أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-8-2016
1430
التاريخ: 9-8-2016
1592
التاريخ: 29-8-2016
1932
التاريخ: 31-8-2016
1793
|
في حقيقة الدلالة وأقسامها فنقول أولا: ان حقيقة الدلالة عبارة عن إراءة شيء لشيء من جهة ارتباط خاص بينهما ناشئة عن الجعل تارة وقائمة بذاتها اخرى. وذلك ايضا تارة على وجه لا يكون الواسطة في ثبوتها إلا نفس ذاتها بلا دخل لشيء آخر فيه، واخرى على وجه يكون بجهة خارجة من ذاتها من مثل الطبيعة أو شدة الانس بينهما لكثرة استعمال أو غيره. ثم الطريق لاستكشاف هذا الربط تارة هو العقل واخرى غيره من سائر القوى الوجدانية. وعلى أي حال مثل هذه الطرق خارجة عن مقتضياتها وانما هي منشأ لفعليتها بحيث لولاها لا إراءة له فعلا. والا فهي بمقتضاها متحققة واقعا. بل ولئن دققت النظر ترى ان الجهل بها مانع عن فعليتها وان شأن العلم رفع هذا المانع لا انه بنفسه دخيل في العلة، كما يشهد الوجدان بأن في صورة الالتفات إلى مقتضيات الدلالة بتوسيط القوة العاقلة أو سائر القوى يرى تمام التأثير مستندا إليها بلا التفات إلى [عمله] وانما نظره إليه نظر طريقي محض.
ومن هذا البيان ظهر ان نسبة العقل إلى الدلالة ليس كنسبة الطبع أو الوضع إليها، كيف! و[الأخيران] من وسائط الثبوت، والأول من وسائط الاثبات، فحينئذ ففي تقسيمهم إلى العقلية والوضعية مثلا ليس على نسق واحد، بل الأولى في مقام التقسيم بالنظر إلى مرحلة الاقتضاء ان يقسم إلى الذاتي والجعلي، وبالنسبة إلى مرحلة الفعلية [إلى] العقلية وغيرها من سائر القوى الوجدانية. ثم ان في تقابل العقلية والوضعية جهة اختلال [اخرى] حيث ان الدلالة العقلية ليس الا دلالة تصديقية [توجب] الاذعان بالمدلول بخلاف ما يستند إلى مجرد الوضع لأنه ليس الا دلالة تصورية على وجه ينسبق المعنى من اللفظ إلى ذهن السامع مع الجزم بعدم وجوده خارجا أم في ذهن المتكلم أو في مرحلة ارادة تفهيمه. كيف ; وأشرنا في المقالة السابقة إلى ان الدلالة التصديقية فرع تحقق مقدمات اخرى من مثل كون المتكلم في مقام الافادة والاستفادة على وجه يوجب بمثلها التصديق بمرادية المعنى للمتكلم قطعيا أم ظنيا. وعليه فكم فرق بين سنخ الدلالة الوضعية في الألفاظ أو الطبيعية والعقلية!. بل وبينهما فرق آخر من حيث ان في دلالة اللفظ على المعنى لا يلتفت الانسان إلى اللفظ مستقلا بل تمام الالتفات إلى معناه على وجه كان المعنى بعناية عين اللفظ واللفظ عينه. ولذا ربما [تسري] المقبحات المعنوية إلى اللفظ وكذا العكس، بخلاف سائر الدلالات حيث ان شأن الدال ليس الا صيرورته موجبا للاذعان بغيره مع كمال الالتفات إلى اثنينيتهما.
