أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
2819
التاريخ: 20-9-2016
1566
التاريخ: 19-10-2016
1902
التاريخ: 1-12-2016
1753
|
تشريع ايسن:
يبدو أن صدور تشريع إشنونا "وتشريع أور من قبلها" شجع مدنًا عراقية أخرى على تجميع تقاليد عرفها وتنظيمها وتقنينها وتسجيلها. فخرجت ايسن كبرى عواصم الأموريين بتشريع مكتوب في عهد لبت إشتار "أو لبت عشتار" خامس ملوكها في النصف الأول من القرن 19ق. م، أي بعد تشريع إشنونا بنحو نصف قرن(1). وسجل رجاله تشريعهم على نصب حجري كبير لم يعثر عليه بعد، وسجلوا نسخًا أخرى منه على ألواح طينية صغيرة عثر منها حتى الآن على سبع لوحات تفاوتت في مدى اكتمالها وأعداد سطورها(2)، وتضمنت في مجملها ثماني وثلاثين مادة يحتمل أنها ألفت نحو نصف مواد التشريع.
اتخذ لبت إشتار في مقدمة تشريعه لقب ملك سومر وأكد، واعتبر نفسه ولدًا للإله الأكبر إنليل، ووصف نفسه بأنه الراعي الحكيم، ولكنه عقب على ذلك بأنه راعٍ متواضع وأنه مزارع. وأكد رعايته للمدن السومرية العتيقة نيبور وأور وإريدو وأوروك، وافتخر بأن ربه وهبه إمارة البلاد ليحق الحق فيها ويعمل على إسعاد السومريين والأكديين جميعهم، ويقاوم الفساد والقلاقل بقوة السلاح، ثم أكد أنه استوحى تشريعه من الرب أوتو "رب الشمس" والرب إنليل، وأقر كلماتهما المقدسة. وذلك قول فسرناه من قبل بالرغبة في كفالة الشرعية والاحترام والنفاذ للتشريعات. ثم ذكر أنه ابتغى أن يحرر أبناء مدن سومر وأكد وبناتها من الرق الذي فرض عليهم. وليس فيما بقي من تشريع لبت إشتار غير قليل بمكن ربطه بدعوة تحرير الرق التي تعهد بها، ولكنه على قلته يعتبر مفخرة لزمانه، فقد عالج ما أهملته التشريعات السابقة له من حقوق الرقيق وأباح للعبد أن يحرر نفسه إذا دفع لسيده ضعف ما اشتراه به "وذلك بما يشبه نظام المكاتبة في الشريعة الإسلامية". ولكنه فرض على من آوى عبدًا أبقًا في داره شهرًا أن يعوض أصحابه عنه عبدًا آخر أو يدفع عنه خمسة عشر شاقلا من الفضة، وصدر لهذا النص الجزائي شبيه في تشريع أور بالنسبة للجارية.
وشهدت ألواح ايسن باستجابة أصحابها لدعوة ملكهم. ومن أطرف حالات العتق التي صورتها قصة لزوجين أعتقا جارتيهما وحرما على أولادهما أن يسترقوها، وسمحا لها بالبقاء في دارهما حيث هي(3).
وتناولت بنود التشريع الباقية أجور المراكب، وبعض حالات الملكية والمواريث وبعض حالات التعويض. فنصت بنود الملكية على أنه إذا جاورت أرض بور منزلًا عامرًا، وأنذر صاحب المنزل صاحبها بخوفه من أن يعتدي معتدٍ على منزله عن طريقها، ثم سرق منزله فعلًا، وجب على صاحب الأرض أن يعوضه عما سرق منه. ونصت على أنه إذا عجز مالك أو مالكة عن دفع ضرائب أرضه "الحكومية؟ "، وسددها شخص آخر ثلاثة أعوام حق لهذا الأخير أن يستولي عليها دون اعتراض من صاحبها.
ونصت تشريعات الأسرة على أنه إذا أنجب زوج أولادًا من جاريته وحررها، لا يحق لأولادها أن يشاركوا أبناءه من زوجته الشريعة في ميراثهم منه. وعلى العكس من ذلك إذا اتخذ رجل لنفسه حظية ولو "من الميدان العام"، مع عقم زوجته، وجب عليه أن ينفق على حظيته وأن يورث أولادها منه، ولكن ليس له أن يسكنها في داره ما دامت حليلته على قيد الحياة "وفي ذلك بعض التقدير لكرامة الزوجة الشرعية ومراعاة مشاعرها كعاقر محرومة". فإذا هجر رجل زوجته وبنى بغيرها، وجب عليه ان يستمر في الإنفاق عليها مادامت باقية في داره.
