تنبيهات الإستصحاب(جريان الإستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف من دليل العقل وعدمه؟) |
806
12:45 مساءاً
التاريخ: 23-8-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
835
التاريخ: 23-8-2016
780
التاريخ: 23-8-2016
1227
التاريخ: 23-8-2016
688
|
فلو كشفنا حرمة المخدّرات مثلا من حكم العقل، أي بقانون الملازمة فهل يصحّ استصحابه فيما إذا شككنا في بقائها في الزمان اللاحق، أو لا؟
ذهب شيخنا الأعظم الأنصاري(رحمه الله) إلى عدمه، من باب أنّ الأحكام العقليّة كلّها مبيّنة مفصّلة من حيث مناط الحكم، فلا يشكّ العقل حينئذ في حكم نفسه، فلابدّ وأن يرجع الشكّ في بقاء المستصحب وعدمه إلى الشكّ في موضوع الحكم، والموضوع لابدّ أن يكون محرزاً معلوم البقاء في الاستصحاب.
وبعبارة اُخرى: أنّ الحكم العقلي موضوعه معلوم تفصيلا للعقل الحاكم به فإن أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني حكم به حكماً قطعيّاً كما حكم أوّلا، وإن أدرك ارتفاعه قطع بارتفاع ذلك الحكم، فلا يعقل تطرّق الاهمال إلى موضوعه.
وعليه فإذا تخلّف قيد من قيود الموضوع وحالة من حالاته فإن كان دخيلا في الموضوع بنظر العقل فالحكم العقلي غير باق قطعاً، وهكذا الحكم الشرعي المستند إليه، وإن لم يكن دخيلا فيه فالحكم العقلي باق كذلك، فإذا حكم العقل مثلا بحرمة السمّ المضرّ، وانتفى الإضرار من السمّ فإن كان الاضرار دخيلا بنظره في الموضوع فلا حرمة يقيناً، وإن لم يكن دخيلا فالحرمة باقية يقيناً، وعليه فلا استصحاب على شيء من التقديرين بلا شبهة، (انتهى ملخّص كلماته في هذا المقام)(1).
ولكن المحقّق الخراساني(رحمه الله) أورد عليه بأنّ تطرّق الإهمال إلى موضوع حكم العقل ممّا يعقل في الجملة، بمعنى أنّه يمكن أن يستقلّ العقل بحكم خاصّ على موضوع مخصوص مع وجود حالة مخصوصة فيه، لكن من غير أن يدرك دخلها في المناط على نحو إذا انتفت الحالة أدرك فقد المناط فيه بل يدرك فقط تحقّق المناط مع وجود الحالة فيستقلّ بالحكم، ولا يدرك تحقّق المناط مع انتفاء الحالة فلا يستقلّ بالحكم ولا بانتفائه، وعليه فلا مانع حينئذ عن استصحاب الحكم الشرعي المستكشف بحكم العقل بعد انتفاء الحالة المخصوصة، وذلك لليقين السابق كما هو المفروض، والشكّ اللاحق نظراً إلى احتمال عدم دخل الحالة في المناط أصلا، ولبقاء الموضوع عرفاً إذا فرض عدم كون الحالة من مقوّمات الموضوع، بل من حالاته المتبادلة.
وبعبارة اُخرى: أنّه لا مانع من عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بقاءً مع وجود الملازمة بينهما حدوثاً، وذلك لأنّه قد يكون الموضوع في الواقع وفي نظر الشارع أوسع من الموضوع في نظر العقل، أو يكون هناك ملاكان مختلفان للحكم زال أحدهما المعلوم عند العقل وبقي الآخر المجهول عنده، والمعلوم عند الشارع العالم بالخفيّات، فيحتمل بقاء الحكم بعد زوال حكم العقل، فيستصحب مع بقاء الموضوع في نظر العرف (انتهى).
أقول: الإنصاف أنّ الحقّ في المسألة مع الشيخ الأعظم(رحمه الله) لأنّه وإن كان ركنا الاستصحاب (وهو اليقين السابق والشكّ اللاحق) موجودين في ما نحن فيه، لكن الكلام في وحدة الموضوع المعتبرة في الاستصحاب، وهى منتفية في المقام، وذلك لأنّ الأحكام المتعلّقة
بالأشياء الخارجية من ناحية الشرع أو العقل لا تتعلّق بها بما هي هي، أي بذواتها، بل تتعلّق بها بعناوينها، فالمتعلّق للحكم دائماً هو الشيء بعنوانه لا بما هو هو، فبعد أن تبدّل الخمر إلى الخلّ وإن كانت «الهذية» موجودة، لكنّها ليست موضوعاً للنجاسة، بل الموضوع لها هذا بما هو خمر، ولا إشكال في زواله وعدم وجوده بعد صيروريته خلا.
نعم الموضوع في حكم آخر كالملكيّة أو حقّ الاختصاص ربّما لا يكون عنوان الخمر، ولا يكون هذا العنوان مقوّماً له بل يكون من حالاته المتبادلة.
ثمّ إنّ الشيخ الأعظم(رحمه الله) قد رتّب على مختاره في هذا البحث ثمرتين:
أحدهما: عدم إمكان استصحاب عدم وجوب السورة للناسي لها الذي كان ثابتاً في حال النسيان بحكم العقل لأنّ الموضوع لعدم الوجوب كان هو هذا الناسي، وهو منتف بعد زوال النسيان.
ثانيهما: عدم إمكان استصحاب البراءة العقليّة الثابتة في حال الصغر للصبي بعد بلوغه لأنّ الموضوع لها كان عنوان الصغير وهو ليس موجوداً بعد البلوغ وزوال الصغر.
إلى غير ذلك ممّا يتصوّر من الثمرات، وما ذكره جيّد.
______________
1. راجع فرائد الاُصول: مبحث الاستصحاب، التنبيه الثالث، وذيل البحث عن تقسيم الاستصحاب باعتبار الدليل الدالّ على المستصحب.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|