أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
3350
التاريخ: 16-10-2014
1845
التاريخ: 16-10-2014
1539
التاريخ: 16-10-2014
4234
|
اختلف المؤرِّخون في عدد المصاحف الموحّدة التي أُرسلت إلى الآفاق ، قال ابن أبي داود : ( كانت ستَّة حسب الأمصار المهمَّة ذوات المركزية الخاصة : مكَّة ، والكوفة ، والبصرة ، والشام ، والبحرين ، واليمن ) . وحَبسَ السابعة ـ وكانت تسمّى الأمّ أو الإمام ـ بالمدينة (1) ، وزاد اليعقوبي : مصر ، والجزيرة (2) .
إذاً فعدد المصاحف التي نسخَتها لُجْنة توحيد المصاحف هي تسعة ، واحدة هي الأمّ أو الإمام ، كانت بالمدينة ، والبقيَّة أُرسلت إلى مراكز البلاد الإسلامية آنذاك .
وكان المصحف المبعوث إلى كلِّ قُطرٍ يحتفظ عليه في مركز القُطْر ، يُستنسَخ عليه ، ويُرجع إليه عند اختلاف القراءة ، ويكون هو حجَّة ، والقراءة التي توافقها تكون هي الرسمية ، وكلُّ نسخة أو قراءة تخالفها تعدُّ غير رسمية وممنوعة يعاقب عليها .
أمّا مصحف المدينة ( الإمام ) ، فكان مرجعاً للجميع بصورة عامَّة ، حتّى إذا كان اختلاف بين مصاحف الأمصار ، فإنَّ الحجَّة هو مصحف الإمام بالمدينة ، فيجب أن يصحَّح عليه .
وروي : أنَّ عثمان بعث مع كلِّ مصحف قارئاً يُقرئ الناس على قراءة ذلك المصحف ، فبعث مع المصحف المكّي ـ مثلاً ـ عبد الله بن السائب ، ومع المصحف الشامي المغيرة بن شهاب ، ومع المصحف الكوفي أبا عبد الرحمان السلمي ، ومع المصحف البصري عامر بن عبد القيس ... وهكذا ، وكان قارئ المدينة والمقرئ من قِبل الخليفة هو : زيد بن ثابت (3) .
هذا ، وكانت شدَّة الاهتمام بهذه المصاحف والتحفّظ عليها من قِبل السلطات ، وشدَّة حرص الناس على محافظتها ودراستها ، تستدعي بقاءها مع الخلود ، غير أنَّ تطوّرات حصلت عليها فيما بعد من : تنقيط ، وتشكيل ، وتحزيب ، وأخيراً تغيير الخطّ من الكوفيّ البدائي ـ الذي كُتبت به المصاحف على عهد عثمان ـ إلى الكوفيّ المعروف ، وبعده إلى خطّ النسخ العربي الجميل ، وخطوط أُخرى تداولت فيما بعد ، كلُّ ذلك جعلَ من المصاحف العثمانية الأُولى على مدرَج النسيان ، فأمست مهجورة ولم يعُد لها أثر في الوجود .
هذا ، وذكر ياقوت الحموي ( توفّي سنة 626هـ ) : أنَّ في جامع دمشق مصحف عثمان بن عفّان . قالوا : إنَّه خطَّه بيده (4) .
وهذا المصحف رآه ابن فضل الله العمري ( توفّي سنة 749هـ ) قال : وإلى الجانب الأيسر من جامع دمشق المصحف العثماني بخطّ عثمان بن عفّان (5) .
ولم يُحفظ لعثمان أنَّه خطَّ مصحفاً بيده ، فلعلَّه مصحف الشام بقي لذلك العهد .
وهذا المصحف يذكره ابن كثير ( توفّي سنة 774هـ ) من غير أن ينسبه إلى خطّ عثمان ، قال : وأمّا المصاحف العثمانية فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الرُكن شرقيّ المقصورة ، وقد كان قديماً بمدينة طبريَّة ، ثمَّ نُقل منها إلى دمشق في حدود سنة 518 هـ ، وقد رأيته كتاباً ضخماً بخطٍّ حسَن مبين قويّ ، بحِبر محكَم ، في رقٍّ أظنُّه من جلود الإبل (6) .
وقال الرحّالة ابن بطوطة ( توفّي سنة 779هـ ) : وفي الركن الشرقي من المسجد إزاء المحراب ، خزانة كبيرة فيها المصحف الكريم الذي وجَّهه عثمان بن عفان إلى الشام ، وتُفتح تلك الخزانة كلَّ يوم جمعة بعد الصلاة ، فيزدحم الناس على لثْم ذلك المصحف الكريم ، وهناك يُحلِّف الناس غرماءهم ومَن ادّعوا عليه شيئاً (7) .
ويقال : إنَّ هذا المصحف بقي في مسجد دمشق حتّى احترق فيه سنة 1310هـ (8) .
قال الدكتور صبحي الصالح : وقد ذكر لي زميلي الأستاذ الدكتور يوسف العش : أنَّ القاضي عبد المحسن الاسطواني أخبره بأنَّه قد رأى المصحف الشامي قبل احتراقه ، وكان محفوظاً بالمقصورة وله بيت خشب (9) .
