أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2016
7760
التاريخ: 24-5-2017
23813
التاريخ: 14-3-2017
3533
التاريخ: 5-12-2017
4231
|
لا يمكن القطع بان الطبيب قد ارتكب خطأ الا اذا اعتمدنا معيارا ثابتاً يعرض عليه فعل الطبيب لتبين وجود الخطأ من عدمه، وامر كهذا هو ولا شك على درجة كبيرة من الاهمية ، بل انه يعد من المسائل الجوهرية فـي المسؤولية الطبيـة بوجـه خاص، فالخطأ الذي يقع من الطبيب هو فـي احـدى صورتين: صورة خطأ تحاسب عليـه القواعد العامة للمسؤولية ويتمثل في إخـلال الطبيب بالالتزام الذي فرضه المشرع على الناس كافة بعدم الاضرار بالغير ، وهنـا يكـون قد ارتكب خطأ عادياً وتثور مسؤوليته المدنية فيسأل عن كل صور الخطأ التي تصدر منه سواء أكان الخطأ جسيماُ ام يسيراً ام تافهاً ، اما الصورة الثانية فهـي صـورة الخطأ المتمثل في عدم اتباع قواعد الفن واصول المهنة ومـا تقضي به النظريات العلمية الحديثة الخاصة بمهنة الطب ، وهذا هو الخطأ المهني. وكان الطبيب ، حسب رأي قديم ، لا يسال حتى في مثل هذه الحالة الا عن خطئه الجسيم ، وخلافً لما هي عليـه الحال اليوم حيث يسأل الطبيب عن خطئه بكافة صوره جسيما كان او يسيرا او تافهاً، وذلك لان قواعد المسؤولية لا تخص الاطباء باعفاء خاص ، الامر الذي جعـل التركيز ينصب على المعيار الذي يتقرر على وفقه الفصل في ارتكاب الطبيب الخطأ ام عـدم ارتكابه ، ولا يحقق الملاءمة والعدالة بالنسبة الى كثير من الناس الا اعتماد معيار موضوعي هو معيار الشخص المعتاد المجرد من ظروفه الشخصية والمحاط بنفس الظروف الخارجية التي احاطت بالطبيب المسؤول ولكن لا يجوز ان نحمل الطبيب الاختصاصي النتائج التي يتحملها الطبيب الممارس العام لدى ممارسته المهنة الطبية او بمعنى اخر لا يمكن ان يكون خطأ الطبيب الاختصاصي على نطاق واسع مثل الطبيب الممارس العام وانما يتحـدد هـذا الخطأ في حدود اختصاصه(1) ، وهذا يعنـي انه لا عبـرة بالظـروف الـداخليـة ، وقد يكون من نافلة القول تجديد الاشارة الى انه يعتد مـن هـذه الظروف الداخليـة بما هو معلوم منها ، ولو سقنـا لذلك مثـلاً هـو عـدم خبـرة الطبيب او حداثــة عهـده بمهنة الطب ، وافترضنا ان المريض على علم بذلك ، وانه، على الرغـم مـن ذلك ، قد ارتضى منه المعالجة فأصيب جراء ذلك بالضرر لامتنع علينـا مـن باب الاستثناء قياس ما صدر عن الطبيب بما يصدر عن طبيب معتاد من طائفته محاط بالظروف الخارجية نفسها(2) . ويعرف العلامة الاستاذ السنهوري الرجل العادي او المعتاد بانه (( الشخص العادي الذي يمثل جمهور الناس فلا هو خارق الذكاء شديد اليقظة فيرتفع الى الذروة ولا هو محدود الفطنة خامل الهمة فينزل الى الحضيض)) (3) . وتوخيا للتفصيل والبيان نذكر انه يوجد في الواقع معيـاران لقياس الخطـأ اولهما المعيار الذاتي او الشخصي وفيه ينظر الى ذات الطبيب الـذي صـدر عنه الخطـأ والـى امكاناتـه الذاتيـة ودرجـة حرصه ، فيكـون الطبيب الحريص مســؤولا اذا قصر في العناية المطلوبة للمريض ، ولا يكون الطبيب الـذي اعتاد اللامبالاة مسؤولا عن فعله اذا ما سبب للمريض ضرراً ، وهـذا امـر يجافـي العدالـة ، حيث يكون الفعل خطـأ بالنسبـة الـى طبيب دون ان يكـون كـذلك بالنسبة الـى طبيب اخر ، ويرى الفقيه مازو (ان الاحوال الداخليـة هي اللاصقة بشخص المسؤول والمتعلقة بخصائصه الطبية والادبية وكل ما عداها هو من قبيل الاحوال الخارجية) (4). اما المعيار الثاني فهو المعيار الموضوعي او معيار الرجـل المعتاد الذي لا يعتد منه بالظروف الداخلية للطبيب مثل امكاناته الذاتية ودرجة يقظته وظروفه وسنه وصحته(5). بل ينظر الى الظروف الخارجية التي تحيط بالطبيب موضـع المسؤوليـة مثل حالة المريض وما تتطلبه من اسعافات سريعة وامكانات خاصـة قد لا تكون متوفرة لدى طبيب الريف بقدر توفرهـا لطبيب المدينــة ، وكـذلك فـي حـالة اجراء العملية في مكان قد لا تكون الاجهزة الطبية من الوفرة مثلما هي عليه في مكان اخر وذلك كما في الفحوصات الشعاعيـة والمختبريـة التـي تتطلبها حالة المريض المستعجلة . والحقيقة ان على الطبيب اتباع افضل الاساليب لتجنب المخاطـر التي قد يتعرض لها المريض ، وينظر الى معيار الخطأ الطبي من خـلال مسلك الطبيب وتقديره لدرجة احتمال حصول خطأ يولّد او يساهم في إلحـاق الضـرر ، فـان تأكـد له ان من شأن فعله ان يحدث ضرراً فهنا يعد خطؤه جسيماً ، واذا كان من المحتمل ان ينجم عن فعله ضرر فهنا يكون خطؤه يسيراً ، وفي كل الاحوال نقيسه بالطبيب المعتاد ، وتنحصر درجة الخطأ الجسيم واليسير والمقدر في عنصر احتمال حدوث الضرر(6).
____________________________
- V.Penneau, faute civil et faute penale en matier de responsabilite medicale,P.U.F1975 N.102.
2- د-جاسم العبودي –مصادر الالتزام –المرجع السابق- ص113.
3- د-عبد الرزاق السنهوري –الوسيط في شرح القانون المدني الجديد –مصادر الألتزام - المرجع السابق –ص864.
4- مازود بند 438 اشار اليه الدكتور عبد السلام التونجي –المسؤولية المدنية للطبيب في الشريعة الاسلامية –ط1 –سنة 1966 –ص264.
5- د.محمد حسين منصور –المسؤولية الطبية – المرجع السابق- ص14.
6- د.احمد محمود سعد –المرجع السابق –ص40.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|