أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2020
1862
التاريخ: 11-10-2016
2289
التاريخ: 23-7-2021
5562
التاريخ: 30-6-2020
1793
|
أهميّة الأخوّة:
يُعتبر التآخي في الإسلام أمرًا هامًّا وحاجة لا يُمكن للإنسان المؤمن الإستغناء عنها، حيث يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما استفادَ امرؤٌ مسلمٌ فائدةً بعدَ فائدةِ الإسلامِ مثلَ أخٍ يستفيدُهُ في اللهِ"[1].
فإنّ كون الأخوّة بهذه المكانة الّتي تجعلها أعظم فائدة بعد الإسلام ليَكشف عن جوانب عظيمة، وأبعاد مختلفة يُراد للمؤمن أنْ يحيا بها كجزء من كلّ، مجسِّدًا في علاقته بالآخرين أسمى المعاني الّتي تسير به نحو الكمال الّذي يَنشده ليلًا ونهارًا، مُتشوِّقًا إلى أن يكون ذلك الرجل الخالص من العيوب الّذي طالما قرأ عنه في أحاديث المعصومين عليهم السلام كما في حديث الصادق (عليه السلام): "المؤمنُ أخو المؤمِن, عينهُ ودليلهُ لا يخونهُ ولا يظلمهُ ولا يغشُّه، ولا يعِدُه عدةً فيخلِفهُ"[2].
وليس اتّخاذ الإخوان أمرًا يُمكن الزهد فيه أو الاقتصار فيه على فردين أو ثلاثة، بل طالما أمكن ذلك وتيسّر فإنّ الواحد منّا يجدر به أنْ يُبادر? مع مراعاة موازين الإخاء وسلوك الطريق الصحيح في الاختيار? إلى إضافة اسم جديد للائحة إخوانه في الله راميًا إلى اكتساب ثمرتين أولاهما في الدنيا، وثانيتهما في الآخرة، وممّا ورد في الحثّ على الاستكثار قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "استكثروا من الإخوانِ فإنَّ لكلّ مؤمنٍ شفاعةً يومَ القيامةِ"[3].
ويبرز عنصر جميل في التآخي هو السكينة والاطمئنان، لأنّ المؤمن يشعر شعورًا صادقًا براحة نفسيّة مع أخيه المؤمن كأنّه المُبحِر في أمواج هائجة وقد وصل إلى شاطىء الأمان، أو كأنّه التائه في الصحراء مع حرّ الظمأ وقد انتهى إلى ريّ الماء، ورد في الحديث إنّ المؤمنَ ليسكنُ إلى المؤمنِ كما يسكنُ الظمآنُ إلى الماءِ[4].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "لِكلِّ شيءٍ شيءٌ يستريحُ إليهِ وإنَّ المؤمنَ ليستريحُ إلى أخيهِ المؤمنِ كما يستريحُ الطيرُ إلى شكلِهِ"[5].
ومن منَّا لا يرغب بهذه الراحة الّتي لو لم يكن للأخوّة فائدة غيرها لكفت وأغنت؟ فكيف إذا كان لها من الثمرات ما لا يُمكن عدّه واحصاؤه من قبيل ما جاء في الحديث: "من استفاد أخًا في اللهِ عزَّ وجلَّ استفادَ بيتًا في الجنَّةِ"[6]، أو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) "النظرُ إلى الأخِ تَوَدُّه في اللهِ عزَّ وجلَّ عبادةٌ"[7]؟
دور التآخي في بناء الفرد:
إنّ للأخوّة الدينيّة دورًا رائدًا في بناء الشخصيّة المؤمنة، حيث تساعدها على الاتّصاف بمجموعة من الفضائل وتشعرها بمسؤوليّة ولو على نطاق خاصّ، انطلاقًا من معرفة ما لها من مدلول وعمق في الإسلام، فيعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخيه وما له من حقّ عليه ويكون الالتزام بآداب العلاقة بالآخرين باعثًا على إنتاج صورة متكاملة ومسلك مستقيم، أوّل المستفيدين منه صاحب هذا الدور مع ما يتركه من ذكر حسن وسمعة طيّبة إن هو بقي على ما بدأ به في بداية الطريق لذلك من وُصِفَ بأنّه أخٌ حقًّا وصِدقًا، بحيث إنّه أقام حدود الأخوّة وراعى حقوقها والتزم آدابها، فهو على الصعيد الفرديّ في سعادة وتقدّم دائمين، كما أنّ النجاح في هذه المدرسة الأخويّة سيفتح له نجاحًا في مدارس ومجالات أخرى ربما اتّسعت ميادينها إلى ساحة حياته جمعاء، وأمّا إذا لم يوفّق لاكتساب الإخوان وفشل في هذه المهمّة الّتي تعتبر مفصلًا في دورة حياته، فإنّ ذلك سيترك عوامل سلبيّة ونتائج غير مرضية سرعان ما تظهر في كثير من قضاياه وربما حوّلتها إلى مشاكل مستعصية لا سيّما وأنّ هذا العجز ليس بالشيء الّذي يُمكن التغاضي عنه، وقد اعتبره أمير المؤمنين (عليه السلام) خطيرًا ووصف صاحبه بأعجز الناس، يقول (عليه السلام): "أعجزُ الناسِ من عجزَ عن اكتسابِ الإخوانِ، وأعجزُ منهُ من ضيّعَ من ظفرَ بهِ منهُم"[8].
