الواقع أن القليل الذي نعرفه عن الاتجاه الذي كان يُتخذ في المحكمة أمام القضاة الإغريق والتعابير الخاصة بسلطتهم القضائية فيما يتعلق بسلطة الموظفين الإغريق؛ نحن مدينون به لملف قضية «هرمياس»، تلك القضية التي رفعها الأخير على بعض حانوتي «طيبة». وهذه القضية يمكن تتبع خطواتها مدة عشر سنين؛ أي من السنة الرابعة والأربعين حتى السنة الرابعة والخمسين من حكم الملك «بطليموس إيرجيتيس الثاني البطين» (125–117ق.م)، وفي خلال تلك المدة نشاهد كل مصادر هذه القضية الشهيرة والأوراق الخاصة بها قد حُرِّرَت باللغتين الديموطيقية والإغريقية. وقد عُثِرَ عليها جميعًا في حجرة حوالي عام 1820 ميلادية. ولما كانت هذه البرديات قد بِيعت على مرات، كما هي العادة في مثل هذه الأحوال التي تباع فيها الآثار خلسة إذا لم تأت عن طريق حفائر منظمة؛ ومن ثم أصبحت مبعثرة في متاحف أوروبا. والغريب أن فحص كل أوراق هذه القضية لم ينته بعد (1).
والواقع أننا لم نجد في مجاميع أوراق البردي التي كشفت عنها أعمال الحفر مجموعة مثلها من الأوراق تضع أمامنا قضية كاملة متصلة الحلقات تبحث في موضوع قضائي يقدم لنا معلومات محسة عن موضوعات لا نعرف عنها إلا القليل فيما يخص مجلس المحكمين والموظفين، كما تكشف لنا الإجراءات الملتوية في القضايا المدنية.
وسنحاول هنا أن نقدم تحليلًا موجزًا عن تقلبات هذه القضية، ولأجل أن نصل إلى ذلك لا بد أن نرجع إلى الوراء من الناحية التاريخية؛ لنربط خيوط هذه القضية بما كان يجري قبل وقوعها.
فالظاهر أنه في بداية عهد الملك «بطليموس الخامس» كان إقليم «طيبة» — كما نوهنا عن ذلك من قبل — في ثورة عارمة، وكان جنود الملك قد اكتسحوا العدو نحو الحدود الأثيوبية. يُضاف إلى ذلك أن الأجانب من مقدونيين وإغريق وفرس قد عوملوا معاملة سيئة وطُرِدوا. ومن بين هؤلاء كان فارسيٌّ يُدْعَى «بطليموس»، وكان متزوجًا من حفيدة فرد يُدْعَى «هرمون بن هرمياس»، وكان «بطليموس» هذا يعمل في حامية ﺑ «طيبة»، وكان عليه أن يترك بيته والحرم الخاص به في «طيبة» لرئيس زوجه. ونجده بعد ذلك لم يهتم بالعودة إلى سكنى بيته هذا الذي نُهِبَ وأصبح خرابًا. ومن المحتمل أن «بطليموس» هذا قد استوطن هو وزوجه في «أمبوس»؛ حيث نجد ثانية أن ابنه «هرمياس» يعمل ضابط فرسان في الحامية المصرية هناك.
وقد مرت السنون دون أن يعلن «بطليموس» هذا ملكيته للبيت وحرمه؛ ومن أجل ذلك ظن أولاد عم «بطليموس» أنه في مقدورهم والحالة هكذا أن يقسموا هذا البيت وحرمه؛ لأنه ليس له صاحب، وقد حدثت فعلًا تقسيمات وبيوع قام بها أولاد الذين استولوا على البيت وأحفادهم؛ مما جعل عدد ملاكه يختلف من جيل لجيل. وأخيرًا بعد أن قُسم هذا الإرث إلى أجزاء بِيع على التوالي بالتجزئة إلى أسرة حانوتيين. وبعد أن أصبحت هذه الأسرة الأخيرة هي المالكة لكل أرض البيت وحرمه أو ما يقرب من ذلك بنى أفرادها البيت من جديد ووضعوا فيه أدواتهم. وفي أثناء ذلك عرف المدعو «هرمياس» بن «بطليموس» متأخرًا أنه قد وقع تصرف بهذه الصورة في متاعه. ونجده قد أفلح في إلغاء أحد البيوع الذي كان قد تم مؤخرًا، وهو البيع الذي كان قد عقده «أبوللونيوس» بن «داموت» لكاهن «آمون» المسمى «هرمياس» بن «نحمنيس» ووضع يده بذلك على قطعة أرض من البيت المتنازع عليه تبلغ مساحتها عشرين ذراعًا، وهي التي كان يملكها «أبوللونيوس».
