أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2017
5444
التاريخ: 29-8-2020
5541
التاريخ: 30-5-2016
4997
التاريخ: 9-3-2017
7011
|
الأساس والمصدر الذي يستند إليه الطبيب بتبصير مرضاه، فقد اختلفت الآراء بهذا المجال إلى ثلاثة اتجاهات.
الاتجاه الأول:
يرى أصحاب هذا الاتجاه(1). أن أساس التزام الطبيب بتبصير مرضاه هو أحقية الإنسان في المحافظة على سلامة جسمه بوصفه حقاً من الحقوق الخاصة به ويمثل الإخلال به مساساً خطيراً بهذا الحق، لأن حق الإنسان وحريته على جسمه يعدان من مسائل النظام العام. وتجدر الإشارة إلى أن الحق في سلامة الجسم له ثلاثة عناصر(2). أولها الحق في التكامل الجسدي وثانيها الحق في الاحتفاظ بالمستوى الصحي للجسم وثالثها الحق في السكينة الجسدية، فالتزام الطبيب بتبصير مرضاه تبصيراً كافياً وأميناً وواضحاً يأتي وفقاً لهذا الاتجاه من المحافظة على هذه العناصر مجتمعةً. فعلى الرغم من أن هذا الاتجاه فيه جانب من الصحة فانه لا يكفي وحده لتحديد أساس ومصدر التزام الطبيب بتبصير مرضاه.
الاتجاه الثاني:
يرى أصحاب هذا الاتجاه(3). أن أساس التزام الطبيب بتبصير المرضى لا يمكن أن يعزى إلا إلى العقد الطبي المبرم بين الطبيب والمريض. لكن مع تقديرنا لهذا الاتجاه إلا أنه محل نظر لأن الاستناد اليه يقودنا إلى نتيجة مفادها أن التزام الطبيب بتبصير مرضاه يحصل حين ابرام العقد الطبي بين الطبيب والمريض وليس سابقاً في وجوده للعقد، في حين أن الواقع يرفض مثل هذه النتيجة لأن الطبيب يبقى ملتزماً بتبصير مرضاه سواءً أكان هناك عقد بينه وبين المريض أم انعدم العقد بين طرفيه، فهذا الالتزام يلقى على عاتق الطبيب في جميع الفروض باستثناء بعض الحالات النادرة كحالة الضرورة والاستجعال إذ يعفى الطبيب في هذه الحالة من التبصير.
الاتجاه الثالث:
ذهب جانب فقهي آخر(4). إلى القول بأن أساس ومصدر التزام الطبيب بتبصير مرضاه هو أخلاقي مهني، إذ أن حالة الضعف المزدوج التي يعاني منها المريض كونه جاهلاً بخبايا الطب وتقنياته مقارنةً بالطبيب صاحب الخبرة، فضلاً عن ما يعانيه من آلام نتيجة المرض تدفعه إلى قبول مخاطر التدخل الطبي هنا تقتضي أخلاقيات مهنة الطب من الطبيب الالتزام بتبصير المريض ليسعفه في اتخاذ قراره عن بصيرة إما بقبول العمل الطبي أو رفضه.
فمن خلال استعراضنا للاتجاهات الفقهية التي قيلت حول مصدر الالتزام بالتبصير نجد أنه يستند إلى أساسين:
الأول: أخلاقي مهني، إذ أن أخلاقيات مهنة الطب تفرض على الطبيب تقديم خدماته الطبية بكل إخلاص وتفانٍ ومطابقة لمعطيات العلم الحديثة وهذا بدوره يفرض على الطبيب الاجتهاد لإفادة مريضه بمعلومات واضحة وصادقة وأمينة عن حالته المرضية وآثارها للحصول على موافقته الحرة والمتبصرة.
ودليلنا في ذلك هو أن التشريعات محل المقارنة قضت بضرورة تبصير المريض بكل مراحل العمل الطبي سواءً بالفحص أو بالعلاج وحتى بالمرحلة اللاحقة على العلاج، أما عن موقف المشرع العراقي، وان لم يشر بصورة مباشرة وصريحة في تعليمات السلوك المهني إلى التبصير إلا أن الواقع العملي لمهنة الطب يفرض ذلك على الأطباء(5)..
الثاني: هو أن العقد الطبي المبرم بين الطبيب والمريض يفرض على عاتق الأول التزاماً بالتبصير وذلك استناداً إلى الثقة التي تجمع الطبيب بمريضه، إذ يسلم الأخير جسده للأول لثقته بمقدرته وكفاءته على تخليصه من الألم والمعاناة وايصاله إلى شاطئ الأمان كي ينعم بصحة جيدة، فهذه الثقة المنبثقة من العقد الطبي تفرض على عاتق الطبيب تبصير المريض من أجل أن تتوازن كفتا العقد، فضلاً عن هذا فان من شروط صحة العقد هو أن تنفى الجهالة فيه وهذا يفرض على الطبيب تبصير المريض بكل ما يتعلق بنوع المرض الذي يعاني منه وعلاجه وآثاره وحتى تكاليف العلاج.
بهذا يمكننا القول بأن أساس الالتزام بالتبصير هو عقدي، إذ يجد سنده في العقد الطبي القائم على المصداقية والثقة وأخلاقي مهني، فيجد سنده في التعليمات والقوانين الخاصة بمهنة الطب، فهو إلزام والتزام في الوقت نفسه، فهو إلزام لأن القوانين الوضعية نصت عليه، والتزام لأنه يعد من الالتزامات الأساسية التي يفرضها العقد الطبي.
___________________________
- أ.د. أحمد شوقي محمد عبد الرحمن، مضمون الالتزام العقدي للمدين المحترف، بحث منشور في المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين، المصدر السابق، ص62.
2- ينظر في تفصيل هذه العناصر: بيرك فارس الجبوري، حقوق الشخصية وحمايتها المدنية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون، جامعة الموصل، 2004، ص64-67.
3- قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، أحكام الإذن الطبي في الشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة العلوم الإسلامية، السعودية، 1997، ص325.
4- أ.د. شهيدة قادة، التزام الطبيب باعلام المريض، المضمون والحدود وجزاء الإخلال، بحث منشور في موسوعة الفكر القانوني، ج1، تصدر في الجزائر، 2002، ص82.
5- تلافياً لتكرار الإشارة إلى النصوص القانونية بهذا الجانب ينظر: ص (90-103) من الأطروحة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|