أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-19
1199
التاريخ: 27-6-2022
2126
التاريخ: 23-8-2016
2008
التاريخ: 23-8-2016
1711
|
مَن استقرأ أحداث المشاكل الاجتماعيّة ، والأزَمات المعكِّرة لصفو المجتمع ، علِم أنّ منشأها في الأغلَب بوادِر اللسان ، وتبادل المُهاتَرات الباعثة على توتّر العلائق الاجتماعيّة ، وإثارة الضغائن والأحقاد بين أفراد المجتمع .
مِن أجل ذلك كان صون اللسان عن تلك القوارص والمباذل ، وتعويده على الكلِم الطيّب والحديث المهذّب النبيل ، ضرورة حازمة يفرضها أدَب الكلام وتقتضيها مصلحة الفرد والمجتمع .
فطيبُ الحديث ، وحُسنُ المَقال ، مِن سِمات النبيل والكمال ، ودواعي التقدير والإعزاز وعوامل الظفَر والنجاح .
وقد دعت الشريعة الإسلاميّة إلى التحلّي بأدَب الحديث ، وطيب القول ، بصنوف الآيات والأخبار ، وركّزت على ذلك تركيزاً متواصلاً ، إشاعة للسلام الاجتماعي ، وتعزيزاً لأواصر المجتمع .
قال تعالى : {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } [الإسراء : 53].
وقال سُبحانه : {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة : 83] .
وقال عزّ وجل : {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت : 34] .
وقال تعالى : {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان : 19].
وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب : 70، 71].
وقال رجلٌ لأبي الحسن ( عليه السلام ) : أوصني .
فقال : ( احفظ لسانك تعزّ ، ولا تمكّن الناس مِن قيادك فتَذِلّ رقبتك )(1) .
وجاء رجلٌ إلى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال : يا رسول اللّه ، أوصِني .
قال : ( احفظ لسانَك ) .
قال : يا رسول اللّه ، أوصني .
قال : ( احفظ لسانَك ) .
قال : يا رسول اللّه ، أوصني .
قال : ( احفظ لسانَك ، ويحَك وهل يُكبّ الناسُ على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم !!)(2) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) لعبّاد بن كثير البصري الصوفي : ( ويحَك يا عبّاد ، غرّك أنّ عُفّ بطنُك وفرجُك ، إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب : 70 ، 71] , إنّه لا يتقبّل اللّه منك شيئاً حتّى تقول قولاً عدْلاً ) (3) .
وقال عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) : ( القول الحسَن يثري المال ، وينمّي الرزق ، وينسئ في الأجل ، ويُحبّب إلى الأهل ، ويُدخِل الجنّة )(4) .
ويُنسب للصادق ( عليه السلام ) هذا البيت :
عوّد لسانَك قول الخير تحظَ به إنّ اللسان لِما عوّدت معتادُ
وعن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( رحم اللّه عبداً قال خيراً فغنِم ، أو سكَت عن سُوءٍ فسلِم ) (5) .
ونستجلي من تلك النصوص الموجّهة ضرورةَ التمسُّك بأدَب الحديث ، وصَون اللسان عن البَذاء وتعويدَه على الكلِم الطيِّب ، والقَول الحسَن .
فللكلام العفيف النبيل حلاوته ووقْعُه في نفوس الأصدقاء والأعداء معاً ، ففي الأصدقاء ينمّي الحبُّ ، ويَستديم الودّ ، ويمنَع نَزْغ الشيطان ، في إفساد علائق الصداقة والمودّة .
وفي الأعداء يلطّف مشاعر العِداء ، ويُخفّف مِن إساءتهم وكيدهم , لذلك نجِد العُظماء يرتاضون على ضبط ألسنتهم ، وصيانتها مِن العثَرات والفلَتَات , فقد قيل أنّه اجتمع أربعة ملوك فتكلّموا :
فقال ملك الفُرس : ما ندِمت على ما لم أقُل مرّة ، وندِمت على ما قُلت مراراً .
وقال قيصر : أنا على ردِّ ما لم أقُل أقدَر منّي على ردّ ما قُلت .
وقال ملك الصين : ما لَم أتكلّم بكلمةٍ ملكتها ، فإذا تكلّمت بها ملكتني .
وقال ملك الهند : العجَب ممّن يتكلّم بكلمةٍ إنْ رُفعت ضرّت ، وإنْ لم تُرفَع لم تنفع .
وليس شيءٌ أدلّ على غباء الإنسان ، وحماقته ، مِن الثرثرة ، وفضول القول ، وبَذاءة اللسان .
فقد مرّ أمير المؤمنين برجلٍ يتكلّم بفضول الكلام ، فوقف عليه فقال : ( يا هذا إنّك تُملي على حافظيك كتاباً إلى ربّك ، فتكلّم بما يعنيك ودَع ما لا يعنيك )(6) .
وقال ( عليه السلام ) : ( مَن كثُر كلامه كثُر خطأه ، ومَن كثُر خطأه قلّ حياؤه ، ومَن قلّ حياؤه قلّ ورَعُه ، ومَن قلّ ورَعُه مات قلبُه ، ومَن مات قلبُه دخل النار )(7) .
وعن سليمان بن مهران قال : دخلتُ على الصادق ( عليه السلام ) وعنده نفرٌ مِن الشيعة فسمعته وهو يقول : ( معاشِر الشيعة كونوا لنا زيناً ، ولا تكونوا علينا شيناً ، قولوا للناس حُسناً ، واحفظوا ألسنتكم ، وكفّوها عن الفضول وقبيح القول )(8) .
وتوقّياً مِن بوادر اللسان ومآسيه الخطيرة ، فقد حثّت النصوص على الصمت ، وعفّة اللسان ليأمن المرء كبوَتَه وعثَرَاته المدمّرة :
قال الصادق ( عليه السلام ) : ( الصمتٌ كنزٌ وافر ، وزينُ الحليم ، وسِترُ الجاهل )(9) .
وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( كان أبو ذر يقول : يا مُبتغي العِلم إنّ هذا اللسان مفتاح خيرٍ ، ومفتاح شرٍّ ، فاختم على لسانك ، كما تختم على ذهَبك ووَرَقِك )(10) .
ونُقِل أنّه اجتمع قس بن ساعدة وأكثَم بن صيفي ، فقال أحدُهما لصاحبه : كم وجدت في ابن آدم مِن العيوب ؟.
فقال : هي أكثر مِن أنْ تُحصَر ، وقد وجدت خصلةً إنْ استعملها الإنسان ستَرَت العُيوب كلّها . قال : ما هي ؟.
قال : حِفظ اللسان .
_____________________
1- الوافي : ج 3 , ص 84 , عن الكافي .
2 ، 3- الوافي : ج 3 , ص 85 , عن الكافي .
4- البحار : م 15 , ج 2 , ص 192 عن الخصال أمالي الصدوق .
5- البحار : م 15 , ج 2 , ص 88 ، عن كتاب الإمامة والتبصرة .
6- الوافي : ج 3 , ص 85 , عن الفقيه .
7- البحار : م 15 , ج 2 , ص 187 عن النهج .
8- البحار : م 15 , ج 2 , ص 192 عن أمالي الصدوق .
9- الوافي : ج 3 , ص 85 , عن الفقيه .
10- الوافي : ج 3 , ص 85 , عن الكافي .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|