن يفسروا خطوة انتقال عاصمة الوجه البحري من غرب الدلتا إلى شرقها فافترضوا قيام نوع من التنافس بين مملكتي الصعيد والدلتا، وأن هذا التنافس تطور إلى نزاع حربي، وأن الحرب انتهت بغلبة الوجه البحري على الصعيد، وأن حكام الدلتا نقلوا عاصمتهم بعد النصر إلى شرق الدلتا تحت زعامة أزير وسلطانه.

والواقع أنه ليس ما يزكي صحة هذه الخطوة الرابعة، غير قرائن نظرية وأسطورية، وهي: ما ذكرته القصة الأوزيرية في عصورها التاريخية من أن أوزير كان أول من ولي عرش مصر من البشر المؤلهين، وتصويره في صوره وتماثيله على هيئة ملك متوج بتاج مزدوج يجمع بين تاج الصعيد وبين الريشتين اللتين ورثهما عن عنجتي رب مدينة عنجة بالوجه البحري، ثم ما أكدته الأساطير ونصوص الدين من الربط بين طائفة من أرباب الدلتا ورباتها بأوزير وقصته، لا سيما رابطة الأخوة والزواج بينه وبين المعبودة إيسة "إيزيس"، وهو ربط يدل على التقارب بين مواطن عبادتهم وبين جدو مدينته في عهد توفر لها فيه من السلطان السياسي ما دفع غيرها إلى التودد إليها والارتباط بها.

وذهب كورت زيته في تصوير ممهدات المرحلة الخامسة إلى أن دولة الوجه البحري لم تكتف بانتصارها على الصعيد وإنما بسطت سلطانها عليه لبعض الوقت. ولكن الصعيد ثار عليها وانسلخ عنها وقلب الآية عليها فانتصر عليها وأضعفها، وتعصب لمعبوده ست أكثر مما كان يتعصب له من قبل. وليس من دليل يؤكد هذه المرحلة الخامسة هي الأخرى غير ما ذكرته القصة الأوزيرية عن نقمة أخيه ست "رب نوبت" عليه وعمله على إقصائه عن ولاية البلاد والعباد، وقتله إياه.

وفي المرحلة السادسة سعت مملكة الشمال إلى توحيد مصر تحت لوائها مرة أخرى، ونجحت في مساعها، ولكن حكامها لم يتخذوا عاصمتهم هذه المرة في شرق الدلتا أو في غربها، وإنما اتخذوها في مدينة تتوسط بين نهاية الدلتا وبين نهاية الصعيد، وهي مدينة أونو "عين شمس وما يمتد منها إلى المطرية"، وظلوا أوفياء فيها لأوزير ربهم القديم، إلى جانب اعترافهم بربها المحلي أتوم ثم برب آخر أصبح أكثر شهرة منهما وهو رع رب الشمس.

ونسب إلى فلاسفة هذه المدينة الخروج بأقدم مذهب ديني لتفسير نشأة الوجود. وقد مر هذا المذهب بتطورات فكرية كثيرة، وبدا بصورة مادية ثم مال إلى المعنويات شيئًا فشيئًا، ولم يسجله المصريون كتابة إلى بعد تأليفه بقرون طويلة، وفي إحدى صوره رد أصحابه عناصر الكون وأسباب عمرانه إلى تسعة أرباب. وتخيلوا في بداية الأمر محيطًا مائيًّا أوليًّا لا حس فيه ولا حياة، وأطلقوا عليه اسم نون. ومن هذا المحيط ظهر الإله أتوم الذي أوجد نفسه بنفسه وعاش فريدًا أمدًا بعيدًا حتى ذرأ من نفسه عنصرين ذكرًا وأنثى، وهما شو روح الهواء والفضاء والنور، وتفنوت روح الرطوبة والندى. وتولد عن اجتماع هذين العنصرين القدسيين، ذكر وأنثى آخران، وهما: جب رب الأرض ونوت ربة السماء، وظل هذان متصلين حتى أذن ربهما بانفصالهما، فرفع شو السماء بربتها إلى أعلى عليين وملأ ما بينها وبين الأرض وربها بنوره وأنفاسه، ولكن بعد أن تولد عن روحي الأرض والسماء في فترة اتصالهما أربعة أبناء، ذكران وأنثيان: أوزيروست، وإيسة ونبت حت "أو على حد التعبير الشائع أوزيريس وست، وإيزيس ونفتيس". وأصبح هؤلاء الأربعة يمثلون الرعيل الأول الذي جمع بين الألوهية وبين البشرية وبدأ به عمران الكون، كما تم بهم كيان تاسوع عين شمس الأكبر.

