المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المرأة البنت
2024-10-02
الانسان هو الكائن الوحيد القادر على إنتاج قوة مضافة
2024-10-02
المروي حول كتاب علي (صلوات الله عليه).
2024-10-02
حرية الفرد
2024-10-02
ما صحيفة الفرائض؟
2024-10-02
هل رأى أحد كتاب علي (عليه السلام) غير العترة الهادية؟
2024-10-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الحب في الإسلام  
  
58   02:17 صباحاً   التاريخ: 2024-10-01
المؤلف : السيد مرتضى الحسيني الميلاني
الكتاب أو المصدر : الى الشباب من الجنسين
الجزء والصفحة : ص 11 ــ 30
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13/11/2022 1175
التاريخ: 16/9/2022 1380
التاريخ: 11/12/2022 1225
التاريخ: 11-1-2023 1450

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].

وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165].

عندما نرى شيئاً جميلاً أو شيئاً جيداً، نجد في أنفسنا صدى إنفعالياً لذلك الجمال أو لتلك الجودة. وهذا الشعور النفسي الذي نجده هو الاستحسان. وقد نحس في أنفسنا بعد هذا الشعور إنجذاباً برفق أو بعنف إلى ذلك الشي. وهذا الانجذاب هو المحبة، فالاستحسان إنفعال النفس عند شعورها بالجمال أو الجودة. والمحبة هي رد فعل ذلك الإنفعال. والاستحسان دعوة الجمال للنفس إذا شعرت به، والمحبة إستجابة النفس لتلك الدعوة.

والمحبة في أولى درجاتها ميل الى الشيء المرغوب، إذا كانت الرغبة فيه لا تكلفنا أن نتحمل المشاق في تحصيله، فإذا إشتدت الرغبة إليه وكلفتنا أن نتحمل بعض المشاق سميت (ودّاً). وإذا بلغت أكثر من ذلك الحد سميت (حباً) وهو أسمى درجات هذا الإحساس.

والحب عند الفلاسفة: ميل طبيعي إلى المحبوب الملائم. وعند علماء الإجتماع: صلة نفسانية متبادلة بين اليقين، ورابطة متعادلة بين قلبين. وعند العارفين: قوة خفية تصير المعشوق جزء من العاشق، وقد تحيلهما شيئاً واحداً لا يقبل التجزئة. والحب عند الأدباء: إشراقة الروح على الروح ومصافحة القلب مع القلب.

أما الإمام الصادق (عليه السلام) فإنه يسميه: الإيمان، حين يقول: (وهل الإيمان إلا الحب) (1). وفيه دلالة واضحة على أن الإيمان الصحيح عند الإمام (عليه السلام) هو معنى الإنسانية الكاملة. والحديث على قصره يدلنا على منزلة عظيمة للحب في الإسلام، ولكن علينا أن نعرف هذا الحب القدسي الذي يفسر الإمام به الإيمان.

إن من الأحكام التي لا تقبل التشكيك أن الإهتمام بكل عمل أو صفة هو بمقدار ما لغايته من الأهمية. فالذي يطلب رجلا لحاجة، ينتهي طلبه إذا حصل منه على تلك الحاجة. والذي يقرأ كتاباً ليفهم معناه، تنتهي قراءته إذا حصل منه على غايته. والحب أحد هذه الأشياء التي تطلب لغايتها، وتكون شريفة أو وضيعة بشرف الغاية أو ضعتها. فالذي يحب أحداً لماله، ينفد حبه إذا نفد المال. والذي يحب شخصاً لغاية غير شريفة ينتهي حبه إذا حرم منها، وقد ينقلب هنا الحب بغضا.

والإسلام دين المحبة الصادقة، والأخوة الدائمة، لا يعجبه هذا اللون المشوه من الحب. وبالأحرى هذا التدنيس لطهارة الحب، كحب الشهوة الوضيعة والغايات السافلة. فالحب في الإسلام شريف لأنه علاقة بين أرواح، فيجب أن يكون شريف الخاتمة. والشريعة الإسلامية مثالية في أحكامها وآدابها فيجب أن تكون مثالية في حبها، والحب محدود الغاية لا يلتئم مع الألفة الدائمة التي يدعو إليها الدين الإسلامي.

