أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2015
1785
التاريخ: 2024-07-08
441
التاريخ: 27-01-2015
1073
التاريخ: 30-05-2015
1300
|
قال تعالى : {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } [الأنفال: 7، 8].
يدور الكلام في هذه الآية عن أحد الوعود الصريحة بالنصر الذي منَّه اللَّه على المؤمنين من قبل، يقول عز من قائل : {وَاذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ احدَى الطَّائِفَتِينِ انَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ انَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ انْ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ}.
ثم يضيف على ذلك بقوله : {لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الُمجرِمُونَ}.
وتوضيح ذلك أنّ «أبو سفيان» سيد مكة وزعيم المشركين كان في حال عودته من الشام على رأس قافلة كبيرة تحمل معها بضائع تجارية تقدر بخمسين الف دينار كانت تتعلق به وبجماعة من أساطين مكة وأكابرها.
وأصدر رسول الإسلام صلى الله عليه و آله أمرا إلى أصحابه بأن يعدوا أنفسهم للهجوم على القافلة، وذلك لتحطيم جزء من القدرة الاقتصادية للأعداء عن طريق مصادرة أموالهم لأنّهم لم ينفكوا لحظة واحدة في اظهار العداء للمسلمين وإيجاد العراقيل.
اطلع أصحاب «أبو سفيان» في المدينة على هذه القضية ممّا حدا بهم إلى ايصال الخبر إلى مسامع أبي سفيان.
فلما علم بذلك اسرع في إرسال أحد الأشخاص إلى مكة ليطلعهم على الخطر الكبير الذي يهدد أموالهم وممتلكاتهم، ولم تمضِ إلّا فترة قصيرة حتى تحركت رجالات قريش وقواتها مع سبعمائة بعير ومائة فارس، وكان يقود عسكرهم أبو جهل، وقد حملت هذه المسألة على محمل كبير من الجد والخطورة بحيث أخذ زعماء مكة يهددون بهدم بيت كل من يستطيع الالتحاق بجبهة الحرب ثم يمتنع عن ذلك.
من جانب آخر سلك أبو سفيان طريقا آخر لينجو من قبضة المسلمين وأخذ يسير في طريق مجهول لكي يبعد نفسه عن مواطن الخطر.
ووصل «نبي الإسلام» مع أصحابه البالغ عددهم 313- مع عدّة وعتاد حربي بسيط ولكن بقلوب مملوءة بالايمان والعزم والإرادة- على مقربة من منطقة بدر أحد المنازل القريبة الواقعة بين مكة والمدينة، وجاءه الخبر هناك بتحرك جيش قريش المسلح من مكة إلى المدينة، فبدأ يشاور أصحابه في ذلك المكان وما يرتأونه من ملاحقة القافلة التجارية أو الوقوف بوجه معسكر الأعداء، فوافق البعض على مواجهة الأعداء إلّا أنّ البعض الآخر كان يميل باطنياً إلى ملاحقة القافلة والسبب في ذلك يعود إلى أنّهم لا يجدون في أنفسهم الاستعداد الكافي لمواجهة القدرة العسكرية الهائلة للأعداء.
لكن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله اختار المسلك الصحيح وأصدر أمراً بالتحرك باتجاه العدو، ووصل الجيش الإسلامي إلى ناحية بدر (وبدر هو اسم لبئر في تلك المنطقة من الأرض نسبة إلى صاحبها الأصلي المسمى بهذا الاسم، اطلق على جميع هذه الأرض بعد ذلك).
إنَّ الآية السابقة ناظرة إلى هذه الواقعة حيث تقول : إنّ اللَّه وعدكم أن تكون احدى الطائفتين (جيش قريش أو قافلتهم التجارية) من نصيبكم، إلّا أنّكم أحببتم الحصول على الطائفة غير المسلحة أي القافلة التجارية، لكن اللَّه يريد اظهار الحق والقضاء على الكافرين.
لذا خاطب النبي المسلمين في ذلك الموضع أنّ اللَّه تعالى قد وعدنا أن تكون احدى الطائفتين لنا وسنتحرك باتجاه جيش الأعداء، وسننتصر عليهم وأننا سنشاهد بأعيننا مصرع «أبي جهل» ومحل قتله ....
