أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-18
1082
التاريخ: 2024-07-24
593
التاريخ: 2024-05-08
656
التاريخ: 2024-10-13
362
|
التعاليم التي ألفها جلالة الملك «سحتب أب رع» ابن الإله «رع» أمنمحات الأول متحدثًا عن رسالة صادقة لابنه رب العالمين يقول: أنت يا من ظهرت إلهًا (أصبحت ملكًا) أصغ لما سألقيه عليك حتى تصير ملكًا على البلاد وحاكمًا على شواطئ النهر، وحتى يمكنك أن تفعل الخير «أكثر مما ينتظر»، خذ الحذر من مرؤوسيك؛ لأن الناس يصغون لمن يرهبهم، ولا تقتربن منهم على انفراد، ولا تثقن بأخ، ولا تعرفن لنفسك صديقًا، ولا تصطفين لك خلانًا؛ لأن ذلك لا فائدة منه. وبعد أن حذر ذلك الملك العظيم ابنه الثقة ببني الإنسان عامتهم حتى الأخ، حذره كذلك اتخاذ الخلان؛ لأن تجاربه الشخصية عرفته أن أقرب الناس إليه هم الذين اغتالوه. وبعد ذلك ينتقل الملك إلى نصح ابنه بألا يتكل على أحد آخر في أن يحافظ قال: وعندما تكون نائمًا كن الحارس لشخصك حرصًا على قلبك؛ لأن الرجل لا صديق له في يوم الشدة، فإني قد أعطيت الفقير، وعلمت اليتيم، وجعلت من لا ثروة له مثل صاحب الثراء، وقد كان آكل خبزي هو الذي جنَّد الجنود ضدي، والرجل الذي مددت له يد المساعدة هو الذي أحدث لي بها المتاعب، والذين يرتدون فاخر كتَّاني عاملوني كالذين في حاجة إليه، والناس الذين يتضمخون بعطوري قد لوثوا أنفسهم وهم يستعملونه «بخيانتي». وانتقل «أمنمحات» بعد ذكره هذه الصورة التي تدل على الشك في الناس والتشاؤم منهم إلى حث خلفه، وهم لا يزالون يذكرون تأملاته المحزنة وما أتاه من الأعمال الحربية العظيمة، أن يعوا هذه المعلومات في أنفسهم؛ وذلك لأن الخلف دائمًا ينسى ما قام به السلف؛ ومع ذلك فإن الإنسان لا يمكنه أن يصل إلى السعادة الحقيقية إلا بالمعرفة، اسمع إليه وهو يقول: وأنتم يا نسلي من الأحياء ويا من سيخلفونني من الناس؛ اعملوا على أن تكون أحزاني كأنها أشياء لم يسمع بها، وكذلك اجعلوا ما قمت به من عظيم الأعمال الحربية لا يُرى؛ وذلك لأن الإنسان يحارب في ساحة الوغى وقد نسي ما جري بالأمس، ومع ذلك فإن الإنسان الذي يتناسى العلم لا تتم له سعادة. وينتقل الملك بعد ذلك إلى وصف الحالة التي كان عليها حينما هاجمه المتآمرون، قال: «لقد كان ذلك بعد العشاء حينما دخل الليل، وكنت أخذت ساعة من الراحة واضطجعت على سريري، وكنت متعبًا وأخذ قلبي يجدُّ وراء النوم، ثم شعرت كأن أسلحة تلوح، وكأن إنسانًا يسأل عني، فانقلبت كأني ثعبان الصحراء (أي قمت منتصبًا «. وبعد هذه القطعة أخذ «أمنمحات» يصف موقفه الحرج عند الهجوم عليه. وهنا تختلف الآراء كما أوضحنا فيما مضى فيقول «دي بك»: إن الملك اغتيل فعلًا، أما «جاردنر» فلا يعتقد ذلك. ولهذا نجد أن كلا منهما يترجم الجملة التي تشير إلى ذلك حسبما يظن: «وقد استيقظت على صوت الحرب، وكنت وحيدًا ووجدت أنها حرب جنود، ولو كنت أسعفت بالسلاح في يدي لكنت قد شتت شمل المخنثين شذر مزر؛ ولكن لا شجاع في الليل، ولا يمكن أن يحارب الإنسان وحيدًا؛ إذ لا نصر بدون معين «. يرى بعد ذلك «أمنمحات» أنه قد أصبح طاعنًا في السن وليس في مقدوره أن يحكم البلاد وحده، ولما لاحظ أنه قد أصبح غير قادر على أن يتنبأ ويعوق المؤامرة التي دُبرت ضده؛ نزل عن الملك لابنه «سنوسرت» وهو الذي أشركه معه في حكم البلاد، ولذلك يقول: تأمل! لقد أريق الدم وأنت بعيد عني، وقد سلمت لك «الملك» قبل أن يسمع بذلك رجال البلاط، وعلى ذلك دعني، افعل ما تريد؛ وذلك لأني لم أحتَط لنفسي ضد هذه «المؤامرة»، فإني لم أفطن إليها من قبل، هذا فضلًا عن أن قلبي لم يتنبه إلى تراخي الخدم. ينتقل بعد ذلك «أمنمحات» إلى التنويه بأن هذه المؤامرة قد دُبرت في الخدور، وقد وضع المؤلف هذه الحادثة في ثلاثة أسئلة قد اختُلف كثيرًا في ترجمتها، ونظن أن الأستاذ «جاردنر» قد قارب الحقيقة؛ إذ يقول: هل حدث أن النساء اصطففن في ميدان المعركة؟ وهل من لا يرعى حرمة القانون قد شب في القصر؟ أو هل الماء الذي كسر السد قد انطلق، وعلى ذلك خاب الفلاحون في عملهم؟ ويمكن فهم السؤالين الأولين تمامًا، أما الثالث فإنه استعارة تشبيهية من الطراز الأول؛ إذ من المحتمل أن نفهم منها أن الشعور بالولاء الذي نماه الملك قد تلاشى فأصبح الوئام الذي كان يسود القصر مقضيًّا عليه جملة؛ ولذلك شبهه بتوزيع مياه الفيضان في وقت الزرع بوساطة القنوات الصغيرة تشق الحقول وتقسمها إلى مربعات مثل رقعة الشطرنج، فإذا حدث خلل في هذه القنوات فإن كل المساحة تغمرها المياه، وبذلك يضيع تعب الفلاحين سدى. على أن ما يأتي لا يثبت أن المؤامرة قد خابت، ويمكن فهم نتيجتها ضمنًا من قوله: «وسوء الحظ لم ينتبني منذ ولدت، هذا فضلًا عن أنه لم يتأتَّ لإنسان قط أن يقوم بمثل ما قمت به من الأعمال العظيمة بوصفي رجلًا شجاعًا «. ثم ينتقل «أمنمحات» إلى تعداد ما أحرزه من النجاح في ميدان الأعمال المادية فيقول: «لقد اقتحمت طريقي إلى «إلفنتين» (أسوان)، ونفذت حتى مناقع الدلتا، ووقفت عند نهاية حدود الأرض، وشاهدت وسطها، ووصلت إلى معاقل الحدود بقوة ساعدي وباهر أعمالي العظيمة «. ثم يأتي ذكر أعمال الخير التي قام بها الفرعون المسن مادحًا إياها قائلًا: لقد كنت مؤسسًا للمحاصيل الزراعية، محبوبًا من الإله «نبر» رب الغلال، وقد حياني النيل في كل رقعة من الأرض المكشوفة، ولم يجُع إنسان في سني حكمي، ولم يسغب أحد خلالها (السنون)، ولكن القوم جلسوا في سلام بما عملت لهم وتحدَّثوا عني، وكل ما أمرت به كان في موضعه الحق، ولقد أذللت الأسود، واصطدت التماسيح، وقهرت أهل «واوات» وأسَرت قوم «المازوي» وجعلت الأسيويين يمشون كالكلاب، وأقمت بيتًا مزينًا بالذهب، وسقفته باللازورد، … ورقعته … وأبوابه من النحاس وأقفاله من البرنز، وقد صنعتها لتبقى إلى زمن لا نهاية له، والأبدية تخشاها؛ لأنها لا يمكنها أن تقضي عليها. ويأتي بعد ذلك عدة جمل لا يمكن فهمها؛ لأن المتن مشوَّه. ولا نزاع في أن كاتب هذه التعاليم قد رسم لنا صورة التشاؤم والريبة التي بعثتها أحوال البلاد في ذلك العصر، رغم ما قام به «أمنمحات» من إعادة النظام القديم الذي كانت عليه البلاد بقدر ما استطاع؛ إذ كانت الأحوال قد حتمت عليه أن يتخير عماله وموظفيه لإدارة البلاد من بين أولئك الرجال الذين ترعرعوا وشبوا في عهد ذلك الانحطاط الذي عقب عصر الأهرام، وكانت قلوبهم قد أشربت حب الفوضى والفساد اللذين هوى إلى حضيضها الشعب المصري عدة قرون، ولم ينقذه منها في ذاك الوقت إلا «أمنمحات»، وإن كانت بقاياهما قد ظهرت ثانية في حادثة اغتياله على يد من أحسن إليهم؛ لذلك بدأ شعور النفوس في المجتمع المصري في ذلك العهد مملوءًا بالريبة والشكوك إلى حد أن ذلك الشعور قد انعكست ظلاله على أعظم أنواع الفنون في ذلك العصر؛ وأعني بذلك فن نحت التماثيل البشرية؛ فظهر في هيئات التماثيل الخالدة التي تمثل لنا ملوك الدولة الوسطى، سمة الرزانة والوجوم التي تلمح في أقوالهم ونصائحهم، والتي كانوا ينظرون بها في عصر إلى الحياة الدنيا. وعندما ننعم النظر في تلك الوجوه التي تدل على الجرأة والبطولة أمثال «سنوسرت الثالث» و«أمنمحات الأول، والثالث»، وقد ظللتها سحائب اليأس والقنوط، نرى أن نفس هذه الوجوه تُعد كشفًا جديدًا في ميدان الفن يميط لنا اللثام من غير شك عن روح ذلك العصر الذي يعتبر أقدم عصر معروف تخلص من الأوهام ولم ينخدع بها، (راجع صور هؤلاء الملوك في مكانها).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مركز الثقافة الأسرية ينظم برنامج (ربيع الثقافة المعرفي) لطالبات ثانوية الزهراء في بغداد
|
|
|