أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-3-2022
4919
التاريخ: 26-3-2022
2442
التاريخ: 30-3-2022
2411
التاريخ: 28-3-2022
3153
|
ان نشأت الخرائط مع ظهور الحضارات القديمة ، وتطورت عبر تأريخ طويل بداية مع المحاولات البدائية الأولى ، والخرائط البابلية والمصرية ومروراً بالخرائط الإغريقية والرومانية وخرائط المسلمين ووصولاً إلى خرائط عصر النهضة وحتى الخرائط الحديثة والمعاصرة.
ويبدأ أن الخرائط استعداد فطري بدأ مع الانسان الاول عندما شعر بضيق الرقعة والمساحة التي يعيش فوقها وقوى عنده إحساس التجول والانتقال وحب الكشف لجهات بعيدة عن موطنه الأصلي فرسم اول خرائط توضح المسالك والطرق التي سلكها ومعالم البيئات الجديدة التي انتقل إليها. ولعل هذا الرأي يتفق مع الرأي القاتل بأنه إذا كانت الكتابة قد بدأت مع بداية التاريخ ، فمعرفة الإنسان للرسم والخريطة كانت أقدم من الكتابة نفسها.
ونقول: إنه لا شك في ظل أقدم أنواع الاقتصاد والسعى الدائم وراء تأمين المأكل والمشرب من قبل الإنسان كانت معرفة الاتجاهات والمسافات مسألة حياة أو موت لبنى البشر، ويمكن أن نضيف الخرائط عبر تطورها إلى الأقسام التالية:
1ـ الكروكيات القديمة.
2- خرائط الحضارات القديمة.
3- خرائط حضارات العصور الوسطى.
4- الخرائط الحديثة.
5- الخرائط المعاصرة.
1- الكروكيات القديمة :
بالتنقيب في أصول بعض الحضارات القديمة اتضح أن بعض جماعات الاسكيمو في البيئة القطبية استعانوا بالخرائط المنقوشة على جزء من الجلد كتمثيل بعض الجزر والخلجان والغابات وبعض معالم البيئة الطبيعة الاخرى.وقد استخدم في رسم هذه الخرائط بعض الرموز الخاصة، وهذا يؤكد أن اقدم المعاني التي ارتبطت بالخرائط القديمة لا تبعد عن كونها تصويرا رمزياً لمعالم سطح الأرض. وكذلك استخدام سكان جزر مارشال مجموعة كروكيات رسمت على البوص وسعف النخيل واستخدم في رسمها مواد بحرية كالأصداف ، وقد أوضحت هذه الخرائط الطرق البحرية بين هذه الجزر والتيارات البحرية الموجودة. ولكن من الواضح أن خرائط سكان جزر مارشال كانت أقل دقة من خرائط الاسكيمو . ويمكن اعتبارهما معا مجرد كروكيات توضيحية وليست أكثر من مجهودات قام بها بعض الشعوب للاستفادة منها في بعض نواحي الحياة وهذا ما ينطبق على محاولات الرسم التي قام بها سكان المكسيك وبيرو.
2- خرائط الحضارات القديمة :
وتتضمن هذه المجموعة الخرائط البابلية والخرائط الفرعونية ، والخرائط الصينية، والخرائط الإغريقية ، والخرائط الرومانية.
أ- الخرائط البابلية :
يعتبر البابليون من أوائل الجماعات التي رسمت خرائط تفصيلية لسهل العراق وذلك خلال الألف الرابعة قبل الميلاد وشملت خرائطهم على مسح الأراضي وقياسها وقد تأثرت هذه الخرائط بالرحلة والكشف من قبل السومريين حيث وصلوا إلى البحرين (دلمون) وعمان (مجان) وفي الواقع فإن الخرائط البابلية تدين في وجودها إلى حجم الاتصالات الكبيرة بين الحضارات السومرية والدول الأخرى في مصر وبعض الجماعات في سوريا والهند. ويضم حالياً متحف الدراسات الشرقية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية أقدم خريطة بابلية وهي توضح أحد الأودية العراقية ويحف به بعض الجبال، وقد أنشئت هذه الخريطة على لوح من الصلصال في حجم كف اليد أثناء التنقيب عن حفائر مدينة آشور ويرجع العلماء بتاريخ هذه الخريطة إلى حوالي 4500 عام. انظر الشكل رقم(1).
