أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016
830
التاريخ: 9-9-2016
1294
التاريخ: 9-9-2016
299
التاريخ: 9-9-2016
547
|
المراد من استصحاب حال العقل ـ كما هو المستظهر من عبائر صاحب الحدائق رحمه الله ـ هو البراءة الأصلية النافية للحكم الإلزامي « الوجوب والحرمة » ، والتي يعبّر عنها بأصالة النفي وبأصالة براءة الذمة عن التكليف ما لم يقم على ثبوته دليل ، كما سنوضح ذلك في محلّه.
وأما ما هو المستظهر من عبائر الفاضل التوني رحمه الله فهو انّ استصحاب حال العقل يختلف عن البراءة الأصلية ، وذلك بقرينة اعتبار استصحاب حال العقل قسيما للبراءة الأصلية ، نعم المراد من استصحاب حال العقل هو استصحاب البراءة الأصلية.
وما أفاده الفاضل التوني رحمه الله هو المناسب لكلمات قدماء الاصوليين ـ رغم اضطرابها ـ ، إذ انّ كثيرا منهم يصنّفون الدليل العقلي الى البراءة والاستصحاب ـ ويجعلون استصحاب حال العقل في أقسام الاستصحاب ـ وقد يضيفون اليها الملازمات العقلية وكذلك غيرها.
وصاحب الحدائق رحمه الله وان كان قد ذكر هذا التصنيف وأفرد للاستصحاب عنوانا مستقلا عن البراءة الأصلية في المقدمة الثالثة إلاّ انّه بعد ان ذكر أقسام الاستصحاب ذكر انّ القسم الاول منها هو « استصحاب نفي الحكم الشرعي وبراءة الذمة منه الى ان يظهر دليله » ثم قال: « وهو المعبّر عنه بالبراءة الأصلية الذي تقدم الكلام عليها بمعنييها ».
وكيف كان فالمراد من حال العقل هو الحالة التي عليها العقل من إدراك براءة ذمة المكلّف عن كلّ تكليف إلزامي لم يقم دليل على ثبوته ، وبهذا يكون المراد من استحباب حال العقل هو استصحاب المدرك العقلي.
والظاهر انّ الاستصحاب هنا يعني الرجوع الى الحكم العقلي القاضي ببراءة الذمة عن التكليف الإلزامي غير المعلوم ، وليس المراد منه الاستصحاب الاصطلاحي المقتضي للبناء على الحالة المتيقنة في ظرف الشك ، نعم فسّر الفاضل التوني « الحال » بالحالة السابقة ، وهذا يعبّر بدوا عن انّ المراد من استصحاب حال العقل هو الاستصحاب الاصطلاحي إلاّ انّ الظاهر عدم إرادته لذلك بقرينة تفسيره للحالة السابقة بعدم اشتغال الذمة في الزمن السابق ، وواضح انّ عدم اشتغال الذمة انّما ثبت بواسطة حكم العقل ببراءة الذمة عن كلّ تكليف لم يقم على ثبوته دليل ، وهذا الافتراض وهو عدم قيام الدليل يظلّ منقّحا لموضوع الحكم العقلي بالبراءة مطلقا ، فليس ثمة حالة يمكن افتراضها مجرى لاستصحاب حال العقل ولا يكون موضوع الحكم العقلي بالبراءة متحرّرا فأين اليقين السابق والشك اللاحق ، فلو افترض انّ المكلّف قد عثر على دليل الحكم فلا مجال لاستصحاب حال العقل كما لا مجال لإجراء القاعدة العقلية ، ففي كلّ مورد يجري فيه استصحاب حال العقل تجري فيه القاعدة وكذلك العكس.
وبهذا يتّضح انّ المراد من استصحاب حال العقل هو الرجوع الى القاعدة العقلية القاضية بالبراءة عن كلّ تكليف غير معلوم ، والذي يؤكد ما ذكرناه انّهم استدلوا على حجية هذا الاستصحاب بمدرك القاعدة القاضية ببراءة الذمة عن كلّ تكليف لم يقم عليه دليل.
وأما وجه تفسير الفاضل التوني « للحال » بالحالة السابقة فلعلّه لأجل انّ الشك في كلّ مورد بخصوصه يكون متأخرا عن تحرّر القاعدة العقلية فيكون نفي الحكم الإلزامي عن ذلك المورد بواسطة الرجوع الى القاعدة العقلية ، وهذا هو المبرّر للتعبير عن الرجوع بالاستصحاب ، لأنه عبارة عن إجراء القاعدة المتيقنة على مورد الشك ، فهو أشبه بتطبيق الكبرى على احدى صغرياتها فينتفي الشك عن المورد بواسطة التطبيق والإرجاع.
