أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2014
1873
التاريخ: 8-10-2014
1860
التاريخ: 22-04-2015
1635
التاريخ: 23-11-2014
3244
|
إن العلم الذي يعلو عليه ويرجع اليه ، وهو المحور الذي يدور كل من بعده حوله ، إمام من ائمة الشريعة ، ومفكر من مفكري الإسلام ، يعد من أبرز من أنتجتهم هذه الأمة ، ذلك هو الإمام أبو إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المتوفي عام (790هـ) ، من علماء الأندلس ، وما أكثر ما جادت به الأندلس من أعلام وأئمة ومفكرين .
إن من أعظم ما أنتجه الفكر الإسلامي كتاب الموافقات للشاطبي ، ولقد عرض الإمام الشاطبي في هذا الكتاب ، لهذه القضية ونعني بها تفسير القرآن الكريم بما جد من علوم ، ويعقد مسألة خاصة بهذه القضية ، تذكر لكم خلاصة مفيدة إن شاء الله لما قاله ذلكم الإمام العظيم .
أولا : يقول الإمام الشاطبي : إن الأمة التي أرسل فيها النبي (صلى الله عليه واله) أمة أمية ، وهذا ما أرشد إليه القرآن الكريم ، قال تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة : 2] بل إن الله وصف نبيه (صلى الله عليه واله) فقال : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ } [الأعراف : 157] وقال : {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف : 158] ويقول النبي (صلى الله عليه واله) (نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا) (1) .
وإذا كانت الامة أمية ، فغن الشريعة التي نزلت فيها أمية كذلك .
ثانيا : إن العرب الأميين الذين نزل فيهم القرآن الكريم ، وتحداهم الله أن يأتوا بمثله كان لهم معرفة ببعض العلوم كعلم النجوم ، قال تعالى : {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل : 16] وقال : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام : 97] وكعلم الأنواء وهو ما يتصل بالرياح ونزول المطر ، وبعض مسائل الطب الناشئة عن تجربة وقضايا الأخلاق وما يتصل بها مما نجده في كتاب الله تبارك وتعالى .
ثالثا : لقد وجدت علوم بعد القرآن الكريم على هذه الأمة لم تكن معروفة لدى الصحابة رضوان الله عليهم ، وذلك كعلوم الطبيعيات والفلسفة ، والفلك ، الى غير ما هنالك من علوم ، وحينما تحدى القرآن الكريم العرب أن يأتوا بمثله ، إنما تحداهم بما كان معلوما عندهم ، ولا يجوز أن يكون قد تحداهم بما ليس كذلك ، إذ لو تحداهم بشيء منه لقالوا : كيف تتحدانا بشير لا نعرفه ، ومن هنا فلا تقوم الحجة عليهم ، ويستدل بمثل قول الله {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت : 44] .
رابعا : يرى الإمام الشاطبي بعد هذه المقدمات أنه لا يجوز لاحد أن يفسر آيات القرآن الكريم ، بما لم يكن معروفاً عند الصحابة مما جد فيما بعد يقول :
(إن كثيرا من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحد ، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين : من علوم الطبيعيات ، والتعاليم : والمنطق ، وعلم الحروف ، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشبهاها ، هذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح ، والى هذا فإن السلف الصالح – من الصحابة والتابعين ومن يليهم – كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه ، وما أودع فيه ، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من هذا المدعى ، سوى ما تقدم وما ثبت فيه من أحكام التكاليف ، واحكام الآخرة وما يلي ذلك . ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر ، لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة إلا أن ذلك لم يكن ، فدل على أنه غير موجود عندهم ، لك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء فيما زعموا ، نعم تضمن علوماً هي من جنس علوم العرب ، أو ما ينبني على معهودها مما يتعجب منه أولو الألباب ، ولا تبلغه إدراكات العقول الراجحة دون الاهتداء بأعلامه والاستنارة بنوره ، أما أن فيه ما ليس من ذلك فلا (2) .
ثم يناقش الشاطبي أدلة الفريق المعارض ، الذي يرى جواز تفسير آيات القرآن تفسيرا علمياًَ ، ويرد عليهم فيقول : (وربما استدلوا على دعواهم بقول تعالى : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89] وقوله {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام : 38] ونحو ذلك ، وبفواتح السور – وهي ما لم يعهد عند العرب – وبما نقل عن الناس فيها وربما حكى من ذلك عن علي بن ابي طالب عليه السلام وغيره أشياء .
فأما الآيات فالمراد بها عند المفسرين ما يتعلق بحال التكليف والتعبد ، أو المراد بالكتاب في قوله (ما فرطنا في الكتاب من شيء) اللوح المحفوظ ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع العلوم النقلية والعقلية .
وأما فواتح السور فقد تكلم الناس فيها بما يقتضي أن للعرب بها عهداً ، كعهد الجُمِّل الذي تعرفوه من أهل الكتاب ، حسبما ذكره أصحاب السير ، أو هي من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله تعالى ، وغير ذلك ، وأما تفسيرها بما لا عهد به فلا يكون لوم يدعه أحد ممن تقدم ، فلا دليل فيها على ما ادعوه ، وما ينقل عن علي أو غيره في هذا لا يثبت ، فليس بجائز أن يضاف الى القرآن ما لا يقتضيه ، كما أنه لا يصح أن ينكر من ما يقتضيه ، ويجب الاقتصار – في الاستعانة على فهمه – على كل ما يضاف علمه الى العرب خاصة ، فبه يوصل الى علم ما أودع من الأحكام الشرعية ، فمن طلبه بغير ما هو أداة له ضل عن فهمه وتقل على الله ورسوله فيه ، والله أعلم ، وبه التوفيق (3) .
ذلكم هو الإمام الذي اقترن اسمه بهذه القضية ، فلا نجد أحدا قديما وحديثا يعرض لهذه القضية دون أن يذكر ما يذكر راي هذا الإمام .
_____________________
1- أخرجه البخاري في كتاب الصوم ، باب قول النبي (صلى الله عليه واله) لا نكتب ولا نحتسب رقم الحديث 1841 .
2- الموافقات للشاطبي (2/79) .
3- الموافقات (2/81) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|