المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

Syntactic and morphological disparity
19-4-2022
كيف تتكون اللهجات؟
18-7-2016
في ما يعمل للأمن من السارق
10-05-2015
المراهقة المتأخرة Late Adolescence 18ـ 21سنة التعليم العالي
19-1-2016
الطرشي المخمر Fermented Pickles
26-4-2018
تـقـليـل استهلاك منتج معـيـن وأثـره علـى تـوازن السوق
2023-05-01


السرية في مرحلة التحقيق الابتدائي  
  
12421   09:46 صباحاً   التاريخ: 15-3-2016
المؤلف : موفق علي عبيد
الكتاب أو المصدر : سرية التحقيقات الجزائية وحقوق الدفاع
الجزء والصفحة : ص81-90
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / التحقيق الجنائي /

ان قوانين الاجراءات الجنائية تختلف فيما بينها بشأن سرية التحقيق الابتدائي او علانيته وان كانت قد اتفقت على مبدأ علانية المحاكمات كاصل جوهري من اصول النظام القضائي(1). كذلك الامر فان التشريعات لم تتوحد بشان المقصود من علانية التحقيق بل انقسمت الى قسمين:-  ذهب القسم الاول الى ان المراد من علانية التحقيق، هو تمكين اطراف الدعوى ووكلائهم من حضور اجراءات التحقيق ، فضلاً عن السماح لأي فرد من الجمهور ولو كان من غير خصوم الدعوى ، بأرتياد مكان التحقيق ومشاهده اجراءاته . وقد اعتبر هذا القسم من التشريعات بان العلانية بالنسبة لمن تم ذكرهم هي الاصل والاستثناء هو السرية . ومثل هذه العلانية يمكن وصفها بانها علانية مطلقة وليست نسبية. ومن امثلة هذه التشريعات قانون الاجراءات الجنائية السوداني، حيث نص في المادة( 209) منه على انه ( يعتبر المكان الذي تعقد فيه اية محكمة جلساتها للتحقيق او المحاكمة في اية جريمة علنياً يجوز للجمهور بصفة عامة ارتياد بقدر ما يمكن ان يسع بصورة مناسبة ومريحة على انه يجوز لرئيس الجلسة بحسب ما يراه مناسباً في اية مرحلة من مراحل التحقيق او المحاكمة في قضية معينة ان يمنع الجمهور بصفة عامة او أي شخص معين من دخول المكان المذكور او الوجود او الاستمرار فيه(2)).  اما القسم الثاني من التشريعات ، فقد نحى منحى مغايراً للأول .حيث يرى انه ليس للجمهور الحق في حضور اجراءات التحقيق ، أي يأخذ بسرية التحقيق الابتدائي بالنسبة للجمهور(3) . وهو الراي الذي تبناه مشرعنا العراقي في قانون اصول المحاكمـات الجزائية في المادة (57/م) حيث نصت على انه( للمتهم وللمشتكي وللمدعي بالحق المدني وللمسؤول مدنياً عن فعل المتهم ووكلائهم ان يحضروا اجراءات التحقيق……) وكذلك الحال بالنسبة للمشرع المصري في قانون الاجراءات الجنائية في المادة (77) منه. ولكل من الاتجاهين بعض الايجابيات والسلبيات فعلانية التحقيق تتيح للجمهور حضور اجراءات التحقيق ذلك ان من شأن هذا الحضور ان يجعل من الجمهور رقيباً على اعمال السلطة التي تباشر التحقيق وبالتالي فانه يحملها على التزام الحيدة والتقيد بأحكام القانون ، ويجنبها استخدام الوسائل غير المشروعة ، بالاضافة الى ذلك فان المحقق الذي لا ينشد سوى الحقيقة يفضل ان تكون اعماله تحت سمع الجمهور وبصره وبالتالي تبقى بمنأى عن كل ما يجعلها محلاً للشك والريبة(4).  اما الاتجاه الثاني الذي يرى فرض سرية التحقيق بالنسبة لغير اطراف الدعوى من شانه ان يجنب المتهم التشهير الذي يتعرض له رغم توصل التحقيق الى براءته مما نسب اليه . اضافة الى ان العلانية تلحق اضراراً بالمصلحة العامة في تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة وذلك بتمكين الجناة الذين لم يتناولهم التحقيق بعد ، من معرفة ما سيتخذ من اجراءات فيعمدوا الى اضاعة الاثار التي تفيد في كشف الحقيقة كما ان هذه العلانية قد تؤثر ايضاً على اقوال الشهود الذين لم يسمعوا بعد في التحقيقات . ونحن مع الراي الثاني الذي يرى فرض السرية  في التحقيق بالنسبة لغير اطراف الدعوى .ونجده الاصوب ذلك ان القول بان الجمهور رقيب على اعمال السلطة التي تقوم بالتحقيق يمكن الرد عليه بان الجمهور لا يمكن ان يكون رقيباً ، ذلك لانه يجهل تفاصيل وطبيعة عمل القائم بالتحقيق وبالتالي فانه لن يكون رقيباً حقيقياً بحكم جهله بطبيعة العمل اما الرقيب الحقيقي على اعمال السلطة القائمة بالتحقيق او الشخص القائم بالتحقيق هو ضميره بالدرجة الاولى اضافة الى المساءلة الجزائية التي يمكن ان يتعرض لها في حالة اخلاله بواجبات وظيفته. وبذلك يبدو واضحاً جلياً صواب الاتجاه الثاني وحسناً فعل المشرع العراقي عندما اخذ به في المادة (57) من قانون اصول المحاكمات الجزائية وكذلك المشرع المصري في المادة (77) من قانون الاجراءات الجنائية . وكما هو واضح ان المشرع العراقي كان له موقف خاص بالنسبة للأخذ بمبدأ سرية التحقيق فقد فرق بين السرية بالنسبة للجمهور وبالنسبة لا طراف الدعوى.

