القانون الدولي وحقوق العراق في مياه دجلة والفرات والروافد الحدودية |
2120
04:30 مساءاً
التاريخ: 24-1-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2021
4148
التاريخ: 25-1-2022
2561
التاريخ: 22-12-2021
1647
التاريخ: 9-5-2022
1316
|
ان هناك عددا كبيرا من الدراسات والمقالات والكتب والمنشورات متوفرة لمن يريد التوسع في دراسة هذا الأمر. لقد اعتمدت في كتابتي لهذه الفقرة بصورة أساسية على ما جاء في الكتابين القيمين، للدكتور سليمان عبد الله إسماعيل، والدكتور صبحي أحمد زهير العادلي، واللذين أِشرت إليهما سابقاً، وكذلك على وثائق الأمم المتحدة، وبالأخص ما يتعلق بالقانون الدولي الذي تمت مناقشته لمدة تصل إلى (27) سنة، ومنذ 1970، ليقر في 1997، ولم يصادق عليه حتى هذا اليوم.
من مجمل ما قرأت، وحاولت إيجازه أدناه، توصلت إلى أن القوانين والأعراف الدولية، وبالأخص "القانون" الصادر في 1997، هي في صالح العراق لتثبيت حقه في مياه الأنهر والجداول المشتركة. ولكن هذا "الحق" ليس مطلقاً ومفتوحاً دون أية ضوابط، بمعنى أن هذا الحق هو ليس دائماً قائما ولأية كمية مياه يريدها العراق، ودون أن يعمل شئ للحفاظ على هذه المادة الثمينة و جمع وخزن كل ما يمكن جمعه من المياه في أيام " اليسر " لاستخدامها عند الحاجة إليها في المواسم الزراعية، وكذلك لاستخدامها في أيام " العسر ". إضافة لذلك فإن على العراق أن يتخذ كل ما يلزم من التدابير ليحول دون هدر هذه المياه العذبة، و الحيلولة دون تركها لتضيع في البحر، أو تبخرها بسهولة، أو خسارتها بنفاذها إلى داخل التربة. كذلك ونظراً لشحة المياه عموماً يتوجب على العراق استخدام التقنيات الحديثة في مختلف وسائل وحاجات هذه الاستخدامات والتي بالنتيجة تؤدي إلى الاستهلاك الأمثل للمياه، وحمايتها من مختلف أنواع التلوث نتيجة استخدام الإنسان لها، أو مرورها في مناطق طبيعية تزيد من تلوثها أو ملوحتها.
إن القانون الدولي لا يساعد من ينتظر أن تأتيه المياه المطلوبة على مدار السنة، بينما جيرانه يقيمون السدود ومشاريع الري الحديثة التي تقلل من الهدر إلى الحد الأدنى، إضافة إلى ذلك فإن القانون الدولي لا يساعد من يتوقع من الدول المجاورة أن تعطيه من خزاناتها وبدون مقابل، نتيجة لعدم وجود الخزانات الكافية لديه. ولكن بالتأكيد فإن القانون سيكون بجانب أية دولة في توفير الحاجة الحقيقية المطلوبة، وبعد أن يرى أنها قامت بما يلزم للحفاظ على المياه وعدم هدر ما يصل إليها منها، ولكنها بنفس الوقت بحاجة إليها لأن جارها، الدولة التي ينبع منها النهر، تحرمها من المياه وتقطعها عنها لاستخدامها بحصة تتجاوز ما تستحق تلك الدولة وفق مؤشرات متفق عليها تتعلق بعدد النفوس ونوع الاقتصاد والحقوق المكتسبة والاستخدام الأمثل.