ومن هنا نقول بان سنخ استعمال الألفاظ ليس من باب سائر العلامات الملتفت إليها مستقلا الموجبة للاذعان بغيرها، ولذا لا تسري جهات قبح العلامة إلى ذيها وعكسه بخلاف باب الاستعمال. ثم انه بعد شرح حقيقة الدلالة وأقسامها من حيث مقتضياتها ثبوتا أم اثباتا يبقى الكلام في تقسيم آخر لها من جهة الاختلاف في المدلول بكونه مطابقة أو تضمنا أو التزاما وذلك لان إراءة الشيء بالنسبة إلى تمام ما هو مرتبط معه مطابقة وعلى جزئه تضمن وعلى خارجه التزام. ولا يخفى أيضا ان لتصوير مثل هذه الأقسام في الدلالة الغير العقلية مجال، نظرا إلى ان العلقة الحاصلة من ناحية الوضع أو كثرة الانس وغيرهما بين الطرفين ربما يختص بخصوص طرفه دون غيره وانما إراءته عن الغير باقتضاء ذات الطرف المدلول معه. واما في الدلالة العقلية فتصوير الالتزام فيه لا يخلو عن اشكال نظرا إلى ان وجه الانتقال إلى الملزوم من الدال بعينه متحقق بالنسبة إلى لازمه ولازم لازمه إذ جميع اللوازم بالنسبة إلى الدال كنسبة واحدة بلا جهة ميز بينها من تلك الجهة كما هو الشأن في الدلالات الالتزامية بالنسبة إلى لازم الشيء ولازم لازمه وهكذا كما لا يخفى. نعم لا بأس بتقسيمها اي المطابقة والتضمن كسائر الدلالات كما لا يخفى. نعم قد يتوهم بأن دلالة الشيء على تمام المعنى عين إراءته لجزئه لأن المركب في الخارج عين أجزائه فلا مجال لجعل قسم ثالث يسمى بالتضمن، ولكن نقول: ان للاجزاء اعتبارات في ظرف الانضمام بغيره: أحدها اعتبارها بشرط لا وهو بهذا الاعتبار غير الكل و[لا تحمل] عليه أيضا. والآخر اعتباره بشرط الانضمام وهو بهذا الاعتبار عين الكل ويحمل عليه بالحمل الذاتي الأولي كحمل كل شيء على نفسه. وثالثة اعتباره لا بشرط وفي هذا الاعتبار مغاير مع الكل ولكن قابل للحمل عليه بالحمل المتعارف. ومن المعلوم ان دلالة الشيء على الجزء متحد مع دلالته على الكل لو لوحظ الجزء بشرط شيء، والا فمع اعتباره لا بشرط أو بشرط لا فدلالة الشيء على الكل قاصرة عن الاراءة [عن] الجزء بهذا الاعتبار إلا بانتقال ثانوي وهو بهذه الإراءة دلالة تضمنية و[خارجة] عن المطابقة كما لا يخفى.
ثم ان الملازمة بين المعنى المطابقي وغيره تارة بينة على وجه يستلزم تصور أحدهما تصور غيره ولا ينفك أحد المدلولين عن الآخر في مقام الانسباق إلى الذهن، واخرى ليس الأمر بهذه المثابة بل يحتاج في الانتقال إلى غيره إلى الالتفات [للملازمة] بينهما تفصيلا، وهذا الالتفات أيضا تارة مستند إلى التأمل في جهات خفية واخرى [حاصل] بأول نظرة وتوجه إليها، وربما تسمى الاولى بالدلالة البينة بالمعنى الأخص و[الأخيرة] بالأعم، و[الوسيطة] بغير [البينة]. ومن سنخ الاول باب المفاهيم وبه يمتاز عن دلالة الآيتين على أقل الحمل أو دلالة [حاتم] على الجود وأمثاله من مفاد الجمل والحال أن جميع المدولات الالتزامية خارجة عن محل النطق فحينئذ ففي تعريفهم المفهوم بمدلول ليس في محل النطق قبال المنطوق لا يكون بإطلاقه تاما. كيف! ويلزم طرد الأخير وعكس الأول بدلالة الايماء من دلالة الآيتين على أقل الحمل إذ ظاهرهم إدخال مثل هذه الدلالة في المنطوقية فراجع الفصول في باب المفاهيم (1) ترى صدق ما حكيناه والله العالم (2)
________________
(1) الفصول الغروية: 145 و146.
(2) يقصد بالأخير (المنطوق) كما يقصد بالأول (المفهوم). وحاصل ايراده حينئذ: ان دلالة الآيتين على أقل الحمل من دلالة المنطوق عندهم بالرغم من أنه يلزم من تعريفهم للمفهوم خروج دلالة الآيتين من المنطوق ودخولها في المفهوم لكون الدلالة على اقل الحمل ليست في محل النطق.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|