ولكنه لأجل أن يصل إلى ذلك لجأ إلى القضاء، وحصل على شهادة من كاتب الملك، وذلك بمقتضى تقارير قدمها لكاتب المركز وكاتب القرية للإقليم، وقد اعترقا فيها بأن الأرض المتنازع عليها كانت مسجلة في سجل المساحة باسم «هرمون» بن «هرمياس» جد أم «هرمياس» المدعي. غير أنه لم يَدَّعِ آنئذ أكثر من ذلك؛ ويُحتمَل أن ذلك يرجع إلى أنه قد فطن في خلال سير القضية إلى أنه قد يكون من الصعب عليه أن يطرد من البيت الحانوتية الذين كان بأيديهم مستندات كان يجب عليه أن يفترض صحتها.
غير أنه ظهر أحد أقارب «هرمياس» وكان أشد منه مراسًا وعزيمة؛ وتفسير ذلك أنه في عام 44 من حكم الملك «إيرجيتيس الثاني» (عام 127-126ق.م) ظهر فارس من الجنود المرتزقين في حامية «طيبة» يُدعى «أبوللونيوس» واسمه بالمصرية «بسمونت» Psmont بن «هرمياس» الذي يُسمى بالمصرية «بتينبهوت» Petenephot وأمه هي «لوبايس» Lobais، وقد تنبه «أبوللونيوس» هذا إلى أنه وارث المرحوم والده، وعلى ذلك لا بد أن يكون بذلك الوارث على أقل من نصف (7 / 16) من هذا البيت الذي يحتله الحانوتية.
وقد ذهب بناء على ذلك في شهر توت عام 44 من حكم «إيرجيتيس البطين» (أي عام 127ق.م) يطالب أولئك المعتدين بحقه، فأجابوه بالسب والضرب. وقد كان من جراء هذا الدرس الذي تلقاه عمليًّا من أيدي المعتدين أن أصبح في حيرة من أمره مدة عشرة أشهر. وأخيرًا قرر أن يكتب شكاية للملك، وكان ذلك في أبيب عام 44 (يوليو-أغسطس عام 126ق.م)، وقد أشار في شكايته إلى أنه يرغب في أن يحيله الملك إلى قضاة أكفاء من الذين يقومون بالفصل في القضايا في كل إقليم «طيبة». وفي هذه اللحظة بالذات كان القضاة الإغريق يعقدون جلسة أو في طريقهم إلى ذلك في مدينة «بطليمايس»، وكان «أبوللونيوس» قد وضع شكايته هناك في صندوق الرسائل الخاص بهذه المدينة. ومن المحتمل أنه كان يقصد بذلك أن يكون المحكمون قد ابتعدوا عن «طيبة» لأجل أن يفاجئ الحانوتية بأن يفرض عليهم إجراءات مستعجلة، وذلك بأن يكلفهم مشقة الانتقال الذي كان متعبًا لحضور الجلسة، كما كان يرمي في الوقت نفسه إلى إدخال الرعب في قلوبهم بأن يشعرهم بأن المسئولية القانونية تحتم بأنه سيكون في استطاعته أن يقدم شكوى أخرى يطلب فيها معاقبتهم على ضربهم له، وإحداث جروح في جسمه.
غير أن الحانوتية لم يجبنوا أمام تهديداته؛ إذ قد جمعوا معلوماتهم، وواجهوا بها «أبوللونيوس» بقوةٍ لدرجة أنه تخلى عن شكواه تمامًا. ويُحتمَل أن ذلك قد حدث بسبب بعض هدايا صغيرة قُدِّمَتْ له، وكان ذلك في الشهر التالي 25 مسرى من عام 44 من حكم الملك (= 13 سبتمبر سنة 126ق.م) أمام «هيراكليديس» الخبير الزراعي في منطقة طيبة. على أنه قد كان ممكنًا أن يكون أكثر مهارة إذا واجه القضية، وأفحم هذا الخصم الأول، وذلك بدلًا من جعله يسحب شكواه كأنه كان يخاف أن تُوضَع حقوقه تحت الفحص بوساطة قاضٍ.
