أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2014
3730
التاريخ: 2-7-2017
3515
التاريخ: 18-4-2017
3315
التاريخ: 8-3-2022
1737
|
سبب زواج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بخديجة ( عليها السلام )
1 . سمعت خديجة بكراماته ( ( صلى الله عليه وآله ) ) فخطبته
ففي تفسير الإمام العسكري ( عليه السلام ) / 155 : « كان يسافر إلى الشام مضارباً لخديجة بنت خويلد ، وكان من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر ، فكانوا في حَمَارَّة القيظ يصيبهم حرتلك البوادي ، وربما عصفت عليهم فيها الرياح ، وسفت عليهم الرمال والتراب ، وكان الله تعالى في تلك الأحوال يبعث لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غمامة تظله فوق رأسه ، تقف بوقوفه وتزول بزواله ، إن تقدم تقدمت وإن تأخر تأخرت ، وإن تيامن تيامنت وإن تياسر تياسرت ، فكانت تكفُّ عنه حر الشمس من فوقه ، وكانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال والتراب ، تُسفيها في وجوه قريش ووجوه رواحلهم ، حتى إذا دنت من محمد ( صلى الله عليه وآله ) هدأت وسكنت ، ولم تحمل شيئاً من رمل ولا تراب ، وهبَّت عليه ريحٌ باردة لينة ، حتى كانت قوافل قريش يقول قائلها : جوار محمد أفضل من خيمة ! فكانوا يلوذون به ويتقربون إليه ، فكان الرَّوْح يصيبهم بقربه ، وإن كانت الغمامة مقصورة عليه . وكان إذا اختلط بتلك القوافل غرباء ، فإذا الغمامة تسير في موضع بعيد منهم » .
وفي شرح الأخبار : 1 / 183 : « ولما انتهى إليها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما قد فشا واستفاض عنه من الخبر ، أرسلت إليه في أن تعطيه مالاً يتجر لها به إلى الشام ، ففعل . . وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله ، فلما قدم بذلك على خديجة قالت لغلامها ميسرة : ما أعظم أمانة محمد وبركته ، ما ربحت في تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه . فقال لها ميسرة : وأعظم من ذلك ما سمعته فيه ورأيته منه ! قالت : وما هو ؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر الغمامة » .
وفي سيرة ابن إسحاق : 2 / 59 وابن هشام : 1 / 121 : « فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به بعثت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . . يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك ، وسطتك فيهم ، وأمانتك عندهم ، وحسن خلقك ، وصدق حديثك » .
وفي مسارِّ الشيعة للمفيد / 49 : « وفي اليوم العاشر منه « ربيع الأول » تزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بخديجة بنت خويلد أم المؤمنين ، لخمس وعشرين سنة من مولده » .
2 . خطب أبو طالب خديجة للنبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
في الكافي : 5 / 374 والفقيه : 3 / 397 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لما أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يتزوج خديجة بنت خويلد ، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش ، حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة ، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال : الحمد لرب هذا البيت ، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل ، وأنزلنا حرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه . ثم إن ابن أخي هذا يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه ، ولا عِدل له في الخلق ، وإن كان مقلاً في المال فإن المال رفدٌ جارٍ وظلٌّ زائل ، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة ، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها ، والمهر عليَّ في مالي ، الذي سألتموه عاجله وآجله . وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل .
ثم سكت أبو طالب ، وتكلم عمها وتلجلج وقَصُر عن جواب أبي طالب ، وأدركه القطع والبهر ! وكان رجلاً من القسيسين ، فقالت خديجة مبتدئة : يا عماه إنك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود ، فلست أولى بي من نفسي ، قد زوجتك يا محمد نفسي والمهر عليَّ في مالي ، فأمر عمك فلينحر ناقة فَلْيُولِمْ بها وادخل على أهلك ! قال أبو طالب : اشهدوا عليها بقبولها محمداً ، وضمانها المهر في مالها ! فقال بعض قريش : يا عجباه ، المهر على النساء للرجال !
فغضب أبو طالب غضباً شديداً وقام على قدميه ، وكان ممن يهابه الرجال ويُكره غضبه ، فقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر ، وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي ! ونحر أبو طالب ناقة ، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأهله . وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم :
هنيئاً مريئاً يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد
تزوجته خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد
به بشر البران عيسى بن مريمٍ * وموسى بن عمران فيا قرب موعد
أقرت به الكتاب قدماً بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد »
أقول : نص الحديث على أن الشاعر قرشي ، لكن علماء الرجال ترجموا لعبد الله بن غنم الأشعري أو الأزدي ، ويظهر أنه صحابي وقد قال شعره بعد الإسلام .
