أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2019
3142
التاريخ: 27-4-2019
5415
التاريخ: 18-12-2019
9470
التاريخ: 7-2-2016
12159
|
أولاً- الصغـر:
ان علة الولاية على الصغير هي الصغر لانه سبب العجز الذي لأجله وجدت الولاية، فالإنسان يولد عاجزاً، وهو في هذا الضعف يحتاج الى من يغذيه بكل وسائل التغذية التي تناسب سنه، ويحتاج الى من يعلمه بالحياة ويدربه عليها ويهذب غرائزه ويوجهها نحو الخير، ويعوده العادات الخلقية السليمة، وفي الجملة يشرف على تربيته وتوجيهه وصيانته(4). والصغر من حيث مدى سلطان الولاية درجتان، صغر لا يكون معه تمييز قط. وهنا يكون دور الولي ضعيفاً، حيث لا تكون التبعة كلها ملقاة عليه، بل تشاركه فيه الحاضنة، فهي تستمر مع الطفل الى سن التمييز، والى ما بعدها على اختلاف الفقهاء في تقدير سنها، وعلى مقدار سلامة جسم الصغير واستعداده للاستغناء عن خدمة النساء ورعايتهن(5). فعمل الولي في هذه الفترة مشاركة في الرعاية والاشراف والتوجيه والمراقبة لعمل الحاضنة في حضانة الصغير لينشأ نشأة حسنة.أما الدرجة الثانية للصغر، فهي صغر مع تمييز. وهنا يكون دور الولي هو الواضح، حيث تكون التبعة كلها ملقاة على عاتق الولي من تربية وحفظ وصيانة وتعليم والى غير ذلك مما يدخل في مفهوم الولاية النفسية.وقد حدد القانون سن التمييز بسبع سنوات. حيث جاء في المادة (97/2) من القانون المدني العراقي ما يلي: (سن التمييز سبع سنوات كاملة). والواقع ان اعتماد معيار السن في تحديد قدرات الطفل وملكاته الإرادية والعقلية والبدنية هو ليس إلاّ معيارا حكميا، فقد تكتمل قدرة الصغير على التمييز في سن مبكرة قبل ان يبلغ السابعة من عمره، وقد يقع العكس، فتتأخر ملكة التمييز لديه عن هذه السن. ويقاس على ذلك أيضاً مرحلة اكتمال الأهلية وبلوغ الرشد، ذلك لان ملكات الصغير الذهنية والإرادية تتأثر في تبكيرها، أو تأخيرها، بمؤثرات مختلفة بعضها ذاتي يتعلق بصحة الصغير وحالته النفسية والفسيولوجية والبيولوجية، وبعضها خارجي يتعلق بالإعتبارات السلوكية والتربوية في الأسرة أو البيئة التي يعيش فيها الصغير(6). على ان القانون بوضعه الحد المذكور لسن التمييز قد راعى الحكم الغالب بين حالات الصغار خلال مراحل اعمارهم، متخذاً في ذلك أوسطها بين التبكير والتأخير، ومتبعا في ذلك ما استقر عليه الرأي في الأنظمة القانونية للبلاد العربية(7).
ثانياً- الجنون والعته:
الجنون، هو مرض يمنع العقل من إدراك الأمور على وجهها، ويصحبه اضطراب وهياج غالبا. وهو على قسمين: جنون مطبق، وهو من كان جنونه يستوعب جميع أوقاته من دون ان تتخللها فترات من الافاقة والصحو. وهذا النوع من الجنون ينزع عن المصاب به أهلية الأداء بقسميها (الكاملة والناقصة)، ويكون حكم المجنون فيه كحكم الصغير غير المميز. والقسم الثاني، هو الجنون غير المطبق وهو الذي يكون صاحبه في بعض الأوقات مجنوناً ويفيق في بعضها، وحكم هذا يختلف عن الأول، لأن ما يأتيه هذا المجنون في فترات الصحو والإفاقة صحيح ومعتبر كتصرف العاقل(8). والجنون بنوعيه يبطل التصرفات ويسقط التبعات في وقت قيامه، ولكن المطبق هو الذي يوجب قيام الولاية على صاحبه، ويشترط فيه ان يمتد لشهر فاكثر، وقيل المطبق ما يمكث سنة، وقيل ستة اشهر(9).أما العته، فهو مرض يمنع العقل من إدراك الأمور إدراكا كاملا(10). وقد اختلف الرأي في فقه الشريعة الإسلامية والقانون حول حقيقة العته. فبعض الفقهاء يعتبر العته قسيما للجنون، ويقرر ان الجنون يصحبه هياج واضطراب، بينما العته يصحبه عادة خمول أو هدوء. وقالوا، ان المعتوه قد يكون مميزا فيعتبر ناقص أهلية الأداء ويلحق بالصبي المميز، وقد يكون غير مميز فيكون عديم الأهلية، ويلحق بالصبي غير المميز(11). في حين ذهب بعض آخر من الفقهاء الى اعتبار العته شعبة من شعب الجنون وليس قسيما له، لان كليهما لا يكون معه تمييز بين الخير والشر ولا تقدير لنتائج الأمور والأفعال، وبالتالي فانه يأخذ حكم المجنون ويلحق بالصبي غيرالمميز(12).