ومن أجل ذلك نجد أن القائد «هرمياس بن بطليموس» وهو فارسي الأصل جدد القضية لحسابه وتابعها بكل حماس مدة عشر سنوات. ويتساءل الإنسان هل كان «هرمياس» هذا مقتنعًا بصحة حقه الذي تركه ساقطًا بسبب إهماله لمدة أربعين عامًا، أو أنه كان يأمل في أن يجعل الحانوتية يقررون بأن يشتروا السلام؟ والواقع أن هذا هو ما لا يمكن الإجابة عليه. وعلى أية حال كان «هرمياس» هذا يأتي من «أومبوس» إلى «طيبة» في خلال العام الأربعين كأنه رجل قد أُخْبِرَ حديثًا بأن بيته — وهو بيت والده الموروث عن الأسرة — قد احتله دون حق الحانوتية «حور» و«بزنخونسيس» و«خنوبريس» Chonopres وزوجاتهم، وهؤلاء كانوا يَدَّعُون حق ملكية البيت؛ لأنهم اشتروه من «لوبايس» Lobais ابنة «إريوس» Erieus. هذا، ونجد أن «هرمياس» بدلًا من أن يقاضي هؤلاء الحانوتية هاجم «لوبايس»، وهي — كما سنرى بعد — لم تكن إلا واحدة من الأفراد المسئولين بالنسبة للمشترين، وقد كانت الطريقة القانونية المثلى — كما قال محامي الحانوتية — هي أنه كان عليه أن يذكر أمام القضاء الملاك الأصليين الذين لهم الحق وحدهم في أن يدعوا بصفة ضامنين للبائعين. هذا، وقد وضع «هرمياس» شكوى في «طيبة» نفسها في الصندوق الخاص بالشكاوى بعنوان قاضي منطقة «طيبة» التي كان يرأسها «ديونيسوس». وقد أُعْلِن الطرفان لحضور جلسة شهر بشنس (مايو-يونيو عام 125ق.م). وفي الجلسة اعترفت «لوبايس» بأنه لم يكن لها أبدًا حق ملكية في هذا البيت المتنازع عليه. وهذا الاعتراف هو الذي ثبت على الأقل حق ادعاء «هرمياس». من المحتمل أن «لوبايس» قد أعلنت أنها غير مسئولة أمام المدعي، أو أنه لم يكن في مقدورها أن تبرز في الحال مستندات كانت مشتبكة في عدد من التغيرات والتبديلات التي حدثت قبل هذا الوقت مثل عقود القسمة والبيع التي عملت بالتجزئة. وإن القضاة رأوا على أثر ذلك أنه ليس لديهم معلومات كافية؛ ولذلك فإنهم أَجَّلُوا النظر في القضية.
ومهما يكن من أمر فقد ظهر أن القضية قد رُتبت أو على الأقل هذا ما تظاهر به «هرمياس». وبعد ذلك عاد إلى «أومبوس»، ولكنه في العام التالي أُخبر بأن الحانوتية كانوا لا يزالون يحتلون البيت، وأنهم هيأوه لصناعتهم الدنسة(2)، وقد أكد أن هذا البيت الذي أقاموا فيه هذه الصناعة الدنسة (التحنيط) يجاور محرابي الإلهة «هيراو» Hera (وهي الإلهة «موت» عند المصريين) والإلهة دميتر Demeter (= إزيس)، وهاتان الإلهتان تفزعان من الجثث، وأخيرًا وجد المدعي في ذلك البرهان الذي سيقدمه منذ الآن بعناد؛ وذلك على الرغم من كل التفنيدات؛ وهي أن قواعد الصحة العامة تحرم على الحانوتية أن يمارسوا حرفتهم أو حتى يسكنوا على الشاطئ الأيمن للنيل، وأنه يجب عليهم ألا يتعدوا مع عملائهم الموتى موقع «مومنيا» الكائن على الشاطئ الأيسر للنيل، وذلك مثل المحنطين الذين يريد أن يخلطهم بهم. ومعروف دون شك أن الحانوتية كانوا يمارسون في «طيبة» نفسها مهنة كَهَنِيَّة، وأنهم هم الذين كانوا يقومون بقيادة الموكب السنوي العظيم الذي كان ينقل قارب آمون إلى الضفة الأخرى للنيل ثم يعود بالإله «آمون» إلى معبده بعد انقضاء بضعة أيام، وأن هذه الرحلة الرمزية في النيل تؤلف جزءًا من المواكب الجنازية للعملاء (الزبائن) الذين يقودون لهم جنازهم. وأخيرًا لم يكن في مقدوره أن يخفي ضعف هذه الطريقة لإثبات حقه، وبعد أن برهن على أن الحانوتية قد استعملوا البيت لغرض منكر فإنه لم يبرهن في الوقت نفسه على أنه هو المالك الشرعي له.
وعلى أية حال نجد أن «هرمياس» لم يفكر بعد ذلك في أن يلجأ إلى القضاة الذين كان يعتقد أنهم معنتون متزمتون أكثر مما يجب. ولما عاد إلى «طيبة» قدم في عام 46 مذكرة إلى الحاكم العسكري «هرمياس» الذي كان ينتظر أن يكون في صفه لبعض أسباب لا نعرفها على وجه التأكيد. غير أن الحانوتية لم يجيبوا على الادعاء الذي وُجِّهَ إليهم، ومن ثم أخذوا يماطلون ويسوفون القضية، وعلى ذلك لما ثبطت همة «هرمياس» بهذه الكيفية لزم الصمت مدة ثلاثة أعوام في حامية «أمبوس»، وفي نهاية العام التاسع والأربعين (121ق.م) سنحت له فرصة حسبها أنها فرصة منقطعة النظير في صالحه؛ وذلك أن الحاكم العسكري الذي كان على ما يظهر في أغلب الأحيان يقوم بجولات في المقاطعتين أو ثلاث المقاطعات التي كانت تحت سيطرته قد حضر إلى «طيبة»، فأسرع «هرمياس» إلى مقابلته في شهر مسرى (أغسطس-سبتمبر عام 121ق.م) ومن ثم توصل إلى أن يجعل الحاكم العسكري يعمل كل ما لديه من سلطان في موضوع قضيته، ولكن لما كان خصومه غائبين فإنه أمر «هرموجين» الذي كان يعمل معه قائدًا في هذه الفترة بأن يسلمه البيت، غير أنه على أثر سفره ثانية من «أومبوس» شوهد أنهم قد اندفعوا إلى البيت الذي كانوا لا يزالون يسكنون فيه حتى الآن وكأنهم سيل العرم. والواقع أن الحانوتية لم يهتموا إلا قليلًا جدًّا بدسائسهم الباطلة التي كانوا يأتونها فيما بينهم في تلك الخطة، وهي التي كانت تنحصر في أعمال تقسيم وبيع هذه الملكية المتنازع عليها، وكذلك عمل ترتيبات كان من نتائجها أن أصبح «حور» هو المالك الرئيسي للبيت المتنازع عليه من بين الحانوتية.