3 . وهبت خديجة كل أموالها إلى النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وذلك كما وهبت سارة كل أموالها لإبراهيم « عليهما السلام » ، فقد فسر ابن عباس قوله تعالى : وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى : « فأغناك بمال خديجة ، ثم زادك من فضله فجعل دعائك مستجاباً ، حتى لو دعوت على حجران يجعله الله لك ذهباً لنقل عينه إلى مرادك ، وأتاك بالطعام حيث لا طعام ، وأتاك بالماء حيث لا ماء ، وأغاثك بالملائكة حيث لا مغيث ، فأظفرك بهم على أعدائك » . معاني الأخبار / 53 . وعمدة القاري : 19 / 299 .
وفي البحار : 16 / 71 : « يا معاشر العرب إن خديجة تشهدكم على أنها قد وهبت نفسها ومالها ، وعبيدها ، وخدمها ، وجميع ما ملكت يمينها ، والمواشي ، والصداق ، والهدايا ، لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) » .
وفسر الإمام الرضا ( عليه السلام ) آية : وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى « العيون : 2 / 177 » بأنه جعله مستجاب الدعوة ، والآية مطلقة تشمل مال خديجة والغنائم التي أحلها الله له ، وغيرها .
4 . وصار بيت خديجة ( عليها السلام ) بيت النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
ويقع في الجهة المقابلة لشعب بني هاشم ، وهو في سوق الليل معروفٌ بمولد فاطمة « عليها السلام » ، وقد زرته في السبعينات ميلادية حتى هدمه الوهابية وأزالوه ، في حملتهم على آثار النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآثار الإسلام !
ولما كتبت قريش صحيفة مقاطعة بني هاشم ليسلموهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيقتلوه اضطر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يترك بيته ويدخل مع بني هاشم في شعب أبي طالب ، وتحملت خديجة « عليها السلام » معه سنوات المحاصرة ، فأرسل الله جبرئيل ليقرئها السلام ويسليها عن فقدان بيتها ، ويبشرها بأن الله تعالى بني لها بيتاً في الجنة .
وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يذكرها كل عمره ويمدحها ، ولما فتح مكة نصب خيمته على قبرها ، فكانت عائشة تحسدها وتغار منها : « قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة » ! صحيح بخاري : 8 / 195 .
وفي فتح الباري : 7 / 102 : « عن هشام بن عروة : ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة ، حين بشرها النبي ببيت » .
وهذا ينسجم مع طبيعة المرأة واهتمامها ببيتها ، وحسدها لضرتها إذا كان بيتها أحسن ، فكيف إذا بناه الله تعالى لخديجة « عليها السلام » وأرسل جبرئيل ( عليه السلام ) يبشرها به ! فهو يستحق من عائشة أعلى درجات الحسد ، كما قالت !
ولم تذكر عائشة هنا صفة بيت خديجة ، لكنها بعد ذلك هونت من شأنه وقالت إنه بيت من قصب وسعف نخل ! فنسب بعض الرواة وصفه بأنه بيت من قصب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! لكن بعضهم أبقاه على النص النبوي بأنه من لؤلؤة ولا صخب فيه ولا نصب . فقد قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لفاطمة « عليها السلام » : إن جبرئيل ( عليه السلام ) عهد إليَّ أن بيت أمك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون ، من لؤلؤة جوفاء لا صخب فيه ولا نصب » . شرح الأخبار : 3 / 17 .
وكذلك هي بيوت كبار الأولياء من ياقوت ومرجان ، ففي نظم درر السمطين للحنفي / 183 ، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 1 / 666 عن أبي سعيد الخدري أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « مر في السماء السابعة ، قال : فرأيت فيها لمريم ولأم موسى ، ولآسية امرأة فرعون ، ولخديجة بنت خويلد ، قصوراً من الياقوت ، ولفاطمة بنت محمد سبعين قصراً من مرجان أحمر ، مكللةً باللؤلؤ » .
وروى عددٌ من مصادرهم حديث بيت خديجة « عليها السلام » بدون قصب كما رويناه ! ففي فضائل الصحابة للنسائي / 75 : « بشر رسول الله خديجة ببيت في الجنة لاصخب فيه ولا نصب » . وسنن النسائي : 5 / 94 ، الجامع الصغير : 2 / 247
وتاريخ الذهبي : 1 / 238 .
