أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
1132
التاريخ: 10-12-2015
976
التاريخ: 20-3-2016
1148
التاريخ: 10-12-2015
909
|
مسألة (الخاتمية) وأنّ نبي الإسلام صلى الله عليه و آله هو آخر الأنبياء الإلهيين من المسائل التي يعتقد بها كل المسلمين من أي فرقة أو مذهب كانوا، ولا يعرفها العلماء فحسب بل كل أفراد المسلمين أيضاً ويعتبرونها من (ضروريات الإسلام) التي يتوصل إليها أي أحد بسرعة مهما قلت معاشرته لأتباع هذه المدرسة وهي أنّهم يعتبرون النبي الأكرم صلى الله عليه و آله هو آخر الأنبياء الإلهيين.
ومصدر هذا الاعتقاد يعود إلى (القرآن الكريم) و (الروايات الإسلامية) لأنّ هذه المسألة ليست بالشيء الذي يمكن إثباتها بالأدلة العقلية فقط، ويقيناً بعد قبولهم للقرآن الكريم بصفته كتاباً سماوياً، ونبي الإسلام صلى الله عليه و آله كونه رسولًا لله، يمكن الاعتماد على قولهم بهذا الصدد.
لهذا السبب نتوجه أولًا إلى الآيات القرآنية، ثم نتطرق إلى الشواهد التاريخية والروايات الإسلامية، ونختتمها ببعض الشبهات التي ألقاها مخالفو الإسلام حول خاتمية النبي صلى الله عليه و آله :
وردت الآية الرئيسية التي تشهد على هذا المعنى في قوله تعالى : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ ابَا احَدٍ مِّن رِجَالِكُم وَلكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِّييِنَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيماً}(الأحزاب/ 40) .
وذكر العلماء آيات متعددة اخرى حول الموضوع إذا لم نقبل دلالتها القطعية فعلى أقل
تقدير إنّها تحتوى على إشارات مثل :
1- {انَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكرِ لَمَّا جَآءَهُم وَانَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ* لَّايَاْتِيهِ البَاطلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلَا مِن خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِّن حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. (فصلت/ 41- 42)
2- {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الفُرقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلعَالَمِينَ نَذِيراً}. (الفرقان/ 1)
3- {وَاوحِىَ الَىَّ هَذَا القُرآنُ لِانذِرَكُم بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}. (الأنعام/ 19)
{وَمَا ارْسَلْنَاكَ الَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}. (سبأ/ 28)
5- {قُلْ يَا ايُّهَا النَّاسُ انِّى رَسُولُ اللَّهِ الَيْكُم جَمِيعَاً}. (الأعراف/ 158)
6- {انْ هُوَ الَّا ذِكرى لِلعَالَمِينَ}. (الأنعام/ 90)
7- {وَمَا ارْسَلْنَاكَ الَّا رَحْمَةً لِلّعَالَمِينَ}. (الأنبياء/ 107)
فالآية الاولى التي وردت في بحثنا، وهي الآية 40 من سورة الأحزاب والتي أشارت قصة «زيد»، وهو ابن الرسول صلى الله عليه و آله بالتبني، حيث إنّ الرسول صلى الله عليه و آله تزوج من زوجته التي طلقها، وذلك من أجل القضاء على احدى السنن الخاطئة التي كانت متداولة آنذاك والتي تقضي بعدم الزواج من زوجات أدعيائهم بعد الطلاق ولكي لا تبقى بعد زواجها من غير زوج.
والجدير بالذكر هو أنّ زواج زيد من هذه المرأة كان بواسطة الرسول صلى الله عليه و آله، وقد طلقها لعدم انسجامهما.
وقد نفت الآية الكريمة القرابة النَسبيّة بين زيد والرسول الأكرم صلى الله عليه و آله حيث قال : {وَمَا كَانَ مُحَمدٌ أبَا أَحَدٍ مِن رِّجَالِكُمْ}، ثم أضافت : {وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِييِنَ}.
حيث تُثْبت لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله الرابطة الروحية والمعنوية المتأتية من مقام النبوة والخاتمية، أي أنّه ليس أباكم الجسدي، بل هو أبوكم الروحي، وأبو كل الأجيال اللاحقة حتى نهاية الدنيا، وإذا نقل في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه و آله قوله : «أنا وعلي أبوا هذه الامّة» فهو أيضاً إشارة إلى نفس الابوة الروحية التي تنبع من التعليم والتربية والقيادة.
