أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2015
4905
التاريخ: 7-10-2014
8574
التاريخ: 2-12-2015
4685
التاريخ: 8-11-2014
5177
|
خطر معصية التحريف في الدين والافتراء عليه
يقول تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]
لتبيين علل تمرد اليهود وعوامل طغيانهم وأسباب تفلتهم من الدين فقد أشير لأربعة أمور يطرحها القرآن الكريم في هذا القسم من الآيات.
أما ما ينفرد بأهمية أكبر من بين تلك الأمور الأربعة والذي يعد «رأس الفساد» بالقياس إلى العوامل الأخرى فهو التحريف عن علم من قبل من لا دين له من العلماء؛ هذا المنطلق فقد وضع القرآن الكريم اسم وصفة هذه الفرقة في صدر القصة الأخيرة ذاكراً سيرتها السيئة في مستهل الحديث، ثم استطرد في ذكر الفرق الثلاث الأخرى، ثم عاد ثانية في نهاية هذه القصة إلى ذكر هذه الفرقة لكن من زاوية الجزاء والعقاب الإلهيين مبيناً أن أعضاء هذه الفرقة العالمين بالدين والمحققين لم يكتفوا بإعطاء الأمر بالتحريف وبالتسبب به بل عمدوا، عن طريق المباشرة وبأيديهم المنحوسة، إلى تحريف التوراة الإلهية بأنفسهم؛ بمعنى أن كتابهم الدارج والرسمي المطروح بين أيدي الأميين والآخرين ليس هو كلام الله على نحو المباشرة، ولا نظم بواسطة الباري تعالى، ولا بيد الباحثين في الدين من غير المتدينين، بل قد كتب بيد نفس علماء الدين هؤلاء الذين لم يعتقدوا بالدين. بطبيعة الحال فإن الدسائس السياسية، والتهديد، والتحديد، والتحبيب، والتخويف، والترغيب بالمال، والجاه، والمقام، وأمثال ذلك لم تكن وليست هي من دون تأثير في هذا المجال.
ولما كانت خطيئة هذا الفريق هي من أهم الخطايا وهي تعد ـ حسب ثقافة الوحي ـ من أشد وأخطر أنماط الظلم: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 144] ؛ فإن الله عز وجل قد بين في ختام هذه القصة العذاب الأليم لتلك الفرقة الضالة المضلة ذاكراً مدى شدة أن هذا عقوبتهم عبر تكرار كلمة «الويل» المرعبة ثلاث مرات؛ وصحيح التثليث والذكر الثلاثي لكلمة «الويل» يمهد لفهم ثلاث معاص وثلاث عقوبات في مقابل تلك المعاصي الثلاث: إحداها أصل التحريف والتبديل، والثانية إسناد المحرف والمزيف إلى الله تعالى، والثالثة استلام الرشوة التي هي أعم من المال والجاه والرئاسة وأمثالها، لكنه يمكن القول: إن صدر الآية قد بين على شاكلة المتن كإجمال وذكر جامع لاستحقاق المحرفين لأصل الويل»، وإن ذيلها قد نظم كشرح وتفصيل لإصر التحريف من قصة التسويق وتقاضي الثمن مقابل البضاعة أو أخذ الأجرة مقابل العمل؛ أي إن أفراد هاتين الجماعتين قد اقترفوا ذنبين مهمين: الأول أصل التحريف والآخر استلام العوض مقابله، وقد ذكرت كلمة الويل في مقابل كلتا هاتين المعصيتين. بالطبع إن مفاد كلمة: (يكسبون) أعم من الثمن والأجرة؛ فهو يشمل جميع المعاصي الأخرى.
تنويه: أ: كما مر في بحث التفسير فإن الآية الثانية استهلت بكلمة فويل وتكررت هذه الكلمة المرعبة فيها ثلاث مرات. إن جمع تلك الخصوصيات يدل على عظم خطيئة التحريف والافتراء على الدين. في بعض آيات أخر أيضاً ينبه الباري عز وجل إلى عظم شناعة ذلك فيقول: لا تفتروا على الله فيستأصلكم؛ أي يبيدكم عن بكرة أبيكم ويرسل عليكم عذاباً يسلخ به جلودكم: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61] . والأصل في «الإسحات» في جملة: «فيسحتكم بعذاب» هو نزع قشرة الشجرة؛ أي سلخ القشرة مما يتسبب في تعري الشجرة عن غلافها والذي يؤدي في نهاية الأمر إلى خوائها وتفتتها من الجذور؛ أي إن بعض الذنوب تجعل بنيان الإنسان يتفتت ويفنى؛ وذلك أن لكل ذنب أثراً خاصاً: «اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، ... تغير النعم، ... تحبس الدعاء» [1] وأن ذنب الافتراء على الله، كما هو مع معصية الرشوة وأكل الحرام، يهدم بنيان المفترين.
ب: قال بعض المفسرين إن أصحاب النار يقولون أربع كلمات: «الويل من الاسم، والويل من العار، والويل من الحاجة، والويل من الطمع!». فالويل من الاسم يعني: الويل لي إذ كنت أطلب الاسم في الدنيا، والويل من العار إذ كنت أقول: «النار ولا العار»، والويل من الحاجة أي الدروشة التي هي رأس جميع البلايا، والويل من الطمع أي الحرص الذي يمثل قاعدة جميع الشهوات [2].
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|