أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-3-2022
4872
التاريخ: 2024-09-29
337
التاريخ: 2024-09-16
336
التاريخ: 20-3-2020
9177
|
يمكننا أن نتصور أن الإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض كان قد اهتم بالظواهر الجوية المحيطة به لما لها من تأثير مباشر على حياته فلجوء الإنسان إلى ارتداء الملابس والبحث عن مسكن له هي من أولى المحاولات البشرية للتكييف مع طقس ومناخ المنطقة التي يسكنها. ثم تطورت العملية إلى مراقبة الظواهر الجوية Weather Phenomena Watch كما كان البابليين يراقبون الغيوم للتنبؤ منها بحالة الجو القادم. فالظواهر الجوية تسبب للإنسان لحظات راحة أو انزعاج. فالأمطار واعتدال الحرارة والرياح الهابة على شكل نسيم كانت تسعده، بينما الأعاصير والفيضانات وارتفاع وانخفاض الحرارة الشديدان كانت تزعجه. ولان الإنسان الأول كان عاجزا عن تفسيرها فقد عمل على عبادتها اعتقادا منه أن ذلك يجنبه أضرارها. لذلك ظهرت العديد من الإله المناخية، فقد عبد الإغريق بوريس Boreas) آله الرياح وعبد المصريون (رع Ra) آله الشمس واعتبر جوبتر Jupiter آلة المطر عند الرومان، واعتبر (ثور) (Thor) آله الرعد عند الاسكندينافيين. في حين قامت شعوب أخرى بتسجيل تكرار هذه الظواهر في محاولة أولية لفهمها ومن ثم التنبؤ بها. فالصينيون هم أول من سجل مواسم الفيضان منذ 2000 ق.م، وكان المزارعين الصينيين يراقبون حالة الجو ويحاولون فهم تأثيرها على مزروعاتهم. وبذلك تعتبر التسجيلات الصينية من أقدم التسجيلات الطقسية على الإطلاق.
أن النظر إلى الطقس والمناخ بشكل علمي ومنظم جاء على يد الإغريق. فقد قسم بارميندس Parminides) في 500 ق.م العالم إلى ثلاثة أقاليم حرارية وهي
أ- المنطقة المحرقة Torrid وهي المنطقة الاستوائية.
ب- المنطقة المعتدلة Temperate وهي منطقة حوض البحر المتوسط.
ج- المنطقة الشديدة البرودة Frigid وهي مناطق شمال أوربا والقطب وكان بارميندس يعتقد أن المنطقة المحرقة خالية من السكان وان المنطقة الشديدة البرودة سكانها متوحشين.
أول كتاب مناخي منهجي كان لأبقراط Hippocrates تحت عنوان ( الهواء والماء والأماكن Air, Water, and Places) وذلك عام 400 ق.م. ثم تلاه مؤلف أرسطو Aristoteles الموسوم الميترولوجيا Meteorologica ق.م والذي اعتبر أول مؤلف في علم الأنواء الجوية، حيث شرح فيه دورة المياه في الطبيعة. لذلك يعتبر أرسطو هو المبتكر لعلم الأنواء الجوية. حيث لم يستطع احد خلال 2000 سنة من أن يضيف شيئاً مميزاً إلى ما كتبه أرسطو. ثم توالت الفعاليات المختلفة لدراسة المناخ والأنواء الجوية حتى قام كيرهيستس Kyrhestes عام 100 ق.م بتصميم برج الرياح Tower of the Wind والذي يعد أول مرصد أنوائي في العالم. كما ظهر كتاب للعالم ثيوفراستوس Theophrastus في التنبؤ بالطقس اسماه كتاب العلامات Book of Signs، حيث استعمل طويلاً في عمليات التنبؤ الجوي في سنة 25 ميلادية استطاع الروماني بومبونيوس ميلا Pomponius Mela من وضع نظام الانطقة المناخية.
تعتبر إسهامات العرب المسلمين في علم الأنواء الجوية إسهامات هامة. فالعرب المسلمون توفرت لهم فرصة التنقل بين أجزاء الدولة الإسلامية المترامية الإطراف والتي كانت تمتد من الصين إلى أسبانيا، ومن تركيا ووسط آسيا إلى جنوب السودان. هذه الأصقاع المترامية تحتوي على طقوس مختلفة. أما الفرصة الأخرى فهي إطلاعهم على التراث اليوناني الذي سبقهم وبذلك لم يبدئوا من الصفر. وكعادتهم فان العلماء العرب زادوا ونقحوا وصححوا ما جاءهم من الإغريق. ولسنا هنا بصدد جرد شامل للتراث العربي الإسلامي في مجال علم الأنواء الجوية ولكن سنتوقف عند أهم المحطات التي أسهمت في تطور هذا العلم.
أطلق العرب على المناخ لفظة نوء وجمعها أنواء، والنوء هو المطر. وبالرغم من أن معالجات موضوع الأنواء كانت تأتي ضمنا أي ضمن المواضيع العامة، لكن لا يخلو التراث العربي الإسلامي من كتب مختصة مثل كتاب الأنواء للنضر بن شميل وبعض رسائل إخوان الصفا. جاءت المعالجات الطقسية والمناخية العربية متميزة، فقد استطاع العرب اكتشاف الرياح الموسمية واستخدموها لأغراض التجارة ولفترة طويلة من الزمن قبل أن يعرفها الآخرون. حتى أن كلمة (Monsoon) باللغة الإنكليزية هي تحريف كلمة موسمية. كما أن اسم الأعاصير المدارية في المحيط الهادي وعلى ساحل الصين (Typhoon) مأخوذة من كلمة (الطوفان) العربية.
وفند ابن حوقل النظرية اليونانية القائلة أن المناطق الاستوائية غير مسكونة نتيجة ارتفاع الحرارة فيها. فأثناء عبور ابن حوقل خط الاستواء شاهد عدد كبير من الناس يسكنون في هذه المناطق. أما البلخي فقد وضع أول أطلس مناخي في العالم سنة 921م وسماه (كتاب الأشكال). جمع البلخي مادته العلمية لمناخ البلدان من كتب الرحلات وعندما وضعها معاً تمكن من إعطاء صورة عامة عن مناخ العالم المعروف آنذاك واستعملها في أطلسه. أما المسعودي فقد عالج العوامل المؤثرة على مناخ الأقاليم، واستطاع أن يبين العلاقة بين أنطقة الضغط وحركة الشمس. كما ربط بين انطقه الضغط والرياح، وبذلك فسر أسباب هبوب الرياح الموسمية. وقد جاء تفسيره رائعا، حيث اعتبر الاختلاف في التسخين بين اليابس والماء هو المسئول عن هبوب الرياح الموسمية. كما استطاع أن يصف عملية التبخر من سطح الماء ثم تكاثفه في طبقات الجو العليا لتظهر الغيوم قسم ألمقدسي العالم في سنة 985م إلى (14) إقليما مناخيا، وبذلك أضاف إلى التصنيف اليوناني (11) إقليمان جديدان. فقد لاحظ المقدسي أن المناخ لا يتأثر فقط باختلاف دوائر العرض، بل كذلك بالنسبة إلى موقعه من شرق القارات أو غربها. فبالرغم من عدم معرفتهم بالتيارات البحرية آنذاك، إلا أنه لاحظ أن السواحل الشرقية للقارات أكثر مطران وحرارة من السواحل الغربية وبذلك أكد حقيقة أكدها هامبولت Humboldt بعد 800 سنة. كما ذكر المقدسي أن النصف الجنوبي للأرض أكثر ماءتان وان النصف الشمالي أكثر يابسة. وقد وصف العرب مناخ البلدان وصفاة حياة مسهبان، وجاء هذا الوصف في العديد من كتب الرحالة وحوالي القرن التاسع الميلادي كتب العالم العربي الكندي معالجة لموضوع الفيضان والمد، وضح فيها علاقة انخفاض الحرارة وارتفاعها بتمدد الأجسام. وفي نفس الفترة كتب الدينواري كتاب النبات، والذي يعالج موضوع تأثير الطقس على النبات، كما وصف السماء والأرض والشمس والقمر وأوجه القمر بالإضافة إلى الفصول والمطر والرعد والبرق والثلج والفيضان ومصادر المياه الأخرى. في سنة 1021 كتب العالم العراقي ابن الهيثم عن تكسير الغلاف الغازي للضوء. وبين إن الشفق الأحمر عند الغروب هو ناتج من تكسير الغلاف الغازي للضوء، ويبدأ عندما تكون الشمس عند زاوية 19 أسفل الأفق. كما استطاع ابن الهيثم من قياس سمك الغلاف الغازي، وقال انه 79 كيلو متر، وهو قريب جداً من القياس الحالي وهو 80 كم. ومن خلال ملاحظاته، أكد إن الغلاف الغازي يعكس الضوء من خلال ظهور الضوء في السماء قبل شروق الشمس. في سنة 1121 نشر العالم المسلم الخازني كتاب توازن الحكمة، وهو أول دراسة عن توازن المياه. وفي نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر استمر كتاب الدين الشيرازي وطالبه كمال الدين الفارسي في عمل ابن الهيثم، حيث استطاعوا أن يفسروا ظاهرة قوس قزح.
ظهرت عند العرب معالجات لمناخات محلية Local Climates أو أساس نظري لبعض الظواهر الطقسية. فقد عالج البيروني اثر جبال الهملايا في سقوط الأمطار الموسمية في الهند. وقد وضع أخوان الصفا الأسس النظرية للتكاثف وسقوط الأمطار. فقد ربط أخوان الصفا في رسالتهم الثامنة عشر بين ارتفاع الحرارة والتبخر، كما ناقشوا كيفية تكون السحب من بخار الماء، فذكروا أن بخار الماء عندما يرتفع إلى الأعلى يبرد فيتكاثف. كما استطاعوا أن يصنفوا التكاثف إلى نوعين، فقالوا أن البخار الذي لا يرتفع ويتكاثف قرب سطح الأرض يتكون منه الضباب أو الندى أو الصقيع وان البخار المتصاعد يتكاثف في الأعلى مكونان الغيوم. كما تطرقوا إلى كيفية سقوط المطر ذاكرين أن قطرات الماء في الغيوم قبل سقوطها تتكون من اتحاد عدد من الذرات المتكاثفة وأحدث نظريات سقوط المطر تؤكد هذا الرأي. كما استطاعوا أن يفرقوا بين سقوط المطر وسقوط الثلج. كما فسروا اختلاف درجة الحرارة باختلاف زاوية سقوط الإشعاع الشمسي. وقد حاولوا معرفة سمك الغلاف الغازي باستخدام معادلات رياضية تعتمد على فترة بقاء الشفق في السماء. وقد قسموا الغلاف الغازي إلى ثلاثة طبقات هي : الأثير، والزمهرير، والنسيم. وتوصلوا إلى أن الأرض لاتسخن من الإشعاع الشمسي المباشر بل من الإشعاع الأرضي. أما ابن بطوطة فقد ذكر أن الحرارة في خط الاستواء اخفض من الحرارة في المناطق المدارية وهو بذلك يعتبر رائدا في هذا المجال. حيث أعطى برهانا جديدا على خطأ نظرية اليونان عن خط الاستواء. أما ابن خلدون فقد ربط بين المناخ وعادات الشعوب وتصرفاتهم، وهو بذلك يعد من أوائل الحتميين الذين يؤمنون بان الإنسان انعكاس لبيئته.
يلاحظ من هذا الاستعراض الموجز أن العرب عالجوا الطقس بطريقتين : الأولى، وصفية وهو ما احتوته كتب الرحالة وكتب البلدان، وهو عبارة عن نقل حي لمشاهداتهم عن المناطق التي مروا بها والثانية، التحليل العلمي المرتبط باستخدام بعض الحسابات الرياضية لتفسير الظاهرة. ويمكن القول أن ما كان يفصل العلماء العرب فعلا عن علم الأنواء الحديث هو القياس الدقيق لعناصره الذي لم يتسنى ذلك للبشرية إلا بعد اكتشاف المحارير ومقاييس الضغط. وبذلك يمكن لأحفادهم ألان استغلال الفرصة للاستمرار على خطى أسلافهم.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يحتفي بإصدار العدد الألف من نشرة الكفيل
|
|
|