المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8897 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



احكام صلاة الجمعة  
  
337   10:43 صباحاً   التاريخ: 2025-02-18
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 290
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصلاة / الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية) / صلاة الجمعة (مسائل فقهية) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-25 269
التاريخ: 2025-01-15 410
التاريخ: 2025-03-04 235
التاريخ: 24/12/2022 1738

صلاة الجمعة فريضة على من لم يكن معذورا بما سنذكره من الأعذار بشروط ، أحدها حضور الإمام العادل أو من نصبه للصلاة ، واجتماع خمسة نفر فصاعدا ، الإمام أحدهم على الصحيح من المذهب ، وقال بعض أصحابنا وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله : لا يجب الاجتماع إلا أن يبلغ العدد سبعة ، والأول مذهب السيّد المرتضى ، والشيخ المفيد ، وجماعة من أصحابنا ، وهو الذي تعضده الظواهر والآيات ، وبه افتي.

والأعذار والأسباب التي تسقط معها الجمعة ، الصغر والكبر الذي لا حراك معه ، والسفر ، والعبودية ، والجنون ، والتأنيث ، والمرض ، والعمى ، والعرج ، وأن تكون المسافة بين المصلّي وبينها أكثر من فرسخين ، وروي ، أنّ من يخاف ظلما يجري عليه على نفسه ، أو ماله ، هو أيضا معذور في الإخلال بها (1).

وكذلك من كان متشاغلا بجهاز ميّت ، أو تعليل والد أو من يجري مجراه ، من ذوي الحرمات الوكيدة ، يسعه أن يتأخّر عنها ، فأمّا المحبوس عنها ، والممنوع فلا شك في عذرهما.

ومن كان في مصره والإمام فيه ، وجب عليه الجمع معه ، لأنّه ليس للإمام أن يكلها إلى غيره في بلده مع القدرة والتمكن ، وسقوط الأعذار ، ومن كان نائيا عن الإمام جمع بها مع خلفائه ، ومع من اذن له في الجمع بالناس.

ولا ينبغي ولا يجوز أن يكون بين المسجدين اللذين يجمّع فيهما أقلّ من ثلاثة أميال.

ومن حضر من ذوي الأعذار من المكلّفين الذين ذكرناهم الجمعة صلاها مع الإمام جمعة ركعتين، لأنّ العذر رخّص له في التأخّر، فإذا حضر، زالت الرخصة، ولزم الفرض.

والخطبتان لا بدّ منهما، ولا تنعقد الجمعة إلا بهما، ويجب على الحاضرين استماعهما.

ومن شرطهما الطهارة ، وحضور من تنعقد الجمعة بحضوره ، فإن خطب على غير طهارة ، أو خطب وكان على طهارة إلا أنّه لم يحضر خطبته إلا ثلاثة نفر ، لم يجز ذلك ، ووجب عليه إعادة الخطبة ، فإن لم يعدها لم تصح صلاته جمعة ، والذي ينبغي تحصيله ، أن الطهارة ليست شرطا في صحّة الخطبة بل حضور العدد فحسب ، إذ لا دليل على كون ذلك شرطا في صحة الخطبة ، من كتاب ولا إجماع ، والأصل أن لا تكليف ، وانّما ذهب إلى ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في مسائل خلافه (2).

وعقد الباب أنّ الجمعة لا تجب إلا إذا اجتمعت شروط ، وهي على ضربين ، أحدهما يرجع إلى مكلّفها ، والثاني يرجع إلى غيره ، فما يرجع إليه تسع شرائط : الذكورة ، وكمال العقل ، والحرية ، والصحة من المرض ، وارتفاع العمى ، وارتفاع العرج ، وارتفاع الشيخوخة التي لا حراك معها ، وأن لا يكون مسافرا ، وأن لا يكون بينه وبين الموضع الذي يصلّي فيه الجمعة مسافة فرسخين ، ومع اجتماع هذه الشروط ، لا تنعقد إلا بأربعة شروط ، وهي الشروط الراجعة إلى غيره ، السلطان العادل ، أو من ينصبه للصلاة ، العدد خمسة ، وأن يكون بين الجمعتين ثلاثة أميال فما زاد ، وأن يخطب الإمام خطبتين.

وأقل ما تكون الخطبة أربعة أصناف: حمد الله تعالى ، والصلاة على النبي وآله ، والوعظ والزجر ، وقراءة سورة خفيفة من القرآن.

وقد يورد بعض أصحابنا عبارة ينبغي أن يتجافى عنها ، وهي أن قال تسقط الجمعة عن عشرة ، وعدّد في جملة العشرة المجنون والصبي ، وهذان ما هما مكلّفان ، ولا كان عليهما شي‌ء فسقط ، وانّما هذا لفظ الحديث ، أورده على ما هو ، فهذا وجه الاعتذار له ، فأمّا قول بعض أصحابنا ، فما يرجع إلى مكلّفها من الشرائط فعشرة ، وعدّد البلوغ قسما ، وكمال العقل قسما آخر ، فلا حاجة بنا إلى ذلك ، بل إذا قلنا كمال العقل أجزأنا عن البلوغ ، وإذا قلنا البلوغ لم يجزئنا فالكمال شامل يدخل فيه القسم الآخر ، ولا حاجة بنا إلى القسمين الآخرين ، في عدد من يسقط عنه الجمعة ، على ما قدّمناه.