والحقيقة ان الآفات العقلية متعددة، وكل واحدة لها تأثيرها على الملكات العقلية للإنسان، سواء كان هذا التأثير تاما يشمل كل الملكات العقلية أم جزئيا يقتصر على بعضها. وأيا كان سببها سواء جاء مع الخلق والتكوين، كان يولد الشخص وهو ناقص الإدراك ويستمر عليه. أو ان يرجع السبب الى مرض عضوي اثر في الأعصاب كبعض الحميات، أو قد يكون بسبب الوراثة، كما قد يكون نتيجة لعارض من عوارض الحياة(13). وبالنتيجة فان هذه الأمراض العقلية قد تؤدي بالإنسان الى فقد قواه العقلية وعدم تقديره للأمور في عامة الأحوال بالشكل السليم، وإذا ما وصل الشخص الى هذه الحال فانه يكون بحاجة الى الرعاية من قبل الغير ووضعه تحت الولاية. وقد فرق الفقهاء بخصوص الولاية على المجنون أو المعتوه بين من يصاب بالجنون أو العته قبل بلوغه سن الرشد، فيستمر وليه بإدارة شؤونه وهذا القول لا خلاف فيه(14). وبين من يطرأ عليه الجنون أو العته بعد بلوغه سن الرشد. وهنا حصل الخلاف بين الفقهاء، فمنهم من يرى ان من بلغ عاقلاً ثم طرأ عليه العته أو الجنون عادت الولاية عليه لمن كانت له الولاية قبل البلوغ. لان سقوط الولاية كان بسبب بلوغه عاقلا، فإذا زال العقل أو نقص عادت الولاية عليه لعودة عجزه بالجنون أو العته. ومنهم من يرى ان الولاية تكون في هذه الحالة للقاضي الذي يعين بدوره قيم على المجنون أو المعتوه لإدارة شؤونه، لان ولاية الولي الأصلي (الأب أو الجد) قد سقطت بالبلوغ والساقط لا يعود(15). ويبدو ان الرأي الأول هو الأرجح، لان إثبات الولاية على المجنون أو المعتوه للقاضي مع وجود الأب أو الجد لا يكون من المعقول، لا سيما إذا كان الأب معروفا بحسن الرأي والتدبير، فضلا عن وفور شفقته.وبهذا الصدد جاء في قرار لمحكمة إستئناف مصر الأهلية بأن: (الولد إذا بلغ معتوها أو مجنوناً تستمر ولاية أبيه عليه في النفس والمال، وإذا بلغ عاقلا ثم عته أو جن، عادت عليه ولاية أبيه)(16).
______________________________
[1]-انظر: مصطفى أحمد الزرقاء- المدخل الى نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي– مصدر سابق- ص285، د. عدنان القوتلي- الوجيز في الحقوق المدنية – مطبعة جامعة دمشق- ط4- 1379هـ-1960م- ج1- ص536.
2-وبذلك تنص المادة (94) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على ان: (الصغير والمجنون والمعتوه محجورون لذاتهم). وتقابلها المادة (127/ 1) من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
3-انظر: المادة (3/2) من قانون رعاية القاصرين العراقي رقم 78 لسنة 1980.
4-محمد ابو زهرة- الولاية على النفس – مصدر سابق- ص19.
5-لم يحدد الفقهاء سنا معينة يعتبر عندها الصغير مميزا. ولكن مع ذلك عرف بعضهم المميز، بانه: (الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب، ولا ينضبط بسن، بل يختلف باختلاف الافهام ونحوه). وعرفه آخرون بأنه: (الذي يعرف ان البيع سالب للملك والشراء جالب له، ويعلم الغبن الفاحش من اليسير، ويقصد به تحصيل الربح والزيادة). انظر: شرح الخرشي 5/8، حاشية ابن عابدين 5/114.
6 - انظر: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون- مقدمة ابن خلدون- تحقيق د. علي عبد الواحد وافي- لجنة البيان العربي- مصر- ط2- 1965م– ج1- ص291، حسني نصار- مصدر سابق- ص143.
