أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-12-2015
5883
التاريخ: 2-06-2015
7467
التاريخ: 25-11-2014
5793
التاريخ: 27-11-2015
5584
|
توجد اليوم في العالم مجالس قضائية كثيرة وهي جذابة بظاهرها ولكن متى ما قارّنا محتوى تلك المجالس القضائية مع المجالس القضائية الإسلامية ، نجد بأنّ تلك المجالس المادية خاوية وسخيفة وسوف نجد اختلافات واضحة وبينة فيها ، ومن جملتها :
1- ينبغي على القاضي الإسلامي أن يكون صاحب نظر ورأي ، ولا يقتصر على مواد القانون فقط ، بل لابدّ أن يكون عارفاً بجذورها ومبانيها ، مجتهداً فيها ، وبعبارة أخرى الاجتهاد في القضاء شرط من شروطه ، بينما لا نجد مثل هذا الاشتراط في دنيا اليوم ومجالسها القضائية حتى يكتفي بمعرفة مواد القانون فقط والاقتصار على تلك المواد ، وهذا فرق واضح بين هذه المجالس والمجالس القضائية الإسلامية.
وبتعبير أوضح ، أنّ الاطلاع على الأحكام التي جاءت في تحرير الوسيلة (مثلًا) قد يكون عن طريق التقليد وقد يكون عن طريق الاجتهاد ، وإن كانت وظيفة القاضي على أي حال تطبيق هذه الأحكام في موارد الدعوى وتشخيص صاحب الحق عن غيره ، ولكن هناك فرق واضح بين ما إذا كان مطلعاً على أحكام تحرير الوسيلة عن طريق التقليد ، أم عن طريق الاجتهاد وتتبع جذور تلك الأحكام ومبانيها من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، فالإسلام يوحي بالطريق الثاني.
2- في النظم القضائية الحديثة ، يُكتفى بلياقة القاضي في حدود القضاء والحكومة فقط ، أمّا في الإسلام فإنّ هذا المقدار غير كافٍ ، بل لابدَّ أن يكون القاضي نزيهاً في كل المجالات ، إذ إنّ العدالة تعني الورع عن كل أنواع الذنب سواءً كان في دائرة المسائل القضائية ، أم في دائرة غير القضاء.
ومن الواضح أن هناك فرقاً كبيراً بين من يكون ورعاً في كل المجالات عن الذنب وبين من يكون ورعاً في مجال معين ودائرة ضيقة ، فاحتمال انحراف الثاني أكثر من احتمال انحراف الأول.
3- إذا قضى قاضي المجالس القضائية الحديثة بالحق دون أن يكون مطلعاً ، فإنّه لا يكون مسؤولًا ، بينما وكما أشرنا آنفاً فإنّ مثل هذا القاضي مسؤول أمام اللَّه في نظر الإسلام ، فالوصول إلى الحق لا يكفي وحده لعدم تحمل المسئولية ، بل لابدّ أن يكون عن تحقيق واطلاع.
4- يعتبر الارتشاء في نظام القضاء الإسلامي ليس من الذنوب الكبيرة فحسب ، بل طبقاً لبعض الروايات فإنّه في حدِّ الكفر والشرك ، قال الإمام الصادق عليه السلام : «أمّا الرُّشا فِي الْحُكْمِ فَهُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ» (1).
فالإسلام يمنع القاضي حتى من قبول الهدية (بطبيعة الحال الهدايا التي تقدم له باعتبار أنّه في مقام القضاء ، سواء قبل الحكومة والقضاء أم بعده) وقصّة الأشعث بن قيس معروفة ، حيث جاء ليلًا بهدية إلى دار الإمام عليّ عليه السلام وهي طبق من الحلوى اللذيذة ، فقال له الإمام عليّ عليه السلام ما هذا؟
فقال : هدية جئت بها إليك! فغضب الإمام عليه السلام وصاح به :
«هَبَلَتْكَ الْهَبُول أَعَنْ دِيْنِ اللَّهِ أَتَيْتَني لِتَخْدَعَني»؟!
أي تريد أن تعطيني الرشوة باسم الهدية (2).
والملفت للنظر هو أنّ الإسلام يلعن الراشي والمرتشي والواسطة بينهما ، وقد ورد في حديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله : «لَعَنَ اللَّه الرّاشِي والْمُرْتَشي وَالرّائشَ الَّذي بَيْنَهُما» (3).
وقد وردت آيات من القرآن الكريم وبشكل مكرر تشير إلى مسألة الرشوة وتذمها ، منها قوله تعالى :
{وَلَا تأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وتُدْلُوا بِهَا الَى الْحُكَّامِ لَتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ امْوال النَّاسِ بِالأِثْمِ وَانْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة/ 188).
وللفخر الرازي هنا تعبير جميل وهو أنّ «الادلاء» مأخوذ من «الدلو» وهو الإناء الذي يستخرج الماء من البئر بواسطته ، «والرشاء» بمعنى «الحبل» فكما أنّ الإنسان يستخرج الماء الموجود في الدلو بالحبل ، فكذلك الراشي يأكل أموال الناس بواسطة الرشوة التي يعطيها للقاضي.
نعم ، فالتعبير ب «ولا تدلوا بها إلى الحكّام» تشبيه وإشارة لطيفة لهذا الموضوع.
ويستفاد أيضاً من سورة المائدة بأنّ علماء اليهود حرّفوا الأحكام الإلهيّة لمنافعهم الخاصة ، وقد ذمّ القرآن الكريم هذه الظاهرة ، فقد قال تعالى :
{وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتى ثَمَناً قَلِيلًا وَمَن لَّم يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَاولِئكَ هُمُ الْكافِرُونَ} (المائدة/ 44).
فمن هذهِ الآيات يمكن الاستنتاج بأنّ القضاء والحكومة للَّه بالدرجة الاولى ، ومن ثمَّ نقلت منه إلى من يرى فيه المصلحة ، وبتعبير آخر :
إنّ غير اللَّه يأخذ مشروعية أحكامه وقضائه من اللَّه تعالى ، وهذا ما يقتضيه التوحيد الأفعالي وحاكمية اللَّه أيضاً.
_______________________
(1) وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص 163 ، باب تحريم الرشوه ، ح 8.
(2) نهج البلاغة ، الخطبة 244.
(3) ميزان الحكمة ، ج 4 ، ص 135.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|