أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2017
10126
التاريخ: 1-9-2017
7818
التاريخ: 1-9-2019
1696
التاريخ: 9-3-2021
1657
|
قوانين سقوط الأجسام
وضع اليونانيون من قبل قوانين الاستاتيكا والاتزان الميكانيكي للروافع والسوائل وأوضحوا أساسياتها ، كما وضع جاليليو Galileo من ناحية أخرى قوانين الديناميكا ونظرية قوانين الحركة ، ولسنا في هذا المقام بصدد سرد التطور التاريخي لدراسات جاليليو رغم فائدة التفهم التاريخي المتعمق والدقيق للفكر الفيزيائي والعلم الحديث حتى نهاية العصور الوسيطة ، ولكننا سوف نعالج ببساطة قوانين سقوط الأجسام في شكلها النهائي والتي لا ينبغي لبساطتها وسهولة تفسيرها اليوم أن تخدعنا بشأن ما وصلت إليه القدرة العقلية لجاليليو من عظمة ، وحتى لا نغمطه حقه في إسهاماته فلابد أن نتناول الخلفية الثقافية والتاريخية والأفكار التي كانت سائدة قبل عهد جاليليو والتي تغيرت تمامّا وتطورت منذ ذلك الحين .
ولنتناول الآن حركة جسم ساقط أو مقذوف . إنها بسيطة ، فالخبرة اليومية تبين أن الريشة أبطأ في سقوطها من قطعة رصاص ، وذهب أرسطو Aristotle عامة الى أن الأجسام الخفيفة تسقط نحو الأرض بسرعة أقل من الاجسام الثقيلة .
ويمكن دور جاليليو الأساسي في التحقق من إمكان استخلاص قانون غامض ولكن بسيط من خلال الحركات المعقدة المحيرة للأجسام المقذوفة الحقيقية ، فتناول حركة سقوط الأجسام في الفراغ لإثبات أن الريشة وقطعة الرصاص يسقطان بسرعة واحدة داخل أنبوبة زجاجية مفرغة من الهواء ، وتجري هذا التجربة حاليا ضمن المنهج الدراسي بالمدارس .
ولكن معاصري جاليليو كانوا يعتقدون أن فكرة الفراغ مستحيلة بل هراء . وحينئذ كان لابد من تدخل قدرة على التجريد العقلي أعظم مما نتوقع اليوم كي ندرك مدى الاستخلاص (الذهني) من حركة سقوط الأجسام لجميع الحوادث المصاحبة لهذه الحركة . وحاليا نعلم أن الضغط الجوي والرياح لها تأثير على الريشة الساقطة فتسلك مساراً مختلفاً للحجر الساقط .
ولكن يمكننا من كل هذه الحركات المعقدة والمختلفة استخلاص صورة مثالية تعبر عن حركة جسم ما في الفراغ . وحركة القذف (المثالية) بسيطة جداً بالمقارنة مع الحركات الحقيقية للأجسام الساقطة أو المقذوفة :
1- حركة القذف المثالية دائما ما تكون حركة مستوية (تتم في مستوى ثابت متعامد مع سطح الأرض) .
2- لا علاقة لهذه الحركة بكتلة الجسم المقذوف وجرمه وشكله ، بل تعتمد ببساطة على مقدار السرعة الابتدائية واتجاهها .
3- لا تتأثر حركة القذف المثالية هذه بدوران الجسم المقذوف حول مركز ثقله بل يتحرك هذا المركز تبعا لقانون هذه الحركة .
هذه الخواص لا تصف بدقة حركة رصاصة حقيقية لأنها حركة غير مستوية تماماً ، وإنما تعتمد أساساً وكلية على كتلة المقذوف وجرمه وشكله الى جانب لفه (دورانه) .
وفي هذا المقام نشاهد واحداً من أهم الأمثلة التاريخية يتصل بالفكر العلمي الطبيعي الفيزيائي . فالظواهر التي تقدمها لنا الطبيعة تختلف وتتعقد لدرجة يستحيل معها أن تدركها عقولنا المحدودة كلا على حدة ، بل لابد من تجزئة هذه الحوادث ذهنياً الى مكوناتها الأبسط وتناول نتائج الظروف الاصطناعية غير الطبيعية الى حد بعيد بدلا من تلك التي تقدمها لنا الخبرة المباشرة ، وبذلك نميط اللثام عن الحالات المثالية بتناولها بدقة كبيرة . وفي المقابل تقدم لنا هذه النتائج المعايير لتقويم الأحداث الحقيقية التي تختلف في كل حالة عن الحالة المثالية في كثير أو قليل .
ولكي نتناول المقذوفات المثالية بصورة أدق يلزم معالجة أبسط الحالات وهي السقوط الرأسي في خط مستقيم إذ يكون الجسم ساكناً في بداية الحركة ويترك ليسقط لأسفل – ما دام مستمراً في سقوطه – بسرعة متزايدة تزايداً مستمراً .
ففي لحظة تركه ليسقط كانت سرعته صفراً تماماً ولكنها أخذت تتزايد بانتظام وليس في قفزات متقطعة مفاجئة متلاحقة ، وإنما تزايداً متصلاً غير متقطع ودون انقطاعات مفاجئة يعبر عنها علماء الرياضة تعبيراً واضحاً بقولهم إن السرعة تتزايد بانتظام uniformly .
وفي حالة كهذه ، عندما تتغير السرعة بانتظام واستمرار فإنها تختلف من نقطة لأخرى مهما قصرت بينهما الفترة الزمنية ، فما هو المقصود بالسرعة ؟
عندما يتحرك جسم بسرعة منتظمة عندئذ يتضح معنى السرعة بأنها المسافة المقطوعة مقسومة على زمن الرحلة .