الحب هو الصلة الأولى بين العبد وربه، وهو العلاقة المتينة بين الإنسان ودينه، فيلزم أن تكون الصلة بين المسلمين ظلاً لذلك الحب وقبساً من ذلك النور.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من حب الرجل دينه، حبه أخاه) (2) والحب ليس شيئاً يكال جزافاً بالمكاييل، ولا ينشأ مصادفة من غير سبب، بل يحب الإنسان ربه لأنه المنعم الذي أوجده بعد العدم، ثم كمّله بعد النقص، وهداه من الضلالة.

ويحب الإنسان دينه لأنه الطريق الذي يصل به إلى السعادة، والوسيلة التي تضمن له الفوز بالخير الأعلى. ويُحبُ الإنسان أباه لأنه سبب وجوده وهو الكافل لتربيته، ويحب المسلم أخاه المسلم لأنه عديله في الدين وشريكه في العقيدة، ويحب الإنسان أخاه الإنسان لأنه مثيله في الحقوق الإنسانية، ونظيره في استحقاق السعادة.

هكذا ينظر الدين الإسلامي إلى الحب، وهكذا يجب أن يكون.

والعلاقة بين المتحابين إذا أقيمت على هذا الأساس تحطمت دونها كل غاية، وسهلت في سبيلها كل وسيلة، وكانت متعادلة بينهما فيحس أحدهما لصاحبه بما يحس به الآخر، لأن الحب صلة بين نفسين وبالأحرى بين عقلين.

أما حب الشهوة فلا تكون له هذه الخاصة، لأنه صلة بين غريزة وجسد. والجسد لا يحس بما يحس به القلب.

إن حب الصديق لكماله يكون أكبر لذة وأكثر إتصالاً وبقاءً، لأنها لذة عقلية والقوة العقلية أكبر لذة، لأنها أقوى إدراكاً وأسمى غاية. والدليل على ذلك أننا نجد القلوب مجتمعة على حب الكمال أينما وجد، وعلى تعظيم الكامل أينما حل، وإن فصلت بيننا وبينه ملايين الأميال وعشرات القرون.

فالذي يحب (عنترة بن شداد) لشجاعته، أو يحب (حاتم الطائي) لجوده، لم يحبهما لغرض يرجع إلى قوة الغضب أو قوة الشهوة، ولكنه يحبهما لأنهما متصفان بصفتين من صفات الكمال. وهو يلتذ بهذا الحب كلما خطرت هذه الناحية في قلبه.

ولا يزال العالم من أدناه إلى أقصاه يعيش حالة من الفوضى والاضطهاد وكل أنواع الحقد والتباغض. فحمل بعضهم الشعارات والنظريات والقوانين التي وضعوها آملين بالخلاص وإنقاذ حياتهم مما هم فيه. ودعا آخرون إلى نشر السلام والحب والوئام على سطح هذا الكوكب. فشمّر الكتّاب والشعراء عن سواعدهم وكتبوا عن سمر المحبين وحديث العاشقين، بالشعر والأدب إلى أن ضاعت كلمة (الحب) في هذا العالم حتى أصبحت عبارة جوفاء ليس لها أي أثر في حياة المجتمع. وفقدت خصائصها، وتحولت إلى باب من أبواب المكر والخداع والتدليس. ونحن هنا نتناول في الأسطر المقبلة الحب الإلهي المستقى من منهج الإسلام الكامل الذي وهبه الله للبشر رحمة ولطفاً منه تعالى. آملين أن نشبع رغبة القارئ الكريم بهذه الفضيلة التي تحرك نبض الإحساس والشعور بالنسبة للحب الحقيقي. من خلال الموارد التالية:

الأول: حب الله:

وهو أساس كل حب نقي، فالله هو واهب هذه النعمة العظيمة، فبها خلق الناس وجعلهم في نفس واحدة بعد أن يتحابوا فيما بينهم. ويكونوا ألصق ببعضهم وأكثر تلاحماً. وبما أن الله تبارك وتعالى قد خلقهم من نفس واحدة فلابد أن يكونوا أحبة. وحتى يكونوا كذلك فلابد أن يحبوا. ومتى ما أحبوا أحبهم الله إستناداً لقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].