وفي هذه الأثناء نجد أن «هرمياس» أخذ ينكر هذه الطرق الملتوية التي كان يقوم بها خصومه، وقرر أن يضع قضيته أمام المجلس الأعلى القانوني الذي يشرف عليه قائد القوة الحربية لكل المقاطعة. ففي شهر أمشير من العام الخمسين من حكم «بطليموس السابع» (= فبراير-مارس 120ق.م) قدم «هرمياس» مذكرة إلى «هيراكليديس» الذي كان من بين رؤساء الحرس ورئيس الخيالة والحاكم العسكري لكل قوات منطقة «طيبة»، وقد استعرض فيها مظلمته وما اتخذ من تصرفات في القضية من قبل، وعلى أثر ذلك أمر «هيراكليديس» بإعلان الحانوتية بالحضور على يد المحضر «أرتيميدوروس»، غير أن الحانوتية ظلوا مثابرين على خطتهم في المماطلة؛ فقد تسلموا نسخة من الإعلان، ولكنهم لم يحضروا أمام الحاكم العسكري. ولما لم يحضروا ظن «هرمياس» أنه بعدم حضورهم يخدعونه لترك البيت لهم كما كانت الحال من قبل. ولكن من المحتمل أن الحانوتية كانوا يعرفون أن «هيراكليديس» سيرحل من هذه المنطقة، وأنه سيحل محله آخر في القريب العاجل، وبذلك فإن طلب حضورهم سيسقط من تلقاء نفسه. غير أن «هرمياس» كان قد فطن لذلك فقدم تظلمًا جديدًا لخلف «هيراكليديس» وهو قائد جنود المقاطعة المسمى «بطليموس»، وكان يحمل لقب «السمير الوحيد وقائد الفرسان»، وأخيرًا تولى هذا القائد قضية «هرمياس» بصفة جدية؛ ففي الثامن من شهر بئونة عام 51 (= 26 يونيو عام 119ق.م) عقد «بطليموس» جلسة في المحكمة يساعده فيها «بطليموس» بن «أجاتاركوس» و«إريني» ابن «إريني» ويحمل نفسه الرتبة التي يحملها الرئيس و«أمونيوس» Ammonios الفارسي و«سيسوسيس» Sesoosis العقيد وغيرهم من القضاة. ثم فُتِحَت الجلسة. وقد حفظت لنا بردية موجودة بمتحف اللوﭬر التحقيق الذي جرى في هذه الجلسة. هذا، ولم يتخلف الحانوتية هذه المرة، فقد حضر «حور» وشركاؤه ومعهم محاميهم المسمى «دينون». ولم يكن «هرمياس» في حاجة إلى الكلام؛ إذ قرأ أمام أعضاء المحكمة المذكرة التي أودع فيها كل مظلمته، وقد وردت منها نسخة في المحضر، وقد جاء فيها كيف أن «حور» و«بنسخونيس» و«باناس» وزوجاتهم قد أفادوا مما أجبره عليه سوء طالعه، وهو نقل مسكنه إلى مكان آخر مما أدى إلى اجتياح بيته بالقوة الغاشمة، وهو الذي كان قد ورثه عن أجداده، ومن ثم أصبح هؤلاء الحانوتية يتصرفون فيه على حسب أهوائهم. وقد حاول مرات عدة استرداده ولكن دون جدوى، وها هو ذا الوقت قد حان أخيرًا لطرد المعتدين الذين تجاسروا على إحضار جثث موتى في مسكنه الذي اغتصبوه منه ظلمًا وعدوانًا.
على أن محامي الحانوتية لم يجد كبير عناء في هدم ما أقامه المدعي «هرمياس» من حجج؛ فقد طلب إلى «هرمياس» — إذا كان في استطاعته — أن يقدم بعض براهين تثبت أن هذا البيت المتنازع عليه كان فعلًا إرثًا جاء إليه عن أجداده، وعندما اعترف «هرمياس» بأنه ليس لديه أية حجة فإنه بذلك قد أظهر أنه كان يلف عبثًا حول «حور» وشركائه لأجل أن يخيفهم ويقودهم إلى الخسران. وقد اقتبس المحامي «دينون» الإجراءات القانونية التي عُمِلَت أخيرًا بين الحانوتية بعضهم بعضًا، وفضلًا عن ذلك ذكر مرسوم العقد الشامل الذي أصدره الملك «بطليموس السابع» وهو الذي بمقتضى مواده يمكن الاستيلاء على البيت حتى دون وجود مستندات في حوزة الحانوتية. وأخيرًا أربك محامي الحانوتية المدعيَ التعس بإحراجه، وذلك بأن طلب إليه أن يبرهن بأية وسيلة من الوسائل على أن أحدًا من أقاربه أو هو نفسه قد سكن أبدًا في «طيبة» أو أن هذا البيت موضع النزاع هو ملك لأسرته. ولما لم يكن في استطاعته الجواب على ذلك؛ فقد اسْتُنْبِطَ دون أي شك أنه قد ألف شكوى من قبيل التمحيك والإعنات الكاذب، وعلى ذلك فإن القائد «بطليموس» أصدر حكمًا مخيبًا لادعاءات «هرمياس»؛ وفي الوقت نفسه جاء الحكم مثبتًا لحق «حور» ورفاقه في ملكية البيت المتنازع عليه. ومن البدهي أنه إذا كان الحكم الذي أصدره القائد هو حكم يجب نفاذه فإنه بمقتضاه كان لزامًا على «هرمياس» أن يفض قضيته؛ غير أنه كان من المفهوم أن «هرمياس» كان يريد بوضع قضيته أمام القائد بوصفه محكمًا لا قاضيًا ليفصل في مسألته، ومن أجل ذلك كان له أن يحتفظ لنفسه بحق المعارضة في هذا الحكم إذا لم يكن في صالحه.
وعلى أية حال نجد أن «هرمياس» لم يظهر بعد هذا الحكم بمظهر المغلوب؛ إذ نراه بعد ذلك يعود ثانية — كما كانت الحال من قبل — إلى كبار الموظفين الذين يمكنهم أن يثيروا قضيته من جديد ويستعملوا سلطانهم التنفيذي؛ لأجل أن يجعلوا هؤلاء الحانوتية يفرون من البيت المتنازع عليه. وقد سنحت له فرصة؛ وذلك أنه في شهر أمشير عام 53 (= فبراير-مارس 117ق.م) انتهز «هرمياس» فرصة مرور القائد الأعلى «ديمتريوس» لإقليم «طيبة» بهذه المدينة فوضع بين يديه شكايته، غير أن «ديمتريوس» هذا أمر بإحضار الحانوتية، ولكنهم على حسب عادتهم لم يحضروا. ولما لم يكن لدى القائد «ديمتريوس» الوقت للفصل في قضيته أعاد إليه شكايته بالبريد، ولما عاد «هرمياس» إلى بيته وجد أن شكايته قد رُدَّتْ إليه. فأهاجه ذلك، ولكنه في الشهر التالي (مارس-أبريل) ذهب بها إلى «لاتوبوليس» (إسنا) حيث كان يوجد وقتئذ الحاكم العسكري «هرمياس». وتدل شواهد الأحوال على أن الحاكم العسكري قد كتب إلى القائد «بطليموس» ليرسل إليه الحانوتية المتهمين، وقد كان «هرمياس» يأمل من وراء ذلك أن يكبد خصومه مشقة سفر متعب، ولكن أمله لم يُحَقَّق إلا فترة وجيزة. والواقع أن القائد العسكري كان يعرف دون أي شك كيف يستطيع أن يقف أمام هذا الحماس المصطنع من جانب رئيسه، يُضاف إلى ذلك أنه كان لا بد قد تكدر عندما رأى إعادة بحث شكاية كان قد حكم فيها، وبالاختصار فإن هذا القائد لم يحرك ساكنًا في هذا الأمر. وبعد انقضاء ثلاثة أشهر على ذلك؛ أي في شهر (يونيو-يوليو) كان قد زار الحاكم العسكري للمقاطعة المسمى «هرمياس» وكذلك القائد «ديمتريوس» مدينة «طيبة»، وذلك بمناسبة الاحتفال بموكب الإله الأعظم جدًّا «آمون»، وكان «هرمياس» هناك، فقدم للحاكم العسكري نسخة من المذكرة التي كان قد علق عليها من قبل، وهي التي كان قد قدمها «هرمياس» له في «إسنا»، وعلى ذلك نجد أن الحاكم العسكري فهم أن هذا الرجل اللحوح قد بدأ يتعبه من جديد؛ ومن أجل ذلك أمر بإحضار الحانوتية، غير أنهم بدورهم قد أصموا آذانهم لطلبه كما هي العادة ولم يحضروا، وعلى ذلك ركب سفينته، وعاد ثانية إلى المقاطعات الجنوبية، وقد كان في صحبته الشاكي المخدوع.
وفي هذه الأثناء لم يتطرق اليأس مع ذلك إلى نفس «هرمياس»، والواقع أن الحانوتية — كما يظهر — قد خالفوا أوامر رجال السلطة الذين كان في وسعهم في نهاية الأمر أن يحاسبوهم بسبب موقفهم الوقح، وكان «هرمياس» يعلم أن القائد «بطليموس» الذي كان قد خيب أمله في قضيته منذ عامين مَضَيَا قد حل محله القائد «هيراكليديس»، وها نحن أولاء نجد أن «هرمياس» قد قام بمخاطرة أخرى؛ فقدم مذكرة جديدة للقائد «هرمياس» ذكر فيها كل الإجراءات التي عملها منذ عشرة أعوام، وبطبيعة الحال لم يذكر الحكم الذي أصدره هذا القائد في غير صالحه عام 51، وقد أبرز في مذكرته عناد الحانوتية في ادعائهم، وطلب «هرمياس» هذه المرة وضع قضيته أمام المجلس الأعلى الذي كان يرأسه القائد «هيراكليديس»، وعلى ذلك سلم الحاكم العسكري للمقاطعة الوثيقة التي قدمها «هرمياس» بتاريخ 21 بابه عام 54 (= 10 نوفمبر عام 117ق.م) إلى «هيراكليديس» الذي كان يحمل لقب رئيس الحرس والقائد الأعلى في إقليم «طيبة»، والمشرف على دخل المقاطعة.
هذا، وقد فُتِحَتِ الجلسة للمناقشة أمام هذا الرجل العظيم الذي كان يساعده آخرون من أصحاب الرتب، وهم: «بطليموس» رئيس الحرس، و«هيراكليديس» آخر يحمل كذلك لقب رئيس الحرس، «أبوللونيوس» و«هرموجين» ويحمل كل منهما لقب السمير، و«بانكراتوس» Pancratos ويحمل لقب قائد الفرسان، و«بانيسكوس» Paniscos وآخرون كثيرون، وقد ترافع محامي كل من الطرفين المتخاصمين؛ فترافع «فيلوكيس» عن «هرمياس» كما ترافع «دينون» عن الحانوتية.
هذا، ونعرف المناقشات، وكذلك الوثائق المتعلقة بهذه القضية، والأدلة التي أثيرت على حسب القوانين والسوابق؛ من الملخص الذي وضعه الرئيس «هيراكليديس» وهو الذي وجهه لمساعديه، وهو ملخص يشمل الأشياء المنتظرة، والبواعث للحكم الذي كونه.
وقد رأينا فيما سبق من مناقشات عام 50 أن «هرمياس» لم يكن لديه مستند يثبت ملكيته للبيت المتنازع عليه، وهو الذي يقول عنه إنه ورثه عن والده، في حين أن خصومه قد قدموا تراجم باللغة الإغريقية لعقد بيع حُرِّرَ باللغة الديموطيقية يرجع عهده إلى ما قبل قيام هذه القضية، ويثبت أن البيت الذي عليه النزاع — ويدعي «هرمياس» ملكيته — كان قد اشتراه آباء المُدَّعَى عليهم على دفعات. ولما لم تكن لدى «فيلوكليس» محامي «هرمياس» حجج مقنعة فإنه جنح إلى المعارضة في قيمة الوثائق التي قُدِّمَتْ للمحكمة، وقال بأنها لا قيمة لها من وجهة القانون المصري من جهة أنها لم تُسَجَّل بمقتضى القانون الإغريقي في الماضي. وأخيرًا طلب تطبيق القواعد التي تحتم إبعاد الصناعات القذرة التي يقوم بها المحنطون على الحانوتية المغتصبين للبيت، وبمقتضى هذه القواعد يصبح الحانوتية غير قادرين على الحصول على بيت «هرمياس» بالشراء أو بالاحتلال مدة طويلة، وقد اقتبس — لتبرير دعواه — أحكامًا قضائية خاصة مشفوعة بحجج مكتوبة مقدمة من كهنة «آمون»، بتقارير ورسائل من كتبة المراكز وحكام المقاطعات، وكل هذه سوابق تثبت أن الحانوتية يجب أن يُطْرَدوا ويُغَرَّمُوا على يدي الرئيس دون محاباة.
