أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-1-2016
42247
التاريخ: 8-06-2015
8849
التاريخ: 2024-05-11
960
التاريخ: 29-1-2016
3279
|
مقا- أصل صحيح يدلّ على ارتفاع في الشيء عن غيره أو تنحّ عنه. نبا بصره عن الشيء ينبو ، ونبا السيف عن الضَريبة : تَجافى ولم يمض فيها. ونبا به منزله : لم يوافقه ، وكذا فراشه. ويقال : نبا جنبه عن الفراش. ويقال : إنّ النبي (صلى الله عليه واله) اسمه من النبوة وهو الارتفاع ، كأنّه مفضّل على سائر الناس برفع منزلته. ويقولون : النبىّ : الطريق.
مصبا- نبا السيف عن الضريبة نبوا من باب قتل ونبوّا : رجع من غير قطع ، فهو ناب. ونبا الشيء : بعد. ونبا السهم عن الهدف : لم يصبه. ونبا الطبع عن الشيء : نفر ولم يقبله.
لسا- نبا بصره عن الشيء نبوّا ونبيّا ، ونبوة مرّة واحدة. ونبا الشيء عنّى ينبو ، أي تجافى وتباعد. وأنبيته أنا : دفعته عن نفسي. والنبوة : الجفوة. والنبوة : الاقامة. والنبوة : الارتفاع ، والعلو. والنبوة والنباوة والنبي : ما ارتفع من الأرض.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو ارتفاع عمّا من شأن الشيء أن ينخفض ، أي ارتفاع شيء في مورد يتوقّع فيه الانخفاض.
ومن مصاديقه : رفع البصر فيما يتوقّع فيه الغضّ والخفض. وارتفاع السيف وتوقّفه في القطع والنفوذ. والتوقّف في السهم في إصابة الهدف. وحصول البعد في الوصول الى المقصد. وعدم انطباق الطبع على طعام أو غيره.
وبهذه المناسبة تطلق تجوّزا على مفاهيم متناسبة.
ومن مصاديق الأصل مقام النبوة وهو ارتفاع واعتلاء في شأن إنسان من جهة الروحانيّة والمعنويّة ، ذاتيّة واكتسابيّة ، مع كونه على فطرة بشر كسائر أفراد الإنسان.
ومن لوازم هذا الاعتلاء : الإحاطة على مراتب عالم المادّة والطبيعة ، والارتباط بعوالم ما وراء المحسوس والظاهر ، ونزول الوحى من جانب اللّه عزّ وجلّ اليه ، والاشراف على المعارف والحقائق.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب : 45]. {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم : 30] فانّ الشّهادة على القوم وتحقّق النبّوة في سنّ الصبا : ليست من آثار النبوء مهموزا ، بل هي من لوازم اعتلاء الذات وارتفاع المقام الروحاني.
وسبق في رسل : الفرق بين النبيّ والرسول وما يترتّب عليهما.
وقلنا في هذا الكتاب وفي شرح باب الحادي عشر : إنّ مقام النبوّة والخلافة يحتاج الى ثلاث امتيازات ، امتياز تكويني وارتفاع معنويّ ذاتيّ ، وامتياز خاصّ في المجاهدة والعمل حتّى تتحقّق حقيقة العبوديّة والفناء ، وامتياز إعطاء المنصب والمأموريّة من جانب اللّه المتعال اليه ، حتّى يتمّ مقام النبّوة والخلافة.
وقد ذكرت في القرآن المجيد آثار ولوازم للنبوّة :
1- {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان : 31] فانّ الإجرام بمعنى القطع في مجرى الحقّ ، وبهذا اللحاظ يستعمل في الذنب والعصيان ، فانّ الخلاف يقطع الارتباط بين العبد وبين اللّه عزّ وجلّ. وهذا المعنى يقابل حقيقة النبوّة ، فانّها بَعثة إلهيّة لدعوة الناس الى اللّه تعالى ، فالعداوة في هذا المورد أمر طبيعي.
و قد عبّر في مورد آخر بالشياطين :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ } [الأنعام : 112] فانّ الشطن عبارة عن اعوجاج وتمايل عن الحقّ ، وهذا المعنى أيضا يقابل النبوّة والارتباط.
2- {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [آل عمران : 161] الغُلول : إدخال شيء في شيء يوجب تحوّلا وتغيّرا ويزيل الخلوص والصفا الى خلط وانكدار. وهذا المعنى يخالف رفعة مقام النبىّ وعلوّ شأنه وكمال روحانيّته وإخلاص نيّاته وفناءه التامّ في قبال عظمة اللّه عزّ وجلّ. والغلول يظهر يوم تكشف فيه السرائر.
