أقرأ أيضاً
التاريخ: 3/10/2022
1768
التاريخ: 14-3-2018
1978
التاريخ: 16-8-2022
1515
التاريخ: 22/11/2022
1356
|
فشل الأبناء في التعامل مع آبائهم هو ترك الطاعة التي أوجبها الله تعالى عليهم وهو المعبر عنه بعقّ الوالدين .
عندما يتخلى الإنسان عن الالتزام بطاعة الله وطاعة الوالدين يبدأ الفشل في حياته .
والمراد بالطاعة هنا تنفيذ جميع أوامر ومطالب الأب والأم التي بتركها يتأذيان, باستثناء ما كان فيه معصية لله تعالى, إذ طاعة الله متقدمة على طاعة الوالدين, ويمكن إظهار موارد طاعة الوالدين فيما يلي:
ففي موارد الواجبات الشرعية : كأن يأمر الوالدان الأولاد بالصلاة والصوم والجهاد والأمر بالمعروف أو ترك معصية كأمرهما بترك الكذب والغيبة وسوء الظن وظلم الآخرين وأذيتهم , فمن الواضح في مثل هذه الموارد يجب طاعة الوالدين وتنفيذ أوامرهما , إضافة الى وجوب ذلك ابتداء على كل مكلف من قبل الله .
وفي موارد المحرمات الشرعية : كأن يأمر الوالدان أولادهم بالسرقة والظلم وضرب الزوجة وإهمال تربية الأولاد وإفشاء الفساد في المجتمع , ففي مثل هذه الموارد تسقط طاعة الوالدين وتقدم طاعة الله الآمرة بترك هذه المحرمات والابتعاد عنها .
وفي موارد المستحبات الشرعية : كأن يأمر الوالدان أولادهم بدعاء كميل وزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) أو إحياء ليالي العبادة بقربهما أو بعض الأمور المستحبة شرعا , فهذا ينقلب المستحب الى واجب ويجب إطاعة الوالدين فيه إذا كانا يتأذيان بتركه , وكذا أمر الوالدين بترك المكروهات.
وفي موارد المكروهات الشرعية : كأن يأمر الوالدان أولادهم بفعل مكروه فيه فائدة للأبوين يتأذيان بتركه , كأمرهم للولد بالأكل معهما وهو على جنابة أو النوم معهما كذلك , فهنا يجب طاعة الوالدين , وإن استطاع رفع المكروه بالوضوء أو التيمم أو الصدقة او الاستغفار فهو أفضل .
وفي موارد المباحات الشرعية : كأن يأمر الوالدان الأولاد بفعل المباحات كالعمل في الأرض وتنظيم البيت وتنظيف ما تحت الشجر وسقاية المزروعات وما شابه , ففي مثل ذلك يجب طاعة الوالدين رعاية لحقوقهما فيما إذا كانا يتأذيان بترك الطاعة .
هذا في موارد الطاعة في التكاليف الخمسة , وكذلك في حالة النهي عن الأمور الخمسة , فإذا نهى الوالدان عن فعل الأمر الواجب فلا يجب الطاعة , وإذا نهيا عن فعل المحرمات فتجب الطاعة , وكذلك تجب الطاعة إذا نهيا عن المكروه والمستحب والمباح .
هذا وقد تنقلب بعض المباحات والمستحبات الى واجبات فيتعامل معها كواجبات كصلاة الجماعة أو لبس العباءة المستحبة وكدعاء كميل وزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وحضور الدروس الثقافية فاذا انقلبت هذه الى واجب ونهى عنها الوالدان فلا يجب على الأولاد طاعتهما وكذلك في انقلاب استحباب الصلاة في المسجد الى الوجوب وفي انقلاب استحباب الدعاء الى الوجوب , كما لو كان تركهما فيه تضعيف للتشيع أو كان في لبس المرأة للعباءة مصلحة للإسلام وتقوية ونصرة للدين أو كان يتوقف عليها سلامة الحياة الزوجية .
وكذا إذا أصبحت زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) شعارا للدفاع عن المظلومين أو نصرة لقضية أهل البيت (عليهم السلام) وهكذا في حضور الدروس والمحاضرات الثقافية , فإنها تجب إذا كان فيها دعم للإسلام أو تقوية الدين , أو كان فيها تعليم أمور يبتلى بها الناس كتعليم الصلاة وشكوكها والوضوء , وأحكام طاعة الوالدين وطاعة الزوج وما يتعلق بأحكام التجارة للتجار وأحكام البنوك للعاملين فيها أو المستفيدين منها , وبقية الأمور الواجبة والتي هي مورد الابتلاء وقد تختلف الأحكام والموارد من مكان الى مكان ومن مجتمع الى مجتمع , فيتّبع كل مورد بحسبه .