الحب الحقيقي لله سبحانه ليس بالعلاقة القلبية فحسب، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الانسان، إن من يدعي حب الله، فعليه أولاً إتباع رسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) والسير على نهجهم والعمل بأقوالهم، وينجذب نحوهم، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

في الواقع ان من آثار الحب الصادق إنجذاب المحب نحو المحبوب والاستجابة له، صحيح أن هناك حباً ضعيفاً لا يتجاوز أشعته جدران القلب، إلا أن هذا لا يمكن اعتباره حباً، لا شك إن للمحب الحقيقي آثار عملية تربط المحب بالحبيب وتدفعه للسعي في تحقيق طلباته، ولا يمكن أن يحب الإنسان مخلوقاً ليس فيه شيء من قوة الجذب.

وعليه فإن حب الإنسان لله سبحانه ناشئ من كونه منبع جميع الكمالات وأصلها، إن محبوباً هذا شأنه لابد أن تكون أوامره كاملة أيضاً، فكيف يمكن لإنسان يعشق الكمال المطلق أن يعصى أوامر الحبيب وتعاليمه وإرشاداته، فإن عصى فذلك دليل على أن حبه غير حقيقي.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (ما أحب الله من عصاه) (3).

تعصي الإله وأنت تظهر حبه  هذا لعمرك في الفعال بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته    إن المحب لمن يحب مطيع (4)

إذا كنتم تحبون الله، وظهرت آثار ذلك الحب في أعمالكم وحياتكم، فإن الله سيحبكم أيضاً، وسوف تظهر آثار حبه، أنه سيغفر لكم ذنوبكم، ويشملكم برحمته... {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، حيث أن ليس هناك حب من طرف واحد، لأن الحب بدفع المحب إلى أن يحقق عملياً رغبات حبيبه، وفي هذه الحالة لا يمكن للمحبوب إلا أن يرتبط بالمحب.

الثاني: حب النفس:

التي قيل عنها إنها مفتاح المعارف والتي تعرفنا بالله تعالى: فإذا عرفت الله سبحانه وجب علينا حبها وتهذيبها وصقلها حتى تربح سعادة الدارين. ولهذه النفس صفات عديدة منها: الخشية والعفة، والحلم والتواضع، والتسامح وغيرها من صفات الخير.

ومن أحسن للآخرين فقد أحسن لنفسه، ومن أساء لهم أساء لنفسه، وذلك قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7].

ما يعمله الإنسان من سوء أو خير تعود لنفسه، فالإنسان عندما يلحق أذى أو سوءاً بالأخرين، فهو في الواقع يلحقه بنفسه فالذي يحب نفسه لا يؤذي الآخرين.

الثالث: حبُّ الوالدين:

وبه نعرف إحساسنا بمدى برّنا بهما. وتعاملنا معهما بروح المحبة والإخلاص حتى يرضى عنا خالقنا سبحانه. وهو حب لا يمكن فصله أو عزله عن حب الله تعالى.

واعلموا أعزاءنا الشباب أن البر بالوالدين الذي أفرزه حبنا لهما لا ينقطع حتى بعد وفاتهما. فأي حب هذا الذي لا تنقطع آثاره بعد الموت؟

وقد وردت آيات قرآنية في الإحسان إلى الوالدين، كما وردت أحاديث كثيرة في حق الوالدين.

قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، كرر كلمة (بالوالدين احساناً) في القرآن أكثر من ست آيات، والإحسان هو: أن تحسن صحبتهما، وأن لا تجعلهما يسألان شيئاً مما يحتاجان إليه، عليك أن توفره لهما قبل أن يسألاك، قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].

وكذلك ورد في الحديث عن أبو سعيد الخدري أنه قال: (هاجر رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله) من اليمن وأراد الجهاد، فقال له (صلى الله عليه وآله) فارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا فجاهد وإلا فبرهما ما استطعت فإن ذلك خير ما تلقي الله به بعد التوحيد) (5).

وجاء آخر إليه (صلى الله عليه وآله) ليستشيره في الغزو فقال: ألك والدة؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت قدمها (6).

نعم وهناك الكثير من الأخبار الدالة على تأكد حق الأبوين وحبهما وكيفية القيام بحقهما، حيث ورد أيضاً أن أكثر العلماء قالوا: إن طاعة الأبوين واجبة في الشبهات، حتى إذا كانا يتنغصان بغيابك عنهما في الطعام فعليك أن تأكل معهما، وكذلك ليس لك أن تسافر إلا بإذنهما، ولا يملأ عينيك في النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدم قدّامهما، أي عندما تسير معها عليك أن تتأخر ولو مقدار قدم عنها....

جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال أباك (7).

سأل الرجل من النبي (صلى الله عليه وآله) أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله (8).

الرابع: حب الزوجين:

اللذين يكونان المصدر الرئيس في عملية حفظ النوع البشري واستمراره في الحياة. ومن الواضح هنا أن كل علاقة بين الزوجين مفتقرة إلى هذا الحب، ولا يمكن تحقيق أي نجاح في الحياة الزوجية مما لم يقم على أساس الحب المشبع بالإخلاص. فإذا تحقق الحب نزلت الرحمة الإلهية لتغمر بيت الزوجية بالخير والبركة والعطاء. وبعكسه نرى الرحمة منزوعة من ذلك البيت. بل نرى الحياة قائمة على العداوة والبغضاء بدلاً من المودة والرحمة التي أشارت إليهما الآية الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

إذا أراد الزوجان أن تستمر حياتهما بهدوء وسعادة، يجب أن تسود علاقاتهما مع بعض معاني الحب والمودة التي يشير إليها القرآن الكريم في هذا المجال حيث قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، وفي الواقع ينبغي على كل من الزوج والزوجة أن يخلص مع الطرف المقابل، وأن يشعره بحبه العميق من خلال ما يفيضه عليه من عطف وحنان ومودة صادقة.

ويجب أن يكون الزوج لزوجته أفضل الأصدقاء وكذلك العكس.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).

وقال (صلى الله عليه وآله): (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلفاً وألطفهم بأهله).

وقال (صلى الله عليه وآله): (قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً) (9).

وكلمة الزوج لزوجته (أنا أحبّك) قد تفعل أحياناً فعل السحر في نفس الزوجة.

وإذا حدث شجار بينك وبين زوجتك أثناء النهار، فلا تدع هذا الشجار يدوم ويستمر إلى اليوم الثاني، ويجب أن ينتهي إلى ما بعد منتصف الليل، إن الفراش يجمع بينكما لابد أن يكون هو الحد الفاصل إلى المشاكل والمشاحنات النهارية.

فإذا استدارت نحوك زوجتك كان عليك أن تتناسى كل شيء لكي تطوقها بذراعيك وتجدد معها الاتحاد والمحبة في نشوة عميقة يمحى معها صراع النهار فلا تبقى إلا وحدة الحب والصفاء....

قال رجل للإمام الصادق (عليه السلام): (المرأة تغار على الرجل، تؤذيه؟ فأجاب (عليه السلام): ذاك من الحب) (10).

الخامس: حب الأبناء:

المندرج تحت حب الله تعالى. والداخل في إطار المسؤولية التي افترضها الله علينا. والتي من خلالها يلزم حبهم وتربيتهم على منهج الخير والصلاح والتعود على العادات الحسنة النزيهة.