1-السرية بالنسبة للجمهور

على عكس مرحلة المحاكمة، فان اجراءات التحقيق الابتدائي هي سرية بالنسبة للناس كافة وقد حددت بعض التشريعات الاشخاص الذين يحق لهم حضور اجراءات التحقيق الابتدائي ،من دون ان تسمح للجمهور بحضورها . وهو ما اوردته بعض القوانين في نصوصها كقانون الاجراءات الفرنسي في المادة (11)(5) منه والايطالي ( م130 / 307) وكذلك ما ورد في نص المادة (75) من قانون الاجراءات الجنائية المصري ، ومعنى هذه السرية هنا، ان الجمهور لا يحق له ان يحضر هذه التحقيقات ولا حتى الاطلاع على محاضرها . كما لا يجوز للصحف ووسائل الاعلام القيام بإذاعة هذه التحقيقات على الناس. ومن ضمن الاسباب التي قررت السرية من اجلها هي الحفاظ على كرامة المتهم والامتناع عن التشهير به خصوصاً اذا صدر قرار برفض الشكوى. وتهدف ايضاً الى تحييد المحقق والحفاظ على استقلاله وعدم انجرافه وراء الراي العام وتأثيراته اثناء قيامه بواجبه والجمهور غير ملزم بالسرية التي تعتبر ضرورية ، بل هي من اهم الضمانات للمتهم في هذه المرحلة . الا انه لا يعتبر القيام ببعض اعمال التحقيق وفي حضور جمهور الناس اخلالاً بهذه السرية ، وخاصة عندما يتعذر القيام بها الا بحضورهم ، ومن هذه الاعمال القيام بمعاينة مسرح الجريمة وتشخيصها فمثل هذه الاعمال يصعب القيام بها بمعزل عن الجمهور ، وهو لا يمكن عملياً التقيد فيه بمبدأ سرية التحقيق(6). وهناك من يرى انه يجوز للمحقق اجراء التحقيق بصورة علنية للجمهور، وذلك في حالة عدم اعتراض احد الخصوم على ذلك ، ولكن اذا تم مثل هذا الاعتراض فانه يتوجب على المحقق القيام به سراً(7). غير اننا نرى خلاف ذلك ، ذلك ان مبدأ سرية التحقيق الابتدائي بالنسبة للجمهور له اسبابه الهامة ، والتي من اجلها قرر المشرع عدم جواز حضوره الامن قبل خصوم الدعوى ، والقائمين على التحقيق بها ، وفرض عليهم واجب الالتزام بالسرية فيما يتعلق بها ، وبالنتائج التي تسفر عنها هذه التحقيقات . اضافة لذلك فان نصوص قانون العقوبات واصول المحاكمات هي من النظام العام والتي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها او العمل على خلافها الا بموجب نص يجيز ذلك. اما قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي فقد اخذ بسرية التحقيق بالنسبة للجمهور(8).وذلك عندما نص في المادة (57) من الاصول الجزائية على ان ( للمتهم وللمشتكي وللمدعي بالحق المدني وللمسؤول مدنياً عن فعل المتهم ووكلائهم ان يحضروا اجراءات التحقيق……) ذلك لان المفهوم من تحديد الاشخاص الذين لهم حق حضور اجراءات التحقيق، مما يفهم منه ان الحضور غير جائز بالنسبة لغيرهم. كذلك المشرع المصري في المادة (77) من قانون الاجراءات الجنائية اعتبر التحقيق سري بالنسبة للجمهور ، وكذلك المادة (75) من القانون نفسه والتي اعتبرت اجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الاسرار . وكذلك من الزام قضاة التحقيق من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق او يحضرونه بسبب وظيفتهم او مهنتهم بعدم افشائها .اذ لا يمكن ان يعتبر سراً ما يجري علانية في حضور الجمهور.

