أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-27
2263
التاريخ: 2-10-2020
2087
التاريخ: 2024-04-15
836
التاريخ: 2024-03-08
873
|
أنظر: شكل رقم 1 معبد «بو سمبل» الذي أقامه «رعمسيس الثاني «.
قد لا نكون مبالغين إذا قرَّرنا هنا أن معبد «بو سمبل» يعد أعظم بناء ضخم صنعه الإنسان على وجه البسيطة في زمانه، والواقع أن بانيه كان يقصد أن ينحت لنفسه مبنى منقطع النظير، يفوق به كل من سبقه؛ ولذلك نجد أنه حوَّل صخرة «بو سمبل» إلى أثر يدل على عظمته وضخامة ملكه بين الفراعنة. حقًّا إن صخور الشاطئ هنا تبرز تجاه النيل، وتؤلف نتوءًا مخروطي الشكل، وقد حلى وجهها «رعمسيس الثاني» بنقش لوحات مجد وظفر يُقرأ في سطورها الملاحون أو الجنود الذين ينحدرون في النهر، أو يصعدون فيه مدائح هذا الفرعون، وأعماله العظيمة التي كتبها لنفسه في سجل التاريخ (1). وإذا وازنا هذا المعبد بالمباني الفرعونية الأخرى في مصر نفسها نجده يفوقها من كل الوجوه، وهو منحوت كله في الصخر الصلب، وقد أهداه بانيه أولًا للإلهين «آمون رع» رب طيبة، و«حور اختي» إله «هليوبوليس» وهما الإلهان الرئيسيان في مصر، ولكن نجد أن الإله «بتاح» رب «منف» و«رعمسيس الثاني» نفسه كانا يقدَّسان كذلك فيه، والقول المشهور عن تأسيس هذا المعبد أنه يُنسب إلى «رعمسيس الثاني»، غير أن الأستاذ «برستد» يقول: إنه كان قد بُني منه جزء كبير عند تولية «رعمسيس» الملك، وقد عزز رأيه هذا بقوله: إنه يوجد نقش باسم «سيتي الأول» على المدخل في نهاية القاعة الأولى، وهذا المدخل هو الذي يصل منه الإنسان للقاعة الثانية. والواقع أن الأستاذ «برستد» قد بنى رأيه هذا على اعتقاده أن «رعمسيس الثاني» لم يشترك مع والده في المُلك عدة سنين قبل انفراده بالملك كما بينا ذلك من قبل، وعلى ذلك قد يجوز أن يكون البناء كله وتصميمه من عمل «رعمسيس الثاني» في أثناء اشتراكه مع والده في الحكم. أما نقش الإهداء فيصحبه منظر يُرى فيه «رعمسيس الثاني» على عرشه، ومعه موظف يُدعى «رعمسيس عشاحب» منحنيًا أمامه، والمتن يدل على أن «رعمسيس» يعطيه التعليمات ليقيم معبدًا باسم الإله «حورحا»، ومن المحتمل أنه معبد «سرة» المسمى «إكشه» لا معبد «بو سمبل». ويقول «برستد» كذلك: إن الإشارة الهامة إلى استعمال الأسرى الأجانب في بناء المعبد تدل على أن المعبد قد أقيم بعد بداية حروب هذا الفرعون، ولا بد أنه يعنى هنا عندما انفرد بالملك، ونحن لا نعرف حروبًا شنها في السنة الأولى من حكمه، بل الواقع أن هؤلاء الأسرى كانوا من الذين استولى عليهم في حروبه قبل انفراده بالحكم، هذا إذا صدقنا كل ما حدثنا به الأثري «كيث سيلي» في كتابه عن اشتراك «رعمسيس» مع والده في الحكم، ونجد أمام الموظف «رعمسيس عشاحب» المتن التالي: «الساقي الملكي لجلالته — له الحياة والفلاح والصحة — «رعمسيس عشاحب». المظفر يقول: أما وصف كل ما يخرج من فيك فهو مثل كلمات الإله «حور اختي «(2). ونجد كذلك فوق هذا الموظف وخلفه نقشًا يبتدئ بألقاب هذا الفرعون كاملة، ويتلوها بعض نعوت شعرية مثل: «من ينشر جناحيه على جيشه»، ثم تنتهي هذه النعوت بقوله: «صانع الآثار في بيت «حور» والده الفاخر.» وبعد ذلك يقول المتن:
تأملَ أما جلالته — له الحياة والفلاح والصحة — فإنه يقظ في البحث عن كل فرصة مفيدة، بعمل أشياء ممتازة لوالده «حور» رب «حا» (وهو الإقليم الذي يقع فيه معبد «بو سمبل»)، مقيمًا له بيت عشرات آلاف السنين بحفره في جبل «حا» هذا، وهو ما لم يأتِه أحد من قبله إلا ابن «آمون» فقوَّته في كل الأراضي، وقد أحضر له جمًّا غفيرًا من العمال ممن استولى عليهم بسيفه في كل مملكة، ولقد ملأ بيوت الآلهة بأولاد «رتنو»، وبعد ذلك أعطى ساقي فرعون «رعمسيس عشاحب» الأوامر لإعداد بلاد «كوش» من جديد باسم جلالته العظيم — له الحياة والفلاح والصحة — فقال: «الحمد لك يأيها الملك الشجاع، يا شمس الأقواس التسعة، إنه لا يوجد ثائر في زمنك، بل الأرض كلها في سلام (3). وقد قرر والدك «آمون» من أجلك أن تصير كل أرض تحت قدميك، وإنه يمنحك الجنوب والشمال والغرب والشرق، والجزر التي في وسط البحر «.
