أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2014
1769
التاريخ: 4-1-2016
7648
التاريخ: 4-1-2016
2397
التاريخ: 27-04-2015
1461
|
قوله تعالى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور : 3].
قال في الإتقان : قوله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية ... الخ } منسوخ بقوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور : 32] .
وقال العتائقي : إن الآية نسخت بقوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} . ثم قال : وفيه نظر.
وقال الزرقاني : إنها منسوخة بقوله ( وأنكحوا... الخ ) لأن الآية خبر بمعنى النهي (1).
ونقل الجصاص عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة بالآية بعدها ، وكان يقال : هي من أيامى المسلمين (2).
وفي قبال هؤلاء من يقول بعدم النسخ ، فمنهم :
١ - الإمام الخوئي ، حيث قال في جملة كلام له : إن الآية غير منسوخة ، فإن النسخ فيها يتوقف على أن يكون المراد من لفظ النكاح هو التزويج ، ولا دليل يثبت ذلك. على أن ذلك يستلزم القول بإباحة نكاح المسلم الزاني المشركة ، وبإباحة نكاح المشركة المسلمة الزانية ، وهذا مناف لظاهر الكتاب العزيز ، ولما ثبت من سيرة المسلمين. والظاهر أن المراد من النكاح الوطي... الخ (3).
٢ - ما عن الضحاك وابن زيد وسعيد بن جبير وإحدى الروايتين عن ابن عباس ، فيكون نظير قوله { الخبيثات للخبيثين } في أنه خرج مخرج الأغلب الأعم (4).
وكيف كان ، فإن البحث يقع في أمرين :
الأول : في حرمة زواج الزاني من المؤمنات ، وحرمة زواج الزانيات من المؤمنين. وإنما يتزوج الزاني الزانية وبالعكس.
الثاني : في جواز زواج المسلم من المشركة ، والمسلمة من المشرك.
أما الأول فقد يقال : إن الآية قد نسخت بقوله تعالى * {وأنكحوا الأيامى منكم} * لعموم الأيامى للزاني والزانية ، فيجوز إنكاحهما ، لدخولهم في موضوع الأمر.
وأجيب بأن آية إنكاح الأيامى تعم الزناة وغيرهم ، وتلك الآية خاصة بالزناة ، والخاص لا ينسخ بالعام ، بل يخصص العام به ، كما هو مقرر في علم الأصول من تقدم التخصيص على النسخ ، لكثرة التخصيص وقلة النسخ.
هذا بالإضافة إلى أن الأخبار قد دلت على بقاء الحكم وعدم النسخ ، وأنه لا يجوز تزوج المرأة المعلنة بالزنا ، وكذا الرجل المعلن به إلا أن تعرف توبتهما.
غاية الأمر : أن الحكم قد قيد بما إذا كان الزاني والزانية معلنين ، وبما إذا أقيم عليهما الحد ، وهذا من تقييد الآية بالسنة ، ولا مانع منه ، ونذكر من تلك الأخبار على سبيل المثال :
١ - ما رواه الشيخ الحر العاملي (رحمه الله) بسنده عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ، ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا ، إلا بعد أن تعرف منهما التوبة (5).
٢ - وما رواه أيضا عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل { الزاني لا ينكح إلا زانية... الخ } قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد شهروا بالزنا ، وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا (منهم) لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة (6).
هذا ، ولكننا نجد مع ذلك أن بعض أصحابنا قد أفتى بجواز نكاح الزاني لغير الزانية ، وبالعكس ، ولكنه مكروه ، ولعل حملهم الآية على الكراهة من أجل تلك النصوص الواردة الدالة على جواز نكاح الزانية. قال المحقق الحلي : من زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها ، وكذا لو كانت مشهورة بالزنا (7).
وقال الشارح : والمعروف من مذهب الأصحاب جواز مناكحة الزاني على كراهة ، فإنهم حكموا بكراهة تزويج الفاسق مطلقا ، من غير فرق بين الزاني وغيره (8).
وأما أهل السنة فجمهورهم يقول بجواز نكاح الزانية ، ولكنه مذموم. قال ابن رشد : واختلفوا في زواج الزانية ، فأجاز هذا الجمهور ، ومنعها قوم - إلى أن قال : - وإنما صار الجمهور على ذلك لحمل الآية على الذم لا على التحريم ، لما جاء في الحديث : أن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه وآله) في زوجته : أنها لا ترد يد لامس ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : طلقها ، فقال : إني أحبها. فقال له : فأمسكها (9).
وأما الثاني - وهو جواز نكاح المسلم المشركة والمسلمة المشرك - فإن قبلنا دلالة الآية عليه فإننا نقول : إن الناسخ تارة يكون هو قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة : 10].
وتارة يكون ناسخها هو قوله تعالى {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة : 221].
وعلى كلا التقديرين يكون النسخ على خلاف ما قرروه من تقديم التخصيص على النسخ ، لأن نسبة الآيتين إلى الآية الأولى - التي في سورة النور - هي العموم والخصوص مطلقا ، فلابد في الجمع بينهما من القول بالتخصيص الذي هو شائع ، لا بالنسخ الذي هو نادر. اللهم إلا أن يكون ثمة قرينة تمنع من التخصيص وتحتم النسخ ، كما لو كان العام مما يأبى عن التخصيص ، فقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات } وإن كان عاما يشمل الزاني وغيره ، والآية الأولى خاصة بالزاني ، إلا أن ذلك العام شديد الظهور والنصوصية بحيث يأبى عن التخصيص ، فلابد من القول بالنسخ (10).
والذي يسهل الأمر هو إجماع المسلمين على أنه لا يجوز زواج المسلم الزاني للمشركة ، وكذا زواج المسلمة الزانية للمشرك.
قال الشيخ الطبرسي بعد ذكر قوله تعالى : { ولا تنكحوا المشركات } : هي عامة عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفار. وقال المحقق الحلي : لا يجوز للمسلم نكاح غير الكتابية إجماعا (11). وعلق الشارح على قوله " إجماعا " بقوله : من المسلمين كلهم كتابا وسنة (12). وقال ابن رشد : واتفقوا على أنه لا يجوز للمسلم أن ينكح الوثنية (13).
وبعد هذه الجولة فإن النتيجة تكون هي : أن دلالة الآية على جواز نكاح المشرك للمسلمة الزانية والمشركة للمسلم الزاني - لو سلمت - فهي منسوخة إما بالآيتين السابقتين ، أو بالسنة النبوية التي يكشف عنها إجماع المسلمين.
______________
(1) مناهل العرفان : ج ٢ ص ١٦٢.
(2) أحكام القرآن للجصاص : ج ٥ ص ١٠٧.
(3) تفسير البيان : ص ٢٥٥.
(4) تفسير مجمع البيان : في تفسير الآية.
(5) وسائل الشيعة : ج ١٤ ص ٣٣٥ ب ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح ١ و ٢.
(6) وسائل الشيعة : ج ١٤ ص ٣٣٥ ب ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح ١ و ٢.
(7) شرائع الإسلام : المقصد الثاني في مسائل في تحريم العين من كتاب النكاح.
(8) جواهر الكلام : ص ٩٨ الطبع القديم.
(9) بداية المجتهد : ج ٢ ص ٣٩.
(10) راجع تفسير الميزان : ج ١٥ ص ٨٠.
(11) شرائع الإسلام : المقصد الثاني السبب السادس الكفر.
(12) جواهر الكلام : ص ١٠٧ الطبع القديم.
(13) بداية المجتهد : ج ٢ ص ٤٣.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|