أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
994
التاريخ: 2023-10-14
973
التاريخ: 2023-10-30
1117
التاريخ: 2023-11-16
1101
|
كان من اولى مظاهر النهضة الادبية في ايطاليا بعث الدراسات الاغريقية واللاتينية أو ما يسمى بحركة احياء الدراسات الكلاسيكية او الحركة الانسانية. (L'Humanisme). قامت هذه الحركة بتشجيع الاسر الحاكمة في المدن الايطالية على دراسة المخطوطات التي كانت تحويها الاديرة والكنائس والكاتدرائيات ومكتبات الامراء (1). وقد تمت دراسة المخطوطات الاغريقية عن طريق الاتصال الثقافي الذي نشأ بين ايطاليا والقسطنطينية منذ اوائل القرن الخامس عشر مما مهد الى هجرة علمائها الى ايطاليا بعد احتلال الاتراك العثمانيين لها. وقد نبغ من الانسانيين الذين اهتموا بإدخال الاغريقية الى ايطاليا: بوكاشيو (1313 ــ 1375) الذي ذهب الى القسطنطينية للتعمق في دراسة الاغريقية. وقد أحرز بوكاشيو شهرة واسعة في المائة قصة التي كتبها والتي تعرف باسم الايام العشرة وهي مستوحاة من المصادر اليونانية والرومانية القديمة وقصص الشرق والخرافات الفرنسية والاقاصيص الشعبية المنتشرة في ايطاليا نفسها (2). وتقوم افكارها الرئيسية على احتقار خرافات العصور الوسطى والتهجم على مفاسد رجال الدين وتهتكك بعضهم. اما اللاتينية التي يعتبرها الايطاليون لغة الحضارة الرومانية والآداب الرفيعة. فقد اهتم بدراستها العالم الشهير بترارك (Petrarque) (1304 - 1374) واجاد كتابتها على النمط القديم. وقد عمل على نشر الدراسات الانسانية حتى جمع ما يقرب من مائتي مخطوطة. وبترارك في كتاباته يمثل طليعة عصر يختلف في مفاهيمه عن العصر الوسيط اذ لقبه النقاد بأبي النهضة وأول النقاد المحدثين واجمعوا على انه اول الكتاب الانسانيين. وبترارك في تفكيره السياسي الذي ظهر في ملحمته التي سماها «افريقا» يظهر اسفه الشديد للانقسامات السياسية بين الامارات الايطالية المختلفة داعيا الى قيام وحدة سياسية تجمع شبه الجزيرة الايطالية بأجمعها. والانسانيون اهتموا بدراسة الانسان وما يتمتع به من قوة ومشاعر وجمال جسماني وتأثروا كثيراً وهم ينقلون او يترجمون ما كتبه اليونان، بما تمتع به هؤلاء من حرية في مناقشة الامور الدينية والسياسية، فاخذوا يدعون لها فحرروا العلم من سيطرة الدين بدعوتهم الى تمجيد العقل والتحرر من الأوهام والخيالات مما اكسب أدبهم نزعة واقعية مناهضة لبطولة العصور الوسطى وشجاعتها وفروسيتها وملاحمها الغنائية. ومع ذلك فالحركة الانسانية اتسمت بطابع خاص مميز بدعوتها الى اباحة الملذات والتمتع بالحياة الدنيوية والتحلل من القيود الخلقية واحتقار الضعف والوهن وتحدي العرف والتقليد. لهذا انطلقت الحركة الانسانية من خارج الجامعات التي استحوذ عليها حتى هذا العصر تزمت العصور الوسطى. وهكذا فان النهضة التي ظهرت أواخر العصور الوسطى قد اتسمت بالرجعة الى العالم القديم (3) واكدت على وحدة الثقافة البشرية ويذكر نور الدين حاطوم بأن الانسانيين كانوا رسل العالم القديم، ويزعمون احياءه، ويحاولون ان يبعثوه كعلماء ومؤرخين ويفهموه بذاته، ويتذوقوا جمال الاغريقي، وينفذوا منه الى اسباب وجوده. لقد كان القديم وسيلة بالنسبة الى هؤلاء الانسانيين، لأنهم يريدون حياة اخرى غير حياة العصر الوسيط، حياة يشعرون بها وتغلي في عروقهم) (4). ومما يؤخذ على الانسانيين شغفهم باللاتينية الى حد انهم كتبوا معظم ادبهم وفلسفتهم وشعرهم وقصصهم بها مما جعل العامة تفقد اتصالها بهذه الحركة لتقتصر فقط على طبقة الارستقراطية والمثقفين البورجوازيين (5). ومع ذلك فقد ظهرت مؤلفات كتبت باللغات المحلية وان كانت اقل قيمة عما كتب باللاتينية. فمع ازدياد ونمو الشعور القومي والاتجاهات المحلية اخذت اللهجات المحلية المختلفة تحل شيئاً فشيئاً محل اللغة اللاتينية. فدانتي منذ القرن الثالث عشر كان قد كتب الكوميديا الإلهية باللغة الايطالية ومن بعده سيبروني. وفي فرنسا ظهر دوبللیه (Bellay) (1522 - 1560) ومونتاني Montaigne)) (1533 ــ 1592) الذي كتب رسائله: المحاولات (Essals) في الفلسفة والاخلاق باللغة الفرنسية. اما في اسبانيا فقد نشر سرفنتس Cervantes) () (1557 ــ 1616) قصته دون كيشوت Don Quichotte باللغة الاسبانية وفي انكلترا صاغ كل من لنغلاند Langland (1332 - 1400) وشوسر Chaucer (1340 ــ 1400) افكاره باللغة الانكليزية. اما اللغة الالمانية فقد بلغت كمالها مع لوثير (Luther) في ترجمته للإنجيل الى اللغة الالمانية. وفي بوهيميا اخذت اللغة التشيكية تعالج أصعب الموضوعات في القانون والطب والفلسفة واللاهوت حتى اصبحت لغة المصلحين والوعاظ والدعاة ضد محاربيها من الالمان. ويعبر أحدهم عن ذلك بقوله «ان محبة الرب للتشيكية لا تقل عن محبته للاتينية) (6). والانسانيون اظهروا ايضاً اهتماماً بالغاً بالنقد التاريخي منذ اواخر القرن الخامس عشر وكان من أبرز اعلام هذه الحركة لورنز ڨالا Loranzo Valla (1405-1457) الذي انتقد صحة «هبة قسطنطين» مستنداً على قواعد تثبت ان قسطنطين لم يمنح هذه الهبة وقد وجد بحثه هذا تقديراً عند البابا نقولا الخامس الذي عينه سكرتيراً في حكومته. كما قامت في فلورنسا مدرسة تاريخية اعتمدت في بحث موضوعاتها على الواقعية والبعد عن قيود وخرافات العصور الوسطى بجرأة فائقة وكان من اهم اعلامها مكيا فللي (1469 - 1542) الذي كتب تاريخ فلورنسا وكتاب آخر عن الاستبداد سماه «الأمير».
......................................
1- درسدن س: الحركة الانسانية والنهضة ترجمة عمر شُخاشيرو. منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي دمشق 1972 ص 13.
2- ول ديورانت: قصة الحضارة الجزء (18) ص 56.
3- درسدن. س: المرجع نفسه ص63.
4- نور الدين حاطوم: تاریخ عصر النهضة الأوروبية دار الفكر الحديث لبنان 1968 ص 79.
5- انظر GARIN. E: Moyen - Age et Renaisance tradult de l'italien par claude Carme. éd. Gallimard Paris 1969, P. 98
6- PERROY, E. Histoire général des civilisations Parls 1955. T.III, P 412
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|