أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2016
464
التاريخ: 13-9-2016
376
التاريخ: 13-9-2016
525
التاريخ: 13-9-2016
1340
|
تطلق القدرة العقليّة والقدرة الشرعيّة على أكثر من معنى :
المعنى الأوّل : وبيانه منوط بتقديم مقدّمة : وهي انّه لا ريب في إدراك العقل لقبح الإدانة والمؤاخذة على ترك التكليف غير المقدور تكوينا ، كما لا ريب في استحالة جعل التكليف واعتباره بداعي البعث والتحريك نحو المكلّف به إذا كان متعلّق التكليف غير مقدور للمكلّف.
وأمّا مبادئ التكليف ـ والتي هي المصلحة والمفسدة والمحبوبيّة والمبغوضيّة ـ فوجودها غير منوط بالقدرة إذ من الممكن جدا أن يكون الفعل واجدا للمصلحة أو المفسدة ومع ذلك لا يكون مقدورا ، كما انّه من الممكن أن يكون الفعل محبوبا أو مبغوضا للمولى رغم عدم قدرة المكلّف على تحصيله أو تركه كما انّه من الممكن أن لا يكون الفعل ذا مصلحة أو مفسدة ما لم يكن مقدورا.
بمعنى انّ القدرة واقعا شرط في توفّر الفعل على المصلحة أو المفسدة وهكذا الكلام في المحبوبيّة والمبغوضيّة ، فقد تكون محبوبيّة الفعل للمولى منوطة بقدرة المكلّف على تحصيل الفعل ، فإذا ما كان الفعل غير مقدور للمكلّف فإنّه لا يكون محبوبا للمولى.
ويمكن التمثيل للفرض الأوّل بالصلاة وقتل النفس المحترمة ، فإنّ مصلحة الصلاة ومحبوبيّتها وكذلك مفسدة قتل النفس المحترمة ومبغوضيّته غير منوط بالقدرة على فعل الأوّل وترك الثاني، فسواء كان المكلّف قادرا على فعل الأوّل وترك الثاني أو لم يكن قادرا على ذلك فإنّ الصلاة تظلّ محتفظة بالمصلحة والمحبوبيّة ويبقى قتل النفس المحترمة على ما هو عليه من مفسدة ومبغوضيّة.
كما يمكن التمثيل للفرض الثاني ـ احتمالا ـ بردّ السلام وأكل الميتة ، فإنّ الأوّل انّما يكون ذا مصلحة ومحبوبا لو كان مقدورا على تحصيله ، أما مع عدم القدرة فلا مقتضى للمصلحة والمحبوبيّة ، وهكذا الكلام في الثاني فإنّه انّما يكون ذا مفسدة ومبغوضا لو كان مقدورا أما مع عدم القدرة على تركه فإنّه لا مقتضي لاشتماله على المفسدة والمبغوضيّة.
وباتّضاح هذه المقدّمة نقول :
أمّا الفرض الأوّل : والذي افترضنا فيه انّ مبادئ التكليف مطلقة من حيث القدرة وعدمها ، بمعنى انّ مبادئ التكليف غير منوطة بالقدرة على متعلّقها بل هي ثابتة حتى في ظرف عدم القدرة ، في هذا الفرض يكون اشتراط التكليف بالقدرة عقليا ، ويعبّر عن القدرة التي يكون التكليف منوطا بها بالقدرة العقليّة.
وذلك لأنّه لا منشأ لاشتراط التكليف بالقدرة حينئذ إلاّ ما يدركه العقل من استحالة التكليف بغير المقدور ، إذ انّنا افترضنا انّ الملاك والإرادة مطلقان وغير منوطين بالقدرة ، فمنشأ اشتراط القدرة لا يكون من جهة عدم المقتضي للتكليف بل المقتضي ـ وهو الملاك والإرادة ـ موجود ، غايته انّ التكليف غير مقدور ، ومن هنا لا منشأ لاشتراط القدرة سوى ما يدركه العقل من استحالة التكليف بغير المقدور.
