أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-19
1122
التاريخ: 2023-12-31
1044
التاريخ: 2024-02-26
827
التاريخ: 2023-09-24
765
|
أقام تحتمس الثالث في بلدة أرمنت معبدًا ضخمًا للإله «منتو»، يُعَدُّ من أكبر الآثار التي خلفها لنا هذا الفرعون بين مبانيه كلها، وقد عُثِر على بعض بقايا هذا المعبد من النصف الأول من القرن التاسع عشر، وبخاصة ما وجده «لبسبسويس» من قطعٍ منقوشة نُحِت عليها اسم هذا الفرعون (راجع: L. D. IV. Text. p. 1)، وكذلك نقل «الكونت سنت فريول» أثناء سياحته في شتاء 1841–1843 ميلادية عدةَ قِطَع من معبد «أرمنت»، معظمها يرجع إلى عهد هذا الفرعون، وهي الآن محفوظة بمتحف «جرينوبل»(1).
الكشف عن المعبد: وقد كُشِف حديثًا(2) عن هذا المعبد كشفًا علميًّا في السنين الأخيرة، وتدل قِطَع الأساس والنقوش العدة ورسم بوابته على جدران مقبرة الكاهن «خنسو» في جبانة «شيخ عبد القرنة» رقم 31، وما عليها من نقوش، على أن هذا المعبد كان من معابد الدرجة الأولى التي أقامها هذا الفرعون، ولا غرابة في ذلك؛ فإن الإله «منتو» كان يُعَدُّ إله الحرب الأعظم بين الآلهة المصرية في كل عصور التاريخ، وثالوث «أرمنت» كان يتألف من الإله «منتو» والإلهة «إيونيت» ثم الإلهة «تننيت»، أيْ من ذكر وأنثيين، على غرار «ثالوث أسوان». ولم يَبْقَ لنا قائمًا من جدران هذا المعبد إلا بعض جدران البوابة السفلية، وقد عُثِر على قِطَع عدة من الأحجار عليها اسم «تحتمس الثالث» أُعِيد بناؤها في المعبد البطليموسي. وعلى الرغم ممَّا أصاب المعبد من التخريب والتدمير، فإنه قد بقي لنا على جزء البوابة المحفوظة منظر من الأهمية بمكان عظيم، وهذا المنظر يمثِّل موكبًا على الواجهة الداخلية من الجناح الشرقي للبوابة في الجهة الشمالية … وهو يفسر لنا بالصور والنقوش نتيجة حملة مظفرة قام بها هذا الفرعون في بلاد النوبة، ويُحتمَل أنها نزهة للصيد والقنص قد عاد الفرعون منها بغنائم. وممَّا يلفت النظر أن الرسوم قد نُقِشت برشاقة ودقة بالغة، كما أنها رُسِمت بكل عناية ممَّا جعلها تحاكي الطبيعة، وقد اختلف علماء الآثار في العهد الذي تُنسَب إليه، غير أن كل شواهد الأحوال تدلُّ على أنها من عصر «تحتمس الثالث».