إن المشاكل بين الدول الجارة تحل بالمفاوضات والمباحثات الثنائية أو الثلاثية، وفق مبادئ "حسن الجوار"، و"لا ضرر ولا ضرار"، و"العرف العالمي"، والقوانين الموجودة فعلاً، أو القوانين القرينة أو الممكن أخذها كقرينة. في كل الأحوال عندما لا تتوصل الجهات المتفاوضة إلى نتائج ملموسة ومكتوبة وموثقة، فعند ذاك يجب الذهاب إلى جهات أخرى للتحكيم، والمقصود هنا هو مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية أو كليهما. وبالنسبة لي فإن الوضع مع تركيا، (وكذلك و بحد اقل مع إيران)، قد وصل إلى هذه الحدود فنحن معها في مفاوضات لأكثر من أربعين سنة وبدون نتيجة، مما قد يعني أن بعض حكام العراق ليس لديهم ثقة بالنتائج عند الذهاب للتحكيم، إما لعدم وجود قناعة لديهم بأن الموقف العراقي على حق، أو أنه على حق ولكنه مقصّر في تنفيذ متطلبات حفظ المياه في العراق بحيث يظهر عند التحكيم أنه ليس على حق. كذلك ان هناك من يعتقد أن جميع العالم ضده لسبب أو لآخر فعند ذاك ستكون نتيجة التحكيم ضده، وبالتالي سيخسر الطريقين، طريق المفاوضات وطريق التحكيم، وهذا الوضع كان يمكن أن ينطبق على العراق في التسعينيات من القرن الماضي ولحين احتلاله. ولكن من المفروض أن الوضع قد تبدل بعد الاحتلال، وخصوصاً بعد استمرار وتفاقم مصاعب الشعب العراقي ومصائبه، إذ أن هناك على العموم تعاطف عالمي عام مع العراق المنكوب والعراقيين التعساء. على أية حال على العراق أن يعين جهة استشارية في القانون الدولي، وبالأخص فيما يتعلق بنزاعات المياه الدولية ليعرف أين الحق، وكيف يتصرف على ضوء النتيجة أياً كانت، وهذا أمر يجب أن يأخذ الأولوية ، ويتم سوية مع وجود جهة استشارية لحل مشكلة المياه والزراعة في العراق على ضوء التطورات الحديثة، ووضع التخصيصات اللازمة لإكمال بنية تحتية كاملة للري والزراعة، تأخذ بنظر الاعتبار كمية المياه المتوفرة حالياً ونوعيتها ونوعية الأرض، والمحاصيل المطلوبة، وعلى أن لا يكون الاستيراد شبه الكامل للمواد الغذائية أحد الحلول ، إذ أن هذا ليس بحل يرضي مستقبل العراق. قد يتطلب الأمر تقليل زراعة بعض المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل قصب السكر أو الرز واستيراد قسم من هذه المحاصيل، ولكن من الواجب عدم اتخاذ استيراد المحاصيل والمنتجات الزراعية كسياسة عامة رغم أنها قد تكون عملية سهلة في الوقت الحاضر، ولكن ستكون قاتلة للأجيال القادمة.
أود وقبل أن أبدأ بإيجاز الوضع القانوني، أن أتحدث عن أمر سمعته من عدد ممن التقيتهم وتحدثت معهم عن الموضوع. إذ يعتقد البعض أنه طالما توجد في تركيا حكومة إسلامية مستقرة تحاول أن تتقرب إلى شعوب وحكومات محيطها الشرق أوسطي، وطالما أن هناك حكومة إسلامية في إيران، لها امتدادات في العلاقات والتأثير في العراق، وطالما أن الحكم في العراق " إسلامي "، لذا يمكن حل الأمر وفق "الشريعة الإسلامية"!!، آخذين بنظر الاعتبار الموقف من المياه كما في القرآن الكريم، أو الأحاديث النبوية الشريفة، مثل: "المسلمون شركاء في ثلاث، الماء والكلأ والنار"، أو "ثلاثة لا يُمنعن: الماء والكلأ والنار"، وحديث: "لا ضرر ولا ضرار"، كما يضيفون خبراً آخر مذكور في سنن ابن ماجه وغير موجود في صحيح البخاري، وهو "نهي رسول الله عن بيع الماء وبيع فيض الماء".
أود أن أؤكد هنا أن هذا الأمر لا يحل بتاتاً بهذه الطريقة، ومن يعتقد ذلك فإنه يعيش في وهم، إذ عند العودة إلى المسائل الفقهية والقضائية الإسلامية المتعلقة بهذا الشأن فسوف نجد تفاسير وتأويلات وتخريجات فقهية قد تختلف تماماً عما أريد لها أصلاً بالأحاديث الشريفة أعلاه. إذ أن الملكية الخاصة للترع والجداول والعيون والآبار أوّلت الأحاديث، وعلى لسان فقهاء عصور "الازدهار"، لتراعي مصالح الملاّك الكبار. والأهم أن مفاهيم الإسلام السياسي قد تختلف اختلافاً كبيراً عما جاء في روحية الدين، من محاربة الظلم والفساد وإيذاء الآخرين، والعدل والمساواة والإنصاف، وأن التاريخ مليء بمثل هذه المواقف. وقد بيّن هذه التناقضات الكثير ممن كتبوا التاريخ ودرسوه ـ وخصوصاً عند بعض الباحثين المحدثين ـ دون إعطاء القدسية للسلف، معتبرين أن السلف هم من نفس طينة الأجيال الحالية. وعند الرجوع إلى كتب هادي العلوي، ونصر حامد أبو زيد، وطه حسين، وخليل عبد الكريم، وسيد القمني الذين اعتمدوا نفس الكتب و المصادر التاريخية القديمة، ولكن دون إعطاء "القدسية" للخلفاء والولاة والرواة و"العلماء" والمجتهدين، وسنجد أمثلة كثيرة للفروقات بين ما جاء في مفاهيم الدين الأصلية، وبين ما جاء به مفسرو وفقهاء الإسلام السياسي.
لعل السنوات السبع الأخيرة من حكم العراق أرتنا بوضوح الفرق بين روحية الإسلام، وبين الأحزاب السياسية، (أي الإسلام السياسي). ولهذا لن يحل أمر المياه ضمن مداولات أو تفاهمات أحزاب أو فقهاء الإسلام السياسي كما يتوقع أو يأمل ويتمنى البعض، إذ أن الأمور داخل العراق ، وهي أقل أهمية بكثير من هذا الموضوع ، لم تحل باستخدام هذا المدخل، فهل يتوقع المرء أن يُحل أمرٌ صعباً كمشكلة المياه باعتماده
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|