ويجب الالتفات إلى أنّ للنبي الأكرم صلى الله عليه و آله عدة أولاد نسبيين بأسماء (القاسم)، (الطيب)، (الطاهر)، و (إبراهيم) ورحلوا جميعهم عن هذا العالم قبل البلوغ. ولهذا السبب لم تسميهم الآية (رجالًا) (1).
ضمنا هناك رابطة اخرى بين مسألة ختم النبوة وعدم وجود الولد وهي أن أولاد الأنبياء كانوا أنبياء أيضاً، ولأنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله لا ابن له بلغ مبلغ الرجال لم يبق أي مجال للتوهم بأن سيكون بعده نبي آخر، وعلى هذا فإنّ فقدان الولد هي إشارة إلى ختم النبوة.
ويقول في آخر الآية {وكان اللَّه بكل شيء عليماً}.
ووضع تحت تصرف هذا النبي الخاتم ما كان لازماً من معارف وعلوم ومسائل الاصول والفروع.
وقد ابدي الاحتمال في ربط بداية الآية بنهايتها، ففي بدايتها نفى عن النبي صلى الله عليه و آله ابُوَّته الجسمية لُامته، ولذا سيظهر هذا السؤال وهو : إذا كان بهذا الشكل فلماذا لا يحق لُامّته أن يتزوجوا زوجات النبي صلى الله عليه و آله من بعده؟ وفي الجواب على ذلك يقول : «إنّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالإضافة إلى كونه خاتم أنبيائه وأفضلهم، ولهذا السبب فإنّ حفظ حرمته واجب وترك الزواج من أزواجه بعد وفاته هو جزءٌ من هذه الحرمة» (2).
مفهوم خاتم النبيين :
مع أنّ معنى (خاتم) واضح جدّاً- لأنّ مادة ختم في كافة معاجم اللغة العربية تعني انهاء شيء- ولكن قسماً من وساوس المنحرفين تستوجب تقديم توضيحات أكثر بشأنها، يقول «ابن فارس»، أحد علماء اللغة المعروفين في القرن الرابع الهجري، في «معجم مقاييس اللغة : «ختم، لها معنىً أصليٌّ واحدٌ لا أكثر وهو الوصول إلى نهاية الشيء. وأن قولهم (ختم)عندما يضعون ختما (مهرا) على شيء فهو من هذا الباب، لأنّهم دائماً بعد انهاء شيء ما يضعون ختما أو مهراً عليه».
ويقول (الخليل بن أحمد) وهو من أقدم المؤلفين والمحققين في لغة العرب والذي عاش في القرن الثاني للهجرة في زمن الأئمّة المعصومين عليهم السلام عن معنى خاتِمْ وخاتَمْ : «خاتِم كل شيء هو نهايته وآخرته. وخاتَم تعني الختم «المهر» الذي يضعونه على الطين»، وذلك عند اتمام الرسالة وطيها ومن أجل أن لا يفتحها الغرباء يلصقون قطعة لينة من الطين على محل ربطها ثم يختمون فوقها بحيث لا يبقى أي طريق لفتحها إلّا بكسر الختم.
وذهب سائر أصحاب اللغة أيضاً إلى هذا المعنى نفسه، وفسروا (خاتم) بمعنى الشيء الذي يؤدّي إلى النهاية أو الختم الذي يضعونه في النهاية.
وفي كتاب (التحقيق) الذي يعد تحقيقاً جامعاً في مصادر اللغة المهمّة بعد أن ينقل أقوال كبار اللغويين العرب يقول : «المتحقق أنّ لهذه المادة جذرٌ واحد وهو في مقابل «بدء». أي اكمال شيء وايصاله إلى آخره ونهايته» (3).
وكذلك المفسرون الإسلاميون من أقدمهم وحتى معاصريهم لم يخرجوا جميعهم عن أن معنى (خاتم النبيين) في الآية المذكورة هو آخر الأنبياء.
ويقول المفسر المعروف (محمد بن جرير الطبري) الذي عاش في القرن الثالث في تفسيره الذي يعتبر من أقدم التفاسير في ذيل الآية آنفة الذكر : و «خاتم النبيين الذي ختم النبوة فختم عليها فلا تفتح لاحد بعده إلى قيام الساعة» (4).