الموكب: وهذا الموكب يسترعي النظر في تفاصيله؛ ففي بدايته نشاهد حيوانًا ضخمًا تدلُّ كلُّ ملامحه على أنه بلا شك خرتيت (وحيد القرن)، غير أن تمثيل سيقانه لا يطابق الواقع. وتدل النقوش التفسيرية الخاصة بهذا الحيوان على أن صيده كان حدثًا جللًا في تاريخ الصيد والقنص عند المصريين القدامى، ففضلًا عن رسم هذا الحيوان على جدران المعبد وكيفية صيده، نلاحظ أن «تحتمس» الثالث قد أمر بنقش مقاييس أجزاء جسمه، عرفنا منها أن طول قرنه كان نحو ذراع وشبر، وارتفاع ساقه الأمامية خمسة أذرع ونصف، ومحيطه ثلاثة أذرع وخمسة أشبار، ومحيط قدمه الأمامي ذراعان وشبر، ومحيط بطنه ثلاثة عشر ذراعًا وشبران، وطول ساقه الخلفية — أي: المحيط بالقرب من العجز — خمسة أذرع وثلاثة أشبار، ويُلاحَظ أن بعض هذه المقاييس لا ينطبق على الواقع الآن بل فيه مبالغة، ولم يَبْقَ لنا من صور الرجال الذين كانوا يقبضون على هذا الحيوان إلا بعض أجزاء، غير أن رسمهم يدل على أنهم كانوا أقوياء. وبعد ذلك نشاهد في الموكب حاملي الجزية، وتشمل ريش نعام وبيض نعام وثيرانًا، وركائز من المعادن، وفطائر وقردة، هذا ونشاهد أسماء بعض البلاد التي استولى عليها الفرعون، وغير ذلك من المناظر المألوفة. وقد كُتِب في نهاية الموكب النقش التالي: «الغنيمة التي استولى عليها الفرعون في صحراء أراضي بلاد «الكوش» الخاسئين، في خلال حملته الأولى المظفرة، عندما كان وحيدًا معتمدًا على ساعده القوي، ولم يكن معه شخص آخَر.» (وإذا (3) كان الإنسان يقصُّ كلَّ حادث قام به هذا الفرعون على حدته، فإن ذلك يفوق المليون وعشرات الألوف، بل ويفوق رمال شاطئ البحر عددًا.) والواقع أن هذا النقش لا يدل دلالة واضحة على شيء معين، اللهم إلا أن الفرعون قام بحملة مظفرة في بلاد النوبة لم يُحدَّد لنا تاريخها. وقد عُثِر على بقايا تمثالي «بو الهول» بالقرب من بوابة المعبد السالفة الذكر، نُقِش على صدر كلٍّ منهما اسم الفرعون «تحتمس الثالث»، ومن المحتمل جدًّا أنهما ضمن تماثيل «بو الهول» التي كانت قد نصبت على كلا جانبي الطريق المؤدِّي إلى بوابة المعبد، كما نشاهد ذلك في معبد الدير البحري الذي أقامته «حتشبسوت«. على أن أهم أثر عُثِر عليه في هذا المعبد هو اللوحة العظيمة المنحوتة في الجرانيت الأحمر باسم هذا الفرعون، والظاهر أنها قد سقطت من مكانها الأصلي، وهو واجهة (البوابة)، وممَّا يُؤسَف له أنها قد وُجِدت مهشمة، وقد يكون ذلك عمدًا، وكان ارتفاعها الأصلي حوالي 222 سنتيمترًا، وعرضها حوالي 124 سنتيمترًا، أما ارتفاع النقوش الباقية فهو نحو 80 سنتيمترًا.
ويُشاهَد في أعلى اللوحة منظرٌ يحتوي على قرص الشمس المجنح، نُقِش تحته مباشرةً: «حور بحدت الإله الأعظم، ليته يعطي الحياة.» وأسفل هذا النقش منظران يفصلهما نقوش هي: (4) »إني أعطيك ملايين السنين وأجعل الممالك كلها تخضع تحت نعليك، إني أعطيك كل الحياة والسعادة والصحة، وكل القوة والنصر.» ويُشاهَد في المنظر الذي على اليسار الفرعون ابن الشمس محبوب «تحتمس» رب الصدق، وهو لابس لباس الرأس «نمس» وقميصًا مجعدًا، يقف أمام الإله «منتو» الممثل برأس صقر وجسم إنسان، وخلف الفرعون نشاهد الإلهة «إيونيت» إحدى إلهات الثالوث الأرمنتي، وتلبس على رأسها قرص الشمس وقرنين، ومُمسِكة بيدها اليسرى الفرعون، وتحميه بيدها