أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
300
التاريخ: 2024-09-11
282
التاريخ: 2024-02-21
975
التاريخ: 2024-06-15
767
|
هذه هي الحروب التي أمر «تحتمس الثالث» بتدوينها على جدران معبد الكرنك، وهي الحروب الخاصة بفتوحه في آسيا وحدها كما يرى القارئ، ولا نعلم أنه توجَّه إلى آسيا ثانيةً بعد هذا العام، هذا ولا نعرف له حروبًا أخرى قام بها إلا حملة واحدة إلى بلاد السودان في آخِر أيام حياته كما سيأتي. والظاهر أن الحملات التي قام بها «تحتمس الثالث» على بلاد آسيا مرة بعد أخرى والقضاء على كل مقاومة وعصيان، وقد أعطت أمراء «سوريا» وبلاد «نهرين» درسًا عمليًّا في نهاية الأمر بأنه لا طائل من العصيان وبثِّ الثورة على هذا الفرعون الجبار؛ إذ قد علموا أنه مهما كانت سرعتهم في جمع شملهم وتحالفهم على «تحتمس» فإنه كان أسرع منهم، وأن أية مساعدة كانوا ينالونها من أولئك الأقوام الذين حقدوا على مصر، وأضمروا لها العداء لا تُجدِي، فإن تحتمس كان أعظم منهم خطرًا وأشد بأسًا، وأن أبعد هذه الولايات من مقر حكمه كانت كأقربها إليه، ويمكنه أن ينقضَّ عليها في سرعة خاطفة بما اتخذه من استعداد، وما أوتيه من يقظة وانتباه، فقد جعل البحر خادمًا خاضعًا له يركبه وينقضُّ على عدوِّه من خلفه، في حين أنه كان يرقب هجومه من الأمام، وكذلك علم هؤلاء الأقوام أن «تحتمس الثالث» ذلك الجندي السريع الحركة القوي البطش لم يكن وحشًا كاسرًا محبًّا لسفك الدماء في ساحة الوغى، بل كان إنسانًا رحيمًا رقيق الطبع لم يَرُقْ في عينه — حتى في أشد المواقف — ذَبْحُ ألدِّ أعدائه إذا كان في استطاعته الخروج من هذا المأزق بأية وسيلة. وقد كان من نتائج كلِّ ذلك أن أمضى «تحتمس» المدةَ الباقية من حياته دون أن يرى أيَّ ثورة في الأقاليم الآسيوية التي فتحها، ولم يكن أخلافه من بعده في حاجة إلى إشعال حروب مستمرة في تلك البقاع كالتي خاض غمارها «تحتمس الثالث»، بل كانت حروبهم لا تتعدى حملة أو حملتين، إذا ما دعا الأمر لتذكير أولئك الأقوام بقوة مصر الحربية وعظمتها، وقد بقي هذا الولاء، واستمر هذا الرعب من قوة مصر مدةً طويلةً؛ إذ قد عرف الولاة من حروبهم مع «تحتمس» أن مصر عدوة يُخشَى بأسها، وأن «تحتمس» في الوقت نفسه كان صديقًا يُعتمَد عليه، حتى إن أولئك الأقوام المغلوبين في آسيا قد زعموا أنهم سيجدون هذه الصفات في أخلافه، ممَّا جعلهم يطلبون يدَ المساعدة فيما بعدُ عندما تحرجت الأحوال في بلادهم، وانقضَّتِ الممالكُ المجاورة الفتِيَّة القوية على ولاياتهم، فكانوا يذكرون أيام سيادة «تحتمس» وقوة سلطانه ووفائه، وبعد انقضاء أربعة أجيال على وفاته لم يكن في مقدور أخلافه أن يحموا الأمراء التابعين لهم في بلاد نهرين من عسف الخيتا؛ ولذلك ذكر أولئك التعساء أيام بطل مصر الأكبر «تحتمس الثالث»، وما كان عليه من قوة وسلطان، فكتبوا إلى ملك مصر إذ ذاك قائلين: مَن ذا الذي كان يجسر على نهب «تونب» دون أن يفتك به «منخبريا» (لقب تحتمس الثالث باللغة الآشورية). ولا نزاع في أن الرجل الذي استطاع أن يترك في نفوس القوم الذين فتح بلادهم منذ أربعة أجيال، مثل هذا الأثر بقوته وبأمانته الساهرة في المحافظة على وعده لهم بحمايتهم؛ لا بد أن يكون أعظم بكثيرٍ من رجل حرب وحسب، كما يصفه أحيانًا بعض مَن لم يدرس حياته درسًا دقيقًا، بل الواقع أن «تحتمس الثالث» كانت فيه كل صفات الرجولة الكاملة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|