وتعدت التشريعات تعويضات الإضرار بالبشر إلى تعويضات أصحاب حيوانات الإيجار عن الأضرار التي تصيب حيواناتهم، فمن استأجر ثورًا وقطع أنفه "من حيث يوضع المقود" دفع ثلث ثمنه، فإذا فقأ عينه دفع نصف ثمنه، وإذا كسر قرنه أو قطع ذيله دفع ربع ثمنه.
ويحتمل من بعض الوثائق القضائية أن المحاكم كانت تأخذ بما يشبه نظام المحلفين، فقد تحدثت إحدى هذه الوثائق عن ثلاثة رجال: حلاق وبستاني وشخص ثالث لم تذكر مهنته، قتلوا أحد موظفي المعابد، وبلغ من فجورهم أن أخبروا زوجة القتيل بجريمتهم، ولكنها لسبب ما لم تبلغ الأمر إلى السلطات المسئولة، وعندما ترامى خبر الجريمة إلى أسماع الملك أور نينورتا ملك ايسن أحال القضية إلى مجمع المواطنين في مدينة نيبور. وفي المحكمة طالب تسعة بإعدام القتلة والمرأة أيضًا، وكان منهم صياد طيور وفخراني وحاجب وبستاني ... ، ولكن وقف اثنان آخران، موظف بمعبد وبستاني، وتساءلا عن جريمة المرأة، وقالا إنها لم تشترك في القتل، ويحتمل أنهما بررا سكوتها بأن زوجها لم يكن يقوم بإعالتها. ويبدو أن المحكمة أخذت بهذا الرأي واكتفت بإعدام القتلة(4). وهذا إن صح يعني أنه لم يكن من بأس في الأخذ برأي القلة ما دام صائبًا، ولم يكن من بأس في الاستنارة برأي العقلاء من العامة في شئون القضاء، وكل من المبدأين مقبول، وكان ثانيهما معمولًا به في أقاليم مصر القديمة.
وروت التقاويم العراقية قصة طريفة عن تاسع ملوك ايسن "إرا إميتي"، فذكرت أنه اختار بستانيًّا يُدعى "بعل ابني" واعتبره بديلًا له واطمأن إليه فرفعه على العرش وألبسه تاجه، ولكن حدث أن زهقت روح الملك فجأة وهو يزدود ثريدًا ساخنًا، فاستغل البستاني الموقف لصالحه واستمسك بالعرش وحكم البلاد حكمًا فعليًّا. ويحتمل حدوث واقعة موت الملك خلال قيامه بشعيرة دينية بمناسبة خسوف القمر الذي يعتبر خسوفه نذير شؤم للحكام(5).
__________
(1) وسبق تشريع حمورابي بنحو قرن ونصف قرن.
(2) عثر على ست لوحات في نيبور، نقلت منها إلى متحف الجامعة بلندن، ويحتفظ متحف اللوفر باللوحة السابعة ولكن مصدرها غير معروف.
See, Francis Steele, "The Code Of Libit Ishtar", American Journal Of Archaeoloy, Lii "1948", 425 F., Szlechter, Ra, 1957, 57 F.; 177 F.; 1958, 74 F.; S.N. Kramer, Anet 159 F.
(3) Revue D'assyriologie Et D'archeologie Orientale, Xiv.
ديلابورت: بلاد ما بين النهرين - ص81.
وانظر كرامر: المرجع السابق - ص123 - 127.
(4) Edward Chiera, Old Babylonian Contracts, No. 173 But See, T. Jacobeen, Anakcta Biblica, Xii "1959" 133 F.; J.J. Finkelstein, Anet, 1969, 542.
(5) E. Ebbeling, Op. Cit., 336; and See. A. Ungand, Orientalia "N.S.", Xii "1943", 194 F.; R. Labat, Le Caractere Religieux De La Royaute Assyrobabylonienne, Paris, 1939, 104 F.; Frankfort, Kingship And The Gods, Chicago, 1947, 263 F.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|