ثم هناك تفصيلات في طاعة الوالدين لا بأس بالتعرض لها لكونها محل ابتلاء لكثير من الناس : منها ما إذا تعارضت طاعة الوالدين مع مستقبل الولد كالذهاب للجامعات الغربية مثلا أو اختلاف الأب مع ابنه في نوع الاختصاص , أو نوع العمل أو التجارة أو المهنة , فهل تسقط طاعة الوالدين؟
...إن من ضمن رعاية الوالدين لأبنائهم التفكير بمستقبلهم الدراسي والجامعي ونوع الاختصاص , وعليه فعلى الوالدين التدخل في هذا الأمر وإرشاد الأبناء الى الاختصاص المفيد له وللوطن الذي يعيش فيه .
وعلى الأبناء تلبية رغبة الآباء الذين هم في الغالب أعرف بمصلحة أبنائهم .
لكن قد يختلف الأبناء مع الآباء في هذا الأمر فما هو الحل؟
قال الفقهاء : ((لا تجوز مخالفتهما في أمر يكون أنفع له , ولا يضر بحاله : ديناً أو دنيا , أو يخرج عن زيّ أمثاله وما يتعارف منه , ولا يليق بحاله بحيث يذمه العقلاء ويعترفون أن الحق لا يكون كذلك , ولا حاجة له في ذلك ولا ضرر عليه بتركه)) (1) .
وقالوا : تجب عليه طاعتهما في كل فعل , وإن كان شبهة فلو أمراه بالأكل معهما في مال يعتقده شبهة أكل لأن طاعتهما واجبة وترك الشبهة مستحب (2).
توضيح ذلك : فيما إذا اختار الابن مهنة الزراعة واختار الوالدان مهنة التجارة فإذا كانت مهنة التجارة أنفع له وكانت تناسب حاله ولا تسبب له ضررا وجب طاعة الوالدين في ذلك .
نعم إذا أضرت بحاله مهنة الوالدين أو كانت خلاف أمثاله كما لو كان من المتعلمين والمثقفين وطلب الوالدان منه العمل في مهنة رعاية الغنم , فلا يجب طاعتهما ,ويستثنى من ذلك ما إذا كان في ترك رعاية الغنم أذية لهما, أو ضررا عليه, كما إذا لم يجدى عملا آخر وكان بحاجة للنفقة .
وهكذا في اختيار نوع اختصاص الابن في الجامعات , فإذا أمر الوالدان بنوع معين يناسب حاله وأنفع له وجب الطاعة .
نعم عادة يختار الابن ما يناسب حاله وكان نفعه أكبر , خاصة في هذه الأيام التي أصبح فيها الشباب بوعي كبير وثقافة اجتماعية مناسبة , لذا ينبغي للآباء مراعاة حال الأبناء في ذلك ويدرسوا وضع الأبناء قبل أن يتخذوا قرارهم فيقعوا في جدال مع الأبناء , قال إمامنا الصادق (عليه السلام) : ((رحم الله والدا أعان ولده على البر)) (3) .
كما ينبغي أيضا للأبناء مشاورة الآباء في مستقبلهم وشأنهم العلمي والاجتماعي , لما يملك الوالدان من الخبرة الاجتماعية عادة نتيجة المعاشرة والمعايشة مع الوضع العام حتى لو لم يكونا من أهل الاختصاص .
نعم أحيانا ينصح الآباء الأبناء بمهنة معينة أو باختصاص محدد , لا على وجه اللزوم بل إرشادا
وتوعية , فهنا لا تجب الطاعة لعدم صدق العقوق .
ومنها ما إذا تعارضت طاعة الوالدين أو رغبتهما مع جهاد الأبناء ودفاعهم عن الإسلام , وهل يشمل ذلك مقدمات الجهاد من تدريب ونحوه ؟ وهل يشمل الدفاع الثقافي والاقتصادي ؟
قال الفقهاء : لهما منعه من الجهاد مع عدم التعين لما صح عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال لمن سأله البيعة على الهجرة والجهاد :((فارجع الى والديك فأحسن صحبتهما)) (4) .