7- انظر: ما يقابل المادة (97/2) من القانون المدني العراقي، المادة (45/2) من القانون المدني
المصري رقم 131 لسنة 1948. والمادة (118/3) من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
8- حاشية ابن عابدين 5/93، د. حسين النوري- عوارض الأهلية في الشريعة الإسلامية مع المقارنة بالشرائع الوضعية– مطبعة البيان العربي- مصر- ط1- 1953- ص114. وانظر: المادتين (979 و 980) من مجلة الأحكام العدلية- وهي تحتوي على القوانين الشرعية والأحكام العدلية المطابقة للكتب الفقهية– المطبعة الأدبية – بيروت- 1302هـ. وانظر: المادة (108) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951، حيث جاء فيها: (المجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز أما المجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرفات العاقل).
9- راجع الأقوال المختلفة في هذه المسألة في شرح– علي حيدر- تحت المادة (944) من المجلة- مصدر سابق- ص585. وانظر كذلك: أحمد ابراهيم بك- مصدر سابق- ص13.
10-حاشية ابن عابدين5/93، د. حسين النوري- مصدر سابق- ص125.
[1]1 -وهذا ما ذهب اليه الرأي السائد في الفقه المصري، واخذ به المشرع العراقي في المواد: (94 و107 و108) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951، حيث اعتبر كل من المجنون والمعتوه محجوراً لذاته اي محجوراً بحكم القانون كالصغير، الا انه ميز بين المجنون والمعتوه في الحكم. فاعتبر المعتوه في حكم الصغير المميز، بينما اعتبر المجنون المطبق في حكم الصغير غير المميز، أما المجنون غير المطبق، فاعتبر تصرفاته في حالة افاقته كتصرفات العاقل. انظر: د. عبد الرزاق أحمد السنهوري- الوسيط في شرح القانون المدني الجديد- نظرية الالتزام بوجه عام- مصادر الالتزام- دار النشر للجامعات المصرية- القاهرة- 1952- ص280، د. سليمان مرقس- الوافي في شرح القانون المدني- مصدر سابق- ص768، د. عبد المجيد الحكيم- مصدر سابق- ص218.
12-انظر في تفاصيل هذا الخلاف: علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري- كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي- دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- طبعة جديدة بالأوفست- 1394هـ-1974م- ج4- ص274- أحمد إبراهيم إبراهيم- الأهلية وعوارضها والولاية في الشرع الإسلامي- مجلة القانون والاقتصاد- القاهرة- س1-ع3-1931- ص371. وجدير بالذكر ان المشرع المصري قد اخذ بما ذهب اليه الفريق الثاني من الفقهاء، والحق تصرفات المعتوه بتصرفات المجنون واعتبرها باطلة إذا صدرت منه بعد تسجيل قرار الحجر أو صدرت قبل ذلك وكانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها. انظر المادتين: (113،114) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
13-انظر: محمد أبو زهرة – الولاية على النفس- مصدر سابق- ص41، أحمد ابراهيم ابراهيم- مصدر سابق- ص372.
14-انور الخطيب- حماية فاقدي الأهلية في الشرع الإسلامي والقوانين اللبنانية ومقابلته مع القانون الفرنسي- بيروت- لبنان- 1955- ص155، شامل رشيد ياسين- مصدر سابق- ص383. وأنظر: المادة (163/4) من قانون الأحوال الشخصية السوري، حيث جاء فيها ما يلي: (تنتهي الولاية ببلوغ القاصر ثماني عشرة سنة ما لم يحكم قبل ذلك باستمرار الولاية عليه لسبب من أسباب الحجر أو يبلغها معتوها أو مجنونا فتستمر الولاية عليه من غير حكم). فهنا اعتبر المشرع السوري العته أو الجنون المتصل بالصغر سبباً لاستمرار الولاية من غير حاجة الى حكم.
15-انظر في ذلك: محمد أبو زهرة- الأحوال الشخصية – مصدر سابق –ص496، انور الخطيب- مصدر سابق- ص155، علاء الدين الوسواسي- الأهلية وعوارضها- مجلة القضاء- بغداد- س9- ع3-4- 1951- ص53.
16- مجلة المحاماة- مصر- س4-ع1-1923- تاريخ القرار: 5/2/1923- رقم 20- ص28. وانظر: عكس ذلك حيث قضي بانه: (إذا بلغ الشخص عاقلا ثم عته فلا تعود اليه ولاية الأب، بل يعين له قيما). مجلة المحاماة – مصر- س11- ع4-1930- رقم القرار: 202- تاريخ القرار: 19/10/1930- ص363. وانظر في هذا السياق أيضاً: مجلة المحاماة– مصر- س10- ع3-4- قرار رقم: 131- تاريخ القرار: 22/12/1929- ص278.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|