ويوجد إهداء للإله «حور اختي» وهو:
»إن «رعمسيس الثاني» قد عمله بمثابة أثر لوالده «حور اختي» الإله العظيم رب النوبة» وسنفصل القول بعض الشيء في وصف نقوش هذا المعبد لما لها من الأهمية العظمى من الوجهة الحربية والدينية والسياسية في تاريخ البلاد في ذلك العهد. يتألف هذا المعبد من ردهة أمامية قُطعت في الصخر أمام المعبد الأصلي، وكانت محاطة في الأصل بسور من اللبن، ويتصل بهذه الردهة طوار يصل إليه الإنسان بسلم، وعلى اليمين واليسار منه كوتان ربما كانتا تحتويان على أحواض للطهور لزائري المعبد، وعلى جدرانه نقوش ﻟ «رعمسيس الثاني»، وهو يقدم القربان، ويحرق البخور للآلهة «آمون»، و«رع»، و«حور اختي»، و«بتاح»، وعلى جدران هذا الطوار صفوف من الأسرى تنتهي بشرفة نقش عليها متن الإهداء الذي نقشه «رعمسيس»، وخلف هذه الشرفة أربعة تماثيل هائلة الحجم للفرعون مقطوعة في الصخر، كل منها يربى على خمس وستين قدمًا في الارتفاع؛ أي أعظم حجمًا من تمثالي «ممنون» اللذين أقامهما «أمنحتب الثالث» أمام معبده الجنازي بطيبة الغربية (راجع ج5). وقد نُحت على يمين وشمال كل من هذه التماثيل الجالسة صورتان لبعض أفراد الأسرة، نذكر منها الأميرة «نب تاوي»، والأميرة «بنت عنتا»، ثم الملكة «تويا» والدة «رعمسيس الثاني»، وزوجه «نفرتاري»، وبين ساقي تمثال منها الأمير «آمون حرخبشف«. أما واجهة المعبد التي تمثل هنا البوابة في المعبد المبني بناء عاديًّا فموَّجة بكرنيش على هيئة جريد النخل، ويعلوها صف من القردة يتعبدون للشمس المشرقة، وهنا نجد نقش الإهداء ﻟ «آمون رع»، و«حور اختي»، وبعد المرور من هذه البوابة تدخل المعبد المقطوع في الصخر، ويبلغ عمقه حوالي ثمانين ومائة قدم من الأسكفة حتى آخر حجرة داخلية؛ أي حتى قدي الأقداي، والحجرة الأولى من هذا المعبد، وهي قاعة العمد العظيمة، تقابل في المعبد العادي الردهة المفتوحة ذات العمد المسقوفة، ويبلغ عرضها أربعًا وخمسين قدمًا، وعمقها ثمانٍ وخمسون قدمًا، ويرتكز سقفها على ثمانية أعمدة مربعة الشكل، يستند على كل منها صورة الملك في هيئة «أوزير»، وسقف الطريق الوسطى في هذه الحجرة محلَّى بعقبان طائرة، أما الطريقان فيحلى سقفيهما نجوم. ويشاهد على النصف الأيمن من جدار المدخل الملك وهو يضرب زمرة من الأعداء في حضرة «رع حور اختي» الذي يقدم له السيف المعقوف، وعلى النصف الأيسر من الجدار منظر آخر يماثل الأول، غير أن الملك في هذه المرة يقف أمام الإله «آمون رع»، وعلى الجدار الجنوبي نشاهد الملك في عربته يهاجم قلعة سورية، على حين نرى المحاصرين يطلبون الرحمة، وهم فوق الشرفات والسهام نافذة في أجسامهم، ويتبع الملك ثلاثة من أولاده، وفي أسفل هذا المنظر نشاهد راعيًا يفر بقطيعه إلى المدينة، كما نشاهد الفرعون يضرب بحربته لوبيًّا، وفي النهاية يعود الملك مظفرًا من الواقعة، ومعه الأسرى من السود. أما الجدار الشمالي فقد مثل عليه منظر من مناظر حملة الملك على «الخيتا»، وهي التي مثلت على معابد «الرمسيوم»، و«الأقصر»، و«العرابة»، وغيرها كما ذكرنا. (انظر صورة 1 موقعة قادش بمعبد بو سمبل). ففي النصف الأسفل