لكن عائشة جعلت بيت خديجة كوخاً من قصب ! « بشر خديجة ببيت من الجنة من قصب ، لاصخب فيه ولا نصب » ! صحيح بخاري : 2 / 203 .
وبينت سبب القصب « فتح الباري : 1 / 27 » فقالت : « ماتت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال النبي : رأيت لخديجة بيتاً من قصب ، لاصخب فيه ولا نصب » .
وفي مسند أبي يعلى : 4 / 41 من حديث المعراج ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « سئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن ؟ فقال : أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب » !
وصحح في مجمع الزوائد : 9 / 416 : « ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن » !
فبيت خديجة « عليها السلام » من قصب لأنها لم تصلِّ ، وبيت عائشة من لؤلؤ لأنها صلَّت ! لكن الصلاة يا أمنا عائشة فرضت في أول البعثة ، وروى الجميع أن خديجة « عليها السلام » كانت تصلي مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن توفيت قبيل هجرته ! فكيف قلت : لم تُصَلِّ !
إنها فضيحة حسد عائشة لخديجة « عليها السلام » على بيتها في الجنة ، فجعلته من قصب ، وأنكرت صلاة خديجة ، وأخرت تشريع الصلاة إلى ما بعد موت خديجة !
وجاء المعذرون ومنهم البخاري « فتح الباري : 7 / 104 » ليغطوا حسد عائشة ، فجعلوا معنى بيت القصب : قضبان الذهب ! لكن اللغة العربية تأبى ذلك ، فالقصب نبات ، ولم يرد وصفاً لقصور الجنة في أي حديث صحيح !
5 . كان النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) يمدح خديجة ( عليها السلام )
وهدفه أن يعرِّف المسلمين قدرها ، وكانت عائشة تعلن حسدها لها ، فيغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليها ! ففي السيرة الحلبية : 3 / 401 : « قالت له وقد مدح خديجة : ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين ، قد أبدلك الله خيراً منها ! فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : والله ما أبدلني الله خيراً منها » !
وقال ابن إسحاق : 5 / 228 : « أهدي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جزور أو لحم ، فأخذ عظماً منها فتناوله بيده فقال له : إذهب به إلى فلانة » صديقة خديجة « فقالت له عائشة : لكأنه ليس في الأرض امرأة إلا خديجة ! فقام رسول الله مغضباً فلبث ما شاء الله ، ثم رجع فإذا أم رومان فقالت : يا رسول الله ما لك ولعائشة إنها حَدَث وأنت أحق من تجاوز عنها ، فأخذ بشدق عائشة وقال : ألست القائلة : كأنما ليس على الأرض امرأة إلا خديجة ! والله لقد آمنت بي إذ كفر قومك ورزقت مني الولد وحرمتموه » !
وفي العمدة / 394 ، أنه ( صلى الله عليه وآله ) طرد عائشة ! « فقال ( صلى الله عليه وآله ) : قومي عني فقامت إلى ناحية من البيت » . ولعلها تكلمت بعد قيامها فأخذ بشدقها ! ولم تبين الرواية كيف أخذ بشدقها ، هل سدَّه ليسكتها ، أم ضغط عليه تأديباً لها !
وفي الخصال / 405 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول : والله يا بنت خديجة ما ترينَ إلا أن لأمك علينا فضلاً ، وأي فضل كان لها علينا ، ما هي إلا كبعضنا ! فسمع مقالتها لفاطمة ، فلما رأت فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت فقال : ما يبكيك يا بنت محمد ؟ قالت : ذكرت أمي فتنقصتها فبكيت ! فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : مه يا حميراء فإن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهراً وهو عبد الله وهو المطهر ، وولدت مني القاسم وفاطمة [ وأم كلثوم ورقية وزينب ] وأنت ممن أعقم الله رحمها ، فلم تلدي شيئاً » !
أقول : وضعنا أسماء البنات الثلاث بين معقوفين ، لأنه يوجد خلاف في أنهن بناته ( صلى الله عليه وآله ) أو ربائبه ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : أعقم الله رحمها ، يدل على أن الله تعالى حصر ذريته بفاطمة « عليها السلام » . لكن رغم توبيخ النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعائشة ونهيها واصلت حسدها لخديجة ! ولها قصص في حساسيتها منها مع فاطمة « عليها السلام » ، لكن سلوك فاطمة الرباني فرض على عائشة احترامها فكانت تقول : « ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها » . الإستيعاب : 4 / 1896 ، الزوائد : 9 / 201 وصححه . « كان بينهما شئ فقالت عائشة : يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب » . أبو يعلى : 8 / 153 .