ب – الخرائط الفرعونية :
وهي تعد الأولى في العالم من حيث اعتمادها على العمليات المساحية الدقيقة، وفي الواقع كانت هناك الظروف والمقومات الكثيرة التي جعلت المصريين من أبرع السكان في علوم المساحة، حيث إن الطبيعة النهرية لمصر جعلت معالم السهل الفيضى تطمس تماماً عقب فيضان النهر، لذلك كانت إراكة الأرض أمراً ضرورياً وحيوياً عقب حدوث الفيضان من كل عام، وهذا ما جعل للمصريين خبرة طويلة في هذا المجال، وقد انعكس هذا على الخرائط المصرية القديمة. وقد ثبت من خلال بعض الدراسات التاريخية أن رمسيس الثاني 1300 ق.م هو أول من قام برسم خريطة للإمبراطورية المصرية ولم يعثر على هذه الخريطة ربما لكون الخرائط المصرية القديمة قد رسمت على أوراق البردى وهي أقل عمرا من الواح الصلصال أو أية مواد اخرى أكثر صلابة وتحملا. ولكن أقدم الخرائط المصرية التي عثر عليها ومحفوظة في متحف تورين بإيطاليا يرجع عمرها إلى 1320 ق.م وهي توضح أحد مناجم الذهب في بلاد النوبة. انظر الشكل رقم (2). ويبدو واضحاً على هذه الخريطة بعض الظاهرات الجغرافية كالطرق القديمة والأودية والجبال.
جـ - الخرائط الصينية :
تبدو مختلفة عن البابلية والمصرية، فالتشابه في مواد وموضوعات الخرائط المصرية القديمة والبابلية تدعم الفكرة القائلة بأن حجم الاتصال بين هذه الشعوب كان كبيراً، اما بالنسبة للخرائط الصينية فقد انعكس موقع الصين المنعزل على تشكيل حضارتهم بشكل عام والخرائط بشكل خاص، ويبدو من خلال دراسة هذه الخرائط القول بأن الصينيين لم تكن لديهم فكرة صحيحة عن العالم الخارجي إذ لم يستطيعوا رسم الجزء الغربي لآسيا، وبالتالي فقد ظهر مشوهاً على معظم خرائطهم.
د - الخرائط الإغريقية :
هناك من يعتبرها البداية الكرتوجرافية الحقيقية ، ولا شك في أن الكرتوجرافيا عند الإغريق بدأت معتمدة على الفكر الجغرافي الإغريقي المتقدم والمدعم بالكشف والتأمل، ويمكن القول بأن الإغريق أول من وضعوا الاسس العملية لرسم الخرائط والمصورات فالخرائط الإغريقية اتسمت بالدقة والوضوح وكثرة التفاصيل، ولعل أقدم خريطة إغريقية هي خريطة هيكانيوس التي رسمت في القرن السادس قبل الميلاد وظهر فيها العالم كقرص مستدير يحيط به المياه من جميع الجهات، وتبدو ذلك بتأثر فكرة كروية الأرض التي نادى بها فيثاغورث. انظر الشكل رقم (3).
وغير هذه الخريطة فهناك خرائط أخرى ذات قيمة علمية كبيرة مثل خريطة هيرودوت الذي اعتمد في رسمها على المعلومات التي جمعها من البحارة، انظر الشكر رقم (4) ، كما كانت هناك محاولات أخرى لكل من استيرابون وبطليموس وهبيارخوس وأراتوسين وكلها خرائط دعمت الفكرة بأن الاغريق رواد صناعة الخرائط القديمة في العالم.
هــ - الخرائط الرومانية :
خدمت الخرائط الرومانية الاغراض الحربية والإدارية فقط. والرومان أمة لم تهتم بالعلوم ، وإذا كانت قد اهتمت بالكشف الجغرافي فهذا لهدف التوسع والسيطرة. وقد رسمت خرائط الرومان على أساس الفكرة القديمة عن العالم بأنه عبارة عن قرص يابس يسبح في الماء ويتوسط العالم مدينة القدس (أورشليم) على غرار الخرائط الصينية القديمة ، انظر شكل رقم (5).
