أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2016
1346
التاريخ: 2024-05-25
705
التاريخ: 30-3-2022
2172
التاريخ: 20-8-2022
1742
|
لا يتم الشفاء من الكبر إلا باستئصال اصله من سنخه و قلع شجرته من مغرسه في القلب و ذلك بان يعرف ربه و أنه لا تليق العظمة و الكبرياء إلا به ، و أن يعرف نفسه حقّ المعرفة ليعلم أنّه بذاته أذل من كل ذليل و أقل من كل قليل ، و لا يليق به إلا التواضع و الذّل و المهانة و تكفيه آية واحدة من كتاب اللّه عزّ و جلّ ان فتحت بصيرته ، قال اللّه تعالى : {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ } [عبس : 17 - 22] , نعم لو أكمله و فوض إليه الأمر و أدام له الوجود باختياره لجاز أن يطغى و ينسى المبدء و المنتهى ، و لكنه سلط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة و الأسقام العظيمة و الآفات المختلفة و الطبايع المتضادة ، من المرة و البلغم و الرّيح و الدّم ليهدم البعض من اجزائه البعض شاء أم أبى ، رضى أم سخط.
فيجوع كرها و يعطش كرها و يمرض كرها و يموت كرها ، لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا خيرا و لا شرّا يريد أن يعلم الشيء فيجهله ، و يريد أن يذكر الشيء فينساه و يريد أن ينسى الشيء فيغفل عنه فلا يغفل و يريد أن ينصرف قلبه إلى ما يهمه فيحول في أودية الوسواس و الأفكار بالاضطرار ، فلا يملك قلبه قلبه و لا نفسه نفسه يشتهي الشيء و ربما يكون هلاكه فيه ، و يكره الشيء و يكون حياته فيه ، يستلذ الأطعمة فتهلكه و ترديه ، و يستبشع الأدوية و هي تنفعه و تحييه ، و لا يأمن في لحظة من ليله و نهاره أن يسلب سمعه و بصره و علمه و قدرته و تفلج أعضائه و يختلس عقله و يختطف روحه و يسلب جميع ما يهواه في دنياه ، و هو مضطر ذليل إن ترك ، و إن اختطف فهو عبد مملوك لا يقدر على شيء من نفسه و لا من غيره ، فأي شيء أذل منه لو عرف نفسه و أنى يليق الكبر به لو لا جهله ، فهذا وسط أحواله فليتأمل.
وأما آخره و مورده فهو الموت المشار إليه بقوله : { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس : 21] فيصير جيفة منتنة قذرة ، ثمّ تبلى أعضاؤه و صورته ، و تفتت أجزاؤه و تنخر عظامه فتصير رميما رفاتا ثمّ يصير روثا في أجواف الدّيدان ، يهرب منه الحيوان و يستقذره كل إنسان و أحسن أحواله أن يعود إلى ما كان ، فيصير ترابا يعمل منه الكيزان و يعمر به البنيان ، فما أحسنه لو ترك ترابا بل يحيى بعد طول البلى ليقاسي شدائد البلاء ، فيخرج من قبره بعد جمع أجزائه المتفرقة ، و يخرج إلى أهوال القيامة فينظر إلى قيامة قائمة ، و سماء ممزّقة مشققة ، و أرض مبدلة ، و جبال مسيرة ، و نجوم منكدرة ، و شمس منكسفة ، و أحوال مظلمة و ملائكة غلاظ شداد وجحيم تزفر، و جنة ينظر إليها المجرم فيتحسّر ، و يرى صحايف منشورة كتب فيها ما نطق به و عمل من قليل و كثير و نقير و قطمير ، و هو معنى قوله عزّ و جلّ : {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس : 22] , فما لمن هذا حاله و التكبر ، بل ما له و للفرح في لحظة فضلا عن البطر و التجبر.
و أمّا العلاج العملي فهو التواضع بالفعل للّه تعالى ، و لسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين.
فقد ورد أن رسول اللّه (صلىى الله عليه واله): «كان يأكل على الأرض و يقول : إنما أنا عبد اكل كما يأكل العبد»(1).
و قيل لسلمان : لم لا تلبس جيّدا؟ , فقال : إنما أنا عبد فاذا اعتقت يوما لبست أشار به إلى العتق في الاخرة ، و للمتواضع امتحانات يعرف لها تواضعه فلا بد أن يمتحن نفسه بها حتى يطمئن بأنه متواضع ، فانه قد يضمر التّواضع و يدعي البراءة من الكبر فاذا وقعت الواقعة عادت النّفس إلى طبعها ، و نسيت وعدها ، ثم المحمود أن يتواضع في غير مذلة و من غير تخاسر ، فان كلا طرفي الامور ذميم ، و أحبّ الامور إلى اللّه أوسطها ، و هو أن يعطى كلّ ذي حقّ حقّه و هو العدل.
______________
1- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 336.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|