6 . عائشة متهمة ولا تُقبل شهادة المتَّهَم
فلا يجوز قبول روايات عائشة في خديجة « عليها السلام » ، بعد اعترافها بحسدها المفرط لها ، ولا قول حكيم بن حزام المتعصب لعائشة ، قال : « كان عمر رسول الله يوم تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة ، وعمرها أربعون سنة . بينما قال ابن عباس : كان عمرها ثمانياً وعشرين سنة ، رواهما ابن عساكر ! وقال ابن جرير : كان ابن سبع وثلاثين سنة ، وكذا نقل البيهقي عن الحاكم ، وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين ، وقيل خمساً وعشرين سنة » . سيرة ابن كثير : 1 / 265 .
7 . أحل الله لنبيه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) من النساء ما شاء
لكنه لم يتزوج إلا لمصلحة الإسلام ولا تزوج على خديجة . ففي الكافي : 5 / 389 أن أبا بكر الحضرمي سأل الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « عن قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ؟ كم أحل له من النساء ؟ قال : ما شاء من شئ . قلت : قوله عز وجل : وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ؟ فقال : لا تحل الهبة إلا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأما لغير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يصلح نكاح إلا بمهر . قلت : أرأيت قول الله عز وجل : لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ؟ فقال : إنما عنى به لا يحل لك النساء التي حرم الله في هذه الآية : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ . . إلى آخرها ، ولو كان الأمر كما تقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له ، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الأمر كما يقولون . إن الله عز وجل أحل لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن ينكح من النساء ما أراد إلا ما حرم عليه في هذه الآية » .
ثم روى تسمية نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : « عائشة ، وحفصة ، وأم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب ، وزينب بنت جحش ، وسودة بنت زمعة ، وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حي بن أخطب ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وجويرية بنت الحارث . وكانت عائشة من تيم ، وحفصة من عدي ، وأم سلمة من بني مخزوم ، وسودة من بني أسد بن عبد العزى ، وزينب بنت جحش من بني أسد وعدادها من بني أمية ، وأم حبيب بنت أبي سفيان من بني أمية ، وميمونة بنت الحارث من بني هلال ، وصفية بنت حي بن أخطب .
ومات ( صلى الله عليه وآله ) عن تسع نساء وكان له سواهن التي وهبت نفسها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة بنت خويلد أم ولده ، وزينب بنت أبي الجون التي خدعت ، والكندية » .
8 . اشتهر وفاء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لخديجة ( عليها السلام )
ونشرت ذلك عائشة وهي تتحدث عن غيرتها منها ، قال ابن البطريق في العمدة / 394 : « عن أم رومان « أم عائشة » قالت : كان لرسول الله جارة قد أوصته خديجة أن يتعاهدها ، فحضرعنده شئ من المأكل فأمر بإعطائها وقال : هذه أمرتني خديجة بأن أتعاهدها فقالت عائشة : وكنت أحسدها لكثرة ذكره لها » .
وعندما أفاء الله على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أموال بني النضير ومنها فدك ، أمره الله أن يفي لخديجة فيعطي فدكاً لابنتها فاطمة « عليها السلام » . ونزل قوله تعالى : وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ . « إن الله يأمرك أن تؤتى ذا القربى حقه . قال : يا جبرئيل ومن قرباي ، وما حقهم ؟ قال : أعط فاطمة حوائط فدك ، واكتب لها كتاباً . وهي من ميراثها من أمها خديجة » . قصص الأنبياء / 345 والمناقب : 1 / 122 .
وقد أجمع المسلمون على أن أموال بني النضير كانت خالصة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفيها نزل قوله تعالى : وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ . الكافي : 1 / 539 ، المعتبر : 2 / 633 والبخاري : 3 / 227 و 4 / 209 .
9 . وكانت خديجة أماً لعلي ( ( ع ) )
فقد ربته وأحبته كما أحبه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووفت بذلك لفاطمة بنت أسد في تربيتها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أرسله النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوماً في مهمة فتأخر فتخوف عليه فذهبت خديجة تبحث عنه ! « وافتقد علياً ( عليه السلام ) ذات يوم فلم يعلم مكانه حتى أمسى فاشتد غمه به ، فرأت أثر الغم عليه خديجة رضوان الله عليها ، فقالت : يا رسول الله ما هذا الغم الذي أراه عليك ؟ قال : غاب علي منذ اليوم فما أدري ما صُنِع به . .