ولم يجد أغلب المؤرخين بأسًا في أن يقربوا بين عهد هذه الوحدة الجديدة، وبين عهد نقادة الثاني الذي نشأت حضارته في الوجه البحري ثم زحف أصحابها بها إلى الصعيد وصبغوا حضارته بصبغتها وتطوروا بها في رحابه. ولكن يبدو أن أمور دولة عين شمس لم تسر هينة دائمًا، ولم تسلم من منازعات قامت في مدينة عين شمس نفسها. وروت الأساطير عن هذه المنازعات بأسلوبها الخاص، فزعمت أن قتالًا دار بين الإله رع وبين أحد أعدائه قرب شجرة مقدسة فيها، وأن عدوه تنكر له في هيئة أفعوان فاتك، فتنكر له هو الآخر على هيئة قط نافر وفتك به. ويحتمل من هذا التصوير الرمزي أن أتباع الشمس كانت لهم موقعة فاصلة مع أعدائهم قرب شجرة مقدسة، فلما كتب النصر لهم وقتل زعيم أعدائهم تحت الشجرة، ردوا ذلك إلى تأييد ربهم واشتراكه معهم على صورة خفية لا تمت إلى صورة البشر في قليل أو كثير(6). وصورت الأساطير وجوه نزاع أخرى حدثت بين أرباب عين شمس وبين أرباب منطقة الأشمويين في مصر الوسطى(7)، وكان لا بد لأمثال هذه المنازعات أن تؤدي إلى نهاية، وقد أدت إلى غير ما أراده حكام الدولة المتحدة، فتفتتت وحدتهم وزال ملكهم.

ويفهم من متون الأهرام أن ضياع نفوذ زعماء الوجه البحري لم يكن بغير رد فعل في الدلتا، وترتب عليه أن اتحد حلفاء أوزير القدامى، أتباع الأرباب المتصلين به، وابتغوا القصاص لمقتله وتمزيقه على حد قول الأساطير، وبمعنى آخر ابتغوا القصاص لضياع نفوذهم القديم وتمزيق وحدة دولتهم. فجعلوا زعامتهم الدينية والرمزية للمعبود حور "حورس" الذي قامت عبادته قرب مدينة دسوق، وأعلنوه ولدًا روحيًّا لأوزير من زوجته إيسة، وأطلقوا عليه لقب المدافع عن أبيه أو المنتقم لأبيه. وبدءوا جهودهم لتنفيذ رغبة القصاص وتوحيد البلاد تحت زعامتهم، وطالت المواقع بينهم وبين أتباع ست رب الصعيد، وظل النصر دولة بين هؤلاء وهؤلاء، ويبدو أن كلًّا منهما أضر بالآخر ضررًا بليغًا(8). ولكن لم ينته النزاع بينهما إلى نتيجة حاسمة، وهنا تدخل بينهما زعماء الأشمونيين أتباع المعبود تحوتى، وكانوا قد اتخذوا موقفًا مائعًا في النزاع، فتوسطوا ونجحوا في عقد هدنة بينهما. وشجعت الهدنة أنصار حور على عرض الأمر كله على حكماء البلاد، أو أرباب البلاد كما روت الأساطير، فبرأ الأرباب الحكماء أوزير من تهمة العدوان، وتشجع أنصار ولده حور بهذا الحكم فعاودوا العمل على نشر نفوذهم. بيد أنهم اكتفوا في هذه المرة بنشر نفوذهم الديني ونجحوا إلى حد ما في مسعاهم فأصبحت هيئة الصقر رمز ربهم علمًا على أرباب مدن كثيرة في الدلتا وفي الصعيد أيضًا(9)، ولكن هذا لم ينفعهم سياسيًّا، وظل زعماء الصعيد يصرون على استقلالهم فيه.

وعادت مصر بهذا الوضع مملكتين: مملكة في الشمال استقر حكامها في مدينة "به" التي قامت على أنقاضها قرية إبطو أوتل الفراعين قرب دسوق، واحتفظ ملوكها بميراث مملكة غرب الدلتا القديمة التي قامت عاصمتها في مدينة ساو، فتتوجوا بتاجها الأحمر وانتسبوا إلى رمزها المصور على هيئة النحلة، وتلقب كل منهم بلقب "بيتي"، وذلك إلى جانب اعتبارهم ورثة حور "حورس" على الأرض (10). أما مملكتهم نفسها فاتخذت نبات البردي شعارًا لها. وجاورت مدينة به ضاحية دينية تسمى "دب" عبد أصحابها معبودة أطلقوا عليها اسم واجة ورمزوا إليها بهيئة الحية، فانتسب الملوك إليها واعتبروها حاميتهم واعتادوا على وضع رمزها على جباههم تبركًا به والتماسًا لحمايته.