قال الأستاذ الزرقاني : ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن فضلاً عن تعيين أمكنتها .
أمّا المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتُب المصرية ـ ويقال عنها إنَّها مصاحف عثمانية ـ فإنَّنا نشكّ كثيراً في صحَّة هذه النسبة ؛ لأنَّ بها زركشة ونقوشاً موضوعة كعلامات للفصل بين السوَر ، ولبيان أعشار القرآن ، ومعلوم أنَّ المصاحف العثمانية كانت خالية من كلِّ هذا ومن النُقَط والشكل .
نعم ، في خزانة المشهد الحسيني مصحف منسوب إلى عثمان ، مكتوب بالخطِّ الكوفيّ القديم ، مع تجويف حروفه وسعة حجمه جدّاً ، ورسمُه يوافق رسم المصحف المدَني أو الشامي ، حيث رُسم فيه كلمة ( مَن يرتدد ) من سورة المائدة بدالَين مع الفكّ ، فأكبر الظنّ أنَّ هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها (10) .
* * *
وهكذا نُسب إلى خطّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مصحفٌ بعض أوراقه محفوظة بالخزانة العلويَّة في النجف الأشرف ، بخطٍّ كوفيّ قديم ، كُتب على آخره : كتَبه عليّ بن أبي طالب في سنة أربعين من الهجرة .
قال الأستاذ أبو عبد الله الزنجاني : ورأيت في شهر ذي الحجَّة سنة 1353هـ ـ في دار الكتب العلويَّة في النجف ـ مصحفاً بالخطِّ الكوفيّ كُتب على آخره : كتبه عليّ بن أبي طالب في سنة أربعين من الهجرة ؛ ولتشابه ( أبي ) و( أبو ) في رسم الخطّ الكوفيّ ، قد يظُنّ مَن لا خبرة له أنَّه كُتب عليّ بن أبو طالب ( بالواو ) (11) .
وفي خزانة الآثار بالمسجد الحسيني بالقاهرة ، أيضاً مصحف يقال : إنَّ عليّ بن أبي طالب كتبَه بخطّه ، وهو مكتوب بخطّ كوفيّ قديم .
قال الأستاذ الزرقاني : من الجائز أن يكون كاتبه عليّاً ، أو يكون قد أمَر بكتابته في الكوفة (12) .
* * *
ويذكر ابن بطوطة : أنّ في مسجد أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) بالبصرة المصحف الكريم ، الذي كان عثمان يقرأ فيه لمّا قُتل ، وأثّر تغيير الدم في الورقة التي فيها قوله تعالى : {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] (13) وهو غريب ! .
* * *
وروى السمهودي عن محرز بن ثابت ، قال : بلغَني أنَّ مصحف عثمان صار إلى خالد بن عمرو بن عثمان ، فلمّا استخلف المهدي ( العباسي ) بعث بمصحف إلى المدينة ، فهو الذي يُقرأ فيه اليوم ، وعزلَ مصحف الحجّاج ، فهو في الصندوق الذي دون المنبر .
وقال ابن زبالة : حدَّثني مالك بن أنس أنَّ الحجّاج أرسل إلى أمّهات القرى بمصاحف ، فأرسل إلى المدينة بمصحف كبير ، وكان هذا المصحف في صندوق عن يمين الاسطوانة التي عُملت عَلماً لمقام النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وكان يُفتَح في يوم الجمعة والخميس ، فبعث المهديّ بمصاحف لها أثمان فجُعلت في صندوق ، ونحّى عنها مصحف الحجّاج .
قال السمهودي : ولا ذِكر لهذا المصحف الموجود اليوم بالقبَّة التي بوسط المسجد المنسوب لعثمان ، في كلام أحد من متقدّمي المؤرِّخين .
وفي كلام ابن النجّار ـ وهو أوّل مَن ترجم مصاحف المسجد ـ : إنَّ المصاحف الأوّلية قد دُثرت على طول الزمان ، وتفرَّقت أوراقها فلم تبقَ لها باقية بعد ذلك (14) .
_______________
(1) المصاحف : ص34 .
(2) تاريخ اليعقوبي : ج2 ، ص160 .
(3) مناهل العرفان : ج1 ، ص396 ـ 397 .
(4) معجم البلدان : ج2 ، ص469 .
(5) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار : ج1 ، ص195 .
(6) فضائل القرآن لابن كثير : ص49 .
(7) رحلة ابن بطوطة : ج1 ، ص54 .
(8) انظر خطط الشام : ج5 ، ص279 .
(9) مباحث في علوم القرآن : ص89 بالهامش .
(10) مناهل العرفان : ج1 ، ص397 ـ 398 .
(11) تاريخ القرآن : ص46 .
(12) مناهل العرفان : ج1 ، ص398 .
(13) الرحلة : ج1 ، ص116 .
(14) راجع وفاء الوفاء : ج2 ، ص667 ـ 668 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|