3- {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف : 94] حتّى يتوجّهوا الى الحقّ وينصرفوا عن الشهوات والتمايلات المادّيّة ، فانّ الإنسان ما دام مستغّلا بالتلذّذات الدنيوية لا يمكن أن يحصل له تنبّه وتكفّر في عاقبة أمره وسعادة نفسه ، فيكون بعث النبىّ لغوا ودعوته عبثا ، ولا يزيد لهم إلّا استهزاء وطغيانا شديدا.
4- { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال : 67] الأسرى جمع الأسير ، وهو بمعنى المحبوس والمضبوط تحت النظر والسلطة. والإثخان : إعمال القوّة والقدرة وجعل الشخص مقهورا. يراد أنّ برنامج النبىّ قولا وعملا هو الدعوة الى اللّه والهداية الى عوالم ما وراء المادّة وإعمال العطوفة والعفو والرحمة ، لا جمع المال وادّخار الثروة وتقوية جانب الحياة الدنيا و توسعة السلطة والحكومة الظاهرية وجعل الناس مقهورين أذلّاء {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال : 67] - فإذا كان النظر في ضبط الأسرى الى هذه الجهة من حيث هي : فهو نظر دنيويّ وتوجّه الى عرض الدنيا.
5- {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج : 52].
التمنّي بمعنى تشهّى حصول أمر مع التقدير. والامنيّة كالأحدوثة بمعنى ما يُتمنّى شديدا. والتمنّي يخالف التسليم والرضا والتفويض. وظهور التمنّي في قلب المؤمن مجلبة طمع الشيطان ومورد مناسب لإلقائه.
ولا يخفى أنّ التشهي من آثار الجهة الجسمانيّة والقوى البدنيّة وبمقتضى هذه الحيثيّة في خلقة الإنسان ، ولا يعدّ عصيانا ما لم يبلغ الى مرحلة العمل المخالف ، وأمّا إلقاء الشيطان ووسوسته : فهو خارج عن اختيار الإنسان ، ويلزم الاستعاذة منه والاستغفار.
فتدلّ الآية الكريمة على أنّ قلب النبىّ يمكن أن يعرضه التشهيّ والإلقاء من الشيطان ، إلّا أنّ اللّه عزّ وجلّ يحفظه عن أي خلاف وعصيان.
6- {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الزخرف : 7] الاستهزاء بمعنى طلب التحقير والاهانة ، أي إذا يأتيهم نبيّ يريدون تحقيره وإهانته بطور مطلق وب أي نحو يكون. وهذا فانّ برنامج حياة النبىّ وأعماله وأقواله وأفكاره تخالف هؤلاء القوم الذين ليس لهم نظر إلّا التوجّه الى التعيّش الدنيويّ والتعلّق بالمادّيّات والتمايلات.
فيحسبون بأنّ النبىّ يبيع العيش الحاضر بالآخرة الموهومة.
7- {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران : 79] فانّ النبىّ يدعو الخلق الى اللّه عزّ وجلّ والى التوحيد والى معرفة أسمائه وصفاته وآياته ، فلا يمكن له أن يدعوهم الى نفسه ، وهو يعرف عبوديّته وفقره ومحدوديّته.
وهذا ينفى مقام الرفعة وحقيقة النبوّة عنه.
8- {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } [الإسراء : 55] قلنا إنّ النبيّ يمتاز عن سائر الناس بثلاث امتيازات : في أصل التكوين ، وفي العمل والمجاهدة ، وفي تعلّق المأموريّة به من اللّه تعالى.
والعمدة في هذا المقام : الجهة الاولى ، فانّ المرتبة الثانية والثالثة إنّما تتبعان الاولى ، لكونها أصلا وأساسا ومبدءا ، والمرتبتان تبنيان على تلك الأساس الثابت.
. {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد : 17] فمبدأ الاختلاف في الأنبياء من جهة الفضيلة : هو امتيازهم من جهة التكوين والخلقة ، واختلاف مراتبهم في هذه الجهة ، وبمقتضى هذا الأصل الثابت تلحقه الأعمال والمجاهدات ، والمأموريّة.
وهذه الضابطة جارية في جميع طبقات الموجودات وأنواعها ، فانّ الخلق والتكوين والتقدير بيده عزّ وجلّ ، يعطى من يشاء بما يشاء كيف يشاء ، وهو الحكيم المدبّر- {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم : 22] فهذه ثمانية آثار من الخصوصيّات الّتى تلزم مقام مطلق النبوّة.
________________________________
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر . ١٣٩ هـ.
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|