ثم مملكة الصعيد وقد استقر زعماؤها في "نخن" وهي مدينة قامت على أطلالها قرية الكوم الأحمر الحالية شمالي إدفو، ويحتمل أنهم استمسكوا بها باعتبارها مسقط رأس كبارهم، واحتفظوا بزعامتها الدينية للمعبود حور الصعيدي ورمزوا إليه بالصقر أيضًا. وكشفت التنقيبات الأثرية في أطلال نخن عن بقايا سور أقامه أصحابه على هيئة بيضيَّة أو شبه مستديرة داخل المدينة ودعموه بأحجار غفل غير منتظمة من الدبش، وذهب الرأي حتى الآن إلى أنه كان يحيط بتل صناعي من الرمال شيد أهل المدينة فوقه معبد ربهم حور (11). وتتوج ملوك هذه المملكة بتاج أبيض طويل، واتخذوا نباتًا يسمى "سوت" رمزًا لهم، قد يكون من البوص أو الأسل أو الخيزران ربما للرمز إلى صلابتهم مثله، وانتسبوا إليه فأصبحوا يلقبون بين قومهم بلقب "سوتي" أو "نيسو" (12). أما مملكتهم نفسها فاتخذت زهور اللوتس أو الإبريس أو الزنبق شعارًا لها. وجاورت العاصمة نخن ضاحية دينية سميت نخاب قامت على أطلالها واحتفظت باسمها بلدة الكاب الحالية، وعبد أصحابها ربة نسبوها على بلدتهم فسموها نخابة ورمزوا إليها بأنثى العقاب، فاعتبره الملوك راعيتهم وحاميتهم.

ومن هذه المملكة الصعيدية خرج أوائل دعاة الوحدة التاريخية الذين سنذكر منهم كلًّا من الملكين العقرب "ص73"؛ ونعرمر "ص74 - 76"، وإن كان يبدو أن عاصمتها كانت قد انتقلت حينذاك من نخن في أقصى الصعيد إلى ثني في أواسطه.

____________

(1)See Especially, K. Sethe, Beltraege Zur Altesten Geschichte, Untersuchungen, Iii, Leipzig, 1905; Nachichten Der Kgl. Gesell. Der Wis., G? Ttingtn, 1922, 197-252; Urgeschicht and Alieste Religion Der Aegypter, Leipzig, 1930; Ed. Mayer. Geschichte Des Alterumer; A. Moret, Des Cans Aux Empires. Paris, 1923; Le Nil Et Al Civilisation Egyptienne, Paris, 1926; J. H. Braested, Bifao, Xxx, 709 F.

(2) A. Moret, Le Nil …... 91.

(3) See, R. Weill, Recherches …., 321.

(4)  Zaes, Xlvi 90, L, 84; Lxi, 18; P.S.B.A., Xxviii, 123; Sethe, Op. Cit., 86 F.; Ayrton, Mahasna, Pls. Xii, 2, Xvii, 2; Vandien, Religion, 27.

وعن زعامته للصعيد وعلو مكانته وعن انتشار عبادته في أربع مدن أو خمس بالصعيد والواحات فضلًا عن نوبت:

See Pyr. 203 B, 204, 270b; Gurdiner, Onomastica, Ii, 31, 110-111, 116.

(5) Pyr. 581, 1855, 208, 115c; Pap. Sall. IV, 13, 5; Book of the Dead, Xxxix, 14-15; Rhind Math. Pap. No. 87 B.

(6) راجع بعد العزيز صالح: التاريخ في مصر القديمة "مفهوم - عناصره - وبواعث القومية فيه" - القاهرة 1957 - ص8 - 10، "قصة الدين في مصر القديمة" - المجلة العدد 23 - نوفمبر 1958 - ص51.

(7) See, Grapow, Religiose Urkunden, 1951. 6f. Plyte and Rossi, Pap. Turin 118, 11; H. Kess, Zaes, Lxxviii. 41 F.; Anthes, Felsinschiften, 23, 7; 24, 10 F.

وانظر عن احتمال فتنة أخرى في قفط:  Massoulard, Pretohistoire Et Protohistoire D'egype, Paris, 1949, 434.

(8) Pyr. 1463, 141 D.

(9) مثل نخن وإدفو وأرمنت وقوص وقفط وقاو الكبير وبني حسن والعطاولة ... "انظر حضارة مصر القديمة وآثارها - جـ1 - ص207 - 208".

(10)  Pyr. 724; Zaes, Xxx, 113.

(11) J. E. Quibell - F. W. Gteen; Hierakonpolis, Ii, 3 F; Sethe, Op. Cit.; Urgeschichte, 188.

(12) Zaes, Xlix, 15, 18; Rec. Trav., XXXVIII, 69; Asae, Li, 308 F.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).