فإذا تعين الجهاد على شخص معين كما لو كان لديه خبرة في القتال يفقدها أقرانه , أو كان الاحتياج له ولأقرانه في مهمة معينة أو كان وحيدا في منطقته , أن كان هو الدليل الوحيد لمنطقة عسكرية أو كان به خصوصية جعلت وجوده أنفع من غيره , ففي جميع ذلك ليس للوالدين منعه , وإذا منعاه لا يجب الطاعة, نعم يجب حل المشكلة بأسلوب مناسب وهادئ كي لا يقع في محرم آخر , إذ سقوط طاعتهما لا يعني سقوط بقية الواجبات تجاه والديه من البر والاحترام والتقدير والشكر .
ولا ينبغي الغفلة عن أن تعين الجهاد يقدر بقدره , فإذا وجب عليه الجهاد مدة معينة كستة أشهر فإنه بعد هذه المدة يجب طاعة الوالدين في ذلك إذا تأذيا بخروجه .
أما مقدمات الجهاد : فتارة يكون الوطن الذي يعيش فيه المسلمون وطنا آمنا لا يوجد أي احتمال لأن يهددهم عدو , أو يأتي الى بيوتهم لسرقتهم أو الاعتداء على أعراضهم وممتلكاتهم أحد فإذا كان الوضع كذلك لا يجب على المسلمين تهيئة مقدمات الجهاد كالتدريب وشراء السلاح وما شابه , وهذا الوضع لا نكاد نعرفه ولا يمكن وجوده إلا لمن كان يعيش تحت الماء في قعر البحر وفي القطب المتجمد .
أما إذا كان الوطن فيه احتمال تهديد العدو أو المفسدين في الأرض أو كان بينهم أشرار يعبثون بأموال المسلمين وممتلكاتهم ,فيجب على كل مسلم فيه مؤهلات الجهاد أن يعد نفسه عسكريا للجهاد في سبيل الله أو للدفاع عن نفسه وماله وعياله .
لا يقال : هو واجب كفائي وحقيقته أنه إذا قام به البعض سقط عن الآخرين وإذا لم يقم به أحد أثم الجميع .
فإننا نقول : هذا يختلف عما لو كان الكل مهددا من قبل العدو , وفي كل لحظة يحتمل فيها قدوم العدو الى كل بيت , فهنا يجب على كل من كان ضمن هذه الدائرة المعرضة للخطر أن يعد نفسه ويهيئ مقدمات الجهاد ولذا لو هاجم العدو وتقاعس البعض عن قتاله وصده , فهل ننتظر حتى ذهاب البعض الآخر ليتدرب ويهيئ نفسه عسكريا ثم يأتي بعد سنة أو أكثر ليصد ذلك العدو ويدافع عن وطنه وعرضه وماله ؟!
وإذا داهم السارق أو القاتل بيوت الناس ماذا يفعلون وهم عزل لا حيلة لهم ولا قوة ؟ في حين أنهم في معرض الخطر على الدوام .
وعليه فيجب على جميع القادرين أن يتدربوا ويتهيؤوا للدفاع عن وطنهم وأعراضهم وآبائهم وأمهاتهم ,وإذا منع الآباء عن ذلك لا يجب طاعتهم حفاظا على الوطن والعرض والآباء أنفسهم.
نعم إن تدريب الأبناء – في الوطن المهدد – فيه محافظة عل نفس الآباء ورفع الضرر عنهم حتى يعيشوا عيشة آمنة وبكرامة وعزة , فيكون في بعض الأحيان منع الأب لابنه عن التدريب بمثابة منعه عن رفع الأذى عن والده نفسه ووقوعه في الخطر والمقطوع أو المحتمل , وهنا يجب على الابن من باب المحافظة على والديه وعرضه ان يتهيأ نفسيا وعسكريا للدفاع والحفاظ عليهما , وهو غاية البر.
أما الدفاع عن الثقافة الإسلامية والاقتصاد الإسلامي : بالطرق المناسبة هو كالدفاع عن الوطن بالسلاح والعمل العسكري وهو من جملة الدفاع عن الإسلام بكل أبعاده ومفاهيمه , وعليه فالدفاع عن الثقافة والاقتصاد الإسلامي واجب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين وإلا أثموا جميعا , نعم تهيئة مقدمات ذلك واجبة على كل قادر أبا كان أو أما أو ابنا وبنتا لأنهم في معرض الخطر جميعا .لكي يكونوا جاهزين إذا ما تقاعس البعض عن الدفاع عن الإسلام .
