أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2016
1113
التاريخ: 2024-01-31
1034
التاريخ: 2024-02-23
954
التاريخ: 2024-09-08
253
|
كاتب القربان المقدس لثالوث العرابة؛ أي «أوزير»، و«حور»، و«إزيس»، وكل الآلهة الذين في معبد «من ماعت رع» (معبد «سيتي الأول» بالعرابة). وجد لهذا الكاتب لوحة عثر عليها في «االعرابة المدفونة»، وهي الآن «بمتحف بروكسل» ببلجيكا، وقد كشف عنها «جارستانج» في «العرابة المدفونة» بين عامي 1906، 1909م، وتُعد من أهم اللوحات الجنازية من حيث مادتها، كما أنها في الوقت نفسه نُحتت نحتًا جميلًا. والواقع أن هذه اللوحة تحتوي على أنشودة للإله «أوزير» بوصفه إله الآخرة؛ فتُعدد لنا ما كان له من نفوذ وسلطان في نفوس الشعب، وهي في الأصل رواية لأنشودة قديمة كُتبت في عهد الدولة الوسطى عندما كان نفوذ هذا الإله قد بلغ شأوًا بعيدًا في التسلط على أذهان الشعب، وبخاصة بعد أن تحرر من القيود والامتيازات التي كانت خاصة بالملوك بعد الثورة الاجتماعية التي أشعل نارها أهل الطبقة الدنيا المظلومة المكبوتة من أصحاب الإقطاع، وقد كان من جرائها أن نال عامة الشعب بعض حقوقهم الدنيوية، ولكنهم قد تساووا مع الملوك في حقوقهم في عالم الآخرة، فأصبح في مقدور كل من الملك، والفلاح البسيط، والعامل الصغير أن يكون «أوزير» في عالم الآخرة إذا كان تقيًّا ورعًا مؤديًا ما عليه من حقوق لله والناس، والأنشودة التي نحن بصددها تعد تجديدًا لهذا العهد الغابر بعد أن كان قد طغى على ديانة أهله «إخناتون». وقد جُمعت إحدى عشرة رواية لهذه الأنشودة الهامة في كتاب «الأناشيد الدينية لعهد الدولة الوسطى «(1). وقبل أن نورد هنا ترجمة هذه الأنشودة نصف اللوحة، وما عليها من نقوش ومناظر أخرى: يشاهَد على الجزء الأعلى المستدير من هذه اللوحة قرص الشمس المجنح محلى بصلِّين، أحدهما يلبس تاج الوجه القبلي، والآخر يلبس تاج الوجه البحري. وعلى يمين هذا الجزء من اللوحة نشاهد الفرعون «سيتي مرنبتاح» لابسًا قبعة يزينها الصل الملكي، ويرتدي ثوبًا طويلًا مزركشًا، وهو يقدم للإله «أوزير» الجالس أمامه على عرشه علامات الحياة والثبات والعافية، وخلف «سيتي» نرى صبيًّا صغيرًا يتبعه، تتدلى من رأسه خصلة شعر غزيرة، ويرتدي قميصًا بسيطًا، ويحلِّي رقبته قلادة، وقد نُقش فوقه المتن التالي: «ابن الملك الأكبر من صلبه «رعمسيس».» وخلف «أوزير» نشاهد الإلهة «إزيس» واقفة، وتلقب «إزيس العظيمة، والأم المقدسة»، وخلفها الإله «حور» ابنها، وبيده علامة الحياة، ويلقب «حور المنتقم لوالده «. وقد عُرف صاحب هذه اللوحة في خمسة أسطر عمودية كتبت فوق صورته، وهي:
المنفرد في كماله، والمستقيم، والصادق، والذي يرضي سيده، ومنفذ تعاليم جلالته، كاتب القربان المقدس ﻟ «أوزير»، و«وحور»، و«إزيس»، وكل آلهة معبد «سيتي»، «معي» صادق القول الذي يثوى في سلام في «مكان الصدق» (الجبانة)، ابن رئيس الرماة «بس»، صادق القول في أمان في الغرب، وهو الذي وضعته ربة البيت «ورنور» صادقة القول في سلام. وفي أسفل هذا المتن يرى «معي» واقفًا رافعًا يده يشير إلى الأنشودة التي نُقشت أمامه في أربعة عشر سطرًا عموديًّا كأنه يقرؤها. ويرى أمامه مباشرة مائدة قربان صُف عليها ألوان من الطعام، ويلاحظ أن «معي» كان يرتدي شعرًا مستعارًا طويلًا كما كان يلبس ثوبًا طويلًا مجعدًا.
وهاك نص الأنشودة:
الدعاء لك يا «أوزير» من كاتب القربات المقدسة لكل الآلهة في بيت «من ماعت رع» على لسان «معي» صادق القول يقول: السلام عليك يا «أوزير وننفر»، يابن «نوت» (ربة السماء)، ويا سيد القرابين، ويا رفيع التاج، ويا سيد القوة، وعظيم الاحترام، ويا من أعطى التاج المزدوج، والفرح على رأس «هرا كليوبوليس» (أهناسيا المدينة التي كان يُعظَّم فيها «أوزير»)، ومن الإله «رع» قد أذاع الخوف منه، ومن أوجد «آتوم» الرعب منه في قلوب الناس، والآلهة والمنعمين والموتى، ومن أعطى روحه في «منديس»، ومن يخاف في «هرا كليوبوليس»، ومن قواه قد اتخذت مكانتها في «هليوبوليس»، ومن صوره عظيمة في «بوصير»، وسيد الخوف في المكانين المقدسين (أي المعبدين)، ومن الفزع منه عظيم في «روستاو» (عالم الآخرة)، وسيد القوة في «تنين» (قبر أوزير)، ومن حبه عظيم على الأرض، وصاحب الذكرى الحسنة في القصر، والعظيم الظهور في العرابة (خلال أعياده)، ومن أعطى صدق القول؛ أي برئ أمام الإله «جب»؛ إله الأرض وتاسوع الآلهة مجتمعين، ومن لأجله ذُبحت الذبائح في القاعة العظمى الشاسعة التي في «حرور»؛ أي بلدة «قصر هور» في الشمال الشرقي من «الأشمونين»، ومن يخافه الأقوياء والعظماء؛ لأنه قد وُهب الخوف، ومن يقف العظماء له على حصرهم، ومن نشر الإله «شو» — أي إله الفضاء — الذعر منه، ومن الإلهة «تفنوت» قد أوجدت سلطانه، وإنه ملك الآلهة وصاحب القوة المطلقة في السماء، وحاكم الأحياء — يقصد الأموات — وملك من هم هنالك؛ أي الأموات، ومن تقوم له الملايين بالأحفال في «بابليون» (مصر عتيقة إشارة إلى أن «أوزير» هنا يمثل النيل)، ومن تبتهل له الإنسانية بصياح الفرح في «هليوبوليس»، وصاحب القطع المنتخبة من اللحم في البيوت العالية؛ أي المكان الذي تُذبح فيه الذبائح، ومن جُزرت له الذبائح في «منف»، ومن احتفل له بعيد اليوم السادس من الشهر، وعيد اليوم السابع في «هليوبوليس» عندما ينادَى في محط «بنو» (قصر في عين شمس)، ومن عملت له الوجبات الليلية في «ليتوبوليس» (أوسيم الحالية)، ومن أعطي السيف والنصر في «هليوبوليس»، وعندما تراه الآلهة يقدمون له الخضوع، وعندما يراه المنعمون (الأموات) يهللون له. هذا هو «أوزير» بن «نوت» عظيم الرهبة، وعظيم السطوة، ومن يأتي إليه الرجال والآلهة والمنعمون والأموات خاشعين. وكذلك تهرول نحوه الجماهير في «جحستي» (المكان الذي قُتل فيه أوزير)، مهللين ومعهم من في العالم السفلي. وإني ابنك «حور» وقد أتيت وضربت لك أعداءك، وضحيت بهم لك مثل حيوانات الأضاحي، وأهلكتهم مثل الثيران، وقد سقطوا على وجوههم من أجلك، وإني أرضيك لأنك محبَّب، فلتكن راضيًا عني رضاء طيبًا في هذا اليوم (يوم الحساب)، وتقصي عني شري، وتسمع عندما أدعوك، وتخرج لتبعد عني الشر بسبب ما قلته من خير في هذا اليوم. وهذه الأنشودة على الرغم مما فيها من إشارات بعيدة لشعائر دينية خاصة، وأساطير عتيقة، وصفات خاصة بالإله «أوزير» المهيمن على عالم الآخرة، والحاكم الأول على الأرض؛ تضع أمامنا صورة صادقة عن هذا الإله، ومقدار نفوذه على عقول عامة الشعب، وبخاصة إذا علمنا أن كل إنسان كان يرجو بعد الحياة الدنيا أن يصير «أوزير» في عالم الآخرة؛ ولذلك نجد كل فرد كان يعمل لآخرته، ويعد لها العدة بشتى الطرق، وبالتقرب إليه بخاصة، وإقامة أثر بجوار ضريحه المقدس الذي كان في «العرابة المدفونة». ولذلك نرى «معي» — كاتب هذه الأنشودة — يرجو من هذا الإله بعد أن عدَّد كل مناقبه، وكل ما عمل له من خير أن يبعد عنه الشر، ويجعله من المقبولين في «هذا اليوم»؛ أي يوم تُجزى كل نفس بما عملت، ومن ثم نرى أن الفرد أخذ يناجي ربه. والأمر الهام الثاني الذي نلحظه في صور هذه اللوحة هو صورة الأمير الصغير «رعمسيس» بِكر أولاد «سيتي الأول»، غير أننا لا نعلم إذا كان «مِعِي» قد كتب هذه اللوحة في أول عهد «سيتي الأول» عندما كان ابنه «رعمسيس» الذي توفي فيما بعد، وهو الذي كشف قبره في «سد منت»، وتابوته في مدينة «هابو» هو «رعمسيس» هذا أم هو «رعمسيس» الذي أصبح فيما بعد «رعمسيس الثاني»، والأرجح أن الذي صُور على هذه اللوحة هو «رعمسيس الثاني» فيما بعد؛ إذ قد محا «سيتي الأول» اسم «رعمسيس» المتوفى من نقوش معبد الكرنك على حسب قول «كيث سيلي»، ووضع مكانه صورة «رعمسيس» الذي أصبح وارثه في الملك، هذا فضلًا عن أننا لا نجد آثار محوٍ هنا.
.........................................
1- راجع: S. Hassan, Les Hymnes Religieux du Moyen Empire p. 5 ff.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|