2-السرية بالنسبة للخصوم

يعتبر التحقيق الابتدائي علنياً بالنسبة للخصوم ووكلائهم كقاعدة عامة وهو ما نصت عليه المادة (57) من قانون اصـول المحاكمات الجزائية العراقي أي ان التحقيـق يجري بحضورهم . ولكن المادة جاءت باستثناء  سمح بموجبه للقاضي او المحقق ان يجري التحقيق في غيبة الخصوم ووكلائهم اذا تطلب الامر ذلك ويكون ذلك بناءً على تعليل مقبول يدونه القاضي او المحقق في محضر التحقيق ، وهذا يعني ان الاصل في التحقيق هو ان يكون علنياً في كافة اجراءاته بالنسبة للخصوم ولكن في الوقت نفسه وتحسباً للظروف اجاز المشرع للمحقق ان يجري التحقيق سراً خوفاً من التأثير على الشهود او من التلفيق في الشهادات او من التأثير على سير التحقيق بأية صورة اخرى. هذا هو الاستثناء ، لكن هذا الاستثناء متوقف على وجود الاسباب الداعية لتقريره، فاذا زالت تلك الاسباب تزول السرية بعدها لانه اذا زال المانع عاد الممنوع(9). وكما هو واضح من المادة (57) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ان لا طراف الدعوى ووكلائهم حضور اجراءات التحقيق وبالتالي فانه لا يجوز منع المحامي من الحضور مع موكله بحجة السرية ، فهما شخص واحد في اثناء حضورهما للدعوى .لان المحامي يمثل نوعاً من الرقابة على تصرفات المحقق اثناء التحقيق ، ومن شأنه ان يساعد المتهم لشعوره بالطمأنينة ويمكنه من عرض وجهة نظره وتتحقق معه مصلحة التحقيق. وقد ورد النص على قاعدة عدم جواز منع المحامي من الحضور مع موكله ، في المادة 125/2 من قانون الاجراءات الجنائية المصري والتي نصت على انه ( في جميع الاحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه اثناء التحقيق) . وهذه المادة لا يوجد لها ما يقابلها في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي . حيث انه لم ينص صراحة على هذا المبدأ. وكما هو واضح فان امر تقرير السرية متروك لتقدير المحقق فله ان يجعله سرياً عن الخصوم متى وجد اسباباً تدعو الى ذلك ، وهذا مستفاد من نص المادة (57) الاصولية حيث انها تترك امر تقدير الضرورة بجعل التحقيق سرياً الى المحقق ذاته   بخلاف ما هو عليه الحال في القانون المصري حيث ان المشرع المصري حدد الحالات التي يجوز فيها ان يكون التحقيق سرياً في حالتين هما حالة الضرورة وحالة الاستعجال(10).

أ-حالة الضرورة

ولبيان هذه الحالة نقول : من اجل ان لا يقف حضور الخصوم ووكلائهم جميع اجراءات التحقيق ، الذي سبق واقرته التشريعات عائقاً امام تحقيق الغاية المتوخاة من التحقيق وهي كشف الحقيقة ، فقد اجازت تلك التشريعات للسلطة القائمة بالتحقيق عند توفر حالة الضرورة المبنية على اسباب مقبولة ومنطقية ان تجعل التحقيق سرياً سواء كان ذلك متعلقاً بجميع اجراءاته او بعضها او بالنسبة لبعض اطراف الدعوى ووكلائهم او جميعهم(11). واعتبر المشرع المصري حالة الضرورة التي تدعو لجعل التحقيق سرياً لا تحول دون استعانة الخصوم بوكلائهم وقد اشارت الى ذلك الفقرة الاخيرة من المادة (77) من قانون الاجراءات الجنائية بقولها ( للخصوم الحق دائماً في استصحاب وكلائهم في التحقيق……) . في حين ان المشرع العراقي قد سكت عن هذه الحالة وكان الاجدر به ان يحذو حذو المشرع المصري ، او يقصر ذلك في الاقل عند تدوين اقوال المتهم وبالتالي يسمح له بإحضار محام عنه في هذه الحالة خصوصاً وانه في موقف يستلزم ذلك، كما ان المحامي احرص منه على المصلحة العامة ، تلك المصلحة التي تقتضي المحافظة على اسرار التحقيق، فاذا خان الامانة يتعرض للعقوبات ، فضلاً عن مجازاته تأديبياً (م 75 اجراءات مصري ، و 310 عقوبات مصري ، والمادتان 236، 437 عقوبات عراقي ). واذا قرر القائم بالتحقيق اجراءه بصورة سرية ، فعليه ان يدون الاسباب التي دعته لجعل التحقيق سرياً في محضر التحقيق وهو ما نصت عليه المادة ( 57-أ ) من قانـون اصول المحاكمات الجزائية العراقي بقولها " .. وللقاضي او المحقق ان يمنع اياً منهم من الحضور اذا اقتضى الامر لا سباب يدونها في المحضر ". ونص المادة (77) من قانون الاجراءات الجنائية المصري بقولها " … لقاضي التحقيق ان يجري التحقيق في غيبتهم متى رأى ضرورة لاظهار الحقيقة ". وكذلك القانون السوري في المادة (70/3) اصول جزائية سوري. وحسناً فعل القانون العراقي عندما نص على تدوين الاسباب التي جعلت القائم بالتحقيق يقوم به بصورة سرية وذلك لان قرار السرية يقف حائلاً امام من يحاول صرف التحقيق عن جادة الصواب وانه في الوقت ذاته يسهل اشراف محكمة الموضوع على مدى هذه الضرورة . في حين ان بعض التشريعات كالقانون المصري لم تشترط على القائم بالتحقيق بيان الاسباب التي دعته الى جعل التحقيق سرياً .. وتعزى الضرورة التي تبرر فرض السرية الى احتمال افساد حضور بعض الخصوم لاجراءات التحقيق ، مثل ان يخشى المحقق من حضور المتهم لسماع الشهود الذي قد يؤثر عليهم ويرهبهم ويحول بالتالي من قولهم للحقيقة كاملة او يكون هؤلاء الشهود ممن يعملون لدى المتهم او تحت رئاسته. ان ضرورة اجراء التحقيق كله او جزء منه في غيبة جميع الخصوم او بعضٍ منهم امر يستقل بتقديره من يتولى التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع والضرورة الموجبة للسرية تقدر بقدرها ، بمعنى انه بعد زوال ضرورة السرية يجب على المحقق ان يعود الى العلنية . وعليه ان يطلع الخصوم على الاجراءات التحقيقية التي تمت في غيبتهم ، لان التحقيق كما قلنا علني بالنسبة لهم اصلاً وان لم يطلعهم فان ما يفعله مشوب بالبطلان(12). هذا وبعد بحثنا لمتى يكون التحقيق سريا لابد من التساؤل عن امكانية الطعن في قرار القاضي او الهيئة التحقيقية باعتبار التحقيق سرياً. والحقيقة ان الجواب عن هذا التساؤل يكون بالنفي ذلك لصراحة الفقرة (ج) من المادة (249) من قانون الاصول الجزائية حيث نصت هذه الفقرة على انه( لا يقبل الطعن تمييزاً على انفراد في القرارات الصادرة في مسائل الاختصاص او القرارات الاعدادية او الادارية او أي قرار اخر غير فاصل في الدعوى الا اذا ترتب عليها منع السير في الدعوى . ويستثنى من ذلك قرارات القبض والتوقيف واطلاق السراح بكفالة او بدونها). وهناك من يرى ان بامكان صاحب العلاقة المتهم او من يمثله قانوناً ان يستفيد مما ورد في المادة ( 264) من الاصول الجزائية بلفت نظر محكمة الجنايات بصفتها التمييزية ومحكمة التمييز الى قرار القاضي بجعل التحقيق سرياً ، والطلب اليها بالقيام بتدقيقه(13). حيث ان الفقرة (أ) من المادة المذكورة قد نصت على انه ( يجوز لمحكمة التمييز ان تطلب أي دعوى جزائية لتدقيق ما صدر فيها من تدابير او اوامر .. بناء على طلب أي ذي علاقة ……).