ويقول المرحوم (الشيخ الطوسي) وهو من عظماء الفقه والتفسير، وعاش في القرن الخامس في كتابه المشهور (البيان) بعد أن يذكر (خاتم النبيين) : «أي آخرهم لأنّه لا نبي بعده الى يوم القيامة» (5).
وكذلك المفسر الكبير (الطبرسي) الذي عاش بعده بقرن واحد جاء بنفس المعنى أيضاً وشرحه (6).
يقول (أبو الفتوح الرازي) الذي يعدّ من المفسرين رفيعي الشأن في القرن السادس وكتب تفسيره باللغة الفارسية في تعبير جذّاب في ذيل كلمة (خاتم النبيين) : «وآخر الأنبياء حتى تظن أنّه ختم النبوة، وبنبوته ختم باب بعث الأنبياء» (7).
ويقول كذلك المفسر السني الشهير (الفخر الرازي) والذي يعدّ من مفسري القرن السادس الهجري المعروفين بعد كلمة (خاتم النبيين) : «مفهومها أن لا نبي بعده، وشريعته تامة بحيث لم يبق شيء لم يذكر» (8).
وسار بقية المفسرين قرناً بعد قرن على نفس المعنى حتى وصل إلى المفسرين المعاصرين.
والشيء الملفت للنظر هو أنّ مادة ختم ومشتقاتها- الآية المذكورة- استخدمت في القرآن الكريم في سبعة موارد جاءت كلها وبدون استثناء بمعنى الاتمام أو انهاء الشيء أو الختم الذي يضربونه أسفل الرسائل، وهذا بذاته يدلل على أنّ الآية موضوع البحث ليس لها اي مفهوم سوى أنّ النبي صلى الله عليه و آله هو خاتم سلسلة الأنبياء، والختم الذي وضع على نهاية سجل الرسالات.
وكذلك جاء في (نهج البلاغة) والروايات الإسلامية نفس المعنى بشكل عام، وسوف يشار إلى قسم منها في نهاية هذا البحث.
الاجابة عن بعض الاسئلة :
1- يقال أحياناً : إنّ (خاتم) تعني الزينة. وبناء عليه فإنّ مفهوم الآية هو أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان زينة لكل الأنبياء وليس خاتمهم.
لكن يجب الالتفات إلى أنّ (خاتم) لم تأت أبداً بمعنى الزينة وإنّما بمعنى (الخاتم الذي له فصٌ ويوضع في الأصابع) وأن هذا التعبير غير لائق تماماً أن يقال : إنّ النبي صلى الله عليه و آله هو خاتم أصابع النبيين، ثم إنّنا قلنا : إنّ المعنى الأصلي ل (خاتم) لم يكن أبداً (خاتم الاصبع) وإنّما الختم الذي يختمون به عند الانتهاء من الرسائل أو البرامج أو الكتب. وانطلاقاً من أن وضع الختم يكون في (الختام) والنهاية. فإنّ اسم (خاتم) يطلق على الواسطة التي تختم بها الرسالة. (لاحظوا أنّ كلمة «خاتم» بفتح التاء معناها «ما يختم به» أي الشيء الذي يختمون به).
وما يثير الاهتمام هو أنّ الختم الأصلي للأشخاص في عصر نزول القرآن والقرون التالية له، كان على الخواتيم التي يحملونها على أصابعهم وبواسطتها كانوا يختمون رسائلهم، ولهذا السبب جاء في سيرة النبي صلى الله عليه و آله «أنّ خاتم رسول اللَّه كان من فضة نقشه محمد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله» (9).
وجاء في بعض التواريخ أنّ من جملة وقائع السنة السادسة للهجرة أنّهم «عرضوا على النبي صلى الله عليه و آله بأنّك تراسل زعماء البلدان والملوك وأنّهم لا يقرأون الرسائل التي لاختم عليها.
لهذا السبب اختار النبي صلى الله عليه و آله خاتماً لإصبعه حتى يختم به الرسائل» (10).
وجاء في كتاب (الطبقات الكبرى) أيضاً أنّ النبي صلى الله عليه و آله عندما قرر أن ينشر دعوته ويكاتب الملوك والسلاطين في العالم أمر فصنعوا له خاتماً كتب عليه (محمد رسول اللَّه) وكان يختم به رسائله (11).
