أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
4328
التاريخ: 5-11-2014
1949
التاريخ: 5-11-2014
1981
التاريخ: 5-11-2014
1738
|
ذكر جلال الدين السيوطي عن البارزيّ أنّه قال ـ في أَوّل كتابه ( أنوار التحصيل في أسرار التنزيل ) ـ : اعلم أنّ المعنى الواحد قد يُخبَر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض ، وكذلك كلّ واحد من جزءي الجملة قد يُعبّر عنه بأفصح ما يلاءم الجزء الآخر ... ولابدّ من استحضار معاني الجمل ، أو استحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ، ثُمّ استعمال أنسبها وأفصحها ... .
واستحضار هذا متعذّر على البشر في أكثر الأحوال ... وذلك عتيد حاصل في علم الله تعالى ؛ فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه . وإن كان مشتملاً على الفصيح والأفصح ، والمليح والأملح ... .
ولذلك أمثلة :
منها : قوله تعالى : {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن : 54] ، لو قال مكانه : ( وثمر الجنّتين قريب ) لم يقم مقامه من جهة الجناس بين ( الجنى ) و( الجنّتين ) ، ومن جهة أنّ الثمر لا يُشعر بمصيره إلى حال يُجنى فيها ، ومن جهة مؤاخاة الفواصل (1) .
وتتلخّص ميزات الآية في وجوه أربعة :
أولاً : أنّ الثمر لفظ عام ، لا يدل على بلوغه أوان الاقتطاف ، على خلاف لفظ ( الجنى ) الذي هو الثمر الناضج الغضّ الطريّ اليانع ، فكان هذا الأخير أنسب .
ثانياً : المشاكلة والتجانس اللفظي بين ( جنى ) والشطر الأَوّل من ( الجنّتين ) بالجيم والنون .
ثالثاً : كذلك التجانس بين ( دان ) والشطر الأخير من ( الجنّتين ) بالمدّ والنون ، مع مقاربة مخرج الدال والتاء .
رابعاً : مراعاة الفاصلة .
الأمر الذي حصلت به تلك السلاسة والعذوبة في التعبير والأداء ، ولا توجد في العبارة الأُخرى المرادفة لها في المعنى ، كما لا يخفى .
قال : ومنها قوله تعالى : {كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ} [العنكبوت : 48] ، أحسن من التعبير بـ ( تقرأ ) ؛ لثقله بالهمزة .
ومنها : {لَا رَيْبَ فِيهِ } [البقرة : 2] ، أحسن من ( لا شكّ فيه ) ؛ لثقل الإدغام ، ولهذا كثُر ذِكر الريب (2) .
ومنها : {وَلَا تَهِنُوا } [آل عمران : 139] ، أحسن من ( ولا تضعفوا ) ، لخفّته ، و {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مريم : 4] ، أحسن من ( ضعف ) ؛ لأنّ الفتحة أخفّ من الضمّة .
ومنها : {آمَنَ} [البقرة : 13] أخفّ من ( صدّق ) ؛ ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق ، و {آثَرَكَ اللَّهُ} [يوسف : 91] أخفّ من ( فضّلك ) ، و( آتي ) (3) أخفّ من ( أعطى ) ، و {أُنْذِرَ} [يس : 6] أخفّ من ( خوّف ) ، و {خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة : 184] (5) أخفّ من ( أفضل لكم ) .
والمصدر في نحو {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان : 11] و {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } [البقرة : 3] أخفّ من ( مخلوق ) و( الغائب ) ، و {تَنْكِحَ} [البقرة : 230] أخفّ من ( تَتَزوج ) ؛ لأنّ ( تفعل ) ـ مُخفّفاً ـ أخفّ من ( تفعل ) ـ مشدّداً ـ ولهذا كان ذِكر النكاح فيه أكثر .
قال : ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ ( الرحمة ) و( الغضب ) و( الرضا ) و( الحبّ ) و( المقت ) في أوصاف الله تعالى ، مع أنّه لا يوصف بها حقيقة ؛ لأنّه لو غيّر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام .
كأن يقال : يعامله معاملة المحبّ ، والماقت ... فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة ؛ لخفّته واختصاره ، وابتنائه على التشبيه البليغ .
فإنّ قوله تعالى : {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [الزخرف : 55] أحسن من ( فلمّا عاملونا معاملة المغضب ) أو ( فلمّا أتوا إلينا بما يأتيه المغضب ) (3) .
_______________
1- الإتقان : ج4 ص22 .
2- على أنّ الريب إنّما يكون فيما تكون دواعي الشبهة فيه متوفّرة ، أمّا الشكّ فيكفي فيه عدم الاعتقاد ، الأمر الذي صحّ معه نفي الريب عن الكتاب دون الشكّ .
3-الإتقان : ج4 ص23 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|