أما محامي الحانوتية «دينون» فإنه حلل دفاعه بطريقة مفصلة بعض الشيء؛ إذ نجده قد دحض اعتراضات الخصم نقطة فنقطة، والواقع أنه كان قد درس تمامًا ملف القضية، وذلك لأنه كان قد ترافع من قبل عن الحانوتية أمام القائد «بطليموس»، وقد أظهر «دينون» أنه منذ اليوم الذي غادر فيه والد «هرمياس» طيبة؛ أي منذ بداية حكم «بطليموس الخامس» مع جنود آخرين ليستوطنوا الوجه القبلي، أي منذ ثمانٍ وثمانين سنة؛ فإنه لا هو ولا ابنه «هرمياس» قد سكن البيت المتنازع عليه. يُضاف إلى ذلك أن هذا البيت المذكور كان فعلًا في يد ملاك آخرين، وهو البيت الذي اشتراه الحانوتية في العام الثامن والعشرين من حكم الملك «بطليموس السادس» (عام 143-142ق.م) أي قبل رفع الدعوى الحالية بسبع وثلاثين سنة، وأن الحانوتية قد تمتعوا بملكية هذا البيت طوال هذه المدة دون معارض، وأن عقود البيع قد أصبحت لا قيمة لها؛ وذلك لأن مدة الملكية الطويلة هذه قد أكدت الملكية، وأسقطت كل حق. وعلى أية حال فإنه ليس هناك حاجة إلى الرجوع إلى هذه الحجة الأخيرة بالنسبة لموكليه؛ وذلك لأن عقود البيع كانت قانونية بسبب أنها قد استوفت شروط نقل الملكية لإدارة الضرائب على البيوع.
أما من حيث مستندات البائعين؛ فليس هناك ما يدعو للبحث عنها مع وجود مرسوم العفو الشامل (وهو الذي أوردنا فقراته فيما سبق)، وفضلًا عن ذلك يوجد حق الملكية بطول حق الاستعمال الذي نظم فيما سبق موقف الملاك الذين ليس لديهم مستندات، كما أعفى هؤلاء من تقديم براهين مدونة تثبت حقوقهم، و«هرمياس» لم يقدم أي مستند، وإذا كان هذا البيت إرثًا فقد كان من الواجب عليه أن يقوم بتسجيل مستنداته ويدفع الضرائب، وبسبب أنه لم يفعل ذلك فإنه سيكون ملزمًا بوساطة هذا الرئيس أن يدفع غرامة قدرها ألف درخمة مع سقوط حقوقه. وأخيرًا فإن التأخيرات التي مُنِحَتْ لاسترداد الحقوق المغتصبة كان لا يمكن أن تستمر أكثر من ثلاث سنوات على أكثر تقدير، وذلك لأولئك الذين لهم حق، والواقع أن لا «هرمياس» ولا والده قد احتج أبدًا على اغتصاب هذا البيت.
هذا، وقد امتدت القضية حتى 22 هاتور عام 54 من حكم الملك «بطليموس السابع» (= 11 ديسمبر 117ق.م)، يُضاف إلى ذلك أنه لما كان القائد «هيراكليديس» قد صادق على الحكم الذي حكم به سلفه «بطليموس» فإنه بناء على ذلك قد أصدر الحكم التالي: «نحن نأمر «هرمياس» بأن يتخلى عن أعمال العنف، وكذلك أمرنا «حور» ورفاقه بأن يستمروا في ملكية البيت الذي كان في أيديهم من قبل.»
وقد فهم «هرمياس» هذه المرة أنه لا فائدة من القيام بملابسات فيما يخص قيمة الحكم أو أن يحتج بعدم اختصاص الذين أصدروا الحكم. والواقع أنه لم يعتمد في تقديم شكايته إلا على ثقته بالحكام ولطفهم معه، غير أن هؤلاء قد سائهم إلحاحه في رد أحكامهم. ولقد كان من البديهي أنه منذ ذلك الوقت لن يعطيه أي قائد أو أي حاكم عسكري أي حق أكثر من الحق الذي كانت البراهين العدة تشهد به.
ومما تجدر ملاحظته هنا عن القضاة الإغريق في هذه القضية أنهم لم يظهروا إلا في الذيل، والواقع أنهم كانوا حكامًا يميلون إلى التساهل في حقوقهم، ويمكن القول إنهم كانوا محكمين قد تركوا كل شيء عن طيب خاطر لرجال السلطة الإدارية الذين كان قد وُكِّل إليهم أمر العناية بترتيب الأمور التي كانوا قد أعطوا رأيهم فيها.
والواقع أن «هرمياس» لم يتجه إليهم بشكواه إلا مرة واحدة؛ وذلك عندما أراد أن يجعل القانون في جانبه. وفي نهاية الأمر نجد أنه قد صُدَّ عن ادعاءاته بما حكم به قائد كل قوات المقاطعة. ولا نزاع في أن هذا الإجراء المرتبك الذي سارت فيه هذه القضية قد أدى إلى نتائج لم يكن في الاستطاعة بموجبها عمل توفيق بين الفريقين المتخاصمين.
وذلك أنه إذا كانت محكمة القضاة الإغريق تُعتبَر محكمة استئناف فلماذا لم يلجأ إليها «هرمياس» في أول الأمر منذ بداية النزاع؟ ومن جهة أخرى نجد أن «هرمياس» عندما رُدَّتْ دعواه في المرة الأولى بحكم القائد «بطليموس» التجأ إلى القيام بمناورات كان الغرض البين منها هو إلغاء الحكم السابق. وعلى أية حال نجد من الغريب أن أصحاب السلطة يسلمون له بذلك، ويتركونه يعارض في صحة الحكم القانوني الذي نطق به أعضاء محكمة نظامية. وحقيقة الأمر أن تحيزهم لم يكن فوق الشك؛ ففي بادئ الأمر تدخل حاكم المقاطعة العسكري المَدْعُو «هرمياس» لحظة وجعل الحانوتية يفرون، ومن الجائز أنه كان يوهم بأنه ينفذ قرار القضاة الإغريق الذي فسره ضابط يُوثَقُ بكلامه، ولكن كيف حدث فيما بعد أنه لا هو ولا القائد الأعلى لم يعارض الشكاوى الملحة التي قدمها «هرمياس» بأنها مخالفة للقانون؟ فهل السبب الوحيد في ذلك هو المجاملة أو لأجل ألا يكون هناك جحود نحو مواطن إغريقي يناضل مصريين بائسين، وأن كلًّا منهما كان يظهر بمظهر الغيور على منفعته مع إصرار كل منهما في قرارة نفسه على ألا يعمل شيئًا مخالفًا للقانون؟
وخلاصة القول: أن هذا الإجراء الملتوي الذي اتُّبِعَ في هذه القضية لا يقدم لنا فكرة رفيعة عن النظام القضائي في مصر في خلال القرن الثاني قبل الميلاد، كما إنه لا يمدنا كذلك بقدر ما كنا نأمل عن العلاقات الخاصة بين القضاة الإغريق وبين القضاة المصريين والموظفين — الحكام العسكريين وقواد جيش المقاطعة — وهؤلاء هم الممثلون القضائيون الذين كان في مقدورهم أن يفصلوا في قضايا الناس.
والواقع أن ما نستنبطه بوضوح من قضية «هرمياس» هو أنه في إقليم «طيبة» الذي كان لا أكثر ولا أقل يُعْتَبَر إقليمًا محكومًا حكمًا عسكريًّا، ومن ثم على ما يظهر كان في حالة حصار مستمرة، كان عمل القضاة فيه ينحصر في أنهم كانوا يعملون بمثابة رجال فتاوى قانونية، في حين أن الأحكام التنفيذية كان يصدرها القائد الحربي للمقاطعة ومعه مساعده. وعلى أية حال نستطيع أن نفهم بعد سرد قصة هذه القضية وما فيها من ملابسات وتحايل على القضاء أن المرسوم الذي وضعه «إيرجيتيس الثاني» و«كليوباترا الثانية» و«كليوباترا الثالثة» بالعفو عن الكثير من الأشياء التي كان يئن تحت عبئها أفراد الشعب قد أفاد الحانوتية الذين كانوا من أصل مصري لكسب قضيتهم التي رفعها «هرمياس» وأراد أن يكسبها بوصفه إغريقيًّا بأية حال من الأحوال؛ غير أنه على الرغم من انتشار الفساد والرشوة سارت العدالة في مجراها، وظفر أصحاب الحقوق بحقوقهم في النهاية على الرغم من أنهم من أرومة مصرية.
هذا، ولدينا قضية أخرى من نفس هذا العهد، ومن نفس المكان غير أنها في هذه المرة رفعها مصري على مصري آخر، وتتلخص في أن المحنط paraschiste «بتنيفوتيس» Petenphotes رفع دعواه على زميله «آمينوتيس»، وقد قدم شكواه لنفس حاكم المقاطعة العسكري (3). ولما كان المتنازعان من أصل مصري فإن مناقشة القضية كان لا بد أن تكون أمام قضاة مصريين، هذا إذا لم يكن العقد الذي حُرِّرَ بينهما — في 13 بئونة من العام الخمسين من حكم «بطليموس السابع» (= أول يوليو عام 120ق.م)، وهو الذي انتهك حرمته «أمينوتيس» — لم يكن قد حرره كاتب إغريقي، وعلى ذلك كان لا بد أن يُحَقَّقَ أمام القضاء الهيلاني. وهكذا نرى أن الإغريق كانوا يتدخلون في المسائل القضائية بقدر المستطاع؛ حتى يكون زمام الأمور في أيديهم حتى ولو في أتفه الأشياء، ومن أجل ذلك كانت العداوة مستحكمة بين المصريين والإغريق؛ وبسبب ذلك قام المصريون منذ أواخر حكم «بطليموس الرابع» حتى نهاية الحكم البطلمي بعدة ثورات كان الغرض منها محاربة الظلم والعنصرية والقضاء على الاستعمار جملة من كل البلاد.
................................................
1- راجع: Revillout, Le Procès d’Hermias d’après les Sources Dématiques et Grecs. Paris, I, 1884, II, 1906, 210. PP. 4. (Traduction du Pap. Taur., I PP. 183–194.)
2- صناعة التحنيط.
3- راجع: Pap. Taur., VIII.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة