أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
4808
التاريخ: 23/11/2022
1122
التاريخ: 8-11-2014
6942
التاريخ: 2/12/2022
2199
|
قال تعالى : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..} [الممتحنة : 4]
الآية تذكر هذا المضمون في قالب جميل حيث تعرّف النبي إبراهيم عليه السلام المقدام والمكسِّر للأصنام بالقدوة في الدفاع عن قضيّة التوحيد ومحاربة الشرك محاربة لا هوادة فيها حيث قالت: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ، ثمّ تقدّم توضيحاً عن الاسوة الحسنة هذه بقوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ ...} ، وأضافت- للتأكيد المكرر- {كَفَرْنَا بِكُمْ ...}.
إنّ الكفر بالأشخاص يعني إعلان البراءة منهم ، لأنّ هذه المفردة (الكفر) ذات معانٍ خمسة حسب الروايات الإسلامية ، أحدها كفر البراءة ، ولم تكتفِ بذلك بل أضافت : {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغضَاءُ أَبداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحدَهُ}.
وإنّ هذه التعابير (البراءة أوّلًا ثمّ إعلانها ثمّ الإعلان عن العداوة الدائمة) لشاهد صريح على صلابة الموحّدين تجاه القذرين الملوثين بالشرك وعبادة الأوثان ، وحينما نلاحظ أنّ القرآن يذكر كلام النبي إبراهيم عليه السلام وأتباعه كقدوة للمسلمين فإنّ ذلك يعني أنّ الإسلام لا يعرف أيّة مهادنة بين التوحيد والشرك في أيّة مرحلة.
ومن التعمّق في تعبير الآية تنكشف الأهمّية البالغة لهذه القضيّة ، فالتعبير ب (قومهم) دليل على أنّ غالبية القوم هم من عبدة الأصنام وأنّ الموحّدين قليلون ، ويبدو أنّ هذا الحوار جرى في (بابل) ، التي هي مركز عبدة الأصنام في ظلّ سلطة الطاغية (النمرود) ، ولم تعمد هذه المجموعة الصغيرة المؤمنة إلى مسايرة الوضع السائد ، ولم تعمل بالتقيّة تجاه المشركين في مسألة التوحيد.
ففي جانب تقول : {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ}.
و في جانب آخر : {كَفَرْنَا بِكُمْ ...}.
و في ثالث : (نتبرّأ مِن أصنامكم).
ومن جهة : (انّا نعتبركم أعداءً لنا).
و من أخرى : (إنّا نُكِنُّ لكم العداء).
وفي كلّ جملة من الآية تعبير جديد عن عدم المداهنة والمسالمة.
والفرق بين (العداوة) و (البغضاء)- كما هو المستفاد من كلمات اللغويين- هو أنّ (العداوة) لها جانب عملي في الغالب ، أمّا (البغضاء) فلها جانب قلبي ، وإن استعمل كلّ منهما مكان الآخر.
وبهذا أعلنوا أنّهم بُراءٌ من الشرك بكلّ وجودهم وصامدون أمامه مهما كانت الظروف ، وينبغي أن يكون ذلك اسوة حسنة لكلّ المؤمنين في العصور كلّها.
و«الاسوة» : تعني في الأصل- كما ورد في (مقاييس اللغة) : العلاج والإصلاح ، ولذا يطلق على الطبيب (آسي).
و«أسى» : تعني الغمّ والحزن ، ومن المحتمل أن يكون بسبب اقتران علاج المريض والجريح- عادةً- بالغمّ والوجع ، ومن ثمّ استعملت بمعنى الإتّباع والمتابعة نظراً لاستدعاء العلاج وإصلاح المتتابَعيْن.
إلّا أنّ الراغب في مفرداته يعبّر عن المعنى الأصلي ل (اسوة) قائلًا بالاتّباع في الصالحات أو السيّئات «1».
يتّضح من الآيات الأربع عشرة المتقدمة والتي كثرت نظائرها في القرآن الكريم أنّ قضيّة التوحيد والشرك هي القضيّة المركزية والمهمّة في نظر القرآن بشكل لا تجوز معه أيّة مداهنة أو مهادنة أو محاباة مع الشرك والمشركين ، ولابدّ من اجتثاث جذور الشرك بجميع صوره ، فإنّ تحقّق ذلك عن طريق التعليم الثقافي والمنطق والاستدلال فهو وإلّا فإنّ الواجب هو الحزم العملي تجاهه.
إنّ التوحيد رأس مال المؤمن والبضاعة المرموقة في سوق القيامة ، والشرك ذنب لا يغتفر ، والمشرك موجود قذر يجب التبرّء منه كلّياً حتّى يعدل عن انحرافه ويعود إلى الإيمان.
___________________________
(1) يعتقد البعض أنّ (أسى) يستعمل كفعل ناقص واوي ويائي ، فإن كان ناقصاً يائياً فإنّه يعني الحزن والغمّ ، ولذا تطلق المأساة على الفاجعة العظيمة ، ولو كان ناقصاً واوياً فهو يعني المعالجة والإصلاح.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|