3- خرائط حضارات العصور الوسطى :
وتنتمي إلى هذه الفترة مجموعتان من الخرائط هما:
أ- الخرائط الأوروبية ب – الخرائط العربية.
أ- الخرائط الاوربية :
وتبدو هذه المجموعة كخرائط تتسم بالسمات العلمية الدقيقة، وذلك انعكاسات للمرحلة العلمية التي كانت تمر بها أوروبا في هذه الفترة ، فلم يكن من المتوقع أن تعرف اوروبا الخرائط العلمية الدقيقة في فترة تدهور علمي واضح نتيجة لسيطرة رجال الكنيسة واختفاء التفكير العلمي ، وإذا نظرنا إلى بعض الخرائط للتعبير عن هذه المرحلة فسنجد خريطة كوزموس 548 م كمثال جيد على هذه الفترة وأيضاً خريطة سان بيتوس 776 م ذات الشكل البيضاوي والتي تظهر بها روما تتوسط العالم المعروف في هذه الفترة. وفي الواقع هناك العديد من الأمثلة لخرائط هذه الفترة وكلها تدل من خلال الدراسة على مقدار التدهور الذي وصلت إليه الخرائط والمعلومات الجغرافية في أوروبا.
ب – الخرائط العربية :
في الوقت الذي تأخرت فيه صناعة الخرائط في أوروبا كان في الشرق العربي نهضة كبيرة في العلوم الجغرافية ، ولكن على الرغم من ذلك فدراسة الخرائط العربية ليست بالدراسة الميسورة ، بل يصادفها صعوبات عدة لعل أهمها ضياع العدد الكبير منها وأيضاً تعدد نقل ونسخ الخرائط بين مخطوط واضح، وأكبر مثال على ذلك النسخ الثلاث لكتاب "المسالك والممالك" للإصطخرى واختلاف الخرائط في هذه النسخ.
وترجع نهضة العرب في مجال رسم الخرائط إلى عدة عوامل لعل أهمها اتساع الدولة العربية واحتكاكها بالحضارات المختلفة مما أدى إلى تقدم المعرفة الجغرافية والفن الكرتوجرافي وتأمين طرق التجارة بين أجزاء هذه الدولة والحاجة إلى الخرائط لتأمين بعض نظم الدولة كالبريد ونظام دواوين الحكومة .
ولعل أشهر خرائط المسلمين تلك الخريطة التي عرفت باسم الخريطة المأمونية ، انظر الشكل رقم (6) ، وقد اشترك في رسمها مجموعة من العلماء، وقد قسم فيها العالم إلى سبعة أقاليم وفق خطوط الطول ودوائر العرض، ويبدو واضحاً مقدار تأثر هذه الخريطة بالخرائط الإغريقية، وذكر المسعودي قوله عن هذه الخريطة: أنها تحمل إضافات وتصحيحات عما ورد بخريطة بطليموس وهي ملونة واظهرت اهم المدن، وهنا رأى (1) يقول بأن خريطة بطليموس ما هي إلا لخريطة المأمونية نفسها، ولا يريد المؤلف الخوض في إثبات صحة هذا القول فهذه نقطة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتجلية.
تبلورت جهود العرب والمسلمين في مجال الخرائط فيما عرف بأطلس الإسلام. وقد جمعها المستشرق ميلر Miller ونشرها في مجلد واحد، ويعتبر البلخى رائد هذا الأطلس ، وهذه الخرائط مقسمة على النحو التالي:
ويؤكد كراتشوكوفسكى أن الأطلس إيراني الأصل، فقد مثلت فيه كل مقاطعات إيران بأدق تفاصيلها، وهي بصفة عامة خرائط دقيقة جاءت خالية من صور الحيوانات والناس، ويعد الإدريس بداية مرحلة جديدة من تطور الخرائط العربية جاءت تالية للمراحل السابقة، وفي حقيقة القول يمكن أن نميز مراحل تطورية داخلية على مستوى المدرسة العربية والإسلامية في انتاج الخرائط. فإذا نظرنا إلى طريقة تنفيذ وتصميم هذه المجموعة من الخرائط فنجد الدومييلي يفرق بين ثلث مراحل هي:
المرحلة الأولى :
ورائدها هو الخوارزمي في القرن الثالث الهجرى ، وتبدو هذه المرحلة في خرائطها متأثرة إلى حد كبير بخرائط الإغريق القديمة وخاصة خريطة بطليموس.