وهنا أوضح (عليه السلام) أنّ هناك صنفًا من الناس تكون درجة العجز لديهم أكبر وأخطر من الصنف الآخر وهم الّذين لا يُحسنون الاستمرار مع الآخرين في العلاقة الأخويّة بعد أن كان بينهم في بداية أمرهم ترابط وتآزر، ولكن ضاعت المودّة وعادت كأن لم يكن شيء بينهما، أو كأنّ الزمان لم يكن لأيّامه ولياليه وجود ينبّههم إلى ما أنساهم الشيطان وما هذه الظاهرة بعزيزة في الحياة، فكم نشاهد من أشخاص دامت العلاقة بينهم سنين عديدة ثمّ افترقوا إلى غير رجعة حيث أخذت العداوة بينهم مأخذها وأبدت ثغرات أحكم من خلالها غلق الباب الّذي منه يسري نسيم المودّة وتدوم ذكريات التعاون.
ومع غضّ النظر عن الجوانب السلبيّة في حدود ما تتركه هذه الأزمة من مشاكل على الصعيد الفرديّ، بحيث لا يقرّ لشخصيّة الإنسان المؤمن قرار، ولا يهدأ له بال حتّى في علاقته بالله تعالى فيتخبّط قائمًا وقاعدًا يستحضر ما لديه من الكمّ الهائل من سيرته مع أخيه، سواء في محطّاتها الجميلة الّتي يؤدّي تذكّرها إلى الرغبة والشوق لإعادة المياه إلى مجاريها، وتجديد العلاقة به، أم في المحطات السيّئة وكان السوء صادرًا عنه وليس عن أخيه فيؤدّي ذلك إلى الندم والمؤاخذة ليظلّ معذّبًا وهو يقارن بين فترة المواصلة وفترة المقاطعة.
يتّضح أنّ التخلّي عن الأخ والزهد فيه هو عامل هدّام في حياة الفرد، كما كان التآخي عاملًا بنّاءً على هذا الصعيد، فقد جاء عن مولانا الصادق (عليه السلام) في الحثّ والتأكيد على طلب المؤاخاة قوله (عليه السلام): "واطلبْ مؤاخاةَ الأتقياءِ ولو في ظلماتِ الأرضِ وإنْ أفنيْتَ عمرَك في طلبِهم، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لمْ يخلقْ على وجهِ الأرضِ أفضلَ منهُم بعدَ النبيّينَ، وما أنعمَ اللهُ على العبدِ بمثلِ ما أنعمَ بهِ من التوفيقِ لصحبتِهم"[9].
فنعمة مصادقة الإخوان هي نعمة إلهيّة لا مثيل لها على الإطلاق.
[1] تنبيه الخواطر، ج2، ص971.
[2] أصول الكافي، الشيخ الكليني, ج2، ص661.
[3] وسائل الشيعة, الحرّ العاملي, ج21, باب استحباب استفادة الإخوان, حديث6.
[4] أصول الكافي, ج2, باب في ما يدفع الله بالمؤمنين, ص 247.
[5] بحار الأنوار، ج47 ص472.
[6] بحار الأنوار، ج47، ص972.
[7] ثواب الأعمال, ج1, ص281.
[8] نهج البلاغة، ج4، ص4.
[9] مصباح الشريعة، ص150.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|