وما يرجع إلى الجواز الإسلام والعقل ، فالعقل شرط في الوجوب والجواز معا ، والإسلام شرط في الجواز لا غير ، دون الوجوب ، لأنّ الكافر عندنا متعبّد ، ومخاطب بالشرائع ، وانّما قلنا ذلك ، لأنّ من ليس بعاقل ، أو ليس بمسلم ، لا يصح منه الجمعة ، وما عدا هذين الشرطين من الشرائط المقدّم ذكرها ، شرط في الوجوب ، دون الجواز ، لأنّ جميع من قدّمنا ذكره ، يصح منه فعل الجمعة.

والناس في باب الجمعة على ضروب ، من تجب عليه وتنعقد به ، ومن لا تجب عليه ولا تنعقد به ، ومن تنعقد به ولا تجب عليه ، ومن تجب عليه ولا تنعقد به.

فأمّا من تجب عليه وتنعقد به ، فهو كلّ من جمع الشرائط المقدّم ذكرها.

ومن لا تجب عليه ولا تنعقد به ، فهو الصبي والمجنون والمرأة قبل حضورها المسجد مع الإمام ، فأما ان تكلّفت الحضور ، وجب عليها صلاة ركعتين ، غير أنّها لا يتم بها العدد ولا تنعقد بها الجمعة ، وأمّا من تنعقد به ، ولا تجب عليه ، فهو المريض ، والأعمى ، والأعرج ، والشيخ الذي لا حراك به ، ومن كان على رأس أكثر من فرسخين ، والعبد ، والمسافر ، فهؤلاء لا يجب عليهم الحضور ، فإن حضروا الجمعة ، وتمّ بهم العدد ، وجب عليهم ، وانعقدت بهم الجمعة ، ويتم بهم العدد ، وأمّا من تجب عليه ولا تنعقد به ، فهو الكافر ، والمحدث الذي على غير طهارة ، فهما مخاطبان عندنا بالعبادة ، ومع هذا لا تنعقد بهما ، أنّهما لا تصح منهما الصلاة ، وهما على ما هما عليه.

من كان في بلد وجب عليه حضور الجمعة ، سمع النداء ، أو لم يسمع ، فإن كان خارجا عنه ، وبينه وبينه أقل من فرسخين فما دون ، وجب عليه أيضا الحضور فإن زادت المسافة على ذلك لا يجب عليه.

ثمّ لا يخلو ، إمّا أن يكون فيهم العدد الذي ينعقد بهم الجمعة ، أم لا ، فإن كانوا كذلك ، وجب عليهم الجمعة بشرط أن يكون فيهم الإمام ، أو من نصبه الإمام للصلاة ، وإن لم يكونوا ، لم يجب عليهم غير الظهر أربع ركعات.

ومتى كان بينهم وبين البلد أقل من فرسخين ، وفيهم العدد الذي تنعقد بهم الجمعة ، جاز لهم إقامتها ، ويجوز لهم حضور البلد.

ومن وجب عليه الجمعة ، فصلّى الظهر عند الزوال ، لم يجزه عن الجمعة ، فإن لم يحضر الجمعة ، وخرج الوقت ، وجب عليه اعادة الظهر أربعا ، لأنّ ما فعله أولا ، لم يكن فرضه.

إذا كان في قرية جماعة تنعقد بهم الجمعة ، والشرائط حاصلة ، فكل من كان بينه وبينهم أقل من فرسخين فما دونهما ، وليس منهم العدد الذي تنعقد بهم الجمعة ، وجب عليهم الحضور ، وإن كان فيهم العدد جمعوا.

ومن سنن الجمعة الغسل ، وهو من وكيد سننها ، وابتداؤه من طلوع الفجر الثاني إلى زوال الشمس ، وأفضل أوقاته ، ما قرب من الزوال ، ومن ذلك التزين بأنظف الثياب.

وروي كراهية ليس السراويل قائما ، لأنّه يورث الحبن (3) بالحاء غير المعجمة المفتوحة ، والباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة المفتوحة ، والنون وهو السقي وهو ورم البطن ، وقال ابن بابويه في رسالته : هو الماء الأصفر ، والأوّل قول أهل اللّغة ، وإليهم المرجع فيه.

ومسّ شي‌ء من الطيب ، وإماطة الأذى عن الجسد ، وأخذ الشارب ، وتقليم الأظفار ، وأن يبدأ بخنصره اليسرى ، ويختم بخنصره اليمني ، وتطريف الأهل بالفاكهة ، والتقرب إلى الله تعالى بشي‌ء من الصدقة.