وتحقق هذا الوعد كما أراده اللَّه ورسوله حيث اشتبك الجيشان مع بعضهما البعض، وبعد حرب طاحنة وتضحيات جسيمة وردت تفاصيلها في مجمل التواريخ الإسلامية، انتصر المسلمون وهزم مشركو مكة هزيمة مُرّة بحيث خلّفوا وراءهم سبعين قتيلًا، وسبعين أسيراً، ولاذ الباقون بالفرار.
وقعت هذه الحرب في اليوم السابع عشر لشهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة، وتركت تأثيرا بالغاً جدّاً في مسيرة التاريخ الإسلامي، بحيث إنّ مجاهدي بدر كانوا يعدونها دائماً من أمجادهم ومآثرهم العظيمة.
هنا يطرح هذا التساؤل وهو : هل كان من المتوقع وفقا للمقاييس الاعتيادية أن يتحقق مثل هذا النصر للمسلمين بشكل أو بآخر؟ والجواب عن ذلك، كلا لأنّه :
أولًا : لم يتحرك المسلمون بنية القتال ومن الطبيعي لم تكن في حوزتهم العدة والعتاد الكافي، لأنّهم كانوا بهدف الاستيلاء على القافلة فاذا بهم يباغتون بجيش جرار ومسلح من قريش (طبعاً في مقياس ذلك الزمان).
ثانياً : من جهة الموازنة بين القوى فقط كان المسلمون يعيشون في وضع سيء في الظاهر فقد كان عدد أفراد جيش العدو يفوق عدد أفراد المسلمين بثلاثة أضعاف، وكانت في حوزتهم الخيول والجمال الكثيرة والمستلزمات الحربية الكافية، في حين كان المسلمون يمتلكون فارسين فقط، وكانت عدتهم الأساسية تتكون من 70 ناقة يركبها كل واحد منهم بالتناوب.
ثالثاً : كان يوجد هناك أفراد أقوياء وشجعان بين صفوف جيش قريش، وكان الوازع والدافع النفسي للحرب ناشئاً من احساسهم بأنّهم لا يرون أنّ أموالهم وثروتهم هي المعرضة للخطر فحسب، بل كل شيء يمتلكونه هو معرض للخطر أيضاً.
لكن بالرغم من ذلك كله فإنّ اللَّه وعد المسلمين بالنصر وفقاً للآية الصريحة التي تقدم ذكرها، وأكّد النبي على ذلك تأكيداً بالغاً أيضاً.
والجدير بالذكر أنّه قد ظهرت على مدار هذه الحادثة قضايا مختلفة عبرت عن وجود «امدادات غيبية» من جملتها أنّ المسلمين غطوا في نوم هاديء في ليلة وقعة بدر بحيث أعدتهم وعبأت قواهم ليوم المنازلة، كما هطل المطر من السماء ليغتسلوا ويتطهروا ممّا هم عليه، ثم لتصبح الأرض الرخوة التي يصعب التحرك عليها صلبة ومتماسكة وصالحة للنزال، وهذا هو ما أشارت إليه الآيات اللاحقة بالقول : {اذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ امَنَةً مِّنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيَطانِ وَلِيَربِطَ عَلَى قُلُوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الَاقدَامَ}. (الانفال/ 11)
ملخص الكلام أنّه يتضح جيداً من مجموع الآيات المتعلقة بملحمة بدر في القرآن الكريم مدى الاضطراب والتزلزل الروحي لدى بعض المسلمين من تزايد أفراد العدو وقدراته العسكرية وتفوقهم على المسلمين، لذلك كان من الطبيعي جدّاً التنبوء بهزيمة
المسلمين، لكن على الرغم من كل هذه القرائن يقول القرآن : لقد وعد اللَّه المسلمين بالنصر من قبل وانتصروا في نهاية المطاف.
قد يقال : إنّ هذه الآيات نزلت بعد الانتصار في بدر كما يعبر عنه لحنها وسياقها، وعليه لا يمكن اعتبارها جزءً من التنبؤات القرآنية، إلّا أنّ الاجابة عن هذا الإشكال تتضح من خلال الدقّة والتأمل في نفس هذه الآيات، لأنّ القرآن يقول بصراحة : إنّ الوعد بالنصر قد جاءكم من قبل ثم تحقق هذا الوعد بعد ذلك.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|