النشرات الإخبارية

سبق ظهور الصحافة بمعناها الحديث كمطبوع دوري يصدر بشكل منتظم وباسم واحد ظهور النشرات الإخبارية التي قدمها أصحاب المطابع الأولى وتجار الأخبار. وقد أخرج المؤرخون هذه النشرات من مفهوم الصحف بسبب تغير أسمائها وعدم ثبات هذه الأسماء من جانب وعدم انتظامها في الصدور من جانب أخر. وتكمن أهمية هذه النشرات في أنها كانت التمهيد اللازم لظهور الصحف بمعناها الحديث.

وقد كانت هذه النشرات تعتمد اعتمادا كليا على نشر الأخبار، إذ كانت تتضمن أهم الأحداث الشهرية أو السنوية وكان بعضها يصدر كل ستة أشهر وبعضها كل شهر ومنها ما كان يصدر بصفة أسبوعية. وقد صدرت النشرات الإخبارية في بعض الأحيان بطلب من الملوك الذين أرادوا أن يكونوا على إطلاع دائم على الأحداث وكان الملوك يرخصون بإصدار هذه النشرات. ففي إنجلترا كان الملك هو الذي يرخص بإصدار النشرات الإخبارية وكانت معظم أخبار هذه النشرات تتعلق بأمراء الأسرة المالكة وأنباء زواجهم ووفياتهم والحوادث الداخلية المثيرة مثل أخبار الزلازل والأوبئة والأمراض والجرائم بالإضافة إلى أخبار الحوادث الخارجية.

وقد انتشرت هذه النشرات في مدن فرانكفورت واوكسبورج واستراسبورج وفلورنسا وبازل وفينا وهامبورج وبرلين. وصدرت أول نشرة إخبارية في إنجلترا في سنة 1622 باسم ايه كارنت أوف جنرال نيوز A Current of General News وكان هذا الاسم يتغير من نشرة إلى أخرى. وكما ذكرنا فقد كانت هذه النشرات هي المقدمة لظهور الصحف المطبوعة بمعناها الحديث.

وقد تمثلت طرق توزيع الأخبار على القراء في القرن السابع عشر في:

- الرسائل الإخبارية المنسوخة التي كان يعدها تجار الأخبار بمقابل مادي للأمراء والملوك والأثرياء والتجار.

- المكاتب الإخبارية المركزية والفرعية التي ظهرت في أوروبا في القرن الرابع عشر، وكان عملها قريب من عمل الوكالات الحديثة للأنباء. حيث قام بعض تجار الأخبار بإنشاء مكاتب متخصصة تتولى جمع الأخبار وإعدادها في شكل رسائل إخبارية نشرات بالمفهوم الحديث، وتوزيعها على من يطلبها من رجال السياسة والتجارة، بمقابل مادي ومع انتشار المطابع انتشاراً كبيراً في المدن الأوروبية، قام أصحابها بإصدار النشرات الإخبارية المطبوعة. وقد ساهم في رواج هذه النشرات التطور الكبير في الطباعة بظهور آلة الطباعة الضخمة (روتاتيف) التي مكنت الصحف اليومية من طبع نحو سبعين ألف نسخة في اليوم، واختراع آلة الكتابة السطرية (اللينوتيب)، وشغف الشعوب إلى معرفة أخبار وتطورات بعض الأحداث المهمة في ذلك الوقت، مثل أخبار الاكتشافات البحرية، والحرب التركية - الإيطالية التي اشتركت فيها جميع الدول الأوروبية، بالإضافة إلى ظهور وتطور البريد الذي كان الأساس الثاني - بعد المطبعة في انتشار خدمات المكاتب الإخبارية ونشراتها المطبوعة وتوزيعها على نطاق واسع، بالإضافة إلى ظهور وتطور السكك الحديدية التي ساهمت في نقل النشرات الإخبارية بين المدن في وقت قصير، وظهور المطابع الميكانيكية التي اختصرت وقت الطباعة من جانب وحسنت نوعية المطبوع وزادت منه زيادة كبيرة.