وينبغي للإمام أن يعتم شاتيا كان أو قائظا ، ويلبس بردا فبذلك جرت السنة.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويستحب أن يلبس العمامة شاتيا كان أم قائظا ، ويرتدي ببرد يمنيّة أو عدني (4).

قال محمّد بن إدريس : يقال تردّيت أتردّى ترديا فأنا متردّ ، فلا يظن ظان أن ذلك لا يجوز ، ويقال أيضا ارتدي يرتدي فهو مرتد ، كل صحيح جائز ، ذكر ذلك الفضل بن سلمة في كتاب البارع ، وقال الرداء الثوب الذي يلبس على الكتفين ، ممدود.

ويأخذ بيده ما يتوكأ عليه ، من قضيب ، أو عنزة ، أو غيرهما.

ويعلو على مرتفع من الأرض ، كمنبر أو غيره ، فإذا رقى المنبر ، فليكن بوقار ، وأناة وتؤدة ، ولا ينبغي له أن يعلو من مراقي المنبر أكثر من عدد مراقي منبر رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم.

فإذا بلغ إلى مقامه ، جعل وجهه إلى الناس ، وسلّم عليهم. وقال بعض أصحابنا ، وهو الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في مسائل خلافه : ليس ذلك بمستحب (5) ، والأول مذهب المرتضى ، ولا أرى بذلك بأسا ، وإن كان بالمدينة ، ابتدأ بالسلام على رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله.

ثم يجلس حتى يؤذّن بين يديه ، وفي المنائر في وقت واحد.

فإذا فرغ من الأذان ، قام الإمام متوكئا على ما في يده ، فابتدأ بالخطبة الأولى ، معلنا بالتحميد لله تعالى ، والتمجيد ، والثناء بآلائه ، وشاهدا لمحمد نبيه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالرسالة ، وحسن الإبلاغ والإنذار ، ويوشح خطبته بالقرآن ، ومواعظه وآدابه ، ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم فيفتتح الخطبة الثانية ، بالحمد لله ، والاستغفار ، والصلاة على النبي وعلى آله عليهم‌ السلام ، ويثني عليهم بما هم أهله ، ويدعو لأئمة المسلمين ، ويسأل الله تعالى أن يعلي كلمة المؤمنين ، ويسأل لنفسه ، وللمؤمنين ، حوائج الدنيا والآخرة ، ويكون آخر كلامه ((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) (6).

وإذا كان الإمام يخطب ، حرم الكلام ، ووجب الصمت ، لأنّ سماع الخطبة واجب على الحاضرين ، ويكره من الالتفات وغيره من الافعال ما لا يجوز مثله في الصلاة ولا بأس للرجل أن يتكلّم إذا فرغ الإمام من الخطبة ما بينه وبين أن تقام الصلاة.

ثم ينزل الإمام عن المنبر بعد فراغه من إكمال الخطبتين ، ويبتدئ المؤذّن الذي بين يديه ، بالإقامة ، وينادي باقي المؤذنين ، والمكبرين الصلاة الصلاة.

ولا يجوز الأذان بعد نزوله مضافا إلى الأذان الأول الذي عند الزوال ، فهذا هو الأذان المنهي عنه ، ويسمّيه بعض أصحابنا الأذان الثالث ، لا يجوز يريد به إلا هذا ، وسمّاه ثالثا ، لانضمام الإقامة فكأنّها أذان آخر.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله : الخطبة يوم الجمعة تكون عند قيام الشمس نصف النهار ، فإذا زالت الشمس ، نزل فصلّى بالناس ، وحكي عن السيّد المرتضى أنّه قال : يجوز أن يصلّي عند قيام الشمس يوم الجمعة خاصّة (7).

قال محمّد بن إدريس : ولم أجد للسيّد المرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه ، بل بخلافه ، وما قدّمته وشرحته أولا واخترته ، من أنّ الخطبة لا تجوز إلا بعد الزوال ، وكذلك الأذان لا يجوز إلا بعد دخول الوقت في سائر الصلوات ، على ما أسلفنا القول فيه في باب الأذان والإقامة ، هو مذهب المرتضى وفتواه واختياره في مصباحه ، وهو الصحيح ، لأنّه الذي يقتضيه أصول المذهب ، ويعضده النظر والاعتبار ، ولأنّه عمل جميع الأعصار ، ولقوله تعالى: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (8) والنداء للصلاة ، هو الأذان لها ، فالأذان لا يجوز قبل دخول وقت الصلاة ، ولعل شيخنا أبا جعفر ، سمعه من المرتضى في الدرس ، وعرفه منه مشافهة ، دون المسطور ، وهذا هو العذر البيّن ، فانّ الشيخ ما يحكي بحمد الله تعالى إلا الحق اليقين ، فإنّه أجلّ قدرا ، وأكثر ديانة من أن يحكي عنه ما لم يسمعه ويحقّقه منه.

وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان ، في تفسير سورة الجمعة قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ): قال معناه إذا سمعتم أذان يوم الجمعة ، فامضوا إلى الصلاة ، وقال في قوله ((وَذَرُوا الْبَيْعَ)) معناه إذا دخل وقت الصلاة ، فاتركوا البيع والشراء ، قال الضحاك : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء ، وقال الحسن : كلّ بيع تفوت فيه الصلاة يوم الجمعة ، فإنّه بيع حرام لا يجوز ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، لأنّ النهي يدل على فساد المنهي عنه (9).

قال محمّد بن إدريس : وهذا الذي ذكره في تبيانه ، دليل على رجوعه عما قال في نهايته ، ووفاق لما اخترناه ، أنّ الخطبة والأذان لا يكونان إلا بعد زوال الشمس فليلحظ ذلك.

فإذا دخل الإمام في الصلاة ، فالمستحب له أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين ، جاهرا بقراءتهما ، وذهب بعض أصحابنا ، أنّ قراءة السورتين له واجب ، لا يجزيه أن يقرأ بغيرهما.

والمستحب للمنفرد يوم الجمعة أيضا قراءتهما ، وأنّه إنّ ابتدأ بغيرهما كان له أن يرجع إليهما ، وإن كان ابتداؤه أيضا بسورة الإخلاص ، وسورة الجحد ، اللتين لا يرجع عنهما ، إذا أخذ فيهما ، ما لم يبلغ نصف السورة ، فإن بلغ النصف تمّم السورة ، وجعلها ركعتي نافلة ، وابتدأ الصلاة بالسورتين ، وذلك على جهة الأفضل في هذه الفريضة خاصّة ، لأنّه لا يجوز نقل النية من الفرض إلى الندب ، إلا في هذه المسألة وفي موضع آخر ، ذكرناه في باب الجماعة.

فأمّا نقل النيّة من النفل إلى الفرض ، فلا يجوز في موضع من المواضع على وجه من الوجوه ، فليلحظ ذلك على ما روي في بعض الأخبار (10) ، وأورده شيخنا في نهايته (11) ، والأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية ، وترك النقل ، إلا في موضع أجمعنا عليه.

ويستحبّ أن يقرأ في العصر من يوم الجمعة بالسورتين أيضا ، وفي الغداة من يوم الجمعة بالجمعة في الاولى ، وقل هو الله أحد في الثانية ، وروي بالمنافقين في الثانية (12) ، وهو اختيار المرتضى في انتصاره (13) وكذلك يستحب أن يقرأ في المعرب ، من ليلة الجمعة بسورة الجمعة ، وسبّح اسم ربّك الأعلى في الثانية ، وكذلك في صلاة العشاء الآخرة ، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله ذهب في مصباحه إلى أنّه يقرأ في الثانية من المغرب مكان ((سبّح اسم ربّك الأعلى))، ((قل هو الله أحد)) (14) وذهب في نهايته (15) ومبسوطة (16) إلى ما اخترناه.

فأمّا المنفرد بصلاة الظهر يوم الجمعة ، فقد روي أنّ عليه ، أن يجهر بالقراءة استحبابا (17). وروي أن الجهر انّما يستحب لمن صلاها مقصورة ، بخطبة أو صلاها ظهرا أربعا في جماعة ، ولا جهر على المنفرد (18)، وهذا حكاه سيّدنا المرتضى رحمه‌ الله في مصباحه.

والثاني الذي يقوى في نفسي ، واعتقده ، وافتي به ، وأعمل عليه ، لأنّ شغل الذّمة بواجب أو مندوب يحتاج إلى دليل شرعيّ ، لأنّ الأصل براءة الذّمة ، والإجماع فغير حاصل ، والرواية مختلفة ، فلم يبق إلا لزوم الأصول ، وهو براءة الذمم ، وأيضا في تركه الاحتياط ، لأنّ تاركه عند جميع أصحابنا ، أعني تارك الجهر بالقراءة في صلاة الظهر يوم الجمعة ، غير ملوم ، ولا مذموم ، وصلاته صحيحة بغير خلاف ، وفاعل الجهر غير آمن من جميع ذلك ، لأنّه إمّا أن يكون مسنونا على قول بعض أصحابنا ، أو غير مسنون على قول البعض الآخر ، وفي كلا الأمرين لا ذم على تاركه ، وما لا ذم في تركه ويخشى في فعله أن يكون بدعة ومعصية يستحق بها الذّم ، ومفسدة للصلاة ، وقاطعا لها ، فتركه أولى وأحوط في الشريعة.

