كانت تؤلف هذه الطبقة 1,5 (350,000) من مجموع سكان فرنسا البالغ عددهم نحو 25 مليوناً (1). ومع ذلك فقد تمتعت بامتيازات كثيرة ومتنوعة ورثتها عن عهد الاقطاع. ففي المجال الاقتصادي كان الاشراف يملكون الضياع الواسعة ويعتبرون اسياد الاقنان والفلاحين الذين يشتغلون بها. عدا عن انهم كانوا معفيين من دفع الضرائب التي كان صغار الملاك من العامة يتحملون عبء دفعها. الى جانب حقهم في تسخير العامة في الاعمال الزراعية وشق الطرق ومد القنوات واقامة الجسور ودفع ضرائب عينية عن غلاهم ومواشيهم. كما كان من حق النبيل ايضاً ان يلزم الفلاحين بطحن غلالهم في طاحونته وعصر كرومهم في معصرته وخبز عجينهم في فرنه.

اما الامتيازات الاجتماعية للنبلاء فكانت عديدة ايضاً منها حق حمل السيف وحق الصيد واحتكار الوظائف العالية في الجيش او في الكنيسة او الادارة الحكومية. هذا بالإضافة الى الامتيازات القضائية التي تمتعوا بها، اذ كان من حقهم الفصل في المنازعات القائمة بين المزارعين في املاكهم كما وانهم يستطيعون بواسطة الاوراق البيضاء أو ما يسمى بالإرادة الملكية (Lettres de Cachet) ان يزجوا في السجن من لا يأتمر بأوامرهم.

وكانت هذه الطبقة تحوي فئات مختلفة متناقضة المصالح ولم تكن تؤلف طبقة اجتماعية متجانسة فقد كان هناك نبلاء السيف (Noblesse d'epee) المقيمين في البلاط يحيون حياة بذخ وترف معتمدين على هبات الملك وما تعطيه الاراضي الواسعة التي يملكونها، ثم نبلاء الرداء (Noblesse de Robe) الذين حصلوا على هذا اللقب عن طريق شرائهم لوظائفهم في الدولة وكانوا في الاصل ينتمون الى الطبقة البورجوازية ومنهم كانت الاسر القضائية. اما نبلاء الارياف الذين كانوا يعيشون مع فلاحيهم حياة قاسية لأنهم كانوا يمنعون من تعاطي الاعمال اليدوية وحراثة ارضهم بأنفسهم، فقد كان دخلهم ما يحق لهم من الحقوق الاقطاعية وكانت هذه الفئة محتقرة من قبل نبلاء البلاط ومكروهة من قبل القرويين.

لهذا كانت طبقة النبلاء متناقضة في اوضاعها الاقتصادية ففيها الثري جداً والفقير جداً. فالدوق أورليان مثلاً كان يبلغ دخله السنوي (400,000) جنيه استرليني وهو دخل عال جداً بينما غيره من نبلاء الارياف كان يحرث حقله الصغير بيده واهم ما يشار اليه ايضاً ان هذه الطبقة اخذت تهتم في الثمانينات بمشاريع البورجوازية فأخذت تتعاطى الاعمال الصناعية وتتقرب من البورجوازية عن طريق التزاوج او الاشتراك معها في تشغيل رؤوس اموالها في الصناعة الكبرى لأن التطور الاقتصادي كان شؤماً على هذه الطبقة ولان الحروب أصبحت تؤدي الى افلاسهم لأنها لم تعد تعود بغنائم ولا فدية. وقد نتج عن انعدام المساواة بين ثروات ومعيشة افراد هذه الطبقة ان تناقصت اعدادها واضمحل دورها حيث كان البورجوازيون يملؤون الفراغ الذي كان يحدث بين صفوفها.

....................................

1- Albert Soboul: La Révolution française. Gallimard Parls 1962. t I, P. 25. Ibid P 30