أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-25
1037
التاريخ: 2024-04-26
814
التاريخ: 2023-07-20
975
التاريخ: 2024-06-29
641
|
معبد عين شمس
وقد كانت الخطوة الثانية في إرضاء الشعب وجعله يلتف حوله ما قام به من المباني الدينية للآلهة وبخاصة الإله «رع»، فقد أقام له معبدًا في مدينة «عين شمس». وقد أسعدنا الحظ بالعثور على بردية كُتبت بعد عصره بنحو 500 عام، وتحتوي على النقوش العظيمة التي قدمها «سنوسرت» تذكارًا للاحتفال العظيم الذي أقامه عند إتمام معبد الشمس في «هليوبوليس» (عين شمس الحالية)، وقد كانت هذه النقوش في بادئ الأمر منقوشة على لوحة وضعت في فناء المعبد ثم نقلها الكاتب على بردية، ومما يؤسف له جد الأسف أن هذه البردية لم تصل إلينا كاملة، وهاك نص ما تبقى منها (1) وعندما توِّج الفرعون بالتاج المزدوج للوجه القبلي والوجه البحري (أي عند توليته العرش بوصفه فرعونًا منفردًا بعد موت والده)، جمع المجلس وطلب الفرعون رأي أتباعه، وهم أشراف القصر والأمراء الذين في البلاط في مكان المشاورة الخاص، ثم تكلم الفرعون وهم مصغون وسألهم الملك رأيهم، وجعلهم يتكلمون بما عندهم فقال: تأملوا! إن جلالتي عازم على القيام بعمل، ويفكر في أمر حسن للمستقبل، وذلك أن يكون في مقدوري إقامة أثر ونقش لوحة تذكارية للإله «حور أختي» (إله الشمس)، فإنه ذرأني لأقوم له بعمل ما يجب أن أعمله، وأنفذ ما أمر بنفاذه، فهو الذي جعلني راعيًا على هذه الأرض؛ لأنه يعلم أني سأحافظ له على النظام فيها، ومنحني كل شيء تحت حمايته، وما تسطع عليه العين التي فيه (أي الشمس)، وكل شيء يعمل حسب رغبته. وقد أنجزت كل ما يريده مني؛ لأني ملك بحسب إرادته وفرعون لا … وحتى عندما كنت صبيًّا كنت مظفرًا وكنت قويًّا وأنا لا أزال في بطن أمي … وقد قدر لي أن أكون سيد القطرين؛ وقد كنت لا أزال طفلًا قبل أن تُنتزع عني لفائفي، وقد نصبني سيد بني الإنسان … أمام الناس، وعلمني أن أستوي على العرش عندما كنت لا أزال شابًّا … وقد أعطاني صورته وحزامه. وقد صُورت حسب الشكل الذي اتخذه هو، وقد أُعطيت الأرض وإني سيدها، وبذلك قد وصلت شهرتي إلى عنان السماء … وقد أمرني أن أتغلب على ما يجب أن يتغلب عليه هو، وقد جمعت بوصفي «الصقر الملكي» مناقبه، وقد حبست قرابين الآلهة، وسأقوم الآن بعمل وهو إقامة معبد عظيم لوالدي إله الشمس «آتوم» وسأجعله منيرًا بقدر ما جعلني مظفرًا، وسأمد مائدته بالطعام على الأرض، وسأشيد بيتي (هذا) على الأرض المقدسة، وبذلك سيذكر طيبتي في هذا المعبد وسيكون اسمي (مخلدًا) مثل «حجر بنبن» (قمة الهرم)، وستُكرى البحيرة (البحيرة المقدسة التي تجاور المعبد عادة)، وسيكون هذا العمل الذي عقدت العزم عليه مثل الأبدية؛ لأنه لن يموت ملك وآثاره تتحدث عنه، وإن اسمي سيُذكر دائمًا ولن يفنى لما خلده من الآثار، وما أفعله هو الصواب، وما أبحث وراءه هو الممتاز. فأجاب مستشاروه بما يأتي: إن القول الفصل في فمك، وثاقب الرأي خلفك، يأيها الملك، وإن ما عزمت عليه سينفذ يأيها الملك الذي ظهر موحدًا للقطرين لأجل أن … في معبدك، إنه لحسن أن ينظر الإنسان إلى العدو … ولكن بني الإنسان قاطبة لن يتخيروا شيئًا بدونك؛ لأن جلالتك عين كل إنسان، وإنك لعظيم حينما تقيم آثارًا في «عين شمس» مسكن الآلهة أمام والدك رب القاعة العظيمة «آتوم» ثور التاسوع، أقم بيتك وخصص له منحًا لمائدة القربان لأجل أن نمدَّ تمثاله المقرَّب منه لكل الأبدية. وبعد أن حصل على الموافقة التامة من مستشاريه، أخذ الفرعون يعطي تعليمات للاحتفال بوضع الحجر الأساسي للمعبد، فقال الملك نفسه لحامل الختم ورئيس تشريفاته ومدير الخزانة والمشرف على أسرار «تاجيه» سيكون رأيك هو المعمول به لتنفيذ العمل. وهذا ما تصبو إليه جلالتي، وستكون أنت المدير المكلَّف به حسبما يحبه قلبي، كن يقظًا حتى ينفذ من غير تراخٍ كل عمل خاص به، أما كل الذين يعملون فإنهم قد أُمروا ليعملوا حسب أوامرك. ثم طلع الملك لابسًا تاجه وعليه الريشتان، وقد سار خلفه القوم كلهم، وبعد ذلك مدَّ رئيس المرتلين وكاتب الكتب المقدسة الخيط، ودق أوتاد الحدود في الأرض (أي حدود المعبد)، وبعد ذلك أمر الملك بأن يمشي كاتب الوثائق الملكية أمام الناس الذين كانوا متجمعين في مكان واحد من الوجهين القبلي والبحري. ومما يؤسف له أن الورقة قد قطعت عند هذه النقطة بالذات، ولكنا على الرغم من ذلك قد وقفنا على مضمونها في جملتها، ويرى القارئ أن معظم النص ينحصر في مدائح للفرعون كان يكيلها لنفسه، ويفرغها عليه مستشاروه، ولقد أراد «سنوسرت» من إقامة هذا الأثر أن يثبت للملأ أنه من نسل «رع» الذي ينتسب إليه كل فراعنة مصر، وبخاصة أن موضوع نسبه للأسرة المالكة كان مشكوكًا فيه، يضاف إلى ذلك أنه أراد أن يُبقي ذكراه في مدينة الشمس موطن جدِّه الإله «رع» إلى أبد الآبدين.
مسلة عين شمس
ولكنه لو قدِّر له أن يحيا ثانية لرأى أن يد الدهر لم تُبقِ من كل هذا الأثر الفخم إلا ثلاث قطع من الأحجار، وأهمها مسلته التي لا تزال قائمة في موضعها الأصلي بالمطرية، وهي أقدم المسلات الخمس التي لا تزال قائمة في مكانها الأصلي. أما باقي مسلات الفراعنة فقد نُقلت إلى عواصم المدن الأوروبية وأمريكا لإشباع شهوة طائشة. ففي «روما» وحدها يوجد تسع مسلات يزيد ارتفاع كل منها على 29 قدمًا، ويبلغ ارتفاع مسلة «سنوسرت» هذه 66 قدمًا، وهي كتلة واحدة من الجرانيت الأحمر، وقد نُقش على كل من جوانبها سطر من النقوش الهيروغليفية، يدل على أن مقيمها هو «سنوسرت الأول» الذي تحبه أرواح عين شمس المقدسة (أي الملوك الذين توفوا قبله من أجداده) وفي ذلك من الدعاية لنفسه ما فيه، وأنه صنعها تذكارًا لعيد «سد»؛ أي العيد الثلاثيني لتوليه الحكم، وقد ذكر لنا «عبد اللطيف البغدادي» في كتابه عن مصر عندما زار «عين شمس» عام 1190 ميلادية أنه شاهد مسلتين عظيمتين؛ واحدة منهما لا تزال قائمة في مكانها، والثانية ملقاة على الأرض مهشمة. وقد شوهد كذلك الجزء الهرمي لكل منهما، وقد صُنعا من النحاس، وبقي ملقى على الأرض حتى عام 1200ق.م. وفي عام 1912 عثر الأستاذ «فلندرز بتري» على بقايا مسلة في هذه الجهة غير أن نقوشها دلت على أنها للفرعون الفاتح العظيم «تحتمس الثالث».