نعم المستظهر من عبائره انّ ثمة حالة سابقة متيقنة وحالة لاحقة مشكوكة ، وهذا معناه انّ المراد من الاستصحاب هو الاستصحاب الاصطلاحي ، إلاّ انّه مع ذلك يمكن توجيهه بما يناسب ما ذكرناه من انّ استصحاب حال العقل معناه الرجوع الى البراءة الأصلية.
وهو انّ المكلّف قد يتمسك بالبراءة الأصلية المدركة بالعقل ابتداء لعدم عثوره على دليل أصلا ، إلاّ انّه بعد ذلك يعثر على رواية ضعيفة السند أو مضطربة الدلالة فيحتمل انّ ذلك موجبا لاشتغال ذمته بمفادها أو بما يتراءى منها ، وهنا يستصحب البراءة الأصلية المدركة بالعقل والثابتة قبل العثور على هذه الرواية ، وواضح انّ هذا ليس من الاستصحاب الاصطلاحي ، لأنّ العثور على الرواية الضعيفة لا ينفي موضوع القاعدة العقلية ـ القاضية بالبراءة الأصلية ـ والذي هو عدم العثور على دليل ، فالحالة التي هو عليها قبل العثور هي الحالة التي هو عليها بعد العثور على الرواية ، فليس ثمة يقين سابق وشك لاحق.
نعم المناسب في المقام هو التعبير باستصحاب البراءة المدركة بالعقل ، وذلك لتجدّد شيء لم يكن موجودا والذي هو العثور على الرواية.
وهناك صورة اخرى تناسب عبائر الفاضل التوني رحمه الله ولا تنافي ما ذكرناه ، وهي ما لو لم يقم دليل على وجوب النفقة على الأخ ، وكان حال المكلّف عند ذلك هو الفقر ، ثم أصبح المكلّف مليا فاحتمل انّ طروء هذه الحالة موجب لاشتغال ذمته بوجوب النفقة على أخيه.
فهنا يستصحب البراءة الأصلية والتي هي استصحاب حال العقل ، وواضح انّ هذا الاستصحاب ليس أكثر من إجراء البراءة الأصلية ، غايته انّ المناسب هنا هو التعبير باستصحاب حال العقل، وذلك لأنه رجوع الى ما يقتضيه حكم العقل بعد ان لم يكن مبرّر لهذه المئونة الزائدة في حالته الاولى.
وكيف كان فلو كان في هذا التوجيه وسابقه شيء من التكلّف فهو ناشئ عن اضطراب عبائر الفاضل التوني رحمه الله وعدم تعقل إرادة ظهورها الاولي.
وبهذا يتضح تمامية ما أفاده صاحب الحدائق رحمه الله من انّ استصحاب حال العقل هو عينه البراءة الأصلية النافية للتكليف الإلزامي بمقتضى حكم العقل بعدم اشتغال ذمة المكلّف بتكليف لم يقم على ثبوته دليل.
ومن هنا عدّ قدماء الاصوليين هذا النحو من الاستصحاب من الأدلة العقلية ، إذ انّ مستنده عندهم ـ كما أفاد ذلك الفاضل التوني وغيره ـ هو ما يدركه العقل من قبح التكليف بما لا يطاق ، ويمكن تقريب ذلك بأحد وجهين :
الأول : انّ المفترض هو انّ المكلّف بذل الوسع في البحث عن التكليف ولم يتمكن من الوصول اليه ، وهذا معناه انّ الوصول للتكليف خارج عن طاقة المكلّف ، فمطالبته بالتكليف حينئذ تكليف بما لا يطاق.
الثاني : انّ الجاهل بالتكليف يستحيل منه الانبعاث عن التكليف وحينئذ يكون تكليفه بما لا يتمكن من الانبعاث عنه تكليف بما لا يطاق.
وبتقريب آخر ذكره الشيخ الأنصاري رحمه الله انّ امتثال التكليف لا يكون إلاّ بقصد امتثاله ، ومع جهل المكلّف به لا يكون قصد الامتثال منه ممكنا ، وحينئذ يكون تكليفه بما لا يتمكن من امتثاله ـ لعدم القدرة على قصد امتثاله ـ تكليفا بما لا يطاق.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|