المرحلة الثانية :
ورائدها هو البلخي وما تأثر به من علماء آخرين أمثالي الاصطخرى وابن حوقل والمقدسي والبيروني . وتبدو هذه المرحلة ذات استقلالية تامة، وأهم ما يميز هذه المرحلة الاهتمام بإظهار الأقاليم والمناطق والدول المختلفة كمصر وسوريا والعراق، ويبدو ان هذه المرحلة كانت صدى لاهتمام العرب والمسلمين بالجغرافيا الإقليمية الذي يعد رائدها الأول البيروني وكتابه : الهند.
المرحلة الثالثة :
ورائدها الإدريسي في القرن السادس وهناك من يعتبر هذه المرحلة قمة الكرتوجرافية العربية والإسلامية، انظر الشكل رقم (8) والذي يوضح خريطة العالم للإدريسي، ولا شك في أن الإدريسي يعد أعظم جغرافي الإسلام، وقد اعتبر أطلسه اهم أثر للخرائط التي رسمت في العصور الوسطى. والحقيقة ان الغدريسي بخرائطه للعالم في عصره يمثل القمة التي وصل إليها من الخرائط في العصر الوسيط، فخرائطه تعد نقطة تحول في تطور علم الخرائط، وقد كان الإدريسي همزة الوصل بين الشرق والغرب بحكم البيئة الإسلامي إلى الغرب الأوربي (2).
ويرى المؤلف أنه يمكن تحديد المراحل التطورية للخريطة العربية والإسلامية على النحو التالي:
1ـ المرحلة التي سبقت الخريطة المأمونية.
2- مرحلة الخريطة المأمونية.
3- مرحلة المدرسة التقليدية (الخرائط الفلكية).
4- مرحلة المدرسة المجددة (الخرائط الإقليمية) وأهم الأعمال تتمثل في أطلس الإسلام.
5- مرحلة الإدريسي.
6- مرحلة ما بعد الإدريسي (واهم الأعمال هنا لابن سعيد المغربي وفضل الله العمري والقزويني والدمشقي).
7- مرحلة الخرائط البحرية.
وفي الواقع فإن كل هذه المراحل يمكن الكتابة عنها باستفاضة في خصائصها واهتماماتها وطبيعة الكرتوجرافي بها إلا أن هذا ليس مجاله في إعطاء كل هذه التفاصيل ، ولذلك سنكتفى بالتعليق العام حول هذه النقطة أو ذكر السمات العامة للخرائط العربية. ولعل أبرز هذه السمات وضع الجنوب بأعلى الخريطة، وهذه ظاهرة حاول العديد من الباحثين تفسيرها، وإنني أتفق مع رأى محمد محمود (3) في تفسيره أن لوضع الجنوب بأعلى الخريطة مغزى دينياً ذلك أن جميع العواصم الإسلامي في ذلك الوقت كانت تقع شمال مكة المكرمة مثل المدينة المنورة، الكوفة، دمشق ، بغداد ، القاهرة ، ومعنى ذلك أن الخليفة كان يتجه في صلاته صوب الجنوب أي صوب الكعبة لذلك كان لابد أن يوضع الاتجاه الجنوبي في أعلى الخريطة، لأن الاتجاه الجنوبي يعنى الاتجاه صوب القبلة وهي أشرف بقعة يتجه إليها المسلمون، ويستند "محمد محمود" في ذلك على الخرائط الرومانية في العصر المسيحي حيث نجد الشرق Orient في أعلى الخريطة لأن في الشرق بين المقدس ، وما زالت كلمة Oriebtation التي تعنى توجيه الخريطة تشير إلى الأصل الذي اشتقت منه وهو Orient يوم كان اتجاه الشرق في أعلى الخريطة حيث الأماكن المقدسة المسيحية.