وعلى الإمام أن يقنت في صلاة الجمعة ، وقد اختلفت الرواية في قنوت الإمام يوم الجمعة ، فروي أنّه يقنت في الأولى قبل الركوع وكذلك الذين خلفه ،ومن صلاها منفردا ، أو في جماعة ظهرا ، اماما كان أو مأموما ، قنت في الثانية ، قبل الركوع وبعد القراءة أيضا (19) وروي أنّ على الإمام إذا صلاها جمعة مقصورة قنوتين ، في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع (20).

قال محمّد بن إدريس : والذي يقوى عندي ، أنّ الصلاة لا يكون فيها إلا قنوت واحد ، أيّ صلاة كانت ، هذا الذي يقتضيه مذهبنا وإجماعنا ، فلا نرجع عن ذلك بأخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا عملا.

فإذا فرغ الإمام من الركعتين ، سلّم تسليمة واحدة على الوجه الذي ذكرناه فيما تقدم ، حيث بيّنا تسليم الإمام والمأموم.

وإن وقع سهو على الإمام فيما يوجب إعادة الصلاة ، وقد صلاها جمعة مقصورة ، أعاد هو ومن اقتدى به.

ومن صحّت له مع الإمام ركعة يسجد فيها ، امّا الاولى ثم خرج منها إمّا لرعاف ، أو ما يجري مجراه ممّا لا ينقض الوضوء ، أو الثانية ، فعليه أن يتمّها ركعتين.

ومن فاتته الجمعة مع الإمام صلاها ظهرا أربعا ، وكذلك من زحمه الناس فلم يصحّ له ركعة يسجد فيها مع الإمام.

فأمّا من كبّر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود لازدحام الناس ، ثم قام الإمام والناس في الركعة الثانية ، وقام معهم ، ثم ركع الإمام فلم يقدر عند الركوع في الثانية لأجل الزحام ، ثم قدر على السجود ، فانّ ركعته الأولى تامة إلى وقت السجود ، إلا انّ عليه أن يسجد لها ، فإن كان نوى بسجوده لمّا سجد في الثانية أنّه عن سجدتي الركعة الأولى ، فقد تمت له الاولى ، وعليه إذا سلّم الإمام أن يقوم فيصلّي ركعة ، يسجد فيها ثم يتشهد ، ويسلّم ، وإن لم ينو ذلك ونوى أنهما للركعة الثانية ، لم تجز عنه الركعة الاولى ولا الثانية ، ويبتدئ فيسجد سجدتين وينوى بهما الركعة الاولى ، وعليه بعد ذلك ركعة تامة ، وقد تمت جمعته ، وهذا الذي ذهب إليه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في مسائل الخلاف (21) وقال في نهايته : وإن لم ينو بهاتين السجدتين أنّهما للأولى ، كان عليه إعادة الصلاة (22)، والذي ذكره في نهايته هو الصحيح ، لأنّه موافق لأصول المذهب ، لأنّ الأوّل يكون قد زاد في ركعة واحدة سجدتين ، ومن زاد سجدتين في ركعة واحدة سواء كان فعله عامدا أو ساهيا ، بطلت صلاته بغير خلاف ، والذي ذكره في مسائل الخلاف رواية حفص بن غياث القاضي ، وهو عامي المذهب ، فلا يجوز الرجوع إلى روايته وترك الأصول ، وأيضا فإنّ السجود لا يحتاج إلى نية بانفراده ، بل العبادة إذا كانت ذات أبعاض ، فالنية في أولها كافية لجميع أفعالها ، ففي الخبر أيضا ما يبطله من هذا الوجه ، وأيضا فما استدام النيّة إذا نوى بسجدتيه أنّهما للركعة الثانية ، لأنّهما من حقّهما ، ان يكونا للركعة الأولى فإذا لم يستدم النيّة ، فقد بطلت صلاته بغير خلاف.

وجملة الأمر ، أنّ السجود بانفراده لا يحتاج إلى النية ، بل الاستدامة كافية على ما قدّمناه ، وما قاله شيخنا في مسائل خلافه مذهب السيد المرتضى في مصباحه ، وما ذهب شيخنا إليه في نهايته هو الصحيح على ما اخترناه وقدمناه ، لأنّ فيه الاحتياط ، لانّه لا خلاف أنّ الذمة مشغولة بالصلاة بيقين ، وإذا أعادها برئت بيقين ، وليس كذلك إذا لم يعدها.

والمسافر إذا أمّ مسافرين في الجمعة ، لم يحتج إلى خطبتين ، وصلاها ركعتين ، لأنّ فرض الجمعة ساقط عنه وعنهم ، وفرضه قصر الظهر ، وصلاتها ركعتين.

فإن دخل في صلاته مقيم ، لم يسلم ، وأتمّها أربعا.

وإن دخل مسافر في صلاة حاضر قاصر لها ، أجزأته عن فرضه.

وإذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد صلّيت صلاة العيد ، وكان الناس بالخيار في حضور الجمعة ، وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبة العيد.

وليس للإمام أن يتأخّر عنهما معا.

فإن اجتمع كسوف وجمعة في وقت واحد ، قدّمت الجمعة ، وأخّرت صلاة الكسوف.

