أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
![]()
التاريخ: 23-10-2014
![]()
التاريخ: 2025-02-11
![]()
التاريخ: 3-07-2015
![]() |
لا يخفى عليك أن عدة من المتكلمين والمحدثين ذهبوا إلى أن ذات الواجب لا يتصف بشئ من النعوت والصفات، لكونه بسيطا محضا وأحدي الذات، والاتصاف بالصفات المختلفة يوجب التكثر في الذات، وهو خلف في بساطته، وحمل هؤلاء جميع الاستعمالات القرآنية الدالة على صفاته تعالى على نوع من المجاز بدعوى أن اتصاف ذاته في الكتاب بالعلم والحياة ونحوهما من باب أن نوع فعله تعالى يشبه فعل ذات له علم وحياة.
وفي مقابل هؤلاء عدة أخرى من المتكلمين ذهبوا إلى أن ذاته تعالى متصف ببعض الصفات والنعوت، وصفاته زائدة على ذاته، بحكم مغايرة كل صفة مع الموصوف بها، وحيث أن الموصوف بها قديم وكان هذا الاتصاف من القديم فهذه الصفات كالموصوف واجبات وقدماء، ولذا اعتقدوا بالقدماء الثمانية في ناحية الذات وصفاته (1).
وكلا الفريقين في خطأ واضح، فإن لازم القول الأول هو خلو الذات في مرتبته عن الأوصاف الكمالية وهو عين الحد والنقص عليه، ولا يناسب مع إطلاقه وكونه غير محدود بحد ونهاية، هذا مضافا إلى ما في حمل الاستعمالات الحقيقية القرآنية على المجاز، ومضافا إلى التصريح بخلافه في قوله تعالى: " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى " (2)، " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " (3).
إذ تعليل شئ بشئ اخر ظاهر بل صريح في كون العلة امرا واقعيا على أن نفي الاضداد يرجع إلى اثبات الأوصاف فيما إذا كانت الاضداد مما لا ثالث لها فان نفي كل ضد يلازم وجود الاخر لعدم امكان ارتفاع الضدين اللذين لا ثالث لهما كما لا يمكن اجتماعهما فإذا نفينا عنه الجهل مثلا لزم ان نثبت له تعالى العلم بل الامر كذلك ان قلنا بان التقابل بين العلم والجهل أو القدرة والعجز تقابل السلب والايجاب إذ لا يمكن ارتفاع النقيضين فإذا نفينا الجهل لزم ان نثبت العلم له تعالى لا محالة.
كما أن لازم القول الثاني هو تعدد الواجب وانثلام الوحدة الذاتية كما أشار إليه المصنف في المتن، وتبطله أدلة وحدانية الواجب وبساطته، هذا مضافا إلى أن لازمه افتقار الذات إلى الصفات الزائدة، وهو خلف في كونه غنيا مطلقا ومضافا إلى لزوم النقص ومحدودية الذات، لأنه حينئذ خال عن الصفات في مرتبة الذات، وهو أيضا خلف في كونه كمالا مطلقا وغير محدود بحد ونهاية.
فالحق هو ما صرح به في المتن من كون صفاته عين ذاته تعالى، وهو الذي نسب إلى الحكماء وجملة من المتلكمين، وهو الذي يقتضيه الجمع بين الآيات والروايات. ففي عين كون صدق العالم والحي والقادر ونحوها عليه تعالى حقيقيا لا مجازيا، وبالعناية لا يكون مصداق الصفات إلا ذاتا واحدا بسيطا (4).
هذا كله من باب إثبات المقصود من ناحية ذكر التوالي الفاسد للقولين المذكورين، ولكن يمكن الاستدلال على وجود الصفات وعينيتها مع الذات من طريق آخر، وهو أن ذلك مقتضى كون الواجب مطلق الكمال وصرفه، إذ كمال المطلق لا يشذ عنه كمال من الكمالات، ولا حاجة له إلى غيره، وإلا فهو خلف في كونه مطلق وكل الكمال وصرفه، ولذا صرح العلامة الطباطبائي - قدس سره - بأن الحاجة والقيد لما كانا منفيين عن الله تعالى فلا بد من أن يكون كل كمال له، عين ذاته لا خارجا عنه، إذ الكمال الخارجي لا يمكن تصويره إلا بحاجة الذات إليه، وبكونه مقيدا لا مطلقا (5).
ولعل إليه يشير ما ذكره العلامة الحلي - قدس سره - في شرح التجريد حيث قال في تعليل استحالة اتصاف الذات تعالى بالصفات الزائدة: " لأن وجوب
الوجود يقتضي الاستغناء عن كل شئ فلا يفتقر في كونه قادرا إلى صفة القدرة ولا في كونه عالما إلى صفة العلم ولا غير ذلك من المعاني والأحوال " (6).
ثم إنه لا استيحاش في صدق المفاهيم المختلفة على مصداق واحد بسيط من جميع الجهات فإن هذا الصدق لا يختص بهذا المورد، بل عندنا أمور لا تكثر فيها، بل هي بسيطة، ومع ذلك يطلق عليها المفاهيم المختلفة كإطلاق المعلوم والمقدور والموجود على المتصورات الذهنية، مع أنه لا تكثر فيها، بل هي بذاتها معلومة ومقدورة وموجودة لنا، فيمكن أن يكون البسيط مصداقا للمفاهيم المختلفة فذاته تعالى من حيث أنه وجود، موجود، ومن حيث أنه مبدأ للانكشاف عليه، علم، ولما كان مبدأ الانكشاف عين ذاته، فهو عالم بذاته، وكذلك الحال في القدرة وغيرها من الصفات الذاتية الثبوتية.
روى هشام بن الحكم أن الزنديق سأل أبا عبد الله - عليه السلام - أتقول:
إنه سميع بصير فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: هو سميع بصير، سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، وليس قولي: إنه يسمع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر، ولكنني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول: يسمع بكله لا أن كله له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى (7).
وعن الإمام الكاظم - عليه السلام - علم الله لا يوصف منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا يفرد العلم من الله ولا يبان الله منه وليس بين الله وبين علمه حد (8).
_______________________
(1) أحدها الذات وباقيها هي الحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والإرادة والكلام النفسي راجع شرح التجريد وشرح الباب الحادي عشر والبداية والنهاية وغيرها.
(2) الاسراء: 110.
(3) الأعراف: 180.
(4) گوهر مراد: ص 172.
(5) أصول فلسفه: ج 5 ص 180، وعبارته باللغة الفارسية هكذا: چون احتياج وقيد از خدا منفى است ناچار هر صفت كمالى كه دارد عين ذاتش خواهد بود نه خارج از أو زيرا كمال خارج از ذات بي احتياج وقيد صورت نمى گيرد.
(6) شرح التجريد: ص 182.
(7) بحار الأنوار: ج 4 ص 69.
(8) توحيد الصدوق: 138.
|
|
هدر الطعام في رمضان.. أرقام وخسائر صادمة
|
|
|
|
|
كالكوبرا الباصقة.. اكتشاف عقرب نادر يرش السم لمسافات بعيدة
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تنشر لافتات احتفائية بذكرى ولادة الإمام الحسن (عليه السلام)
|
|
|