تبدأ محبة الأنبياء منذ الأيام الأولى من مرحلة الرضاعة ثم تنمو المحبة بالتدريج وتزداد حينما يتقدم الطفل في العمر، وحينما يتسع محيطه الاجتماعي وينمو ادراكه العقلي إلى المثل الأعلى فتحبب إليه الارتباط والتعلق بالمطلق وهو الله تعالى مصدر اللطف والأنعام والرأفة والرحمة، وتحبب إليه الحقيقة. والخير والصلاح للآخرين.

وأفضل الطرق لنمو الطفل ورقيّه وتنمية عواطفه من قبل الوالدين، إشعاره بالحب عن طريق إحاطته بالحنان والرأفة وإشباع حاجاته المادية والروحية، فإذا استشعر الطفل بذلك فأنه يرتبط ارتباطاً عاطفياً بمصدر الحب والحنان وهما الوالدان فتزداد ثقته بهما وتقليدهما، والاستجابة بكل ما يطرحان عليه من أفكار ومفاهيم، ويكون مستعداً للاستجابة إلى أوامرهم وتنفيذ ما يطلبانه منه.

ويجب على الوالدين تنمية عواطف الطفل في محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسائر الأنبياء وأهل البيت (عليهم السلام)، وأفضل هذه الطرق هو طريق السرد القصصي الهادف، وقراءة الكتب القصصية والمجلات ومشاهدة الأفلام الدينية والحضور في المجالس الحسينية والشعائر الدينية، ويتحقق من ذلك: تعميق حبهم في قلبه، ومحاولة الاقتداء بهم والعمل بسلوكهم في الحياة اليومية.

والتعامل مع الأنبياء كصديق يشجّعه على التعبير عن عواطفه ومشاعره المكبوته....

السادس: حب الإخوان:

الذي تبنى عليه هيكلية المجتمع. فهم في الأصل يرجعون إلى أب واحد وأم واحدة وإن بعُدا. وهم شركاء في العبودية لله وحده. وهذا الشعور وليد العقيدة، ونزعة فطرية في داخل الإنسان فلابد لهذا المجتمع أن يحب بعضه بعضاً كي يرتبطوا جميعاً بالله، وينشئوا مجتمعاً واحداً وحّده الحب.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين نغسل إحداهما الأخرى، وما التقى المؤمنان قط إلا أفاد االله أحدهما من صاحبه خيراً) (11).

وقد عبرت الأحاديث المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) عن أهمية الأخوة والاجتماع والاتحاد من أجل سعادة الأسرة وسعادة المجتمع ورقيه، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى) (12).

وقال الصادق (عليه السلام): (المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه، ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه) (13).

وأعلم عزيزي القارئ، الأخوة في الله، والمحبة في الله، والعداء في الله، والبغض في الله، مراحل من مراحل التكامل الإنساني والمعرفة الإلهية، فإذا حصل ذلك سوف ينكشف لك الكثير من الإسرار.....

قال الرسول (صلى الله عليه وآله): (إن رجلاً زار أخاً له في الله فأرصد الله له ملكاً في طريقه فقال:- أي قال الملك للزائر- ما هو سبب زيارتك لأخيك، لقرابة بينك وبينه؟ قال: لا، قال: فبنعمة لك عنده؟ قال: لا، قال: فبم؟ قال: أحبه في الله، قال: فإن الله أرسلني إليك يخبرك بأنه يحبك لحبك إياه، وأوجب لك الجنة) (14).

وهذا أعلى درجات الأخوة والمحبة وأدقها وأغمضها.

وأعلم يا عزيزي ان حقوق الأخوة والصحبة كثيرة أهمها: حق في المال، وحق في النفس، وحق في اللسان، وحق في القلب، وحق بالعفو، وحق بالدعاء وبالإخلاص وبالوفاء وترك التكلف والتكليف... فتأمل.