وإن اجتمع استسقاء وكسوف وجمعة لم يقدّم على الجمعة غيرها ، ثم صلّيت صلاة الكسوف ، ثم الاستسقاء ، بعد تجلّي المنكسف ، هذا إذا غلب في الظنّ وكانت الأمارة قوية في أنّ وقت الكسوف لا يفوت ، ولا يخرج وقته ، فأمّا إذا خيف خروج وقت صلاة الكسوف ، فالواجب التشاغل بصلاتها ، وترك صلاة الجمعة في أوّل الوقت ، فإن وقتها لا يفوت ، إلا إذا بقي من النهار مقدار أربع ركعات ، ووقت صلاة الكسوف ، بانجلاء بعض المكسوف يفوت.

فأمّا النوافل يوم الجمعة ، فالمسنون فيها ، زيادة أربع ركعات على النوافل في كل يوم ، واختلف أصحابنا في ترتيبها فذهب السيّد المرتضى رحمه‌ الله إلى أن يصلّي عند انبساط الشمس ست ركعات ، فإذا اتضح النهار وارتفعت الشمس ، صلّيت ستا ، فإذا زالت ، صليت ركعتين ، فإذا صليت الظهر ، صلّيت بعدها ستا.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه ‌الله يصلّي عند انبساط الشمس ست ركعات ، وست ركعات عند ارتفاعها ، وست ركعات بعد ذلك ، وركعتين عند الزوال ، وبالجملة أنّه قال : ويقدّم نوافل الجمعة كلّها قبل الزوال ، هذا هو الأفضل في يوم الجمعة خاصّة ، فأمّا في غيره من الأيام ، فلا يجوز تقديم النوافل قبل الزوال ، وهذا هو الصحيح ، وبه افتي ، لأنّ عمل الطائفة عليه ، وتقديم الخيرات أفضل ، والروايات به متظاهرة (23) ، وقال ابن بابويه من أصحابنا : الأفضل تأخير النوافل كلّها ، أعني نوافل يوم الجمعة إلى بعد الزوال ، وهذا غير واضح ، ولا معتمد.

ووقت ركعتي الزوال قبل الزوال ، ولا يجوز أن يصلّي بعد الزوال ، لأن الأخبار (24) وردت عن الأئمة الأطهار بأنّهم سئلوا عن وقت ركعتي الزوال ، أقبل الأذان أو بعده؟ فقالوا : قبل الأذان ، والأذان لا يكون إلا بعد الزوال فمن ذلك ، ما أورده (25) أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، صاحب الرضا عليه‌ السلام في جامعه قال : وسألته عن الزوال يوم الجمعة ما حدّه؟ قال : إذا قامت الشمس فصلّ ركعتين ، فإذا زالت فصلّ الفريضة ساعة تزول ، فإذا زالت قبل أن تصلّي الركعتين ، فلا تصلّهما ، وابدأ بالفريضة ، واقض الركعتين بعد الفريضة ، قال : وسألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة ، قبل الأذان أو بعده ، قال : قبل الأذان.

فتحقق وتحصّل من هذا ، أنّ ركعتي الزوال ، تصلّى قبل الزوال ، لا يجوز غير ذلك ، وشاهدت جماعة من أصحابنا يصلّونهما بعد الزوال ، ويدلك على ما اخترناه ، قول شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌ الله في مقنعته يصلّي لتحقيق الزوال (26).

وقال بعض أصحابنا وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في نهايته : ولا بأس بأن يجتمع المؤمنون في زمان التقية ، بحيث لا ضرر عليهم ، فيصلّون جماعة بخطبتين ، فإن لم يتمكنوا من الخطبة ، جاز لهم أن يصلّوا جماعة لكنهم يصلّون أربع ركعات (27) فدلّ قوله الأول على أنّهم إذا صلّوها بخطبتين ، أجزأتهم صلاة ركعتين عن الأربع وانعقدت جمعة.

وقال في مسائل الخلاف : من شرط انعقاد الجمعة ، الإمام أو من يأمره الإمام بذلك ، من قاض أو أمير ونحو ذلك ، ومتى أقيمت بغيره ، لم تصح ، ثم قال : دليلنا أنّه لا خلاف أنّها تنعقد بالإمام أو بأمره ، وليس على انعقادها إذا لم يكن إمام ولا أمره دليل ، ثم قال : وأيضا عليه إجماع الفرقة ، فإنّهم لا يختلفون أنّ من شرط الجمعة الإمام أمره ثم قال : وأيضا فإنّه إجماع ، فإنّ من عهد النبيّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله إلى وقتنا هذا ، ما أقام الجمعة إلا الخلفاء ، والأمراء ، ومن ولّي الصلاة ، فعلم أن ذلك إجماع أهل الأعصار ، ولو انعقدت بالرعية لصلّوها كذلك ، ثم سأل نفسه رضي ‌الله‌ عنه فقال : فإن قيل : أليس قد رويتم فيما مضى ، وفي كتبكم ، أنّه يجوز لأهل القرايا والسواد والمؤمنين ، إذا اجتمع العدد الذين ينعقد بهم ، أن يصلّوا الجمعة ، فأجاب بجواب عجيب ، بأن قال : قلنا ذلك مأذون فيه ، مرغب فيه فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّي بهم (28).