اليمنى، وخلفها نقش ما يأتي: «إني أعطيك كل الحياة والسعادة والصحة والفلاح، وملك الأرضين تحت سلطتك باقيًا مخلدًا «. أما المنظر الذي على اليمين فمشابه للسالف؛ إذ نشاهد الملك ثانيةً أمام الإله «منتو» رب «طيبة» بنفس الملابس، غير أن لقبه في هذه المرة مدوَّن فوقه وهو: «الإله الطيب رب المحافل «منخبر رع» معطي الحياة مخلدًا.» وخلفه نشاهد الإلهة «تننيت» رافعة يدها ولابسة تاج العقاب، والنقوش التي تتبعها هي نفس النقوش التي وُجِدت مع الإلهة «إيونيت»، وهاك ترجمة اللوحة: يعيش «حور» (الملك) الثور القوي المضيء في «طيبة» ملك الجنوب والشمال، صاحب الإلهتين، المتمكن في الملك مثل «رع» في السماء: حور وست صاحب التيجان المقدسة، شديد البأس، ملك الوجه القبلي والوجه البحري — رب الأرضين وسيد الاحتفالات «منخبر رع» — ابن الشمس من جسده؛ «تحتمس» أمير الصدق، محبوب الإله «منتو» رب «طيبة»، والقاطن في «أرمنت» العائش مخلدًا (5). السنة الثانية والعشرون، الشهر الثاني من فصل الشتاء، اليوم العاشر (6) . موجز الأعمال العظيمة، والانتصارات التي أحرزها هذا الإله الطيب، وهي كل سانحة مواتية من البداية منذ أول وجود جيل من الناس، على أن ما فعله له سيد الآلهة ورب «أرمنت» هو تعظيم انتصاراته حتى يمكن التحدُّث عن فتوحه ملايين السنين في المستقبل، هذا إذا أغضينا النظر عن ذكر أعمال الشجاعة العظيمة التي كان يقوم بها جلالته يوميًّا (= في كلا الفصلين نهارًا وليلًا)؛ وذلك لأن الإنسان لو ذكر كلَّ حادثة بالاسم لأخطأه عدها كتابةً. فقد فوق سهامه إلى لوحة من النحاس بعد أن تكسرت أهدافه الخشبية، وصارت كأنها يراعات هشة، وقد وضع جلالته نموذجًا منها في معبد «آمون»، وهو هدف سمكه ثلاثة أصابع، رشق فيه سهمان من سهامه، فقد جعل السهم ينفذ في الهدف مقدار ثلاثة أشبار من الجانب الآخر. وإني أتكلم على حسب ما قام به فعلًا دون مين أو كذب، وقد حدث ذلك أمام كل الجيش، وليس في ذلك كلمة مبالغ فيها. وإذا اتفق أنه خرج للصيد في أية صحراء، فإن عدد غنائم مطاردته يكون أعظم من غنائم كل الجيش، فقد أردى بسهامه سبعةَ أسود عندما خرج للصيد في لمح البصر، وكذلك استولى على قطيع من البهم الوحشية في ساعة، حتى إنه عندما حان وقت تناول الإفطار كانت ذيولها قد جهزت ليلبسها وتجر خلفه، وقد قضى على مائة وعشرين فيلًا في جبال إقليم بلدة «ني» عندما كان عائدًا من بلاد «نهرين»، وقد عبر نهر الفرات وضرب البلاد التي على شاطئيه؛ إذ بدَّدتها النيران إلى الأبد، وأقام لوحة انتصاره على شاطئه الشرقي، وكذلك أردى خرتيتًا قتيلًا عندما كان يقوم بنزهة طراد في إقليم صحراء بلاد النوبة، عندما ذهب إلى إقليم «ميو» باحثًا عمَّن ثار عليه في هذه الأرض، وأقام لوحته هناك كما فعل على شاطئ النهر (أي: نهر الفرات)، ولم يتوانَ جلالته في الذهاب نحو بلاد «زاهي» (سوريا) ليقضي على الثائرين الذين كانوا هناك، وليوزع العطايا على مَن بقوا على الولاء له، ويشاهد أسماءهم … كل مملكة على حسب وقتها (؟)، وقد كان جلالته يعود على إثر كل حادثة بعد فلاح هجماته بالقوة والظفر، وقد جعل مصر على الحالة التي كانت عليها عندما كان «رع» ملكًا عليها (أي إن العدالة كانت تسودها). (تاريخ (؟) السنة الثانية والعشرون، الشهر الرابع من الشتاء اليوم (؟))، الخروج من «منف» لقهر أقاليم «رتنو» الخاسئة في أول موقعة مظفرة … فعل … (مجدو) وقد شقَّ جلالته الطريق، واقتحم كلَّ ممرٍ لجيشه (أي: أمام جيشه) من الممرات التي كانت تضيق كلما جدَّ في السير، وكان هو على رأس جيشه كله، في حين أن الممالك كلها كانت مصطفة متحفزة للواقعة عند فم الوادي … وقد دبَّ الخور في رجال العدو، وولوا الأدبار إلى مدينتهم ومعهم رئيسهم الذي كان في … وهم … يرجون … ومتاعهم على ظهورهم، وقد عاد جلالته فَرِحًا، وأصبحت كل هذه البلاد الأجنبية من رعاياه … وقد حضر الآسيويون جميعًا يحملون الجزية … السنة التاسعة والعشرون، الشهر الرابع من فصل الشتاء …
اللوحة تلخص أعمال تحتمس الثالث: والظاهر من مضمون هذه اللوحة أن «تحتمس الثالث» بعد أن أتمَّ حروبه، أراد أن يضع ملخصًا لها في معبد الإله «منتو» إله الحرب، كما أنه أراد أن يضع أمام الشعب المصري ما قام به من ضروب الشجاعة في الصيد والقنص ممَّا لم يسبقه إليه أحد، وكذلك في فن الرماية وإصابة الهدف ممَّا لم يجارِه فيه أحدٌ من قبله، حتى تولَّى ابنه «أمنحتب» الثاني فضرب الرقم القياسي في ذلك المضمار كما سيجيء بعدُ، ولكن ممَّا يُؤسَف له جد الأسف أن هذه اللوحة لم تُؤرَّخ بسنة محدَّدة، ولكن تدل ظواهر الأمور على أنها دُوِّنت بعد حملته المظفرة التي قام بها إلى بلاد النوبة في السنة الواحدة والخمسين؛ ويدل على ذلك إشارته إلى لوحة «بركال» التي أقامها في السنة السابعة والأربعين إذ يقول: «وأقام لوحته هناك كما فعل على شاطئ النهر؟» والمرجح أنه يشير هنا إلى «نهر الفرات «. وقد أشار «تحتمس الثالث» في لوحته هذه إلى حسن سياسته في معاملة الولايات التي فتحها في «سوريا»؛ إذ تخبرنا أنه كان يذهب في حملاته إلى هذه البلاد ليقهر العصاة ويوزِّع الهدايا على مَن كان مواليًا له من الأمراء هناك. وفي «صفون» (إسنا) في نقش من عهد الإمبراطور «كلوديوس»، نجد ذِكْرَ اسم لوحة عظيمة لهذا الفرعون (7)، وفي معبد الإله «سبك» بمدينة «الكاب» عُثِر على واجهة معبد نُقِش عليها اسم «تحتمس الثالث «، (8) يضاف إلى ذلك أنه يوجد في هذه الجهة معبد صغير محاط بطائفة من العمد، مثل معبد «إلفنتين» الذي تهدَّمَ (9).
.......................................
1-راجع: Tresson, “Catalogue Descriptif des Antiquities Egyptiennes de la Salle Saint Ferriol”. (Grenoble, 1933) .
2- راجع: Mond & Meyer, “Temple of Armant” p. 25–27. & Pl. IX.
3- ومعنى ذلك أن أعماله يخطئها العد.
4- وتدل قائمة الخراج على أن «أرمنت» و«إلفنتين» كانت تدفعان خراجًا أكثر من أي إقليم في الوجه القبلي
5- راجع: Mond & Meyer, Ibid Pl. CIII
6- هذه هي نفس الألقاب الملكية التي حملها «تحتمس الثالث» كما وجدناها على لوحة بركال.
7- لا يمكن الباحث أن يعرف من هذا المتن الحادث الذي يشير إليه هذا التاريخ؛ إذ الواقع أنه يرجع إلى مدة شهرين قبل أي تاريخ مدوَّن لعهد هذا الفرعون، أيْ قبل سفره من «ثارو» (القنظرة الحالية) على رأس حملته الأولى في عام 22 الشهر الرابع من فصل الشتاء اليوم الخامس والعشرين، ومن المحتمل إذن أن هذا التاريخ هو بداية حكمه منفردًا بعد موت «حتشبسوت «.
8- راجع: L. D., IV, Pl. 8a.
9- راجع: Champollion, “Notices” p. 266.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|