من الجدار نشاهد أولًا سير الجيش المصري الذي يحتوي على مشاة وخيالة، والمعسكر المصري ودروع الجنود مصفوفة حوله كأنها أقيمت حاجزًا، وجلبة الجيش ممثلة هنا بصورة حية، ونشاهد الخيل غير المسرجة يوضع أمامها علفها، كما نشاهد الجنود يأخذون نصيبهم من الراحة، وكذلك أتباع الجيش الذين يحملون الأمتعة، وعلى اليمين نشاهد السرادق الملكي، والصورة الثالثة على هذا الجدار يظهر فيها الفرعون على عرشه عاقدًا مجلسًا حربيًّا استشاريًّا مع ضباطه، وأسفل هذا نرى جاسوسين تُنتزع منهما الاعترافات بالضرب، وفي المنظر الأخير على اليمين ترى عربات المصريين و«الخيتا» مشتبكة فعلًا في معركة، أما المنظر الذي على النصف الأعلى من الجدار فنشاهد فيه الواقعة على أشدها، فيُرى الفرعون على اليسار وهو ينقضُّ بعربته على العدو الذي أحاط بعرباته، وفي الوسط نشاهد قلعة «قادش» محاطة بنهر «الأرنت»، والمدافعون عنها يرقبون سير القتال من الشرفات، وفي أقصى اليمين نشاهد الملك في عربته يفحص ضباطه الذين يعدُّون أيدي العدو المقطوعة، كما يحضرون أسرى مكبلين بالأغلال، وعلى الجدار الخلفي على يمين الباب الأوسط نرى «رعمسيس الثاني» يقود صفين من أسرى «خيتا» أمام الإله «حور اختي»، وأمام تمثاله المؤلَّه (تمثال «رعمسيس الثاني»)، والإلهة «ورت حكو» برأس أسد، وعلى اليسار يقدم صفين من العبيد للإله «آمون»، ولصورة «رعمسيس» المؤلَّه، وللإلهة «موت«. ويوجد بين آخر عمودين في هذه القاعة من جهة اليسار لوحة مؤرخة بالسنة الخامسة من حكم «رعمسيس»، نُقش عليها متن يُذكر فيه «رعمسيس» أنه قد أقام معبدًا للإله «بتاح» في «منف» وأوقف عليه منحًا عظيمة كما ذكرنا، ويتصل بهذه القاعة العظيمة ثماني حجرات صغيرة ربما كانت خاصة بأدوات العبادة، وبعد ذلك يدخل الزائر قاعة عرضها ست وثلاثون قدمًا، وعمقها خمس وعشرون قدمًا ترتكز على أربعة أعمدة، وعلى جدرانها مناظر يظهر في أحدها الملك وزوجه «نفرتاري» يقدمان البخور أمام القارب المقدس للإله «آمون» محمولًا على أعناق كهنة، ومن هذه القاعة نصل إلى حجرة أخرى من ثلاثة أبواب، ومن ثم إلى قدس الأقداس الذي يحتوي على قاعدة منحوتة في الصخر ليوضع عليها القارب المقدس، وخلفها نشاهد صور الآلهة الأربعة الذين يقدَّسون في هذا المعبد وهم: «بتاح»، و«آمون»، و«رعمسيس» المؤلَّه، ثم «حور اختي» (راجع Baedeker ibid. p. 431)، ويوجد خارج هذا المعبد بعض آثار صغيرة تابعة له من عمل «رعمسيس الثاني»، منها لوحة نقشت على الجدار الجنوبي للردهة الأمامية، وهي المعروفة بلوحة الزواج، وقد نقشت في السنة الخامسة والثلاثين من حكم هذا الفرعون تذكارًا لزواجه من بنت ملك «خيتا» التي أحضرها والدها إلى مصر، ففي أعلى هذه اللوحة يرى الفرعون جالسًا بين إلهين تحت قبة، في حين أن ملك «خيتا» وابنته يتعبدان له.
............................................
1- راجع: Ed. Meyer Gesch. II, I, p. 500; Maspero, The Struggle of the Nations p. 411 ff.
2- راجع: L.D. III, 191 m. n.
3- راجع: L. D. III, p. 187, a. b.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|