فخرجت خديجة في الليل تلتمس خبر علي ، فوافقته فأعلمته باغتمام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بغيبته ، وألفته مقبلاً إليه ، فسبقته تبشره فقام قائماً فحمد الله تعالى رافعاً يديه » . شرح الأخبار : 2 / 205 وتفسير فرات / 547 .
وفي مناقب ابن سليمان : 1 / 304 : « قالت خديجة : فمضيت فأخبرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإذا هو قائم يقول : اللهم فرج غمي بأخي علي ، فإذا بعلي قد جاء فتعانقا » .
10 . عظموا أمر عائشة على باقي نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
قال العلامة الحلي في منهاج الكرامة / 75 : « وعظموا أمر عائشة على باقي نسوانه ، مع أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان يكثر من ذكر خديجة بنت خويلد ، وقالت له عائشة : إنك تكثر من ذكرها وقد أبدلك الله خيراً منها . وأذاعت سر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنك تقاتلين علياً وأنت ظالمة . ثم إنها خالفت أمر الله تعالى في قوله : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ، وخرجت في ملأ من الناس تقاتل علياً ( عليه السلام ) على غير ذنب ، لأن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان وكانت هي كل وقت تأمر بقتله وتقول : أقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً ! فلما بلغها قتله فرحت بذلك ، ثم سألت : من تولى الخلافة ؟ فقالوا : علي ، فخرجت لقتاله على دم عثمان . فأي ذنب كان لعلي ( عليه السلام ) على ذلك ؟ وكيف استجاز طلحة والزبير مطاوعتها على ذلك ؟ وبأي وجه يلقون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره وأخرجها من منزلها وسافر بها كان أشد الناس عداوة » !
11 . أنفق النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) على المؤمنين من أموال خديجة ( عليها السلام )
ففي أمالي الطوسي / 463 : « إن رسول الله قال : ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال خديجة ، وكان رسول الله يفك من مالها الغارم والعاني ، ويحَمل الكَلَّ ، ويعطي في النائبة ، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة ، ويحمل من أراد منهم الهجرة .
وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين يعني رحلة الشتاء والصيف ، كانت طائفة من العير لخديجة ، وكانت أكثر قريش مالاً ، وكان ( صلى الله عليه وآله ) ينفق منه ما شاء في حياتها ، ثم ورثها هو وولدها بعد مماتها » .
وروى البخاري : 5 / 80 قول عمر لأسماء بنت عميس : « سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله منكم ! فغضبت وقالت : كلا والله كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ! وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن كنا نُؤذى ونُخاف . قال لها ( صلى الله عليه وآله ) : ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان » .
12 . كانت خديجة ( عليها السلام ) أجمل زوجات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وقد ورَّثت حسنها لابنتها وأحفادها ، ففي المناقب : 3 / 170 عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) قال : « صوَّر الله عز وجل علي بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمد ، فكان علي بن أبي طالب أشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان الحسين بن علي أشبه الناس بفاطمة « عليها السلام » ، وكنت أنا أشبه الناس بخديجة الكبرى « عليها السلام » » .
13 . بنات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) أم ربائبه ؟
المشهور أن زينب وأم كلثوم بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة « عليها السلام » ويوجد قول قوي بأنهن بنات أخت خديجة ، وقد توفيت أمهن فربتهن خالتهن خديجة ، فعُرفن ببنات محمد ( صلى الله عليه وآله ) ! وأن خديجة لم تتزوج قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن عمرها عند زواجها كان بضعاً وعشرين ، وكان عمرها لما ماتت خمسين سنة ، حسب رواية البيهقي .
وقد تبنى هذا الرأي بعض كتاب السيرة القدماء والمعاصرين فقال إنهن ربائب . قال في المناقب : 1 / 138 : « وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها وكانت عذراء ، يؤكد ذلك ما ذَكر في كتابي الأنوار والبدع ، أن أم كلثوم وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة » .
وقد ألف الباحث السيد جعفر مرتضى كتاب : « بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) أم ربائبه ؟ » تجده في : http : / / www . aqaed . com / shialib / books / all / banat / index . html
وذكر فيه تناقض روايتهم في تاريخ زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفي ولادة أولاده ، وزواج بناته ، فبعضها ذكر أنه ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها قبل البعثة بثلاث سنين ، وبعضها قال إن أولاده منها ولدوا جميعاً بعد البعثة ، إلا ولده عبد المطلب ، وبعضها ذكر أن آية : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ، نزلت بعد موت ابنه القاسم ، الذي كان أكبر أولاده .
كما استدل بنصوص على أن زينب هي بنت أخت خديجة « عليها السلام » من زوجها أبي هند المخزومي ، ومنها نص كتاب الاستغاثة ، ونص المناقب المتقدم .
واستدل بقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي : « يا علي ، أوتيتَ ثلاثاً لم يؤتهن أحدٌ ولا أنا : أوتيت صهراً مثلي ، ولم أوت أنا مثلي » ! فدل على أن علياً صهره الوحيد .
وقول ابن عمر في صحيح بخاري : 5 / 157 : « أما عثمان فكان الله عفا عنه ، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه ! وأما علي فابن عم رسول الله وختنه ، وأشار بيده فقال : هذا بيته حيث ترون » . فذكر الصهر لعلي ولم يذكره لعثمان !
ويؤيد هذا الرأي ما رواه الحاكم : 2 / 200 وصححه على شرط الشيخين : عن عروة ، عن خالته عائشة في زينب بنت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكان زوجها الربيع بن العاص الأموي أسيراً في بدر ، فأرسلت فداءه فأطلقه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووعده الربيع أن يأذن لها بالهجرة ، فأذن لها وخرج بها من مكة زيد بن حارثة وأبو رافع وأخ زوجها فمنعته قريش ، وضرب ناقتها هبَّار بن الأسود ، فوقعت زينب وأسقطت جنينها ثم سمحت لها قريش فهاجرت . قال عروة إن عائشة روت القصة وقالت : « فكان رسول الله يقول : هي أفضل بناتي ، أصيبت فيَّ . فبلغ ذلك علي بن الحسين فانطلق إلى عروة فقال : ما حديثٌ بلغني عنك تحدثه تنتقص فيه حق فاطمة « عليها السلام » ! فقال : والله ما أحب أنَّ لي ما بين المشرق والمغرب وأني أنتقص فاطمة حقاً هو لها ! وأما بعدُ فلك أن لا أحدث به أبداً ! قال عروة : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ » .
ومعناه أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) وبَّخ عروة على روايته أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال إن زينب أفضل بناته ، فتنصل عروة ووعد أن لا يرويه ، مع أنه قول خالته عائشة ! ثم قال معتذراً عنها : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ . ومعناه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عبَّر عن زينب بابنته قبل أن تنزل آية تحريم تسمية المتبنى إبناً وقد نزل ذلك في سورة الأحزاب سنة خمس للهجرة ، أما بعدها فلم يقل عن زينب : بنتي لأنها كانت متبناة ! فهذا حديث صحيح بشرط الشيخين يشهد بأن زينب ربيبة ! فالقول بأنهن ربائب قوي علمياً ، لكنه يحتاج إلى مؤيدات أخرى لينهض في مقابل النصوص على أنهن بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة .
قال أبو الفتح الكراجكي في كتابه : التعجب من أغلاط العامة / 101 : « ومن عجيب أمرهم مثل هذا : قولهم : إن عثمان بن عفان ذو النورين ، واعتقادهم من نحلته هذا بأنه تزوج بابنتين كانتا فيما زعموا لرسول الله من خديجة بنت خويلد ، وقد اختلفت الأقوال فيهما ، فمن قائل : أنهما ربيبتاه وأنهما ابنتا خديجة من سواه . ومن قائل : إنهما ابنتا أخت خديجة من أمها ، وإن خديجة ربتهما لما ماتت أختها في حياتها ، وقال إن اسم أبيهما هالة . ومن قال إنهما ابنتا النبي يعلم أنهما ليستا كفاطمة البتول « عليها السلام » في منزلتها ، ولا يدانيانها في مرتبتها ، فيسمون عثمان لأجل تزويجه بهما ، ( مع ما روي من أنه قتل إحداهما ) : ذا النورين ، ولا يقولون : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذو النورين ، وهو أبو السبطين السيدين الإمامين الشهيدين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وشنفي العرش ، وريحانتي نبي الرحمة ، وولدي ابنته فاطمة البتول سيدة نساء العالمين ، والأئمة الهادين ، صلوات الله عليهم أجمعين » .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|