قال محمد بن إدريس : نحن نقول في جواب السؤال ، القرايا والسواد ، إذا اجتمع العدد الذين تنعقد بهم الجمعة ، وكان فيهم نواب الإمام أو نواب خلفائه ، ونحمل الأخبار على ذلك ، فأما قوله رضي‌ الله‌ عنه: (ذلك مأذون مرغّب فيه ، فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّى بهم) ، فيحتاج إلى دليل على هذه الدعوى وبرهان ، لأنّ الأصل براءة الذّمة من الوجوب أو الندب ، ولو جرى ذلك مجرى أن ينصب من يصلّي بهم ، لوجبت الجمعة على من يتمكن من الخطبتين ، ولا كان يجزيه صلاة أربع ركعات ، وهذا لا يقوله منّا أحد ، والذي يقوى عندي ، صحة ما ذهب إليه في مسائل خلافه ، وخلاف ما ذهب إليه في نهايته ، للأدلّة التي ذكرها من إجماع أهل الأعصار ، وأيضا فإنّ عندنا بلا خلاف بين أصحابنا ، أنّ من شرط انعقاد الجمعة ، الإمام أو من نصبه الإمام للصلاة ، وأيضا الظهر أربع ركعات في الذّمة بيقين ، فمن قال صلاة ركعتين تجزي عن الأربع ، يحتاج إلى دليل ، فلا نرجع عن المعلوم بالمظنون ، وأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.

وقد ذكر السيّد المرتضى رحمه‌ الله في جواب المسائل الميّافارقيات فقال السائل : صلاة الجمعة يجوز أن تصلّى خلف بالمؤالف والمخالف جميعا؟ وهل هي ركعتان مع الخطبة ، يقوم مقام الأربع؟ فقال المرتضى رحمه‌ الله : صلاة الجمعة ركعتان من غير زيادة عليهما ، ولا جمعة إلا مع إمام عادل أو من ينصبه الإمام العادل ، فإذا عدم صليت الظهر أربع ركعات (29).

وذكر سلار في رسالته: ولفقهاء الطائفة أيضا أن يصلّوا بالناس في الأعياد والاستسقاء ، فأمّا الجمع فلا (30) هذا آخر كلام سلّار ، في رسالته ، وهو الصحيح ، وقد اعتذرنا في عدة مواضع ، للشيخ أبي جعفر رحمه‌ الله فيما يورده في كتاب النهاية ، وقلنا أورده إيرادا لا اعتقادا ، لأنّ هذا الكتاب ، أعني كتاب النهاية كتاب خبر ، لا كتاب بحث ونظر ، وقد قال هو رحمه‌ الله في كتابه هذا ما قاله في خطبة مبسوطة ، فكيف يعتمد ويقلد ما يوجد فيه ، وقد تنصّل المصنف من ذلك.

ويستحب الجمع بين الفرضين في يوم الجمعة خاصة من جهة الوقت والزمان معا ، وكذلك يستحب الجمع بينهما بعرفة ، من جهة المكان والزمان معا ، وكذلك يستحب الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بالمشعر الحرام ، ليلة العيد من جهة المكان والزمان معا ، وحدّ الجمع أن لا يصلّي بينهما نافلة ، فأمّا التسبيح والأدعية فمستحب ذلك ، وليس بمانع للجمع.

فإذا فرغ الإمام من صلاة الجمعة ، صلّى العصر بإقامة فحسب ، دون الأذان ، فأمّا من صلّى الظهر أربعا منفردا ، أو مجمعا في جماعة ، فالمستحب له الأذان والإقامة جميعا لصلاة العصر ، مثل سائر الأيام ، وقد يشتبه على كثير من أصحابنا المتفقهة هذا الموضع لما يقفون عليه ، فيما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في نهايته ، في باب الجمعة ، من قوله : ولا يجوز الأذان لصلاة العصر يوم الجمعة ، بل ينبغي إذا فرغ من فريضة الظهر ، أن يقيم للعصر ، ثمّ يصلي ، إماما كان أو مأموما ، وهذا عند التأمل لا درك على المصنّف ، ولا اشتباه فيه ، وهو أن الإمام ، إذا فرغ من صلاة الظهر يوم الجمعة ، وصلّى الجمعة ، يقيم للعصر من غير أذان له ، والذي يدلك على ما قلناه أنّ المسألة ، أوردها في باب الجمعة لا الجماعة ، لا أن مقصود المصنّف كل من صلاها أربعا ، وقد قال الشيخ المفيد في مقنعته ما اخترناه ، وحقق ما ذكرناه ، فقال : فليؤذّن ، وليقم لصلاة العصر (31) وكذلك قال في كتاب الأركان : ثم قم فأذّن للعصر وأقم ، وتوجه بسبع تكبيرات على ما شرح ذلك في صلاة الظهر ، واقرأ فيها السورتين كما قدّمناه (32).