وأيضاً من سمات الخرائط العربية استخدامها للألوان ، وقد ذكر المسعودي قوله عن الخريطة المأمونية بأنها أكثر دقة من خرائط الإغريق، وجاءت ملونة ، كما استخدم الإدريسي(4) أيضاً الالوان في رسم خرائطه ، كما ان الخرائط العربية لم تلتزم باستخدام دقيق لمقياس الرسم، فالعديد من الخرائط اهتمت بترتيب تتابع المدن والمواقع الحضرية على الطرق دون مراعاة لطول المسافات بين هذه المدن، ولذلك نجد العديد منها يظهر بالخرائط على مسافات متساوية والواقع في الطبيعة غير ذلك.
ونلاحظ أيضاً أن الخرائط العربية كثيراً ما استخدمت الرموز وهذا واضح في خرائط الاصطخرى والمقدسي والجيهاني، فالمدن ظهرت بدوائر في خرائط الاصطخرى والمقدسي كما ظهرت المواني بنصف دائرة كما في خريطة ديار العرب للمقدسي ، وأحياناً بالمربعات كما في خريطة ديار العرب للبلخى، كما اختلفت الخرائط العربية حسب الغرض الذي أنشئت من أجله الخريطة فرسمت الخرائط البحرية في القرن العاشر الهجري، كما رسمت الخرائط الدينية التي توضح اتجاه القبلة وطرق الحج، وأيضاً الخرائط التجارية، وأوضحت طرق التجارة، وأيضاً خرائط استخدام الارض مثل خريطة مدينة قزوين للقزويني، وقد سبقت نموذج فون ثونتن (5) بستة قرون، انظر الشكل رقم (9).
4- الخرائط الحديثة :
هناك من يطلق على هذه المجموعة من الخرائط خرائط عصر النهضة ، وتعد هذه المجموعة من الخرائط متطورة وعملية إلى حد كبير، وقد جاء التطور في هذه المجموعة من الخرائط بسبب العديد من العوامل لعل اهمها إحياء جغرافية بطليموس واختراع الطباعة والكشوف الجغرافية ولا شك في أن لحركة الكشوف الجغرافية أثراً كبيراً في تطور الخرائط في عصر النهضة، فقد أضافت الكثير من المعلومات عن أرجاء واسعة من العالم مما تطلب استخدام أساليب كرتوجرافية حديثة لتمثيل هذه التفاصيل الجديدة وفي مواقعها الصحيحة ، ومن أشهر الخرائط هذه المرحلة خريطة جان دي لا كوزا 1500م حيث ظهرت أراضي البرازيل وسواحلها وكندا وجنوب أفريقيا وكلها ظهرت بدقة ، وخريطة فلدسملر (1507م) وهي أول خريطة تظهر فيها الأمريكتان وتتكون من 12 لوحة أبعادها 4,5 × 8 قدم ، وقد استخدم في رسم هذه الخرائط مسقط قريب الشبه من مسقط بون.
وفي الواقع فإن عصر النهضة شهد ظهور مدارس كرتوجرافية عديدة في انجلترا وفرنسا وألمانيا ، وهذه المدارس أرست قواعد وأسس فن رسم الخرائط ، كما كان لإيطاليا دور رائد في صناعة الخرائط بحكم أن إيطاليا كانت ذات مكانة مرموقة في التجارة العالمية إذ أضحت روما والبندقية من أهم مراكز صناعة الخرائط في تلك الفترة، ولا غرابة أن نجد أن أشهر انواع الخرائط الإيطالية في هذه الفترة هي خرائط بورتلاند البحرية التي تخدم أغراض التجارة والنقل.
ويمكن القول أن ظهور هولندا في دور الريادة وحلها محل إيطاليا في الفترة من 1570م حتى 1670م كان نتيجة طبيعية لتحول طرق التجارب الاوروبية من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلنطي، ولذلك التوسع الكبير من قبل الهولنديين في انتاج الخرائط ويمكن القول بأن الخرائط الهولندية مثلت في هذه المرحلة العصر الذهبي للكرتوجرافية ويمكن القول بأن الخرائط الهولندية مثلت في هذه المرحلة العصر الذهبي للكرتوجرافية في أوروبا ، وبعد ذلك امتدا تقدم هذا الفن إلى كل من انجلترا وفرنسا ، ففي فرنسا ظهر اول اطلس في 1594م أعده بوجيرو ، وأما في انجلترا فكان رائد الخرائط الاول هو ساكستون الذي نشر أول اطلس 1529م ووضع خريطة لإنجلترا تتألف من عشرين لوحة بمقياس بوصة لكل 8 ميل، ومع استقلال الولايات المتحدة الامريكية استقلت الخرائط الامريكية تدريجياً عن نفوذ الأوروسن، فكانت هذه الخرائط في بداية الامر تطبع في العواصم الأوروبية وخاصة لندن ، وظهر اول أطلس أمريكي انتجه نورمان (1792م) إلا أن هذه المجموعة من الخرائط ظلت معتمدة على الخرائط الاوروبية وعلى نفس الرموز المستخدمة وعلى الألوان.
5- الخرائط المعاصرة :
مع بداية القرن التاسع عشر بدأت مرحلة جديدة في تطور علم الكرتوجرافيا. ويمكن القول بأن هذا العلم بلغ أوج ازدهاره في القرن العشرين بل وما زال يشهد تقدما هائلاً في مجال صناعة الخرائط، وخاصة بعد الاستفادة من التفجر المعرفي وثورة المعلومات الكبيرة التي يعيشها عالمنا المعاصر. وفي الواقع إذا كانت الخرائط المعاصرة متقدمة وبلغت غاية الدقة والاستفادة منها فهذا يرجع إلى اهتمام الحكومات المختلفة بتأسيس دوائر رسمية للعمليات المساحية تشرف على انتاج الخرائط المعاصرة. وأيضاً نتيجة لاهتمام الدول بالخرائط الطبوغرافية والكدسترالية وابتكار وسائل وطرق جديدة للطباعة مما سهل انتاج الخرائط، فمن استخدام الحفر على النحاس إلى الحفر على الحجر ثم الحفر الفوتوغرافي، وهذا يمكن من طبع حوالي 10,000 خريطة في ساعة واحدة. وأيضاً استفادة علم الخرائط من تقدم بعض العلوم الأخرى كعلم المساحة وعلوم التصوير الجوي وعلوم الاستشعار عن بعد، وأيضا نتيجة لاهتمام مراكز البحوث والجامعات والمعاهد العلمية بالكرتوجرافيا ودخول العديد من الأبحاث الكرتوجرافية مجال التطبيق والاستفادة من نتائج هذه البحوث في انتاج الخرائط. وربما تبلور هذا كله في شكل إصدارات عديدة من الأطالس المختلفة الإقليمية والمحلية والدولية العالمية التي أصبحت سمة أساسية من سمات هذا العصر.
ولعل خير مثال على هذه الأطالس أطلس التايمز Times Atlas الذي أخرجه بارثلوميو في أدنبرة عام 1920 ونشر في خمسة مجلدات عام 1955م، والأطلس الدولي للسياحة الذي صدر في إيطاليا عام 1929، وأطلس السويد للعالم الذي أنتج في 1926م، وأطلس الجغرافيا التاريخية للولايات المتحدة الامريكية الذي أنتج عام 1932م، هذا بالإضافة إلى صدور العديد من الاطالس الوطنية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر كأطلس مصر 1928م، فرنسا 1933م، الاتحاد السوفييتي 1937م، كندا 1906م، الدانمرك 1949م، استراليا 1952م، المغرب 1955م، الهند 1957م، الولايات المتحدة 1957م.
_____________________
(1) راجع فؤاد سيزكن : تاريخ العلوم عند العرب، مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية.
(2) عبد العالم الشامي، جهود الجغرافيين المسلمين في رسم الخرائط ، نشرة قيم الجغرافيا بجامعة الكويت ، العدد 36، ديسمبر 1981.
(3) محمد محمود محمدين ، التراث الجغرافي الإسلامي ، دار العلوم ، الرياض ، 1993م ، ص228.
(4) المقدسي ، احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، طبعة مكتبة خياط 1279هـ . ص9.
(5) للاستزادة راجع:
- Dickinsons, R.E., City Region and Regionalism, London, 1964
- Smailes A. E., The Geography of Towns, London , 196.
- محمد سطيحة: دراسات في علم الخرائط ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1972.
- فتحي أبو عيانة ، جغرافية العمران ، دار المعرفة الجامعية . الاسكندرية ، 1993 ، ص300.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|