ب-حالة الاستعجال

قد تستلزم ظروف التحقيق وجوب مباشرة اجراء من اجراءاته في وقت لا يتسع لاخطار اطراف الدعوى حتى يتمكنوا من حضوره ، فقد يرى القائم بالتحقيق ان في تأخير مباشرة الاجراء  الى حين اخطار الخصوم بالحضور يترتب عليه ضرر التحقيق ، لذلك سمح بعض المشرعين للمحقق في مثل حالة الاستعجال هذه ان يباشر الاجراء في غيبة الخصوم . كما لو وصل الى علم المحقق ان شاهداً على وشك الموت فينتقل فوراً للاستماع الى معلوماته قبل ان تتاح له فرصة كافية لاخطار الخصوم (14). ومن القوانين التي نصت على حالة الاستعجال قانون الاجراءات الجنائية المصري حيث نص في المادة (77) منه على (………… فلقاضي التحقيق ان يباشر في حالة الاستعجال بعض اجـراءات التحقيق في غيبة الخصوم ). وكـذلك المشرع الاردنـي في المادة ( 64/3) من قانون الاصول الجزائية حيث نصت على انه ( ويحق للمدعي العام ان يقرر اجراء تحقيق بمعزل عن الاشخاص المذكورين في حالة الاستعجال ، او متى راى ضرورة ذلك لاظهار الحقيقة وقراره بهذا الشأن لا يقبل المراجعة ، انما يجب عليه عند انتهائه من التحقيق المقرر على هذا الوجه ، ان يطلع عليه ذوي العلاقة ). وطالما ان اجراء التحقيق في غيبة الخصوم منوط بالاستعجال فقط فلا يجوز للمحقق ان يمنع الطرف الذي يحضر حين مباشرة اجراءات التحقيق رغم عدم اخطاره رسمياً بمباشرة الاجراء الا اذا كانت السرية قائمة لابعاده بالذات(15). ومع ذلك فان المشرع العراقي لم ينحُ منحى التشريعات السابقة ولم ياخذ بحالة الاستعجال ، فقد خلا قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي من النص على حالة الاستعجال كما فعل المشرع المصري والاردني والسوري وقصرها على حالة الضرورة فقط . بمعنى انه لم يجعل من حالة الاستعجال مبرراً لجعل التحقيق سرياً بالنسبة لاطراف الخصومة. وهذا المنهج انتقده جانب من الفقه ويرى ضرورة شمول حالة الاستعجال وجعلها مبرراً لاجراء التحقيق بصورة سرية ، سيما وانها حالات كثيرة الوقوع في الحياة العملية، ويرون ضرورة النص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي اسوة ببعض التشريعات العربية (16). وهو الراي الذي لا نتفق معه ذلك لان حالة الاستعجال هي احدى صور حالة الضرورة أي ان الضرورة تشمل حالة الاستعجال ، الا اذا نظرنا الى حالة الضرورة كونها تفرض من السلطة المختصة بالتحقيق اما حالة الاستعجال فتفرض من اجل التثبت من الادلة وحمايتها من الزوال او الضياع وحسناً فعل المشرع العراقي وذلك في المواد (43،44) والخاصة بحالة الجرم المشهود(17). هذا اضافة الى ان المشرع العراقي لم يوجب اخبار اطراف الدعوى بزمان ومكان مباشرة اجراءات التحقيق كي يتسنى لهم حضورها . كما فعل المشرع المصري في المادة (78) من الاجراءات الجنائية المصري وبذلك لا يكون للنص على حالة الاستعجال موجب كما هو والحال في القانون المصري الذي يشترط اخبار اطراف الدعوى من اجل مباشرة اجراءات التحقيق فحسناً فعل المشرع العراقي عندما لم ينص على حالة الاستعجال . ومن الجدير بالذكر ان قسماً من التشريعات لم تكتف بهذه الحالات وانما اضافت اليها حالات اخرى من ذلك التشريع السوري حيث اوجب ان يجري التحقيق في غيبة الخصوم دائماً عند سماع الشهود حتى ولو لم تكن هناك ضرورة او ما يستوجب الاستعجال . وهو ما نصت عليه المادة (70/1) من قانون اصول المحاكمات الجزائية السوري بقولها " للمدعي عليه والمسؤول بالمال والمدعي الشخصي ووكلائهم الحق في حضور جميع اعمال التحقيق ما عدا سماع الشهود .." . وكذلك قانون اصول المحاكمات اللبناني في المادة (71) منه.