وقال ابن البراج في كتابه الكامل قال : فإذا فرغ من ذلك ـ يعني من صلاة الظهر يوم الجمعة ، ودعائها ـ فليؤذّن وليقم لصلاة العصر ، ثم يصلّيها كما صلّى الظهر ، ثم قال : ومن صلّى فرض الجمعة بإمام يقتدى به ، فليصلّ العصر بعد الفراغ من فرض الجمعة ، ولا يفصل بينهما إلا بالإقامة (33).

قال محمّد بن إدريس : فليس الشيخ أبو جعفر رحمه‌ الله بأن يقلّد في نهايته ، بأولى من ابن البراج ، والشيخ المفيد بالتقليد في كتاب أركانه ، ومقنعته ، إن كان يجوز التقليد ، ونعوذ بالله من ذلك ، فكيف وكلام الشيخ أبي جعفر محتمل لما قاله الشيخ المفيد ، وكلام الشيخ المفيد رحمه ‌الله غير محتمل ، مع أنّ أصول المذهب والإجماع حاصل منعقد من المسلمين بأجمعهم ، طائفتنا وغيرها ، انّ الأذان والإقامة لكلّ صلاة من الصلوات الخمس المفترضات مندوب إليهما ، مستحب إلا ما خرج بالدليل في المواضع التي ذكرناها ، وخرجت بالإجماع أيضا ،

وبقي الباقي على أصله من تأكيد الندب والاستحباب ، فليلحظ ذلك ، ويعمل فيه بالأدلّة ، فإن العمل تابع للعلم.

وإذا صلّى الإنسان خلف من لا يقتدى به جمعة للتقية ، فإن تمكن أن يقدّم صلاته على صلاته فعل ، وإن لم يتمكن ، يصلّي معه ركعتين ، فإذا سلّم الإمام ، قام فأضاف إليهما ركعتين آخرتين ، ويكون ذلك تمام صلاته.

_______________

(1) الوسائل: كتاب الصلاة ، الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة ، ح 4 .

(2) الخلاف : كتاب صلاة الجمعة مسألة 32 .

(3) مستدرك الوسائل: الباب 34 من أبواب أحكام الملابس في غير الصلاة ، ح 1 .
(4)
النهاية: كتاب الصلاة ، باب الجمعة وأحكامها فيها : ببرد يمني أو عدني.

(5) الخلاف: كتاب الصلاة ، مسألة 40 من صلاة الجمعة.
(6) النحل: 90 .

(7) قريب من هذه العبارة في النهاية كتاب الصلاة. باب الجمعة وأحكامها.
(8)
الجمعة : 9.

(9) التبيان : ج 10 ص 8 الطبع الحديث.
(10) الوسائل : الباب 3 من أبواب النية ، ح 2 .
(11)
النهاية : باب الجمعة وأحكامها.
(12) الوسائل : الباب 70 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح 10 .
(13)
الانتصار : كتاب الصلاة ، المسألة الثانية من صلاة الجمعة.

(14) مصباح المتهجد : في اعمال ليلة الجمعة ، ص 230 ، الطبع الحديث.
(15)
النهاية : القراءة في الصلاة وأحكامها.
(16)
المبسوط : فصل في ذكر القراءة وأحكامها.
(17)
الوسائل : الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح 1.
(18)
الوسائل : الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح 3.
(19) الوسائل : الباب 5 من أبواب القنوت ، ح 5 و 8 و 12 .
(20)
الوسائل : الباب 5 من أبواب القنوت ، ح 5 و 8 و 12 .

(21) الخلاف : مسألة 9 من كتاب صلاة الجمعة.
(22)
النهاية : في باب الجمعة وأحكامها.

(23) الوسائل : الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.

(24) الوسائل : الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج 16 و 17.

(25) الوسائل: الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج 16 و 17.

(26) المقنعة: باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ص 160. (وقال هكذا وركعتين حين تزول تستظهر بهما في تحقيق الزوال).

(27) النهاية : في الجمعة وأحكامها.

(28) الخلاف : مسألة 43 من كتاب صلاة الجمعة.

(29) رسائل الشريف المرتضى : المجموعة الأولى ، المسألة الثانية ، أحكام صلاة الجمعة ، ص 272.

(30) المراسم ، باب ذكر الأمر بالمعروف و..

(31) المقنعة : كتاب الصلاة ، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ص 162.
(32)
كتاب الأركان : لا يوجد عندنا.
(33) كتاب الكامل : لا يوجد عندنا.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.