وأمّا الفرض الثاني : والذي افترضنا فيه انّ مبادئ التكليف لا وجود لها في ظرف عدم القدرة ، فاشتراط التكليف بالقدرة يكون شرعيا ، ويعبّر عن القدرة التي يكون التكليف منوطا بها يعبّر عنها بالقدرة الشرعيّة.
وذلك لأنّ هذا الفرض معناه ـ كما ذكرنا ـ ان لا مقتضي للتكليف في ظرف عدم القدرة ، لا انّ مقتضي التكليف موجود إلاّ انّ المانع عنه هو الاستحالة العقليّة كما في الفرض الأوّل ، ومن هنا اصطلح على هذه القدرة بالقدرة الشرعيّة.
والمتحصّل ممّا ذكرناه انّ المراد من القدرة العقليّة هي القدرة المأخوذة في التكليف الواجد لمبادئه مطلقا ، وأمّا القدرة الشرعيّة فهي القدرة المأخوذة في التكليف الذي تكون مبادئه مختصّة بحال القدرة.
فتميّز القدرة العقليّة عن الشرعيّة يكون بملاحظة التكليف من حيث مبادئه، فإن كانت مبادئه مطلقة فالقدرة المعتبرة في مورده عقليّة وان كانت مبادئه مختصّة بحال القدرة فالقدرة المعتبرة في مورده شرعيّة.
وبتعبير آخر : انّ القدرة التي يكون لها دخل في ترتّب الملاك والإرادة بحيث لا يكون ثمّة ملاك وإرادة للتكليف لو لا وجودها فهذه قدرة شرعيّة ، وذلك يستكشف ـ كما أفاد المحقّق النائيني رحمه الله من أخذ القدرة في الخطاب الشرعي ، وأمّا القدرة التي لا تكون دخيلة في ترتّب الملاك بل انّ الملاك يكون ثابتا حتّى مع عدمها فهذه قدرة شرعيّة.
المعنى الثاني : ويتّضح بهذه المقدّمة وهي انّ كلّ تكليف فهو مشروط بالقدرة التكوينيّة ، وهذا ما يستقل العقل بإدراكه ، فلو اتّفق ان كان التكليف مشروطا أيضا بعدم وجود مانع شرعي ، بمعنى اشتراطه بعدم وجود تكليف آخر مضادّ له فإنّ هذا التكليف يكون مشروطا بالقدرة الشرعيّة ، أمّا لو كان التكليف مطلقا من هذه الجهة ، بمعنى انّه وان كان مشروطا بالقدرة التكوينيّة إلاّ انّه ليس مشروطا بعدم وجود تكليف آخر مضاد له فإنّ هذا التكليف يكون حينئذ مشروطا بالقدرة العقليّة.
ومثال الفرض الأوّل وجوب الوفاء بالشرط فإنّه مشروط بالقدرة التكوينيّة على الوفاء ومشروط بشرط آخر وهو أن لا يكون الوفاء بالشرط مزاحما بتكليف آخر ، ومن هنا كانت القدرة المنوط بها وجوب الوفاء بالشرط شرعيّة.
وأمّا مثال الفرض الثاني فهو وجوب الصلاة فإنّه غير منوط بأكثر من القدرة التكوينيّة على متعلّقه وهي الصلاة ، ومن هنا كانت القدرة المنوط وجوب الصلاة بها عقليّة.
وبهذا يتّضح انّ الفرق بين القدرة الشرعيّة والقدرة العقليّة هو انّ القدرة الشرعيّة عبارة عن القدرة التي يستقل العقل بإدراك اناطة التكليف بها مع إضافة قيد عدم وجود مانع شرعي عن التكليف ، فمجموع القيدين يعبّر عنهما بالقدرة الشرعيّة.
وأمّا القدرة العقليّة فهي القدرة التي يستقلّ العقل بإناطة التكليف بها ، وهذه هي القدرة التكوينيّة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|