بهذا البيان يتضح أنّ كلمة (خاتم) وإن كانت تطلق على خواتيم الزينة أيضاً ولكن في زمان نزول القرآن وما بعده كان يطلق على الخواتيم التي يختمون بها رسائلهم أو يختمون بها على محل ربط الرسائل بعد طيها واغلاقها.
والنقطة الملفتة للنظر هي أنّ نفس المعنى استخدم في آيات متعددة من القرآن الكريم، فيقول حول مجموعة من الكفار : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمِ وَعَلَى سَمْعِهِم}. (البقرة/ 7)
ويقول عن يوم القيامة : {اليَومَ نَخِتمُ عَلَى افْوَاهِهِم}. (يس/ 65)
وعلى كل حال فإنّ أقل اطلاع على معانى هذه المفردة في الأدب العربي وجذورها الأصلية وموارد استعمالها يثبت بوضوح أنّ كلمة (خاتم النبيين) ليس لها أي معنى سوى معنى متمم عدة الأنبياء وخاتمهم.
السؤال الثاني :
الايراد الواهي الآخر طرح من قبل البعض من عديمي الخبرة وهو أنّ القرآن الكريم يقول : إنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله (خاتم النبيين) ولم يقل (خاتم الرسل) ومن الممكن أنّ سلسلة الأنبياء تنتهي بظهوره ولكن سلسلة الرسل، لانهاية لها.
الجواب :
صحيح أنّ (النبي) معناه كل نبي يوحى إليه من قبل اللَّه تعالى سواءً كان مكلفاً بالتبليغ أم لا، عنده كتاب سماوي أم لا. ولكن (الرسول) هو نبي مكلف بالبلاغ. وبتعبير آخر، أنّ كل نبي رسول ولكن ليس كل رسول نبي.
بهذا البيان تكون الاجابة عن السؤال المذكور واضحة تماماً، فعندما يكون شخص ما خاتماً للأنبياء فبطريق أولى يكون خاتماً للرسل أيضاً، لأنّه كما قلنا قبل قليل : إنّ كل رسول هو نبي- لأنّ مرحلة الرسالة أشمل من النبوة-.
وهذا الكلام يشبه بالضبط قولنا إنّ فلاناً خرج من منطقة الحجاز. فبالتأكيد أنّ ذلك الشخص خرج من مكة أيضاً، أمّا إذا نقول إنّ فلانا ليس في مكة. فمن الممكن أن يكون في نقطة اخرى من الحجاز.
وبناء على هذا إذا كان النبي صلى الله عليه و آله خاتم المرسلين كان ممكناً أن لا يكون خاتماً للأنبياء.
ولكن حينما تقول الآية أنّه خاتم النبيين فمن المسلم به أن يكون خاتما للمرسلين كذلك.
في قسم آخر من الآيات المذكورة هناك تعبيرات يعتبرها الكثير من العلماء دليلًا ساطعاً على مسألة الخاتمية. وإذا افترضنا عدم قبول دلالتها الصريحة. فلا أقل من أن تكون قرائن وشواهد على هذه المسألة :
نقرأ في أول آية من هذا القسم : {انَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذَّكرِ لَمَّا جَاءَهُم وَانَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ* لَّا يَاتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِن خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِّن حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.
و «الباطل» : في هذه الآية معناه الشيء الذي يبطل أو ينسخ، وعليه فإنّ مثل هذا الكتاب سيكون خالداً وأبدياً، وهذا بنفسه دليل على خاتمية الدين الذي يعود له هذا الكتاب، كما هو دليل على عدم تحريف القرآن أيضاً.
وقد يقال : إنّ (الباطل) في اللغة لا يعني (المبطل) إذن كيف فسرتم الآية بهذا الشكل؟
فنقول : علاوة على أنّ الكثير من المفسرين ذكروا أنّ أحد معاني الباطل هنا هو المبطل (12) فأصولًا عندما يقول (لا يأتيه الباطل) فإنّ مفهومها أنّ الباطل لا يمكنه أن يعيقه أو يعطله خصوصاً وأنّه قال قبلها : (وأنّه لكتاب عزيز) التي تدل على بقائه وثباته.