_____________

[1]- د.مجدي محمود محب حافظ ، الحماية الجنائية لاسرار الدولة ، ط1، سنة 1991، ص121.

2- حسن بشيت خوين ، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية خلال مرحلة التحقيق الابتدائي ، رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة بغداد كلية القانون ، 1983، ص85.

3- د.مأمون محمد سلامة ، الاجراءات الجنائية في التشريع الليبي، ج1، منشورات الجامعة الليبية ، مطبعة دار الكتب ، بيروت ، 1971، ص584، وانظر د.احمد فتحي سرور،  الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ط3، ص471.

4- د.محمود محمود مصطفى ، سرية التحقيقات الجنائية وحقوق الدفاع ، المرجع السابق، ص7.

5- نصت المادة (11) من قانون الاجراءات الفرنسي على انه " دون الاخلال بحقوق الدفاع ، وما لم ينص القانون على غير ذلك تكون اجراءات التحقيق سرية ، ويلتزم كل شخص يساهم في مباشرة تلك الاجراءات بالحفاظ على السر المهني ".

6- د.صالح الطريفي ، سرية التحقيق ، بحث منشور في مجلة القضاء والتشريع ، العدد الرابع,  السنة السابعة والعشرون ، تونس ، 1985، ص7.

7- د.عمر السعيد رمضان ، مبادئ قانون الاجراءات الجنائية ، القاهرة ، 1967 ، ص289.

8- د.سليم ابراهيم حربة ، حماية حقوق الانسان في التشريع الجنائي الاجرائي وتطبيقاتها في العراق في مرحلة ما قبل المحاكمة ، بحث منشور في مجلة القانون المقارن ، العدد 23، سنة 1994، ص141.

9- الاستاذ عبد الجبار عريم ، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية الجزء الاول ، مطبعة المعارف، بغداد ، 1950 ، ص399.

0[1]- المادة (77) من الاجراءات الجنائية المصري.

1[1]- حسن بشيت خوين ، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية خلال مرحلة التحقيق الابتدائي, المصدر السابق، ص103.

2[1]- نص المادة (57/أ) اصول عراقي ، والمادة (77) اجراءات مصري والمادة (70/3) اصول جزائية سوري وحكم محكمة النقص المصرية في 7/2/1936 مجموعة القواعد ج4 رقم 18، ص20.

3[1]- الاستاذ عبد الامير العكيلي ، اصول الاجراءات الجنائية في قانون اصول المحاكمات الجزائية ، المصدر السابق، ص288.

4[1]- حسن بشيت خوين ، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية خلال مرحلة التحقيق الابتدائي,  المصدر السابق ، ص106 عن د.حسن صادق المرصفاوي ، اصول الاجراءات الجنائية ، ص34.

5[1]- د.احمد فتحي سرور ، اصول الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، المطبعة العالمية ،القاهرة ، 1969، ص566.

6[1]- حسن بشيت خوين ، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية خلال مرحلة التحقيق الابتدائي، المصدر السابق، ص105..

7[1]- حيث نصت المادة (43) على انه (..… وينتقل فوراً الى محل الحادث ويدون افادة المجني عليه ويسال المتهم عن التهمة المسندة اليه شفوياً ويضبط الاسلحة وكل ما يظهر انه استعمل في ارتكاب الجريمة ويعاين اثارها المادية ويحافظ عليها ويثبت ..) والمادة (44) حيث نصت على انه (..… ان يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة او الابتعاد عنه حتى يتم تحريرالمحضر …..).

 

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .