أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2020
2555
التاريخ: 2023-09-05
979
التاريخ: 23-10-2019
1517
التاريخ: 2024-03-19
659
|
تقدّم أنّ العبادة هي أحد الاُمور التي يصدق عليها مفهوم الدعاء اللغوي الواسع، ويدل علىٰ ذلك آيات قرآنية كثيرة وردت في هذا السياق، منها قوله تعالى: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} [الكهف: 14] أي لن نعبد إلهاً دونه، فهذه الآية وغيرها تترجم الصلة اللغوية الدائمة القائمة بين العبادة والدعاء.
أمّا الصلة الاصطلاحيّة بين العبادة والدعاء، فإنّ الدعاء في نفسه عبادة؛ لأنّهما يشتركان في حقيقة واحدة، هي إظهار الخشوع والافتقار إلىٰ الله تعالى، وهو غاية الخلق وعلّته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77].
فالدعاء والعبادة يعكسان الفقر المتأصّل في كيان الإنسان إلى خالقه تعالى مع إحساسه العميق بالحاجة إليه والرغبة فيما عنده.
قال الإمام الصادق عليهالسلام: «الدعاء هو العبادة التي قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] (1) يعني أنّ الدعاء هو معظم العبادة وأفضلها، وذلك كقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الحج عرفة» أي الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم (2).
ويؤيد ذلك حديث الإمام الباقر عليهالسلام: «أفضل العبادة الدعاء» (3).
وما رواه سدير عنه عليهالسلام، قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليهالسلام: أي العبادة أفضل؟ فقال عليهالسلام: «ما من شيء أفضل عند الله عزَّ وجلَّ من أن يسأل ويطلب ممّا عنده» (4).
وإذا قيل: إنّ الدعاء لا يصحّ إطلاقه على العبادة الشرعيّة التكليفيّة، فإنّ الصيام مثلاً لا يسمّى دعاءً لغةً ولا شرعاً، وعليه فليس كلّ عبادة شرعيّة دعاءً.
نقول: (الدعاء من العبد لربّه: هو عطف رحمته وعنايته إلىٰ نفسه بنصب نفسه في مقام العبوديّة والمملوكيّة، ولذا كانت العبادة في الحقيقة دعاءً؛ لأنّ العبد ينصب فيها نفسه في مقام المملوكيّة والاتصال بمولاه بالتبعيّة والذلّة ليعطفه بمولويّته وربوبيّته إلى نفسه، وهو الدعاء) (5).
وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، فالآية تدعو إلى الدعاء وتحثّ عليه وتعد بالإجابة، وتزيد علىٰ ذلك حيث تسمّي الدعاء عبادة، فقد عبّرت أولاً بالدعاء (ادعوني) ثمّ عبّرت عن الدعاء بالعبادة (عن عبادتي) أي عن دعائي، بل (إنّ الآية تجعل مطلق العبادة دعاءً، حيث إنّها تشتمل علىٰ الوعيد لترك الدعاء بالنار، والوعيد بالنار إنّما هو علىٰ ترك العبادة رأساً، لا على ترك بعض أقسامها دون بعض، فأصل العبادة إذن دعاء) (6).
وإذا تأملنا في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
نلاحظ أنّه (كما يشتمل على الحكم وهو إجابة الدعاء، كذلك يشتمل على علله، فكون الداعين عبادًا لله تعالى هو الموجب لقربه منهم، وقربه منهم هو الموجب لإجابته المطلقة لدعائهم) (7).
فإخلاص العبوديّة لله تعالى هو علّة القرب منه تعالى والارتباط به، والقرب منه هو مظنّة الإجابة، وهو يكشف عن الصلة الموضوعيّة بين حقيقة الدعاء وحقيقة العبادة، قال الإمام الصادق عليهالسلام: «عليكم بالدعاء، فإنّكم لا تقرّبون بمثله» (8).
__________________________
(1) الكافي 2: 339 / 7.
(2) تفسير الرازي 5: 99.
(3) الكافي 2: 338 / 1.
(4) الكافي 2: 338 / 2.
(5) تفسير الميزان 10: 38.
(6) تفسير الميزان 2: 33.
(7) تفسير الميزان 2: 32.
(8) الكافي 2: 339 / 6.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|