وفي الآية التالية يقول : {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الفُرقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلعَالَمِينَ نَذِيراً}.
ولفظة (عالمين) التي تشمل كل سكان العالم بالرغم من عدم تقييدها بأي قيد فهي تعم أبناء كل الأعصار حتى نهاية الدنيا.
وهي ليست غير محدودة من ناحية المكان فحسب، بل وحتى من ناحية الزمان أيضاً، وتشمل حتى الآتين، ولهذا السبب اعتبرها الكثير من المفسرين دليلًا على عالمية الدين الإسلامي أولًا وعلى خلوده ثانياً (13).
والنقطة الملفتة للنظر أيضاً أنّ كلمة (عالمين) اخذت من مادة (علم) التي تشمل كل الموجودات التي يحتويها علم الإنسان وحتى السماوات والأرض، ولكن بمراعاة كلمة الانذار التي وردت في الآية فإنّ مفهومها يكون هنا محصوراً بالمكلفين في العالم.
على أيّة حال، يكون الاستدلال على الآية الثالثة بنفس الطريقة أيضاً، لأنّ الرسول صلى الله عليه و آله يقول وفق هذه الآية : {وَأُوحِىَ الَىَّ هَذَا القُرآنُ لِانذِرَكُم بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}.
فسعة مفهوم (ومن بلغ) غير خافٍ على أحد ويكون شاملا لكل بني الإنسان إلى نهاية العالم، وهو دليل على عالمية الإسلام وديمومته وخلوده.
ويصرح (الطبرسي) رحمه اللَّه في مجمع البيان- ذيل الآية المذكورة- بأنّ (من بلغه القرآن إلى يوم القيامة) مشمولون بهذه الآية (14).
وكذلك الكثير من المفسرين القدماء والمحدثين بينوا صراحة في ذيل هذه الآية أنّها دلالة على مسألة (الخاتمية) ومن جملة هؤلاء (أبو الفتوح الرازي) من علماء القرن الثالث للهجرة وصاحب تفسير (روح البيان) والعلّامة الطباطبائي في (الميزان) وغيرهم.
ودلالة الآيات (4 و 5 و 6 و 7) مورد البحث تكون أيضاً بنفس الطريق لأنّ تعبير (كافة للناس) الذي جاء في الآية الرابعة يشمل عموم الناس. وفي الآية الخامسة {انَّى رَسُولُ اللَّهِ الَيكُم} والآية السادسة أيضاً استندت إلى العالمين الذي هو مفهوم واسع من جهة الزمان والمكان.
ومجموع هذه الآيات يمكن أن يكون تأييداً وتأكيداً آخر على مسألة (خاتمية نبي الإسلام صلى الله عليه و آله) و (خلود القرآن).
وذكر بعض من الكتاب والمؤلفين آيات اخرى بهذا الصدد صرفنا النظر عن ذكرها لأنّ دلالتها غير كافية كما يبدو للناظر.
______________________
(1) تفسير القرطبي؛ وتفسير الميزان، ذيل الآية مورد البحث.
(2) تفسير القرطبي، ذيل الآية مورد البحث.
(3) التحقيق، مادة (ختم).
(4) تفسير جامع البيان، ج 22، ص 12.
(5) تفسير البيان، ج 8، ص 314.
(6) تفسير مجمع البيان، ج 7 و 8، ص 362.
(7) تفسير الكبير، ج 9، ص 162.
(8) تفسير الكبير، ج 25، ص 214.
(9) سنن البيهقي، ج 10، ص 128؛ وفروع الكافي : ج 6، ص 473- باب نقش الخواتيم، ح 1، (كان نقش خاتم النبي محمد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله).
(10) سفينة البحار، ج 1، ص 376.
(11) الطبقات الكبرى، ج 1، ص 258.
(12) مثل المرحوم الشيخ الطوسي في تفسير البيان؛ والطبرسي في تفسير مجمع البيان؛ والعلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان؛ والآلوسي في تفسير روح المعاني وكذلك بعض المفسرين الاخرين (ذيل الآية مورد البحث).
(13) تفسير الكبير، ج 24، ص 45؛ وتفسير القرطبي، ج 7، ص 4718؛ وتفسير روح البيان، ج 6، ص 188.
(14) تفسير مجمع البيان، ج 3 و 4، ص 282.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|