شكل 2: مسلة سنوسرت الأول بالمطرية.
أما الحجران الآخران اللذان وجدا من بقايا هذا المعبد فقد نقش على واحد منهما نقوش تذكر لنا أسماء «سنوسرت» وألقابه (A. S. IV. P. 101).
هدايا «سنوسرت» للآلهة المصرية
أما الحجر الثاني فقد نقش عليه قائمة طريفة تعدد لنا الهدايا المقدسة التي قدمها على ما يظهر هذا الفرعون نفسه للآلهة المختلفة «لم يبقَ ما يدل على اسم هذا الملك إلا كلمة «سنوسرت» (Ibid. P. 102)»، وفي ذلك دليل على رغبة هذا الفرعون في إحياء ذكرى الآلهة الذين كانوا قد أُهملوا في عهد الفوضى مما يحبب فيه الأهلين، وكذلك نستخلص من هذه القائمة انتعاش الثروة المعدنية في البلاد وعظم المستخرج منها، وكذلك المعابد التي أقامها لهم في طول البلاد وعرضها. وهاك النص كما وجد مهشمًا عقد من حجر مسنت (الإله اسمه مهشم) وعدد عظيم من الأختام الكبيرة … وعقد من حجر مسنت وللإلهة «عنقت» (إلهة الشلال) خاتم وآنية من الفضة وآنية من الذهب وآنية من الجمشت وآنيتان من النحاس، ومبخرة من العاج ومبخرة من الفضة. وللإله «أوزير» أول أهل الغرب وسيد العرابة المدفونة … آنية من الجمشت وآنيتان من النحاس، ومبخرة من العاج. وللإله «أنحور» رب «طينة» آنية من الفضة وآنية من الذهب وآنية من البرنز وآنيتان من الجمشت، ومبخرة من العاج ومبخرة من الفضة. وللإله «إبو» (صورة من صور الإله مين) وآنية من الفضة وآنية من الذهب وآنية من الجمشت وآنيتان من النحاس ومبخرة من العاج ومبخرة من الفضة … ولمعبود اسمه … عقد منات. وكذلك أقمت معبدًا للإلهة «ساتت» و«عنقت» و«خنوم» رب الشلال (وهذا الثالوث خاص ببلاد النوبة السفلية) من الحجر المنحوت، وكذلك أقمت معبدًا للإله «حور» النوبي في الإقليم الثاني لمصر العليا (أي شمالي أسوان) … وقد قدَّمت لمعبد «آتوم» التذكاري رب «عين شمس» كثيرًا من آنية الفضة … ومحرابًا من الذهب (؟) … وتمثالًا … لنفسي (سنوسرت) في مدينة «سايس» وتمثالًا للإلهة «وازيت» سيدة مدينتي «پ» و«دپ» وآنية عظيمة من النحاس وتمثالًا لسنوسرت (أي نفسه) لمدينة «پ» وللإلهة «نفتيس» … وللتاسوع في بلدة «خرعحا» (مصر العتيقة) قدَّمت إناء عظيمًا من النحاس وتمثالًا للإله «حعبي» (النيل)، وعندما أقلعت مصعدًا في النيل إلى «إلفنتين» (أسوان) قدِّمت موائد قربان لآلهة الجنوب، وقدِّمت للإلهة «حتحور» سيدة دندرة … من الذهب وعقدًا من حجر «حماجت» (حجر يشبه العقيق) وعقدًا … وقدِّمت «لحتحور» (سيدة القوصية)! عقدًا من حجر «حماجت» وعقدًا من حجر مسنت.
.........................................
1- Breasted, A. R., Vol. I, Par. 498 ff.; Erman, “The Literaure of the Ancient Egyptians”, P. 49 ff
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|