أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2015
9892
التاريخ: 24-09-2014
8461
التاريخ: 19-07-2015
9506
التاريخ: 24-09-2014
8309
|
في الوقت الذي لا يعترف المادّيون بهدف للخلق، لأنّهم يعتقدون أنّ الطبيعة الفاقدة للعقل والشعور والهدف هي التي ابتدأت الخلق، ولهذا فإنّهم يؤيّدون اللغوية وعدم الفائدة في مجموعة الوجود، فإنّ الفلاسفة الإلهيين وإتباع الأديان جميعاً يعتقدون بوجود هدف سام للمخلوقات، لأنّ المبدئ للخلق قادر وحكيم وعالم، فمن المستحيل أن يقوم بعمل لا فائدة فيه.
وهنا ينقدح هذا السؤال: ما هو الهدف؟
قد نتوهّم أحياناً نتيجة قياس الله سبحانه على ذواتنا وأنفسنا ونتساءل : هل كان الله محتاجاً وينقصه شيء، وكان يريد بخلق الوجود، ومن جملته الإنسان، أن يسدّ ذلك النقص ويرفع تلك الحاجة؟
هل هو محتاج لعبادتنا ودعائنا ومناجاتنا؟ هل كان يريد أن يُعرف فخلق الخلق ليُعرف؟
إلاّ أنّ هذا كما قلنا خطأ كبير ناشئ من المقارنة بين الله وخلقه، في حين أنّ هذه المقارنة والقياس غير الصحيح هو أكبر سدّ ومانع في بحث معرفة صفات الله، ولذلك فإنّ أوّل أصل في هذا البحث هو أن نعلم أنّ الله سبحانه لا يشبهنا في أي شيء.
فالإنسان موجود محدود من كلّ النواحي، ولذلك فإنّ كلّ مساعينا هي من أجل رفع نواقصنا واحتياجاتنا، ندرس لنتعلّم فنمحو نقص جهلنا، ونسعى للعمل والكسب لدفع الفقر ونكسب الثروة، نهيئ الجيوش والقوى لنسدّ النقص في قوانا أمام العدوّ، وحتّى في الاُمور المعنوية أو تهذيب النفس أو التكامل المعنوي والروحي، فإنّ السعي والجدّ في كلّ ذلك من أجل رفع النواقص ..
ولكن، هل من المعقول أن يقوم الوجود المطلق غير المتناهي في كلّ الجهات (فعلمه وقدرته وقوّته غير محدودة، ولا يعاني أي نقص في الوجود) بعمل لرفع حاجته؟
يتّضح من هذا التحليل أنّ الخلق ليس عبثاً من جهة، ومن جهة أُخرى فإنّ الهدف من الخلق لا يعود إلى الخالق. وهنا يمكن أن نصل ببساطة إلى نتيجة، وهي: أنّ الهدف، حتماً وبلا شكّ، أمرٌ يرتبط بنا.
ومع ملاحظة هذه المقدّمة يمكن التوصّل إلى أنّ هدف الخلقة هو تكاملنا وارتقاؤنا ولا شيء سواه. وبتعبير آخر فإنّ عالم الوجود بمثابة مدرسة لتكاملنا في مجال العلم.
ودار حضانة لتربية وتهذيب نفوسنا.
ومتجر لكسب الموارد المعنوية، وأرض زراعية غنيّة صالحة لإنتاج أنواع المحصولات الإنسانية.
أجل «الدنيا مزرعة الآخرة .. الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار غنى لمن تزوّد منها، ودار موعظة لمن اتّعظ بها» (1).
إنّ هذه القافلة قد تحركت من عالم العدم، وهي تسير دائماً إلى ما لا نهاية له.
ويشير القرآن المجيد إشارات قصيرة عميقة المعنى جدّاً في آيات مختلفة إلى وجود هدف معيّن من الخلق من جهة، ومن جهة أُخرى فإنّه يشخّص هذا الهدف ويوضّحه.
فيقول في الجانب الأوّل: { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى } [القيامة: 36] .
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] .
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا } [ص: 27] .
وفي الجانب الآخر، فإنّه جعل هدف الخلق في بعض الآيات عبودية الله وعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، ومن البديهي أنّ العبادة منهج لتربية الإنسان في الأبعاد المختلفة .. العبادة بمعناها الشمولي التي هي التسليم لأمر الله
ستهب روح الإنسان تكاملا في الأبعاد المختلفة، وقد بيّنا تفصيله في ذيل الآيات المرتبطة بالعبادات المختلفة.
ويقول: أحياناً إنّ الهدف من الخلقة هو إيقاظكم وتوعيتكم وتقوية إيمانكم واعتقادكم : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الطلاق: 12].
ويقول تارةً: إنّ الهدف من الخلق هو اختبار حسن عملكم: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2] .
[اشكال]
إذا كان الهدف هو التكامل، فلماذا لم يخلق الله الإنسان كاملا منذ البداية حتّى لا يكون محتاجاً إلى طيّ مراحل التكامل؟
إنّ أساس هذا الإشكال هو الغفلة عن هذه النقطة، وهي أنّ العنصر الأصلي للتكامل هو التكامل الاختياري، وبتعبير آخر فإنّ التكامل يعني أن يطوي الإنسان الطريق بنفسه وإرادته وتصميمه، فإذا أخذوا بيده وأوصلوه بالقوّة والجبر فليس هذا افتخارا ولا تكاملا.
فمثلا: لو أنفق الإنسان فلساً واحداً من ماله بإرادته وتصميمه، فقد طوى من طريق الكمال الأخلاقي بتلك النسبة، في حين أنّه لو أُجبر على إنفاق الملايين من ثروته، فإنّه لم يتقدّم خطوة واحدة في ذلك الطريق، ولذلك صرّح القرآن بهذه الحقيقة في الآيات المختلفة، وهي أنّ الله سبحانه لو شاء لأجبر الناس على أن يؤمنوا، إلاّ أنّ هذا الإيمان لا نفع فيه لهؤلاء: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } [يونس: 99] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 131.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|