 

 

 

 

السابع: حب العشيرة:

أي ذوي القربى الذين تعتبر محبتهم من القربات العظيمة ومن أفضل الأعمال. وإن كان هناك رأي يقول: عشيرتك الأقربون، هم إخوانك المؤمنون. وهذا القول مبني على أن المؤمن لا يخذل أخاه المؤمن وقد يخذل الولد أباه. وهذا لا ينفي ولا يُضعف حبنا للعشيرة التي تنتمي إليها باعتبارها أحد الروابط الإجتماعية المهمة. نعم التعصب لها غير صحيح إذا لم تكن على الحق. فكلما كانت العشيرة قريبة من الله ومرتبطة به، أوجب الله حبها الموجب لحبه تعالى.

حيث قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، أمرنا الله تعالى أن نوحد صفوفنا وتقوي اخوتنا ونعتصم بحبل الله، وقد دعى القرآن الكريم الأمة في الارتباط بالله تعالى وذكرهم بنعمة الله نعمة الاتحاد والأخوة، وكما استطاع أن يوحد بين صفوف الأمة وبين العشائر المتحاربة والمتخاصمة سنين طويلة وأن تؤاخي فيما بينها، ودعى المسلمين إلى نسيان الماضي المؤسف والاختلاف والتمزق والتمسك بحبل الله ووحدة الكلمة والأخوة الصادقة.

الثامن: حب الدنيا والآخرة:

والتي هي حصيلة الأعمال الموجبة لرضا الله تعالى، وإعمار الدنيا واستخلاف الإنسان لها. فإذا كان حبنا للدنيا منبعه الله، صفت قلوبنا، وطهرت سريرتنا، وأنِست بحب الله، وابتغت مرضاته وكفت عن شهواتها التي تسقطها في هاوية المحرمات.

قال علي (عليه السلام): (إنما سميت الدنيا دنيا لأنها أدنى من كل شيء، وسميت الآخرة آخرة لأن فيها الجزاء والثواب) (15).

الدنيا دار امتحان واختبار، والآخرة دار مقر واستقرار، فإذا أحسن استخدامها وتمكن من السيطرة عليها ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى، وأما إذا لم يحسن إستخدامها ولم يتمكن من التغلب عليها، وتغلبت هي عليه وطغى واستكبر وأثر الحياة على الدنيا فإن الجحيم هي المأوى، أعاذنا الله وإياكم من نار جهنم..

قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): (صف لنا الدنيا، قال: ما أصف داراً أولها عناء، وآخرها فناء، في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن سعن لها فاتته، ومن قعد عنها أتته) (16).

عزيزي القارئ: إعلم أن الدنيا مزينة الظواهر، قبيحة السرائر، وهي تشبه عجوزاً متزينة تخدع الناس بظاهرها فإذا وقفوا على باطنها وكشفوا القناع عن وجهها تمثل لهم قبائحها فندموا على إتباعها وخجلوا من ضعف عقولهم في الاغترار بظاهرها....

أما الآخرة قال فيها أمير المؤمنين (عليه السلام): (الآخرة دار مستقرّكم، فجهّزوا إليها ما يبقى لكم) (17).

والآخرة هي دار القرار ودار البقاء، وهي الدار التي فيها الحشر والنشر والحساب والعقاب، اليوم الذي فيه تسود وجوه وتبيض وجوه، اليوم الذي فيه تثقل الموازين وتخف بعضها، وفي النهاية يستقر البعض في الجنة ويستقر الآخر في النار- أجارنا الله واياكم من النار-.

هناك منازل كثيرة ومهمة ومحطات مهولة يمر بها الإنسان بعد موته وسفره من الدنيا إلى الآخرة وما يلاقيه من عقبات كؤودة، ومن أهم هذه المنازل هي:

أولها الموت: حيث يمر الإنسان في مراحل صعبة مثل سكرات الموت وشدة نزع الروح والاحتضار وانعقاد اللسان وزوال القوى الجسدية ومفارقة الأهل والأحبة والعيال والأطفال والانفصال عن هذه الدنيا وما يملك فيها..

المنزل الثاني من منازل الآخرة القبر: وهو أحد المنازل المهولة أيضاً البيت الذي ينادي في كل يوم ويقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا القبر، أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار...

وفيه أيضاً ضغطة القبر، وسؤال منكر ونكير، والعذاب.

المنزل الثالث من منازل الآخرة هو: البرزخ، وهو من المنازل المهولة والمخوفة أيضاً، يبقى الإنسان في البرزخ إلى ان تقوم الساعة ويوم الحساب، المؤمن فيه منعم والفاسق فيه معذب قال تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100].

من كلام لمولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (... ولكني والله اتخوف عليكم في البرزخ، قال الراوي، وما البرزخ؟ قال (عليه السلام): القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة) (18).

أعاذنا الله وإياكم من عذاب القبر وأحوال البرزخ ورزقنا شفاعة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين....

التاسع: حب الوطن:

المقصود به المعنى اللغوي للوطن وليس المعنى الفقهي. وهو منزل إقامة الإنسان. وباصطلاح اليوم: الوحدة السياسية القائمة على أرض لها حدود وعليها شعب. وهذا الوطن يلزم الدفاع عنه بصدق الإنتماء إليه وعدم التفريط به كما يلزم بناؤه وعدم تخريبه والمحافظة على ثرواته على إختلافها.

قال الشاعر:

بلادي وإن جارت علي عزيزةٌ     وأهلي وأن شحّوا علي كرامُ

ويذكر في هذا الصدد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما هاجر من مكة وصار على أطرافها إلتفت إليها وخاطبها معتذراً لفراقه لها بسبب ضغط المشركين عليه. وإلا لما هان عليه فراقها. وقيل قد دمعت عيناه. والإنسان خليفة الله في أرضه أنزله عليها لإعمارها. ونشر الخير في ربوعها ولذلك قرنت محبة الوطن بالإيمان لما له من أساس عقائدي.

حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (حب الوطن من الإيمان).

نرى أحياناً الإنسان يترك بلاده ووطنه ويهاجر إلى دولة أخرى مجبراً على ذلك من أجل الحفاظ على دينه أو على بيضة الإسلام، والتخلص من الضغوط والسجن والقتل، وذلك ما قام به الأنبياء والأوصياء من أجل الرسالة وإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ونرى أيضاً في زماننا هذا هجرة الملايين من الشعوب المضطهدة ومن البلدان الإسلامية وخاصة من الشعب العراقي الذي انتشر في جميع اقطار العالم هارباً بنفسه من ظلم الظالمين وجور المستكبرين وترك الوطن والأهل والمال ناجياً بنفسه ودينه... مثل هذا المهاجر والمهجر عليه أن لا ينسى وطنه مهما كان، وعليه أن يفكر العودة إلى وطنه في أول فرصة تسنح له، يعود إلى الوطن الذي ترعرع على تربته وتغذا من خيراته واستنشق من هواه وارتوا من مائه، عليه أن يعود ليبني هذا الوطن الذي ترعرع فيه.

العاشر: الرابط المقدس:

من الطبيعي أن يمثل الزواج الدائم العلاقة الإنسانية الطبيعية بين الرجل والمرأة، وهذه العلاقة تجعل الانسان يعيش الإحساس بالسكينة والهدوء النفسي والاستقرار الروحي والجسدي في علاقته بالإنسان الآخر، حيث يمثل الزواج الدائم الحياة المشدودة إلى الحياة الأخرى، والمتفتحة على كل الجوانب الخفية والظاهرة لشخصية كل طرف من مواقف الطرق الآخر، بحيث لا يشعر أحدهم بأية حاجة إلى أن يخفي أي شيء عن الآخر، من خلال هذا الأرتباط العميق في مصير كل منهما الآخر، لا سيما إذا كان الأولاد ثمرة هذه العلاقة....

وقد عبر القرآن الكريم عن الحياة الزوجية، ويقصد بها الزواج الدائم، بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

يعني أن يطمئن أحدهما إلى الآخر، وأن يجد في رفقته السكينة والإطمئنان والراحة والهدوء النفسي، ثم يضاف إلى تلك السكينة، المودة والرحمة التي تثير في نفسه كل مشاعر السكينة والطمأنينة.

أخي الشاب:

لقد اختلف كثير من المفكرين والفلاسفة في فهمهم للحب. فبعضهم توهم أن الحب ليس حباً في الحقيقة وإنما هو وهم وخيال. وبعضهم رآه حيلة وحالة تملقيّة مصطنعة أوجدها المحبون لمحبيهم لتحقيق ما يطمحون إليه من مصلحة. وبعض آخر حصره في المتعة الجنسية فقط سواء أكانت لإطفاء لهيب الشهوة الجنسية أو الرغبة في إنجاب النسل وما شابه. وبعض صوره على أنه الحل الوحيد لخروج الذات عن العزلة التي يحياها الفرد، وبما أن الإنسان إجتماعي بطبعه فهو بحاجة إلى حب يتلذذ من خلاله مع الآخرين.

وذهب جماعة إلى أن الذين يدّعون الحب إنما حبهم منحصر في حب (الأنا) وما هذه الممارسات إلا نتيجة حب الشخص لنفسه ليس إلا.

وفي عصرنا هذا كثرت التسميات والتفاسير للحب. بينما نرى أن ما طرحه الإسلام في هذا المضمار هو خير مما ذهب إليه المفكرون والفلاسفة. ولكن هناك سوء فهم للحب نسب للإسلام جهلاً وافتراء. وعد إساءة إلى الدين الحنيف وهو منه بُراء.

بينما نرى أن المحبة التي أرادتها السماء هي محبة العمل الخالص والينبوع الصافي للرحمة، والعنوان الحقيقي للحياة الذي يجعل المحب ينطلق بروح الصدق والإخلاص. وهذا ما يوصله إلى الإبتعاد عن الرذيلة والمعصية. وعندما يذوق العباد حلاوة هذه المحبة سيجدون الله معهم فلا يذهبون إلى غيره. ولا يحتاجون إلى بديل أو أنيس يأنسون بقربه.

فمن خلال الله تبارك وتعالى تزداد القربة والرابطة فيما بينهم فيخلصون ويفرغون أفئدتهم لحبه الكريم، ويرغبون فيما عنده من عطايا ونعم، ويذكرونه قياماً وقعوداً. وألسنتهم تلهج بذكره ليلا ونهاراً. ولا يرجعون إلا إليه، ويقطعون كل صلة متعلقة بغيره، إلى أن تهيم قلوبهم بإرادته فيصطفيهم لقربه وولايته.

وقبل أن نبدأ الحديث عن حب غيرنا، وحب أنفسنا، لنجعل حب الله مدخلا ومنطلقاً لكل حب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ لسان الميزان: 2 / 500

2ـ مستدرك الوسائل (الميرزا النوري): 12 / 235.

3ـ معاني الاخبار.

4ـ تحف العقول، 294.

5ـ أخرجه أبو داود، 2 / 17.

6ـ ابن ماجه تحت رقم 2781، والنسائي، 6 / 11.

7ـ مسند الفردوس، ج 2، رقم 10.

8ـ المصدر السابق.

9ـ المحجة البيضاء، 3 / 98 و110.

10ـ وسائل الشيعة، 7 / 111.

11ـ المحجة، 3 / 285.

12ـ تفسير الأمثل، 2 / 476.

13ـ الكافي، 2 / 166.

14ـ مسند أحمد، 2 / 482.

15ـ البحار، 7 / 355.

16ـ روضة الواعظين، 445.

17ـ غرر الحكم.

18ـ سفينة البحار، 1 / 556. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.