وعادة ما نقول أن جسماً ما تحرك بسرعة متر واحد كل ثانية أو ان سيارة ما سارت بسرعة سبعين كيلو متراً كل ساعة .
ولكن كيف السبيل الى فهم معنى السرعة وتعريفها بصورة مجردة طالما أنها لا تظل ثابتة خلال ولو كسر من الثانية ؟
في زمن جاليليو كانت هذه المسألة بمثابة معضلة عظمى بسبب الافتقار الى وسائل الحل الرياضية والمجردة .
ولا ينبغي ان ننسى هذه الحقيقة عندما نقوم إسهامات جاليليو الذي أجاب تماما على هذه المسائل المتصلة بحركة المقذوفات المثالية ، ووضع فيما بعد مدى عظمة هذا الإنجاز .
أما نيوتن فقد أوضح تصور السرعة (والعجلة) بشكل عام تماماً لكل الحركات ، ولهذا كان لزاماً عليه ابتكار فرع جديد تماماً من الرياضات يطلق عليه حساب التفاضل (بما في ذلك فصول الرياضات المتصلة به) هو أعظم إبداع أنجزه علماء الرياضات الغربيون ، وفي هذا الصدد يقف لايبنتس Leibnitz على قدم المساواة مع نيوتن كمؤسس لهذا العلم رغم أن بواعثه لم تنبع من الميكانيكا وإنما من الهندسة geometry وبالطبع كان كلاهما يرجع الى الرواد السابقين بشأن مشاكل العصر .
وإبان دراساتهما في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات لم يكن بد من السير في هذا الاتجاه الفكري الجريء الذي استحوذ على عقول الأجيال اللاحقة من علماء الرياضيات وما تمخض عن ذلك من نتائج أخرى عظيمة .
هذا الفرع الجديد من الرياضيات مما يعد إبداعاً أصيلاً جادت به قرائح مفكري الغرب قبل اليونانيين يتناول بدقة ما يواجهنا من مسائل عند البحث عن المعنى الصحيح (لتصور) السرعة المتغيرة بصورة مستمرة .
إن دور حساب التفاضل هو التعبير الرياضي الواضح عن المقادير المتغيرة بصورة سلسلة متصلة مستمرة ، ولذلك فإن فكرة الاتصال Continuity تعد التصور المتحكم الأساسي الذي تدور في فلكه الاتجاهات الفكرية لهذا الفرغ من الرياضيات .
والتعريف الدقيق للسرعة يمكن التعبير عنه كالآتي :
أولاً : من الواضح ما هو المقصود بالسرعة المتوسطة خلال فترة زمنية معلومة – إنها المسافة المقطوعة مقسومة على تلك الفترة الزمنية التي خلالها قطعت هذه المسافة . والآن لكي نحصل على السرعة المضبوطة عند لحظة زمنية معلومة فإننا نختار فترة زمنية قصيرة (تشمل اللحظة المعنية) ونحدد خلالها السرعة المتوسطة فتكون هي تقريباً المقدار الصحيح للسرعة المضبوطة المطلوبة . ولمزيد من الدقة نقوم بتنصيف الفترة الزمنية ، ومع استمرار التنصيف تزداد دقة السرعة .
ومن الممكن ذهنياً الاستمرار في تكرار زيادة الدقة على هذا النحو من التقريب غير المحدود لنقترب أكثر من المقدار الدقيق المطلوب للسرعة .
هذا إذن هو تعريف تصور (السرعة) . وليس أبسط من ذلك إذا رغبنا الحصول على النتائج بصورة كمية من أجل زيادة دقة التصور بما يجعل التقويم الرياضي ممكنّا دون الاكتفاء بمجرد تطبيق التصور على نحو انفعالي غير محدود .
ومع ذلك فليس هناك ما يدعو للقلق من أن يؤدي ذلك الى حالة من فقد الأمل في حل المشكلة حسابيا ، بل على العكس ، هناك وسائل بارعة (والفضل يعود الى حساب التفاضل) يمكن بواسطتها وعلى نحو نوعي للحركة الحصول على القيمة الحدية ينبغي اتخاذها أساساً لتعريف السرعة .
لقد أجاب جاليليو من قبل على هذه الأسئلة بالنسبة لحركة السقوط المثالية فقاده حدسه الى وجود قانون بسيط جداً وعجيب إذا استبعدنا مقاومة الهواء وجميع التأثيرات الثانوية ، وهو ان السرعة تزداد زيادة مطردة مع الزمن ، فتزداد السرعة الى الضعف بعد ضعف الزمن ... الخ .
ويتسع نطاق هذا القانون ليشمل عامة حركة القذف (المثالية) ، فإذا قذف جسم رأسيا لأعلى أو لأسفل تقل أو تزداد على الترتيب في تناسب طردي .
واذا قذف الجسم في اتجاه مائل فإن ارتفاع الجسم عن سطح الارض (في حالة حركة القذف المثالية ) يتغير بمرور الوقت بالضبط كما لو كان الجسم قد قذف رأسيا لأعلى ، وفي نفس الوقت تزداد المسافة المقطوعة أفقيا مع زيادة الزمن ، أو ، بتعبير اخر ، تتم الحركة أفقيا بسرعة ثابتة .
وتؤدي التحليلات الرياضية لهذه التحديدات الى الحقيقة بأن ( مسير ) المقذوف هو قطع مكافئ Parabola .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|