وينبغي على الآباء توعية الأبناء وحثهم على الدفاع عن الإسلام ومفاهيمه , وفسح المجال لهم ليتعلموا حقيقة هذه المفاهيم وكيفية الدفاع عنها وحمايتها من أيدي الاستعمار , خاصة في هذه الأيام التي يهدد الاستعمار الثقافة الإسلامية في أكبر موجة لم يعرف التاريخ مثيلا لها , حيث قام بزرع ثقافته في مجتمعاتنا وعلى كل المستويات , حتى أصبحنا نلتزم بثقافته وعاداته وتخلينا عن ثقافة القرآن وعترة النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) , وقد أصبح شبابنا يتشبهون بلباس الغرب المستكبر وعاداته , وأصبحت فتياتنا تقلد الثقافة الشيطانية لتتخلى عن عفتها وشرفها , من شدة ما انبهر مجتمعنا بالعادات والصناعات الغربية حتى استهان بآداب الإسلام وعاداته , وسوف نتعرض لذلك مفصلا .
ـ ومنها ما إذا تعارضت الطاعة مع الصلاة الواجبة أو المستحبة ؟
قال الفقهاء : لو دعواه الى فعل وقد حضرت الصلاة فليؤخر الصلاة وليطعهما , ولهما منعه في بعض الأحيان عن صلاة الجماعة فيما إذا كان فيه مشقة عليهما كالسعي في ظلمة الليل الى صلاة العشاء والصبح (5) .
هذا في الصلاة الواجبة .
أما المستحبة فتقديم طاعتهما ظاهر , حتى لو دعواه في أثناء الصلاة المستحبة الى قطعها , كما في قصة جريح (6) الذي نادته أمه وهو يصلي .
وفي حديث قال (صلى الله عليه واله) : ((لو كان جريح فقيها لعلم أن إجابة أمه أفضل من صلاته)) (7) .
ـ ومنها ما إنّ معناه عن الحج والصوم المستحبين وترك اليمين والعهد والنذر .
قال الفقهاء : وأما سفر التجارة , فإن كان قصيرا لم يمنع منه وإن كان طويلا وفيه خوف اشترط إذنهما , وإلا احتمل ذلك تحرزا من تأذيهما , ولأن لهما منعه من حجة التطوع مع أنه عبادة , فيكون منعهما في المباح أولى (8) .
ومن الحقوق ترك الصوم المستحب الا بأذن الأب وكذا ترك اليمين والعهد (9) .
ـ ومنها فيما إذا تعرضا لأذى أو تهددهما خطر .
قال الفقهاء : يجب كف الأذى عنهما وإن كان قليلا , فلا يدعه يصل إليهما ويمنع الغير من إيصاله إليهما (10) .
ومن ذلك دفع الضرر الحاصل لهما من البناء القديم جدا الذي قد يسبب رطوبة مضرة , أو وصول حيوانات مخيفة , وكذلك وجوب أخذهم الى الطبيب عند احتمال وجود مرض , أو مراقبة حالتهم الصحية وإجراء فحوصات طبية لهم بين فترة وأخرى خاصة إذا تقدموا في السن ومنها حماية تجارتهم وأموالهم , والخ .
ـ عبرة :
يروي احد العلماء الزهاد ((حسين مشكور)) أنه رأى في منامه شابا يتقدم لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) , فيبتسم هو ويتبسم له الإمام أيضا , فاستيقظ ثم في إحدى ليالي الجمعة رأى ذلك الشاب يزور الإمام الحسين (عليه السلام) وتبسم أيضا دون رؤية الإمام , فسلمت عليه بعد الزيارة , وقلت له المنام وسألته عن السبب .
فقال : لي أبوان عجوزان في كل ليلة جمعة أركب أحدهما على الحمار وآتي به الى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) .
وفي إحدى الليالي الممطرة أخذت أبي فأصرت أمي على الذهاب خوفا من الموت قبل الزيارة , فقلت لها : الحمار لا يتحمل والأرض موحلة ولكن قبلت وحملتها على ظهري ووالدي على الحمار , وجئنا للزيارة فعندما سلمنا عليه (عليه السلام) رايته يبتسم ويرد السلام وهكذا كل ليلة جمعة .
هذا نموذج من نجاح البنوة حصل عليه هذا المؤمن نتيجة بره لوالديه وطاعته لهما (11) .
___________________
1ـ انظر البحار : 71/36 .
2- زبدة البيان : 381 .
3- فقه الرضا (عليه السلام) : 336 ، ح88 , والبحار : 71/65 .
4- زبدة البيان : 382 .
5- زبدة البيان للأربيلي : 381 .
6- انظر البحار : 71/75 ح68 .
7- القواعد والفوائد : 2/48 .
8- تذكرة الفقهاء ك1/48 .
9- مستدرك سفينة البحار : 6/592 .
10- زبدة البيان : 382 , والبحار : 71/38 .
11- عن القصص العجيبة لدستغيب .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|