الموجات الصوتية في الهواء

ان عمل مجهار (مكبر صوت) يصدر صوتاً بسيطاً. يتركب المجهار البسيط. من غشاء مخروطي مصنوع من مادة مرنة، يسمى الرق، يمكنه أن يتذبذب ذهاباً وإياباً تحت تأثير قوة مسلطة F، كما هو مبين بالشكل (1).

عندما يتحرك الرق بالشكل ((1 إلى اليمين فإنه يضغط الهواء امامه، مكوناً بذلك تضاغطاً ينطلق في الهواء. وفي لحظة تالية يكون الرق متحركاً إلى اليسار تاركاً أمامه منطقة من الهواء ذات ضغط منخفض تسمى التخلخل، وهذا الاضطراب ينطلق أيضاً بدوره من المجهار وينتشر في الهواء. وبتكرار هذه العملية مرات كثيرة تنبعث من المجهار سلسلة من الاضطرابات الضغطية، التضاغطات والتخلخلات، التي تنتشر متتابعة أحدهما تلو الأخرى في الهواء. ويتضح من ذلك أن هناك تشابها ً كبيراً بين هذه الموجات الصوتية والموجات التضاغطية على زنبرك.

الشكل (1): يؤدي اهتزاز الرق المرن للمجهار ذهاباً وإياباً إلى انبعاث تضاغطات والتخلخلات تنتشر تباعاً في الهواء. تنتشر تباعاً في الهواء.

ويوضح الشكل ((2 الموجة المنبعثة من مجهار كالسابق وصفه، حيث A,B,C تمثل التضاغطات، بينما تمثل P,Q,R التخلخلات. وبالإضافة إلى ذلك يمثل الشكل (2) أيضاً ضغط الهواء بطول هذه الموجة الصوتية في لحظة معينة، مع ملاحظة ان الضغط على مستوى الخط الأفقي في هذا الرسم البياني هو متوسط الضغط الجوي. ومن الجدير بالذكر ان التضاغطات والتخلخلات في الموجة الصوتية تسبب تغيرات طفيفة جداً في الضغط الهواء، إذ أن هذه التغيرات لا تزيد عن حوالي 0.01 في المائة فقط من الضغط الجوي حتى بالنسبة للأصوات العالية جداً.

الشكل (2): تتكون الموجة الصوتية المنبعثة من المجهار من مناطق ذات ضغط مرتفع وأخرى ذات ضغط منخفض على التوالي. وعملياً يتغير الضغط في هذه المناطق بما يعادل 0.01 في المائة فقط أو أقل.

من المشاهد أن الموجات الصوتية المنبعثة من مجهار او أي مصدر صوتي آخر لا تتقيد عادة بالسير في خط مستقيم في اتجاه واحد فقط، ولكنها بدلاً من ذلك تنتشر من المصدر في جميع الاتجاهات. ولفهم هذه السمة من سمات الحركة الموجية يمكننا الرجوع إلى الشكل 3) ب). وكما نرى من هذا الشكل فإن القمم الموجية (وتسمى هنا بالجبهات الموجية) تكون على هيئة دوائر يزداد نصف قطرها زيادة مطرد أثناء حركتها مبتعدة عن المصدر. وعندما تصل القمم الموجية إلى مسافات كبيرة جداً بالنسبة إلى المصدر سوف تصبح هذه الدوائر كبيرة جداً ويكون انحناؤها صغيراً جداً ومن ثم فإذا نظرنا إلى قمم موجبة تقع على بعد كبير جداً من المصدر فإنها ستبدو على هيئة خط مستقيم تقريباً أثناء مرورها على سطح الماء. وبناء على ذلك تسمى الموجات البعيدة عن مصدرها بالموجات المستوية، وهو مصطلح موجي عام ينطبق أيضاً على الموجات ثلاثية الأبعاد كما سنرى حالاً.

الشكل (3): (أ) مصدر موجي يرسل موجات دائرية على سطح الماء. (ب) رسم تخطيطي يستخدم لتمثيل الموقف الموضح في (أ).

والموجات المائية الموضحة بالشكل ((3 تحمل معها الطاقة بعيداً عن المصدر. وحيث أن الطاقة تنتقل في اتجاه انتشار الموجة فإن الطاقة التي تحملها تتحرك على استقامة الخطوط نصف القطرية ، كالخطوط المميزة بكلمة أشعة في الشكل. لاحظ أن الأشعة طبقاً للتعريف عمودية على الجبهات الموجية. وحيث أن الجبهات الموجية تتحول إلى خطوط مستقيمة تقريباً على بعد كبير من المصدر، ولأن الأشعة عمودية على الجبهات الموجية ، فإن الأشعة تكون متوازية عندما تكون بعيدة جداً عن المصدر الموجي، أي في الموجة المستوية.

والموقف يشبه ذلك إلى حد كبير في حالة الموجات الصوتية في الهواء. ولكن نظراً لأن هذه حالة ثلاثية الأبعاد، فغن الجبهات الموجبة تكون سطوحاً كروية متمركز عند المصدر وليست دوائر كما في الحالة ثنائية البعد. ويتناقص انحناء هذه الموجات الكروية تدريجياً كلما بعدت عن المصدر، وتتحول إلى أسطح متساوية اساساً على أبعاد كبيرة جداً بالنسبة إلى المصدر الموجي، ولذلك تسمى هذه الموجات المستوية. وكما في الحالة السابقة فإن الأشعة تكون عمودية على الجبهات الموجية، ومن ثم تكون الأشعة متوازية أيضاً مع بعضها البعض في الموجات المستوية.